المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : البيئة : المفهوم والأهمية



لمياء الديوان
24-08-2007, 06:10 AM
ملاحظة الموضوع منقول من اطروحة دكتوراه نوقشت هذا العام


منذ السبعينات من هذا القرن لقيت كلمة ( البيئة ) بين المتحدثين بالعربية وغيرها من اللغات الأخرى رواجاً وانتشاراً ، وأصبحت السّنة العامة والخاصة تلهج بها في التعبير عن مفاهيمها إذ ما تحدثوا عن التلوث والنظافة ، بل أن المولعين بالإثارة اتخذوا من موضوع البيئة ومشكلاتها مجالاً للكتابة في الصحف أو الحديث في الإذاعة ( مجلة التربية 1988 ص94) وكأنما أقتصر موضوع البيئة على ما يتحدثون عنه من مخاطر وأمراض ووبال يحيق بالإنسان 0 ولعل الرجوع إلى الأصل العربي لكلمة البيئة ييسر الوصول إلى التعرف على مفهومها فكلمة البيئة مشتقة من (بوأ) ويقال تبوأت منزلاً ، أي نزلته ، وبؤات الرجل منزلاً ، وبوأته منزلاً بمعنى هيأته ومكنت له فيه والمباءه منزل القوم في كل موضع 0 ويسمى كناس الظبي والثور الوحشي ( وهو موضعه في الشجر يكنن فيه ويستقر مباؤه وكذلك معاطن الإبل (مباركها عند الماء) والغنم (مرابطها حول الماء) مباءه 0 فالبيئة على هذا النحو هي المنزل والمكان الذي ينزل فيه الإنسان والحيوان كما أنها تعبيرا أيضاً عن الحالة فيقال هو بيئته سوء ، أي بحالة سوء ، وأنه لحسن البيئة وبذلك يمكن القول أن البيئة لغة يقصد بها المكان أو الحالة التي عليها الكائن الناجمة عما يكتنفه من ظروف (كمال الدين 1987 ص30) 0
أما مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة الذي عقد عام 1972 في استوكهولم بالسويد تحت شعار ( نحن لا نملك إلا كرة أرض واحدة ) فقد عرف (البيئة) بأنها رصيد الموارد المائية والاجتماعية المتاحة في وقت ما وفي مكان ما لإشباع حاجات الإنسان وتطلعاته (صباريني 1984 ص28) 0
لقد كان مفهوم البيئة ينظر إليه على أنه منظومة تتألف من مكونات مادية غير حيه ومكونات حيه والعلاقة بين هذه المكونات المادية والبيولوجية ، لكن الأمر قد أختلف الآن كثيراً بعد أن أخذ البعد البشري في الاعتبار ذلك لأن هذا البعد أفسد كثيراً من توازنات البيئة ، وتسبب في تلوثها واختلال مكوناتها الطبيعية التي خلقها الله عليها 0 وقد تزايدت أهمية العامل البشري عند مناقشة مفهوم وقضايا

