المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متى يجب اﻹنصات لتلاوة القرآن



أهــل الحـديث
06-04-2014, 04:11 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


اختلف العلماء في حكم اﻹ****نصات لقراءة القرآن خارج الصﻼ****ة ، على قولين :
القول اﻷ****ول : الوجوب ، وهو مذهب اﻷ****حناف ، وبعضهم جعله وجوبا عينيا ، وآخرون قالوا وجوب كفائي ، واستدلوا بعموم قوله سبحانه وتعالى : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) اﻷ****عراف/204
جاء في "الموسوعة الفقهية" (4/86) :
" اﻻ****ستماع إلى تﻼ****وة القرآن الكريم حين يقرأ خارج الصﻼ****ة واجبٌ إن لم يكن هناك عذرٌ مشروعٌ لترك اﻻ****ستماع .
وقد اختلف الحنفيّة في هذا الوجوب ، هل هو وجوبٌ عينيٌّ ، أو وجوبٌ كفائيٌّ ؟****
قال ابن عابدين : اﻷ****صل أنّ اﻻ****ستماع للقرآن فرض كفايةٍ ، ﻷ****نّه ﻹ****قامة حقّه ، بأن يكون ملتفتاً إليه غير مضيّعٍ ، وذلك يحصل بإنصات البعض ، كما في ردّ السّﻼ****م .
ونقل الحمويّ عن أستاذه قاضي القضاة يحيى الشّهير بمنقاري زاده : أنّ له رسالةً حقّق فيها أنّ سماع القرآن فرضُ عينٍ .
نعم إنّ قوله تعالى في سورة اﻷ****عراف ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) قد نزلت لنسخ جواز الكﻼ****م أثناء الصّﻼ****ة ، إﻻ****ّ أنّ العبرة لعموم اللّفظ ﻻ**** لخصوص السّبب ، ولفظها يعمّ قراءة القرآن في الصّﻼ****ة وفي غيرها " انتهى .

القول الثاني : اﻻ****ستحباب والندب ، وحملوا اﻵ****ية التي في سورة اﻷ****عراف في حال الصﻼ****ة فقط ، أما في غير الصﻼ****ة فاﻷ****مر على الندب واﻻ****ستحباب ، وهذا قول جماهير أهل العلم .
يقول ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (2/372) :
" وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في اﻵ****ية قوله : ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) اﻷ****عراف/204 : يعني في الصﻼ****ة المفروضة . وكذا روي عن عبد الله بن المغفل . وقال ابن جرير : حدثنا حميد بن مسعدة حدثنا بشر بن المفضل حدثنا الجريري عن طلحة بن عبيد الله بن كريز قال : رأيت عبيد بن عمير وعطاء بن أبي رباح يتحدثان والقاص يقص فقلت : أﻻ**** تستمعان إلى الذكر وتستوجبان الموعود ؟ قال : فنظرا إلي ثم أقبﻼ**** على حديثهما . قال : فأعدت ، فنظرا إلي وأقبﻼ**** على حديثهما . قال : فأعدت الثالثة ، قال : فنظرا إلي فقاﻻ**** : إنما ذلك في الصﻼ****ة ( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) اﻷ****عراف/204
وكذا رواه غير واحد عن مجاهد وقال عبد الرزاق عن الثوري عن ليث عن مجاهد قال : ﻻ**** بأس إذا قرأ الرجل في غير الصﻼ****ة أن يتكلم .
وكذا قال سعيد بن جبير والضحاك وإبراهيم النخعي وقتادة والشعبي والسدي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم : أن المراد بذلك في الصﻼ****ة .
وهذا اختيار ابن جرير : أن المراد من ذلك اﻹ****نصات في الصﻼ****ة وفي الخطبة كما جاء في اﻷ****حاديث من اﻷ****مر باﻹ****نصات خلف اﻹ****مام وحال الخطبة " انتهى .****
ويظهر أن هذا القول هو القول الراجح ، ﻷ****ن الوجوب يلزمه دليل صريح ، وإﻻ**** ألزمنا الناس بما فيه مشقة ظاهرة من غير دليل .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله كما في "لقاءات الباب المفتوح" ( لقاء رقم/197، سؤال رقم/26) :
كان مجموعة في السيارة يمشون ، وشغل أحدهم شريط قرآن ، فهل يجب على الجميع استماع هذا الشريط ، وهل يأثم من يتكلم والشريط شغال ؟
فكان الجواب :****
قال اﻹ****مام أحمد رحمه الله في هذه اﻵ****ية : هذا في الصﻼ****ة . وقال : أجمعوا على أن ذلك في الصﻼ****ة . وعلى هذا فلو كنت بجوار شخص يقرأ القرآن ويجهر به ، وأنا أسبح وأهلل - ذكر خاص - فإنه ﻻ**** يلزمني أن أستمع له ، وإنما ذلك في الصﻼ****ة فقط .****
ولكني أقول لﻸ****خ الذي شغل المسجل : ﻻ**** تشغل والناس غافلون ؛ ﻷ****ن هذا أدنى ما نقول فيه أنه يشبه من قال الله فيهم : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﻻ**** تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ ) فصلت/26 ، فإذا رأيت إخوانك ﻻ**** يريدون اﻻ****ستماع ، إنما هم مشغولون بالحديث بينهم ، فﻼ**** تشغل المسجل ، وإذا كنت تشتاق لهذا فهناك سماعة صغيرة أدخلها في أذنك ، ويجعل الصوت له وحده " انتهى .

