المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قال ابن تيميّة: "المبادرة إلى التكفير إنما تغلب على طباع من يغلب عليهم الجهل".اهـ



أهــل الحـديث
26-03-2014, 11:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قال ابن تيميّة في (بغية المرتاد في الرد على المتفلسفة والقرامطة والباطنية):

"ولا ينبغي أن يظن أن التكفير ونفيه ينبغي أن يدرك قطعا في كل مقام بل التكفير حكم شرعي يرجع إلى إباحة المال وسفك الدماء والحكم بالخلود في النار فمأخذه كمأخذ سائر الأحكام الشرعية فتارة يدرك بيقين وتارة يدرك بظن غالب وتارة يتردد فيه ومهما حصل تردد فالتوقف عن التكفير أولى والمبادرة إلى التكفير إنما تغلب على طباع من يغلب عليهم الجهل.

ولا بد من التنبيه لقاعدة أخرى وهي أن المخالف قد يخالف نصا متواترا ويزعم أنه مؤول ولكن ذكر تأويله لا انقداح له أصلا عن اللسان لا على قرب ولا على بعد فذلك كفر وصاحبه مكذب وإن كان يزعم أنه مؤول.
مثاله: ما رأيته في كلام بعض الباطنية أن الله تعالى واحد بمعنى أنه يعطي الوحدة ويخلقها وعالم بمعنى أنه يعطي العلم ويخلقه لغيره وموجود بمعنى أنه يوجد غيره.
فأما أن يكون في نفسه واحدا أو موجودا وعالما بمعنى اتصافه به فلا وهذا كفر صراح لأن حمل الوحدة على إيجاد الوحدة ليس من التأويل في شيء ولا تحتمله لغة العرب أصلا ولو كان خالق الوحدة يسمى واحدا لخلقه الوحدة لسمى ثلاثا أو أربعا لأنه خلق الأعداد أيضا فأمثلة هذه المقالات تكذيبات إن عبر عنها بالتأويلات.

- ثم قال - المقصود التنبيه على أن السلف فهموا حقيقة قول هؤلاء الجهمية الذي هو حقيقة قول القرامطة ومن وافقوه من الفلاسفة فإنهم ينفون الصفات وهم في الحقيقة ينفون الأسماء أيضا لكن يحتاجون إلى إطلاقها في الظاهر لأجل تظاهرهم بالإسلام ويتأولونها على أنه خلق معانيها في غيره وهذه هي القاعدة المعروفة وهو أن الصفة إذا قامت بمحل عاد حكمها على ذلك المحل دون غيره ووجب أن يشتق لذلك المحل من لفظها اسم ولا يشتق لغيره الاسم ...

ولو فرض أن شخصا مؤمنا باطنا وظاهرا ولكن جهل وضل في صفة القدرة أو العلم حتى ظن أن القدرة تقوم بغيره والعلم بغيره، كما هو قول الباطنية، لكان حاله كحال من هو مؤمن باطنا وظاهرا وقد جهل وضل حتى اعتقد أن الكلام لا تقوم به بل بغيره وكثير من أهل المقالات قد أخرج بعض الموجودات عن قدرته ومنع قدرته عن أشياء كحال الذي قال لولده ما قال فهذه المقالات هي كفر لكن ثبوت التكفير في حق الشخص المعين موقوف على قيام الحجة التي يكفر تاركها وإن أطلق القول بتكفير من يقول ذلك فهو مثل إطلاق القول بنصوص الوعيد مع أن ثبوت حكم الوعيد في حق الشخص المعين موقوف على ثبوت شروطه وانتفاء موانعه ولهذا أطلق الأئمة القول بالتكفير مع أنهم لم يحكموا في عين كل قائل بحكم الكفار بل الذين استمحنوهم وأمروهم بالقول بخلق القرآن وعاقبوا من لم يقل بذلك إما بالحبس والضرب والإخافة وقطع الرزق بل بالتكفير أيضا لم يكفروا كل واحد منهم وأشهر الأئمة بذلك الإمام أحمد وكلامه في تكفير الجهمية مع معامتله مع الذين امتحنوه وحبسوه وضربوه مشهور معروف". انتهى