المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حمل المطلق على المقيد في أحاديث الإسبال



أهــل الحـديث
26-04-2014, 08:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


نشر الشيخالشريف بن حاتم العوني في صفحته على الفيسبوك مقالا يتكلم فيه عن هذه المسألة ويجوز حمل المطلق على المقيد ... في هذه الأحاديث ..

وها هو المقال :

مقال للشيخ الشريف بن حاتم العوني .. في جواز حمل المطلق على المقيد في أحاديث الإسبال ..
علق غيرما واحد من الأحبة يسأل عن وجهة نظري في رفض التقرير الذي يمنع من حمل المطلق على المقيد في حكم إسبال الثوب ؟
والجواب :
هو أن أصحاب هذا الرأي المردود عليه لم يفهموا هذا التقرير ، فأساؤوا تطبيقه إساءة ظاهرة !
فقد زعموا أن الحديث المطلق : (( ما أسْفَلَ من الْكعْبَيْنِ من الْإزَارِ فَفي النّارِ )) لا يصح تقييده بالحديث المقيَّد ((من جرَّ ثوْبَهُ مخِيلَةً لم ينْظُرْ الله إليه يوم الْقِيامَةِ)) ، بحجة أن قاعدة حمل المطلق على المقيد من شرطها : اتفاق النصين في الحكم ، أما إذا اختلف الحكم ؛ فإنه لا يقيد أحدهما بالآخر .
وغفلوا عن أمرين :
الأول ( وهو الأهم ) : أن اختلاف الحكم ليس هو تعدّد العقوبة ، فالحكم هو الحكم التكليفي أو الوضعي ، وأما أنواع العقوبات المتوعّد بها فليست هي الحكم ، فالعقوبة (أصلا) تدل على حكم واحد هو الحرمة ، وكلا العقوبتين في الحديثين لا خلاف أنهما تدلان على حكم واحد هو الحرمة ، بل هما مشتركتان في الدلالة على مرتبة الإثم أيضًا : وهو كونه كبيرة ؛ لأن الكبيرة – على تعريفها المشهور – هو ما تُوعد عليه بنار أو عذاب أو لعنة أو حد .
وعلى هذا يكون الحكم في الحديثين واحد ، ألا وهو الحرمة . وأما كون عقوبة المسبل هي أن لا ينظر الله إليه أو كونه مستحقا لعقوبة النار = فهذا هو ذكر للعقوبة التي يستحقها بارتكابه لهذا الأمر المحرم ، وليس اختلافا في الحكم ، فالحكم المستفاد من الحديثين هو الحرمة .
ومثال ذلك ما ورد من تعدد العقوبات ووسائل الزجر من شرب الخمر :
- فمرة أنه لا يشربها في الآخرة : ((من شَربَ الْخمْرَ في الدُّنْيا ثمَّ لم يتُبْ منها حُرمَهَا في الآخرَةِ )) .
- ومرة أنه يُسقى من طينة الخبال (عصارة أهل النار) : ((كل مُسْكر حرام ، وإن على الله عهدا لمنْ يشربُ المُسْكرَ : أن يَسقيَه من طينَة الخبَال ، قالوا : يا رسول الله ، وما طِينةُ الخبال ؟ قال : عرقُ أهل النار أو عصارة أهل النار)) .
- ومرة لعنه : (( لعن الله الخمرَ ، وشاربها ، وساقيها ، وبائعها ، ومبْتَاعها ، وعاصرَها ، ومعتَصِرهَا ، وحاملَها ، والمحْمولَةَ له )) .
- ومرة نفي الإيمان عنه : ((ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن )) .
فاختلاف العقوبة بين : حرمان شاربها من شربها في الآخرة ، وسقيه من طينة الخبال = ليس اختلافا في الحكم ، فالحكم المستنبط من العقوبتين واحد : ألا وهو بيان حرمة شرب الخمر . وهكذا الأمر في توعد المسبل بالنار وبأن الله تعالى لا ينظر إليه : فكلاهما عقوبتان تدلان على حكم واحد ، كما سبق . فليس هناك اختلاف في الحكم ، ولا في السبب (وهو الإسبال) . ولذلك يصح حمل المطلق على المقيد ، حتى مع الأخذ بالتقرير نفسه الذي ذكروه : وهو عدم حمل المطلق على المقيد مع اختلاف الحكم .
الأمر الثاني (وهو مفترض فيما لو كان استعمالهم لهذا التقرير صحيحا) : فنقول لهم : إن كنتم قد استنبطتم هذا التقرير (عدم حمل المطلق على المقيد إلا مع اتفاق الحكم والسبب ) من إجماع تصرفات المجتهدين ، فتصرفات المجتهدين في هذا الحديث (على وجه الخصوص) تدل على عدم وقوع الإجماع على هذا التقرير (في أقل تقدير) :
