المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : معانى العبادة فى القرآن الكريم



أهــل الحـديث
20-04-2014, 03:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


العبادة فى القرآن
....................................
تأتى العبادة فى القران بثلاثة معان أساسية
..............................................
الأول : الطاعة والخضوع وقبول التشريع

قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (172)
ومناسبة الآية : أن المشركين العرب كانوا يتقيدون بأنواع من القيود فى المآكل والمشارب إمتثالا لما أخترعه لهم الأباء والأجداد ، فلما جاء القران أبطل هذا كله وقال لهم إن كنتم تعبدونى وحدى فكلوا مما حللته لكم من الطيبات

قال الطبرى :(( إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) إن كنتم منقادين لأمره سامعين مطيعين، فكلوا مما أباح لكم أكله وحلله وطيَّبه لكم، ودعوا في تحريمه خطوات الشيطان....، وهو الذي ندبهم إلى أكله ونهاهم عن اعتقاد تحريمه، إذْ كان تحريمهم إياه في الجاهلية طاعةً منهم للشيطان، واتباعًا لأهل الكفر منهم بالله من الآباء والأسلاف.

قال تعالى : قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60 ) المائدة

قال الطبرى فى معنى الطاغوت : قال أبو جعفر: والصواب من القول عندي في"الطاغوت"، أنه كل ذي طغيان على الله، فعبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، وإنسانا كان ذلك المعبود، أو شيطانا، أو وثنا، أو صنما، أو كائنا ما كان من شيء.3 /13

قال تعالى : أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) يس

والعبادة هنا بمعنى طاعة الشيطان واتباعهم لحكمه
قال الطبرى :
ألم أوصكم وآمركم في الدنيا أن لا تعبدوا الشيطان فتطيعوه في معصية الله) تفسير الطبري (20/ 542)

قال تعالى : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا ) [سورة التوبة: 31
فمعنى العبادة هنا هو طاعة الأحبار والرهبان فى تشريعاتهم المخالفة لدين الله ، وقد فسر ذلك المعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فى حديث عدى
لكن هل كل خروج عن الطاعة حتى ولو بالمعصية يُعد عبادة للشيطان وخروج عن كامل الدين قلنا لا لأن الطاعة نوعان
الأول : هى قبول الأحكام والدخول تحت أحكام التكليف للمولى عز وجل وحده ، وهو التزام الشريعة التى جاء بها الرسول وعدم منازعتها بتقرير تشريعات تخالفها وقوانين تعارضها
والخروج عن هذه الطاعة كفر أكبر يخرج به الإنسان من طاعة الله ومتابعته الى طاعة الشيطان ومتابعته
الثانى : طاعة الدخول فى الأعمال وهى كالفرع للطاعة الأولى فقد يقبل العبد تشريع الله فيحرم الحرام ويحلل الحلال ولا يعلن التزامه بغير الشريعة ولا يقرر غيرها منهجاً له ، ولكن قد تدفعه الشهوة لارتكاب معصية وأكثر وقد يطيع غيره فى معصية كبيرة أو صغيرة فلا يُعد فعله هذا كفرا مخرجا من الملة لأنه التزم تشريع الله فى التحليل والتحريم ولم ينقض أصل الطاعة الواجبة عليه ، ولكن إن إستحل معصيته هذه بعد معرفته أمر الله فيها فإنه يكفر بذلك لأنه بذلك يكون نقض الطاعة الأولى التى هى قبول شرع الله والتزامه

..................................

قال الشيخ سليمان بن عبد الله فى شرح كتاب التوحيد
ومراد المصنف رحمه الله بإيراد الآية هنا أن الطاعة في تحريم الحلال، وتحليل الحرام، من العبادة المنفية من غير الله تعالى، ولهذا فسرت العبادة بالطاعة، وفسر الإله بالمعبود المطاع، فمن أطاع مخلوقًا في ذلك فقد عبده، إذ معنى التوحيد، وشهادة أن لا إله إلا الله يقتضي إفراد الله بالطاعة، وإفراد الرسول بالمتابعة، فإن من أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، وهذا أعظم ما يبين التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله، لأنها تقتضي نفي الشرك في الطاعة، فما ظنك بشرك العبادة، كالدعاء والاستغاثة والتوبة وسؤال الشفاعة وغير ذلك من أنواع الشرك في العبادة، وسيأتي مزيد لهذا إن شاء الله تعالى في باب من أطاع العلماء والأمراء )
قلت وهذا المعنى من العبادة : يوافق تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية عن العبادة بأنها أسم جامع لكل ما يحبه والله ويرضاه ..فيدخل فيها كل ما شرعه الله ، والتوحيد فى هذا النوع من العبادة يكون بقبول التشريع من الله وحده ورد كل تشريع سواه ، وقد أوضح الإمام الأصولى العلامة عبد المجيد الشاذلى عند حديثه عن التوحيد فى العادات والمعاملات أن التوحيد فيها يكون بقبولها من الله وحده ،بينما التوحيد فى العبادات ( النسك : وهى النوع الثانى من العبادة وسنعرفها بعد قليل ) يكون بقبولها من الله وحده ( بعتبارها من جنس التشريع الذى يجب قبوله ) وصرفها لله وحده ( بعتبارها حق من حقوق الله لا ينازعه فيها منازع وبعتبار أن التشريع ورد بصرفها لله وحده )

....................................

المعنى الثانى للعبادة :
..........................................
وهى العبادة بمعنى التأله والتنسك ، وهى الشعائر كالسجود والركوع والطواف والدعاء والذبح والنذر .... الخ

قال تعالى : قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (66) غافر
فالعبادة هنا بمعنى الدعاء والإستغاثة
قال تعالى : وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ (6) (الأحقاف )

والدعاء والإستغاثة والطلب يلحق به كل ما كان من جنسه مثل السجود والنذر والذبح وما الى ذلك لأنها كلها مبنية على الطلب والقربة ، فإنها تقدم بنية أن تقبل منهم ويغفر لهم بها ، وتقربهم الى الله ، والتوحيد فى هذا النوع من العبادة يكون بقبولها من الله وحده بعتبارها تشريع من الله يجب قبوله ، وبصرفها لله وحده لأنها من حقوقه المنفرد بها

..........................................

المعنى الثالث للعبادة
وهذا المعنى لا ينفك عن المعنيين الأوليين للعبادة ، وهو الولاء ، فكل من أطاع أحدا فى قبول التشريع منه فقد أتخذه وليا ، وكل من قدم الشعائر التعبدية لأحد فقد أتخذه وليا ، والولاء معنى يدور حول المحبة والنصرة والمتابعة والطاعة
قال تعالى : وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) الزمر

قال النسفي { والذين اتخذوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ } أي آلهة ، قال القشيرى أي الذين عبدوا الاصنام .، ويأتى الولى فى القران بمعنى المعبود والناصر ، فبالجملة فالولاء معنى ملازم للعبادة ومتداخل معه ، بحيث إذا أنتفى أحدهم أنتفى الآخر ، بل يجعل شيخ الأسلام ابن تيمية الولاء أصل العبادة بحيث أن أصله هى المحبة وهى أصل العبادة
...............
أنور بن فرج الزعيرى