وجاء في "المنتقى من فتاوى الفوزان" (3/سؤال رقم 437)****
" أقضي بعض اﻷ****وقات الساعات الطوال في المطبخ ، وذلك ﻹ****عداد الطعام لزوجي ، وحرصًا مني على اﻻ****ستفادة من وقتي ؛ فإنني أستمع إلى القرآن الكريم ، سواء كان من اﻹ****ذاعة ، أو من المسجل ؛ فهل عملي هذا صحيح أم أنه ﻻ**** ينبغي لي فعل ذلك ؛ ﻷ****ن الله تعالى يقول :****
( وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) ؟
الجواب : ﻻ**** بأس باستماع القرآن الكريم من المذياع أو من المسجل واﻹ****نسان يشتغل ، وﻻ**** يتعارض هذا مع قوله : ( فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ ) ؛ ﻷ****ن اﻹ****نصات مطلوب حسب اﻹ****مكان ، والذي يشتغل ينصت للقرآن حسب استطاعته " انتهى .

واختيار القول باﻻ****ستحباب ﻻ**** يعني التساهل وتعمد التغافل عن اﻹ****نصات لكﻼ****م الله سبحانه وتعالى حين يتلى ، فالحرص على اﻹ****نصات ﻻ**** بد أن يكون أصﻼ**** ثابتا في حياة المسلم ، وﻻ**** ينصرف عنه إﻻ**** لشغل أو حاجة .
يقول النووي في "التبيان في آداب حملة القرآن" (92) :
" ومما يُعْتنى به ويتأكد اﻷ****مر به : احترام القرآن من أمور قد يتساهل فيها بعض الغافلين القارئين مجتمعين ، فمن ذلك : اجتناب الضحك واللغط والحديث في خﻼ****ل القراءة ، إﻻ**** كﻼ****ما يضطر إليه ، وليمتثل قول الله تعالى : ( وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ) وليقتد بما رواه ابن أبي داود عن ابن عمر رضي الله عنهما : ( أنه كان إذا قُرئ القرآنُ ﻻ**** يتكلم حتى يُفرَغَ منه ) " انتهى .

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "لقاءات الباب المفتوح" (لقاء رقم/146،سؤال رقم 9):****
" ليس من اﻵ****داب أن يتلى كتاب الله ولو بواسطة الشريط وأنت متغافل عنه " انتهى .

والله أعلم .