- فقد نص الإمام الشافعي على حمل المطلق على المقيد في هذا الحديث في رواية البويطي عنه .
- ونص الإمام أحمد على أن إسبال الإزار لغير مخيلة : (( ليس به بأس)) ، ووافقه على ذلك إسحاق بن راهوية ، كما في مسائل الكوسج .
وإن كان هذا التقرير خلافيا أصلا ، ولا يوافقكم عليه بعض أئمة الاجتهاد ، فكيف تحتجون عليهم بموطن النزاع بينكم ؟!!
فكيف إذا علمت أنه قد حُكي في هذا التقرير اختلاف ، حتى حُكيت عن الإمام أحمد فيه روايتان : مرة حمل المطلق على المقيد مع اختلاف الحكم ، ومرة لم يحمله عليه . وهو اختلاف شهير : فانظر مثلا : التمهيد لأبي الخطاب الكلوذاني الحنبلي 2/ 178-180 , والبحر المحيط للزركشي 3/ 419-420 .
ولا يهمني أن يكون الاختلاف محررا أو ليس محررا , ولكن يهمني هو بيان طريقة القفز على الحقائق دون فهم ولا تحرير .
فإن قيل : إن حكاية الاختلاف في هذا التقرير غير محررة ، والحق أن هناك إجماعا عليها ، أو قام الدليل القاطع على صحتها ؟
فأقول (تنزلا) : أفلا كان يستوقفكم إذن أن من أئمة الاجتهاد من لم يطبقها في هذا الحديث خاصة ، مما يبين لكم عدم صلاحية تطبيقها في هذا الموطن خاصة في نظر الشافعي وأحمد والحنفية ، كما بينته في الأمر الأول .
ومما يؤكد صحة حمل المطلق على المقيد في هذا الحديث : أنه جاء في حديث أبي ذر (رضي الله عنه) – كما في صحيح مسلم - : (( ثلَاثَةٌ لا يُكلِّمُهُمْ الله يوم القِيَامَةِ ، ولا يَنظُرُ إِلَيهِمْ ، ولا يُزكِّيهِمْ ، ولَهُمْ عذَابٌ ألِيمٌ . قال : فقَرَأَهَا رسول اللّهِ صلى الله عليه وسلم ثلَاثَ مرار ، قال أبو ذرٍّ : خابُوا وخَسِرُوا ، من همْ يا رسُولَ الله ؟ قال المُسْبِلُ ، وَالمَنَّانُ ، وَالمُنَفِّقُ سِلعَتَهُ بِالحَلِفِ الكَاذِبِ )) .
فهنا أطلق الإسبال دون شرط المخيلة , في حين قيدها في حديث ابن عمر (رضي الله عنهما) : ((من جرَّ ثوْبَهُ مخِيلَةً لم ينْظُرْ الله إليه يوم الْقِيامَةِ)) .
ووجه الدلالة : أن النص قد يطلق الوعيد على الإسبال ، وهو يريد إسبالا مع المخيلة ، لا مطلق الإسبال .
ملحوظة : من أخطاء المردود عليهم أنهم نصوا على صحة حمل المطلق على المقيد بين هذين الحديثين (حديثي أبي ذر وابن عمر) , بحجة اتحاد الحكم والسبب ، ويقصدون بالحكم : العقوبة , وهي عدم نظر الله إليه .
وقد بينت سابقا وجه خطأ ذلك , وبينت آنفا أيضا أن هذا الحديث قد دل على أن النص قد أطلق حكما واحدا (على الصحيح) وعقوبة واحدة ( هي غير الحكم عند المخالفين ) , ومع ذلك لم يرد الإطلاق ، فهو قد يقول : (( المسبل)) , وهو يريد المسبل للخيلاء .
ولكني أضيف أمرا ثالثا : وهو أن حديث أبي ذر قد ذكر عقوبة النص المطلق أيضًا : فـ((في النار)) الواردة في النص المطلق هي : ((ولَهُمْ عذَابٌ ألِيمٌ)) الواردة في النص الذي قبلوا هم أنفسهم تقييده .
فإن استمروا في المغالطة والمكابرة : بأن قالوا : لكن حديث أبي ذر (رضي الله عنه) أضاف عقوبات أخرى ؟ قلنا لهم : استحوا من هذا الكلام !! فقد بينا لكم أن العقوبات وتعددها لا علاقة لها باختلاف الحكم ! فانتهوا خيرا لكم !!
أخيرا : لست أنكر على من رجح تحريم إسبال الإزار مطلقا ، فأراه اجتهادًا سائغا . لكني أنكر على من أنكر على من خالفه ، وقيد التحريم بما كان عن كبر وخيلاء . فأنكر على من أنكر أحد الاجتهادين ، وألزم المسلمين باجتهاده الظني ، زعما منه أنه قطعي (جهلا منه بمراتب العلوم) أو جهلا لما أجمعوا عليه ، وهو : أنه لا إنكار في مسائل الاختلاف المعتبر .
كما أن المقصود من هذا التعليق : هو بيان خطأ فهمهم للتقرير الأصولي الذي ذكروه ، والتنبيه على سوء استعمالهم له

الصفحة الرسمية للشيخ الشريف على الفيسبوك :
https://www.facebook.com/Al3uny/posts/10152286505753953 .