لمياء الديوان
24-08-2007, 06:18 AM
البيئة بعد مؤتمرين مهمين حول البيئة :
الأول : مؤتمر ستوكهولم الذي نظمته الأمم المتحدة بالسويد في الفترة من 5-16 يونيو 1972 حول البيئة البشرية وكان من أوائل المنتديات الفكرية التي يطرح فيها المكون البشري كأحد المكونات المهمة في تحديد مفهوم البيئة 0
الثاني : مؤتمر تبليس الذي عقدته منظمة اليونسكو في جمهورية جورجيا داخل الاتحاد السوفيتي السابق وذلك بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة في الفترة من 14-26 أكتوبر سنة 1977 حول (التربية البيئية) وهو من أوائل المؤتمرات التي ادخل فيها البعد البشري ضمن المعالجات الشمولية لمفهوم البيئة وعلى هذا فإن مفهوم البيئة أصبح اليوم يتسم بالاتساع والشمول ليشمل كل الإبعاد البيولوجية والمادية والبشرية والجغرافية من ارض وجو وماء 00 الخ 0إلى جانب كل العوامل الأخرى التي تلعب دوراً مهماً في تحقيق التوازن للمنظومة الكلية التي تضم كل هذه العناصر0(أحمد سلامه 1991 ص51-52) وبناء على ذلك فالبيئة هي الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان يتأثر به ويؤثر فيه 0 وبهذا التصور فهي تشمل ( البيئة الطبيعية) والتي هي كل ما يحيط بالإنسان من عناصر إلا أنها في الواقع الوظيفي تعمل وفق حركة توافقية وفق نظام معين غاية في الدقة والانسجام يطلق عليه النظام الايكولوجي الذي خلقه الله سبحانه وتعالى بصورة متوازنة فإذا ما حدث تغيير واضح في عنصر من عناصره فأن النظام الايكولوجي كله يتمثل) (سورة القمر الآية49 ) كما تشمل( البيئة الحضارية المشيدة التي صنعها الإنسان وتمثل نتاج تفاعله واستغلاله لموارد بيئته الطبيعية مثل العمران والطرق والمصانع ، وتتباين البيئة المشيدة تبعاً لاختلاف درجة التحضر البشري من ناحية ونمط الكثافة السكانية من ناحية أخرى (عبد المقصود 1977ص21-22) والبيئة بمفهوم فني هي مجموعة الظروف والعوامل الفيزيائية والعضوية وغير العضوية التي تساعد الإنسان ، والكائنات الحية الأخرى على البقاء ، ودوام الحياة ( أحمد سلامه 1996 ص10) وهي الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مستويات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى ويمارس فيه علاقاته مع أقرانه من بني البشر ليستمد منها مقومات حياته وإنما تشمل أيضاً ( علاقة الإنسان التي تنظمها المؤسسات الاجتماعية والعادات والقيم والأديان ) أو ( الوسط الذي يتصل بحياة الإنسان وصحته في المجتمع سواء أكان من خلق الطبيعة أم من صنع الإنسان أو أنها الوسط الذي يحيط بالإنسان من مخلوقات الله (رشيد الحمد 1984ص29) ونخلص من كل هذا إلى أن مفهوم البيئة ينطوي على :-
1. البيئة الطبيعية وقوامها الماء والهواء والفضاء والتربة وما عليها أو بها من كائنات حية 0
2. البيئة الوضعية بما وضعه الإنسان في البيئة الطبيعية من مرافق ومنشآت لإشباع حاجاته (الحلو 1999ص33) 0
أما كلمة (Ecology) ـ علم البيئة ـ الذي انبثق من المفاهيم الحديثة نسبيا للبيئة وتطور خلال القرن العشرين فهي يونانية الأصل وهي مكونة من مقطعين هما Oikos وتعني المنزل أو المسكن أو محل المعيشة و Loges وتعني العلم أو المعرفة فقد أصبحت تشير اليوم إلى (علم البيئة) أي دراسة العلاقة المتبادلة بين الكائنات والبيئة (إسماعيل 2001ص325) ويعد العالم الإحيائي (ارنست هايكل) أول من استخدمها بهذا المعنى عام 1969 للإشارة إلى علاقة الكائن الحي ببيئته العضوية وغير العضوية فعلم البيئة هو نمط من العلوم يختص في حياته مجموعة الكائنات الحية وعملياتها الوظيفية فعلم البيئة هو نمط من العلوم يختص في حياتية مجموعة الكائنات الحية وعملياتها الوظيفية سواء أكانت تلك الكائنات في المياه العذبة أم المالحة أم اليابسة أم الهواء (السعدي ،2002،ص23) 0
ويعنى بدراسة العلاقات المتبادلة بين الكائنات الحية نفسها (الحيوانية ومنها الإنسان ، والنباتية) بعضها بالبعض الآخر هذا من جهة ومن جهة أخرى التأثيرات المتبادلة بين هذه الكائنات الحية والعوامل غير الحياتية Abiotic الناتجة عن المحيط المادي الذي تحيا فيه ، وعلى هذا فأن (علم البيئة) يمثل أحدى الشرائح الأفقية لعلوم الحياة أو العلوم البايولوجية (مجلة الخليج العربي ، 1982 ، ص10) 0

لمياء الديوان
24-08-2007, 06:21 AM
أما فيما يخص أهمية البيئة : فقد أدرك الناس (المجتمعات) منذ الآف السنين أهمية (البيئة) ، فأدركوا أثار أفعالهم فيها وتعلموا بعض الأساليب والطرق لحماية مصادرها الطبيعية 0 فقدماء المصريين والصينيين وجهوا عنايتهم للحفاظ على النباتات وزراعة الأشجار على جوانب الترع لحمايتها من التآكل وتثبيت التربة حولها ، وإقامة ما يعرف اليوم بـ( المحميات الطبيعية) لحماية الحياة البرية (العيسوي ، 2002،ص7) وقدماء الصينيين كانوا يعينون مفتشين لكفالة تردي الأراضي المزروعة نتيجة سوء الممارسة ، أما افلاطون فقد كتب في القوانين ما يمكن اعتباره أول تعبير معروف عما يعرف الآن بمبدأ ( الغرم على الملوث ) إذ يلزم كل من يلوث المياه عمداً يدفع تعويض ، وتنقيه ينبوع الماء أو خزانه باستخدام أي طريقة للتنقية تحدد له (طلبه ، 1992 ، ص27) ولأن البيئة تمثل الوسط أو المحيط أو الإطار الذي يعيش فيه الكائن الحي 0 فأن علاقة المجتمعات البشرية ببيئتها الطبيعية تتحكم بازدهار الأمم وأنماطها ، فالشعوب التي تتفاعل وتتكيف بشكل إيجابي مع مقيدات البيئة هس الشعوب التي تتصدر قيادة التاريخ الإنساني في حين أن الشعوب التي تتجاهل تلك المقيدات أو لا تهتم باستغلال موارد البيئة بالشكل المناسب تصبح معرضة للانقراض أو الغزو الأجنبي أو التبعية الاقتصادية الشديدة الوطأة 0
ومن هذا المنطلق يمكن النظر إلى تاريخ الإنسانية على أنه تاريخ تقدم المدنيات في تكيفها مع البيئة واستغلالها أكثر كفاءة وأداء في بعض الفترات من تاريخ تراجعها في انسجامها مع البيئة 0
فالتقدم العلمي والتقني لا فائدة منه أن لم يحترم نواميس الطبيعة (كرم ، 1985،ص35) 0 يضاف إلى ذلك أن نجاح الإنسان في المهمة التي أوكلها إليه الله سبحانه وتعالى وهي عمارة الأرض يرتبط ارتباطاً كبيراً بمدى تحكمه في هذا الإطار( البيئة ) 0 ومدى استفادته مما سخره الله له من إمكانيات لاستدرار ما فيه منفعة له من عناصر وطاقات ، وقضاؤه على ما يعكر صفو الحياة من مكونات هذا الإطار أو الحيلولة دون انتشار المكونات التي تسبب الأمراض أو تحصد الأرواح 0 وقال تعالى في ( سورة هود الآية 61)
قال أبو بكر الجصاص ( نسبهم إلى الأرض لأن أصلهم هو آدم خلق من التراب ، والناس كلهم من آدم عليه السلام ، وقيل : أن معناه أنه خلقكم في الأرض : وقوله ( استعمركم فيها) يعني : أمركم بعمارتها بما تحتاجون إليه وفيه دليل على وجوب عمارة الأرض للزراعة والغراس والأبنية ) (الجصاص ،1993،ص241)0 ) (سورة البقرة الآية 29) 0 وقال أبو بكر بن العربي ( فخلقه سبحانه وتعالى الأرض ، وإرساؤها بالجبال ، ووضع البركة فيها ، وتقدير الأقوات بأنواع الثمرات وأصناف النبات إنما كان لبني أدم تقدير لمصالحهم ، وأهمية لسد مفاقرهم … للتنبيه على القدرة المهيئه لها للمنفعة والمصلحة ، فأن جميع ما في الأرض أنما هو لحاجة الخلق والباري تعالى غني عنه متفضل به)(ابن العربي ، 1975 ، ص14) 0

لمياء الديوان
24-08-2007, 06:22 AM
المشكلات البيئية العالمية :


لقد استهدف الإنسان في استغلاله للبيئة ومواردها منذ الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر وحتى الآن الحصول على منافع مباشرة دون الالتفات لعواقب ذلك على النظم الطبيعية المختلفة فكان دائم البحث عن طرف جديد ليتجاوز بها محدودية الموارد الطبيعية التي تتيحها له تلك النظم (العيسوي ، 2002، ص7) فالإنسان العصري يعيش اليوم في البيئة ويتعامل مع مكوناتها 0 يؤثر فيها ويتأثر بها محاولاً توفير حاجاته الضرورية اللازمة لبقائه واستمراره ، إلا أن الزيادة الكبيرة في إعداد السكان وما رافقها من الممارسات الخاطئة وغير المسئولة كان لها الأثر الكبير في ظهور العديد من المشكلات البيئية التي تهدد آثارها حاضر الإنسان ومستقبله وأن تتباين من دولة إلى أخرى ومن أبرز المشكلات البيئية التي سببها ويعاني من آثارها 0
1- مشكلة التلوث البيئي : والتي توصف بأنها الوريث الذي حل محل الأوبئة والمجاعات فقد أدى التطور الصناعي الكبير والسريع إلى تلوث عدد من عناصر البيئة المتزايدة للمبيدات الكيمياوية والكيمياويات خلال السلسلة الغذائية وتزايد نفايات المصانع ومحطات الطاقة وارتفاع نسبة أكاسيد الكبريت والكربون في الهواء في كثير من مناطق العالم والتلوث الإشعاعي المتزايد وحرق القمامة والنفايات التي تعم بصورة واسعة ، إذ تنتج الصناعات سنوياً ما يعادل (2100) مليون طن من الملوثات الصلبة (الجور، 1994،ص34) و ( 338) مليون طن من الملوثات الأخرى الخطرة (الحويدر ، 2001،ص57) 0
2- استنزاف وإهدار الموارد الطبيعية المتجددة وغير المتجددة حيث انقرضت أو أوشكت على الانقراض أنواع حيوانية و نباتية عديدة كما يتوقع نضوب العديد من الموارد والثروات (عطيه وآخرون ،1998 ، ص17) 0
3- مشكلة تآكل طبقة الأوزون ، فهذه الطبقة من الغلاف الجوي تحمي الإنسان والكائنات الحية الأخرى من التأثيرات الضارة للأشعة الكونية القادمة من الشمس وبخاصة الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء ، وتقلل من التغيرات المناخية غير الطبيعية (إسلام ، 1990،ص12) وفيها ثقب وهذا الثقب يزداد في الأتساع يوماً بعد يوم لأسباب متعددة لعل أهمها ـ تلوث الهواء الجوي ببعض المركبات مما ينذر بخطر يتهدد الحياة على سطح كوكبنا (طعيمه ، 1987 ، ص3) 0
4- مشكلة التلوث الضجيجي : تعد الضوضاء أحد مصادر تلوث البيئة كونها موجات صوتية تنتقل عبر الهواء تفسد طبيعته وتحوله من هواء هادي مفيد إلى هواء مزعج ضار ، ناهيك عما تسببه من إخطار مرضية نفسية وجسمانية تصيب الإنسان ، والواقع أن الضوضاء أو الضجيج يعتبر مشكلة قديمة حيث حاول الإنسان تفاديه منذ عصور قديمة (صالح ، 1971،ص101) 0
5- مشكلة التصحر وتعرية التربة : التصحر أحد أشكال التدهور الشامل الذي يصيب الأنظمة البيئية تحت تأثير العوامل المناخية غير الملائمة وسوء استغلال هذه الأنظمة عن طريق سوء أدارة استغلال الغابات والمراعي الطبيعية والأراضي الزراعية والمياه 0 ويرجع حدوثها إلى عوامل طبيعة (المناخ) مصدرها الجفاف الشديد وارتفاع درجات الحرارة ، وزيادة نسبة التبخر وانخفاض كميات الأمطار واستمرار هبوب الرياح (والتعرية) والرعي الجائر والرمال المتحركة وإلى عوامل بشرية (حفار0س0م ، 1986 ،ص96 ) 0 لقد حاول الكثير من الباحثين منذ زمن طويل التنبيه إلى هذا الخطر ، ولكن أحداً لم يعرهم إذناً صاغية إلى أن حلت الكارثة في أوائل السبعينيات ، حيث وصل الجفاف حداً هائلاً بخاصة في منطقة (الساحل) في أفريقيا فقد هلك بسبب الجوع (100.000) شخص وتشرد مئات الألوف ، ومن الجدير بالذكر هنا أن التصحر يجب أن لا ينظر إليه على أنه يصيب المناطق البعيدة غير المزروعة وغير الآمله بالسكان فحسب بل على العكس فهو ظاهره قريبة جداً من الإنسان وتحيط به وتعاني منها كل دول العالم دون استثناء وهي من أهم المشكلات الحياتية التي تواجه العالم ( الخولي ، 1990 ، ص212) فالأراضي الصحراوية هي أراضي قاحلة معرضة دائماً لتأثير الماء والرياح من خصائصها أن نسبة تسرب المياه في داخلها قليلة بينما تكون نسبة سيلان الماء على سطحها كبيرة ولها نسبة جرف كبيرة وغطاء نباتي قليل ، وهي أمور تقود إلى المزيد من التعرية ، أي إلى إزاحة الحيوان أو الإنسان (الخولي ، 1990 ، ص220) 0

عاشق الحزن
26-08-2007, 12:50 AM
المتألقة والمبدعة مراقبتنا لمياء الديوان

تميزك وابداعك اضاء جنبات المنتدى

بوركت وبوركت جهودك الراقية

تقبلي خالص شكري وتقديري وفائق احترامي

دمت بود

مازن
26-08-2007, 09:01 AM
لمياء الديوان


الله يعطيك العافية

وجزاك الجنه