المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : امنعوا المفاسد باصلاحها والحدود بشبهاتها قبل ان تطبقوها بقصاصها



الاهلي الراقي
18-03-2014, 04:50 AM
اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِاِحْسَانٍ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَبَعْدُ؟ فَقَدْ سَاَلَنِي بَعْضُ الْاِخْوَةِ؟ مَاهِيَ عُقُوبَةُ السَّارِقِ فِي الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّة؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي لَااَسْتَطِيعُ اَنْ اُعْطِيَكَ الْجَوَابَ فَوْراً؟ فَلَا بُدَّ اَنْ نُبَيِّنَ اَنَّ فِي عُقُوبَاتِ الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ مَايُسَمَّى حُدُوداً؟ وَمَايُسَمَّى تَعْزِيرَاتٍ؟ وَالْحَدُّ هُوَ عُقُوبَةٌ مُقَدَّرَةٌ مِنَ اللهِ شَرْعاً؟ لَايَجُوزُ النُّقْصَانُ مِنْهَا؟ وَلَا الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا؟ وَوَرَدَتْ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ بِنُصُوصٍ صَرِيحَةٍ لَاتَحْتَمِلُ اِلَّا مَعْنىً وَاحِداً؟ فَحِينَمَا يَقُولُ اللهُ تَعَالَى مَثَلاً{اَلزَّانِيَة ُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَة( فَكَلِمَة مِائَة هُنَا لَاتَحْتَمِلُ 101 جَلْدَة؟ وَلَاتَحْتَمِلُ 99 جَلْدَة اَيْضاً؟ فَهَذَا نَصٌّ قَطْعِيٌّ فِي مُرَادِ اللهِ مِنْ عَدَدِ هَذِهِ الْجَلْدَة؟ وَلَايَحْتَمِلُ اِلَّا مَعْنىً وَاحِداً؟ وَلَامَجَالَ لِلِاجْتِهَادِ فِيه؟ نَعَمْ اَخِي فَهَذِهِ الْعُقُوبَةُ الَّتِي مِقْدَارُهَا مِائَةَ جَلْدَة؟ تُسَمَّى حَدّاً؟ نَعَمْ اَخِي وَهُنَاكَ مَايُسَمَّى اَيْضاً فِي الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ بِحَدِّ الْحَرَابَةِ اَوْ حَدِّ مُحَارَبَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالسَّعْيِ فِي الْاَرْضِ فَسَاداً؟ وَهُنَاكَ مَايُسَمَّى اَيْضاً بِحَدِّ الرِّدَّةِ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام؟ وَحَدِّ شُرْبِ الْخَمْرِ؟ وَحَدِّ قَذْفِ الْمُحْصَنِينَ الْمُؤْمِنِينَ الْغَافِلِينَ وَالْمُحْصَنَاتِ مِثْلَهُمْ اَيْضاً؟ وَحَدِّ السَّرِقَةِ؟ وَحَدِّ الزِّنَى؟ وَهُوَ الرَّجْمُ حَتَّى الْمَوْتِ لِمَنْ يَخُونُ زَوْجَتَهُ اَوْ تَخُونُ زَوْجَهَا؟ وَهُوَ الْجَلْدُ مِائَةَ جَلْدَةٍ لِمَنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ الزَّوَاج؟ فَاِذَا سَبَقَ لَهُ اَوْ لَهَا الزَّوَاجُ؟ فَالرَّجْمُ حَتَّى مَوْتِهِمَا حَتَّى وَلَوْ كَانَا مُطَلَّقَيْنِ اَوْ اَرْمَلَيْنِ؟ وَلَكِنْ لَايَجُوزُ رَجْمُهُمَا اَوْ جَلْدُهُمَا اَبَداً اِلَّا بِشُرُوطٍ صَعْبَةٍ جِدّاً؟ بَلْ هِيَ شِبْهُ مُسْتَحِيلَةٍ اِنْ لَمْ تَكُنْ مُسْتَحِيلَة؟ وَهِيَ وُجُودُ الشُّهُودِ الْاَرْبَعَةِ عَلَيْهِمَا ذَوِي الْاَقْوَالِ الْمُتَطَابِقَةِ كَمَا سَيَاْتِي؟ اِلَّا اِذَا اَقَرَّا وَاعْتَرَفَا بِزِنَاهُمَا اَرْبَعَ مَرَّاتٍ مُتَتَالِيَةٍ اَوْ مُتَفَرِّقَةٍ اَمَامَ الْقَاضِي؟ نَعَمْ اَخِي وَهُنَاكَ مَايُسَمَّى اَيْضاً بِحَدِّ اللّوَاطِ وَالسِّحَاقِ عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاللَّاتِي يَاْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ اَرْبَعَةً مِنْكُمْ؟ فَاِنْ شَهِدُوا فَاَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ اَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلَا(وَالْآيَةُ هُنَا تَحْتَمِلُ مَعْنَى السِّحَاق مِنِ امْرَاَةٍ مَعَ امْرَاَةٍ اُخْرَى مِثْلِهَا؟ وَتَحْتَمِلُ مَعْنَى الْخِيَانَةِ الزَّوْجِيَّةِ اَيْضاً مِنْ زَوْجَةٍ مَعَ رَجُلٍ عَشِيقُهَا اَوْ زَبُونُهَا؟ فَاِذَا اَخَذْنَا الْآيَةَ عَلَى مَعْنَى الْخِيَانَةِ الزَّوْجِيَّةِ؟ فَقَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُمْ وَلَهُنَّ سَبِيلاً بِالْجَلْدِ وَالنَّفْيِ مِنَ الْاَرْضِ خَارِجَ الْبِلَادِ وَالتَّغْرِيبِ سَنَةً كَامِلَةً اَوْ بِالسَّجْنِ دَاخِلَ الْبِلَادِ اَوْ خَارِجَهَا سَنَةً كَامِلَةً لِمَنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهَا الزَّوَاج وَبِالرَّجْمِ حَتَّى الْمَوْتِ لِمَنْ سَبَقَ لَهُمْ وَلَهُنَّ الزَّوَاجُ وَلَكِنْ بِشُرُوطٍ تَعْجِيزِيَّةٍ كَمَا ذَكَرْنَا لَا تَسْمَحُ لِلْقَاضِي بِعُقُوبَتِهِمَا اِلَّا اِذَا اَقَرَّا عَلَى اَنْفُسِهِمَا بِالْفَاحِشَة؟ ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى{وَاللَّذَان ِ يَاْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا؟ فَاِنْ تَابَا وَاَصْلَحَا فَاَعْرِضُوا عَنْهُمَا؟ اِنَّ اللهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيمَا(وَهَذِهِ الْآيَةُ اَيْضاً تَحْتَمِلُ مَعْنَى الزِّنَى الْمَعْرُوفِ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْاَةِ اللَّذَيْنِ لَمْ يَسْبِقْ لَهُمَا الزَّوَاج؟ وَلَكِنَّهَا اَيْضاً تَحْتَمِلُ مَعْنَى اللّوَاطِ بَيْنَ رَجُلٍ وَرَجُلٍ مِثْلِه؟ وَالْاَذَى الْمَقْصُودُ فِي الْآيَةِ يَكُونُ بِالضَّرْبِ الْمُؤْذِي غَيْرِ الْقَاتِلِ بِالنِّعَالِ وَالْاَحْذِيَةِ لَهُمَا فِي حَالِ عَدَمِ وُجُودِ الشُّهُودِ الْاَرْبَعَة وَفِي حَالِ عَدَمِ الْاِقْرَار؟ فَاِذَا اَقَرَّا عَلَى اَنْفُسِهِمَا اَرْبَعَ مرات اَوْ شَهِدَ عَلَيْهِمَا اَرْبَعَةٌ اَقْوَالُهُمْ مُتَطَابِقَة لَاشُبْهَةَ فِيهَا؟ فَبِالْجَلْدِ الْمُؤْذِي غَيْرِ الْقَاتِل 100 جَلْدَة لِمنْ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ اَوْ لَهَا الزَّوَاج؟ وَبِالرَّجْمِ الْمُؤْذِي الْقَاتِلِ حَتَّى الْمَوْتِ لِمَنْ سَبَقَ لَهُ الزَّوَاجُ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَا زَانِيَيْنِ اَوْ لَائِطَيْنِ اَوْ سَاحِقَيْن؟ نَعَمْ اَخِي وَهُنَاكَ مَايُسَمَّى اَيْضاً بِحَدِّ الْقَذْفِ اَوْ رَمْيِ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنِينَ الرِّجَالِ اَمْثَالِهِنّ؟نعم اخي وَالْقَذْفُ اَوِ الرَّمْيُ هُوَ بِمَعْنَى اَنْ يَتَّهِمَ اِنْسَانٌ آخَرَ بِالزِّنَى اَوِ اللّوَاطِ اَوِ السِّحَاقِ اَوْ نِكَاحِ الْمَحَارِمِ دُونَ بَيِّنَةٍ شَرْعِيَّةٍ اَوْ دَلِيلٍ شَرْعِيّ؟ فَهَذَا يُعَاقَبُ بِعُقُوبَةٍ مُقَدَّرَةٍ مَحْدُودَةٍ مِنَ الْحَدِّ الشَّرْعِيِّ مِقْدَارُهَا ثَمَانُونَ جَلْدَة؟ اِلَّا{الَّذِينَ يَرْمُونَ اَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ اِلَّا اَنْفُسُهُمْ(فَاِذَا اتَّفَقَ اَنْ كَانَ لَهُمْ شُهَدَاءُ ثَلَاثَة مَعَ اَنْفُسِهِمْ؟ فَيُصْبِحُ الْمَجْمُوعُ اَرْبَعَة مَعَ اَقْوَالٍ مُتَطَابِقَةٍ لَاشُبْهَةَ فِيهَا وَلَاشَكَّ؟ وَهَذَا صَعْبٌ جِدّاً اَنْ يَتَّفِقَ اِلَّا فِي اَحْوَالٍ نَادِرَةٍ جِدّاً؟ فَعِنْدَ ذَلِكَ ياْمُرُ الْقَاضِي بِالزَّوْجَةِ الْخَائِنَةِ اَنْ تُرْجَمَ حَتَّى الْمَوْتِ وَلَايَثْبُتُ لَوَرَثَتِهَا شَيْءٌ مِنَ مَهْرِهَا؟ نَعَمْ اَخِي وَلَايَكُونُ ذَلِكَ اِلَّا اِذَا اتَّفَقَ وُجُودُ الشُّهُودِ الْاَرْبَعَة وَاِلَّا {فَشَهَادَةُ اَحَدِهِمْ(وَهُوَ زَوْجُهَا{اَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللهِ اِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِين؟ وَالْخَامِسَةُ اَنَّ لَعْنَةَ اللهِ عَلَيْهِ اِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِين(فَاِذَا سَكَتَتِ الزَّوْجَةُ وَلَمْ تُدَافِعْ عَنْ نَفْسِهَا؟ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّهَا خَائِنَة؟ فَيَاْمُرُ الْقَاضِي بِهَا هُنَا اَيْضاً اَنْ تُرْجَمَ حَتَّى الْمَوْتِ وَاِلَّا{وَيَدْرَاُ عَنْهَا الْعَذَابَ(وَهُوَ عَذَابُ الرَّجْمِ لِاَنَّ فِيهِ مُعَانَاةً مِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْت{اَنْ تَشْهَدَ اَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللهِ اِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِين؟ وَالْخَامِسَةَ اَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْهَا اِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِين(فَعِنْد َ ذَلِكَ يُفَرِّقُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا بِمَعْنَى يُطَلّقُهُمَا رَغْماً عَنْهُمَا وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ حُرْمَةً اَبَدِيَّةً وَلَايَجُوزُ لَهُ اَنْ يُعَاوِدَ الزَّوَاجَ مِنْهَا؟ لَكِنَّهُ يَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَذْفِ؟ وَتَنْجُو هِيَ اَيْضاً مِنْ عُقُوبَةِ الرَّجْمِ؟ وَمَعَ الْاَسَف فَاِنَّ مَهْرَهَا الْمُتَقَدِّمَ وَالْمُتَاَخِّرَ يَثْبُتُ لَهَا شَرْعاً وَتَحْصَلُ عَلَيْهِ كَامِلاً حَتَّى وَلَوْ كَانَتْ خَائِنَة؟ وَلَكِنَّهَا سَتُغَرَّمُ بِهِ مِنْ حَسَنَاتِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِمَنْ قَامَتْ بِخِيَانَتِهِ ثُمَّ تُلْقَى فِي جَهَنَّمَ{اِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامَا؟ اِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَامَا} نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا شَارِبُ الْخَمْرِ؟ فَقَدْ جَلَدَهُ اَبُو بَكْرٍ اَرْبَعِينَ جَلْدَة؟ وَجَلَدَهُ عُمَرُ ثَمَانِينَ جَلْدَة؟ فَقَالَ الْاِمَامُ عَلِيّ اِنَّ الْجَلْدَاتِ الثَّمَانِينَ اَحَبُّ اِلَى قَلْبِي؟ فَقِيلَ لَهُ لِمَاذَا يَا بْنَ عَمِّ رَسُولِ الله؟ فَقَالَ لِاَنَّ شَارِبَ الْخَمْرِ اِذَا سَكِرَ هَذَى مِنَ الْهَذَيَانِ وَهُوَ التَّخَبُّطُ فِي اَفْعَالِهِ وَاَقْوَالِه؟ وَاِذَا هَذَى افْتَرَى كَمَا يَفْتَرِي قَاذِفُ وَرَامِي الْمُحْصَنِينَ وَالْمُحْصَنَات؟ وَحَدُّ الِافْتِرَاءِ لَيْسَ اَرْبَعِين؟ وَاِنَّمَا ثَمَانُونَ كَمَا هُوَ حَدُّ الْقَذْفِ وَالرَّمْيِ وَالِافْتِرَاءِ عَلَى اَعْرَاضِ النَّاس؟ نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا مَاعَدَا ذَلِكَ مِنَ الْعُقُوبَاتِ؟ فَاِنَّهَا تُعْتَبَرُ عُقُوبَاتٍ تَعْزِيرِيَّةً فِي الشَّرِيعَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ؟ وَلَايَجُوزُ شَرْعاً اَنْ تَبْلُغَ مِقْدَارَ الْحُدُودِ الَّتِي شَرَعَهَا الله؟ وَاَرْجُو اَلَّا اَكُونَ نَسِيتُ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الْحُدُود؟ نَعَمْ اَخِي وَكَلِمَةُ تَعْزِيرِيَّة بِمَعْنَى اَنَّ وَلِيَّ الْاَمْرِ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي يُقَدِّرُهَا حَسَبَ الْحَالَةِ وَحَسَبَ الْاَشْخَاص؟ نَعَمْ اَخِي وَكَلِمَةُ تَعْزِيِرِيَّة تَحْتَمِلُ الْمَعْنَى مِنَ التَّوْبِيخِ فِي اللُّغَة الْعَرَبِيَّة؟ وَلَكِنَّهَا اَيْضاً تَحْتَمِلُ عَكْسَ مَعْنَى التَّوْبِيخِ اَوْ ضِدَّهُ وَهُوَ الْمَدْحُ وَالثَّنَاءُ وَالنُّصْرَة بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ رَسُولِ الله{فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوه(فَهَلْ يَقُولُ عَاقِلٌ فِي هَذِهِ الْآيَةِ اَنَّ عَزَّرُوهُ بِمَعْنَى وَبَّخُوه؟ بَلْ اِنَّهَا بِمَعْنَى آزَرُوهُ وَسَاعَدُوهُ وَنَاصَرُوهُ وَمَدَحُوهُ وَاَثْنَوْا عَلَيْهِ؟ نَعَمْ اَخِي وَتَكُونُ الْعُقُوبَةُ التَّعْزِيرِيَّةُ الَّتِي يُقَدِّرُهَا الْقَاضِي حَسَبَ الْحَالَةِ وَالْاَشْخَاص؟ فَاَحْيَاناً يَكُونُ اِنْسَانٌ مَا لَهُ مَكَانَتُهُ الِاجْتِمَاعِيَّة وَقَدْ اَخْطَاَ فِي حَقّكَ اَخِي؟ فَاِذَا عَبَسْتَ فِي وَجْهِهِ؟ فَاِنَّهُ يَشْعُرُ بِاَنَّهُ اَخْطَاَ وَلَنْ يَعُود؟ فَعُبُوسُكَ فِي وَجْهِهِ اَخِي؟ هُوَ عُقُوبَةٌ تَعْزِيرِيَّةٌ لَه؟ وَرُبَّمَا تُكَلّمُهُ بِلُطْفٍ اَخِي وَتَقُولُ لَهُ مَثَلاً اَنْتَ اِنْسَانٌ مُحْتَرَمٌ لَايَلِيقُ بِكَ اَنْ تَفْعَلَ هَذَا الْفِعْلَ؟ فَيَرْتَدِعُ خَجَلاً وَحَيَاءً مِنَ اللهِ وَمِنْكَ؟ فَهَذَا الْخَجَلُ وَالْحَيَاءُ الَّذِي جَلَبْتَهُ لَهُ مِنْ كَلَامِكَ اللَّطِيفِ مَعَهُ؟ هُوَ اَيْضاً عُقُوبَةٌ تَعْزِيرِيَّةٌ لَه؟ نَعَمْ اَخِي وَبَعْضُ النَّاسِ لَايَرْتَدِعُونَ اِلَّا بِشَيْءٍ مِنَ الشِّدَّة؟ فَهَذِهِ الشِّدَّةُ اَيْضاً هِيَ عُقُوبَةٌ تَعْزِيرِيَّة؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ التَّعْزِيرَ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ مُعَيَّنٌ كَالْحُدُودِ الَّتِي شَرَعَهَا الله؟ وَلِذَلِكَ كَانَ لَابُدَّ لِلْقَاضِي اَنْ يُقَدِّرَهُ بِاَقَلَّ مِنَ الْحَدِّ حَتَّى لَايَكُونَ ظَالِماً عَلَى مَنْ لَايَسْتَحِقُّ الْحَدّ؟ وَهَذَا شَرْطٌ ضَرُورِيٌّ حَتَّى تَصِحُّ تَسْمِيَتُهُ تَعْزِيراً؟ وَاِلَّا فَاِنَّهُ عُقُوبَةُ حَدٍّ ظَالِمَةٌ عَلَى مَنْ لَايَسْتَحِقُّهَا وَلَيْسَ عُقُوبَةَ تَعْزِيرٍ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهَا دُونَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا؟ نَعَمْ اَخِي وَلَابُدَّ لِي بَعْدَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَة اَنْ اَتَحَدَّثَ الْآن عَنِ الشُّرُوطِ الْمَطْلُوبَةِ مِنْ اَجْلِ اِقَامَةِ حَدِّ السَّرِقَة وَهُوَ قَطْعُ يَدِ السَّارِق؟ نَعَمْ اَخِي كَانَ الْاَصْمَعِيُّ عَالِماً كَبِيراً مِنْ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة يَمْشِي فِي الصَّحْرَاء؟ فَجَاءَ اَعْرَابِيٌّ وَسَاَلَهُ قَائِلاً يَااَصْمَعِيّ؟ مَاهِيَ عُقُوبَةُ السَّرِقَة؟ فَقَالَ الْاَصْمَعِيّ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْمَائِدَة{وَالسَّا رِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللهِ؟ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيم؟ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَاَصْلَحَ فَاِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ؟ اِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيم(فَقَالَتْ لَهُ اَعْرَابِيَّة مَنْ اَنْتَ؟ فَقَالَ اَنَا الْاَصْمَعِيّ؟ فَقَالَتْ اَنْتَ صَاحِبُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّة؟ هَلْ اَنْتَ مِنْ اَقْطَابِهَا؟ فَقَالَ نَعَمْ وَلَااُزَكِّي نَفْسِي وَلَااُزَكِّي عَلَى اللهِ اَحَداً؟ فَقَالَتْ لَهُ بَلْ اَنْتَ لَاتَفْقَهُ فِي اللُّغَةِ شَيْئاً؟ فَقَالَ لَهَا لِمَاذَا؟ فَقَالَتْ لَايُمْكِنُ اَنْ يَقُولَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ غَفُورٌ رَحِيم؟ فَاَيْنَ الْغُفْرَانُ وَالرَّحْمَةُ مِنَ النَّكَالِ وَقَطْعِ يَدِ السَّارِق؟ وَلَايُمْكِنُ اَنْ يَقُولَ اللهُ عَنْ نَفْسِهِ فِي الدُّنْيَا اَنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم؟ فَكَيْفَ تَتَنَاسَبُ عِزَّتُهُ وَحِكْمَتُهُ وَقُوَّتُهُ وَجَبَرُوتُهُ مَعَ مَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَاَصْلَح؟ اِلَّا مَاكَانَ مِنْ قَوْلِ عِيسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ{اِنْ تُعَذّبْهُمْ فَاِنَّهُمْ عِبَادُك؟ وَاِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَاِنَّكَ اَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم(بِمَعْنَى اَنَّ بَابَ التَّوْبَةِ يَكُونُ مُغْلَقاً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَايَبْقَى لِلظَّالِمِينَ ذَرَّةٌ مِنَ الْاَمَلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اِلَّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذّبُ مَنْ يَشَاء(وَلَايَبْقَى لِلظَّالِمِينَ ذَرَّةٌ مِنَ الْاَمَلِ فِي النَّجَاةِ مِنْ اَبَدِيَّةِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ اِلَّا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنَ الْاِيمَانِ بِلَا اِلَهَ اِلَّا الله مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله؟ نَعَمْ اَخِي فَرَاجَعَ الْاَصْمَعِيُّ نَفْسَهُ وَقَالَ لَهَا؟ قَاتَلَكِ اللهُ مَااَذْكَاكِ؟نعم اخي وَكَلِمَة قَاتَلَكِ؟ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهَا حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَيْهَا اَنْ يُقَاتِلَهَا اللهُ لَا؟ وَاِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهَا التَّعَجُّب؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ يَامُعَاذ(فَلَيْسَ الْمُرَادُ هُنَا دُعَاءَ الرَّسُولِ عَلَى مُعَاذٍ اَنْ يَحْتَرِقَ قَلْبُ اُمِّهِ عَلَيْهِ لَوْعَةً وَحُزْناً عَلَى فِرَاقِهِ لَا؟ وَاِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ التَّعَجُّبِ اَيْضاً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ سَارَّة زَوْجَةِ اِبْرَاهِيم{قَالَتْ يَاوَيْلَتَى اَاَلِدُ وَاَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخَا؟ اِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيب(وَكَلِمَة يَاوَيْلَتَى لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهَا حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهَا بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ وَالْهَلَاك؟ فَلَايَجُوزُ ذَلِكَ لِلْمُؤْمِنِ اَبَداً اَنْ يَدْعُوَ عَلَى نَفْسِهِ بِالْوَيْلِ اِلَّا مِنْ بَابِ التَّعَجُّبِ كَمَا يَعْرِفُ ذَلِكَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ جَيِّداً؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الرِّوَايَةَ الَّتِي زَوَّرَهَا الرَّوَافِضُ قَبَّحَهُمُ اللهُ فِي دُعَاءِ الْاِمَامِ جَعْفَرَ لِلشَّيْخَيْنِ اَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ جَمِيعاً مَرْدُودَةٌ عَلَيْهِمْ فِي الْمَعْنَيَيْنِ الظَّاهِرِيِّ وَالْبَاطِنِيِّ مَعاً؟ فَبَدَلَ اَنْ يَدْعُوَ لَهُمَا اِذَا بِهِ يَدْعُو عَلَيْهِمَا فِي الْمَعْنَى الْبَاطِنِي الْخَبِيثِ الْحَقِيرِ عِنْدَ الشِّيعَة؟ وَلْنُسَلّمْ جَدَلاً وَافْتِرَاضِيّاً اَنَّ الْاِمَامَ جَعْفَر اَرَادَ مِنْ دُعَائِهِ لَهُمَا التَّقِيَّةَ؟ وَاَنَّهُ مَااَرَادَ اِلَّا الدُّعَاءَ عَلَيْهِمَا كَمَا يَزْعُمُون؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّنَا نَحْتَجُّ عَلَى الشِّيعَةِ بِقَوْلِنَا اَنَّهُ مَااَرَادَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ دَعَا عَلَيْهِمَا كَمَا تَزْعُمُونَ بِمَعْنَاكُمُ الْبَاطِنِي الشَّيْطَانِي الْخَبِيث؟ وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ هُوَ قَوْلُ زَوْجَةِ اِبْرَاهِيم{يَاوَيْل َتَى(وَهُوَ اَيْضاً قَوْلُ مَرْيَمَ الصِّدِّيقَة{يَالَيْ تَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيَّا(فَاِنَّهَ ا مَااَرَادَتْ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَى نَفْسِهَا؟ وَاِنَّمَا اَرَادَتِ التَّعَجُّبَ مِنْ قُدْرَةِ الله؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهَا فِي نَفْسِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ{اِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيب(وَاِلَّا فَلَايَجُوزُ لِلْمُؤْمِنِ اَنْ يَتَمَنَّى الْمَوْتَ وَلَا اَنْ يَدْعُوَ عَلَى نَفْسِهِ بِهِ اِلَّا فِي اَوْقَاتِ الْفِتَنِ الشَّدِيدَةِ الَّتِي لَمْ يَعُدْ لَهُ طَاقَة فِي تَحَمُّلِهَا وَالْوِقَايَةِ مِنْ شَرِّهَا اِلَّا بِقَوْلِهِ اَللَّهُمَّ اَحْيِنِي اِذَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْراً لِي وَتَوَفَّنِي اِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْراً لِي وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرّ؟ وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ اَيْضاً هُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ لِمُعَاذ{ثَكِلَتْكَ اُمُّك(فَاِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام مَااَرَادَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَى مُعَاذ؟ وَاِنَّمَا اَرَادَ التَّعَجُّبَ مِنْ مُعَاذ كَيْفَ غَابَ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى{مَايَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ اِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد(وَلِذَلِكَ قَالَ لَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[ثَكِلَتْكَ اُمُّكَ يَامُعَاذ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ وَوُجُوهِهِمْ اِلَّا حَصَائِدُ اَلْسِنَتِهِمْ؟ وَدَلِيلُنَا عَلَى ذَلِكَ اَيْضاً هُوَ قَوْلُ الْاَصْمَعِيّ وَهُوَ مِنْ اَكَابِرِ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ لِلْمَرْاَة{قَاتَلَك ِ الله(فَاِنَّهُ مَااَرَادَ بِذَلِكَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَيْهَا؟ وَاِنَّمَا اَرَادَ التَّعَجُّبَ مِنْ ذَكَائِهَا وَفِطْنَتِهَا اِلَى مَا لَمْ يَفْطَنْ اِلَيْهِ هُوَ؟ وَلِذَلِكَ اِنْ صَحَّ الْمَعْنَى الْبَاطِنِي الْخَبِيث الَّذِي تُفَسِّرُونَ بِهِ دُعَاءَ الْاِمَامِ جَعْفَرعَلَى الشَّيْخَيْنِ اَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَلَنْ يَصِحّ؟ فَاِنَّنَا لَنْ نُسَلّمَهُ لَكُمْ بِحَقِيقَتِهِ اَبَداً وَلَوْ صَحّ؟ وَهَذِهِ هِيَ الْاَدِلَّةُ مَوْجُودَةٌ اَمَامَكُمْ؟ لِاَنَّ الْاِمَامَ جَعْفَر مَااَرَادَ حَقِيقَةَ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمَا وَلَوْ عَلَى الْمَعْنَى الشَّيْطَانِي الْبَاطِنِي الْخَبِيثِ الْحَقِيرِ الَّذِي تَزْعُمُونَه؟ وَاِنَّما اَرَادَ التَّعَجُّبَ مِنْ فَضْلِهِمَا وَتَقْوَاهُمَا وَاِيمَانِهِمَا وَعَدْلِهِمَا وَذَكَائِهِمَا؟ وَدَلِيلُنَا فِي ذَلِكَ اَيْضاً هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً اِنْ اَرَادَ اَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ بْنَ مَرْيَمَ وَاُمَّهُ وَمَنْ فِي الْاَرْضِ جَمِيعَا(فَهَلْ اَرَادَ سُبْحَانَهُ هُنَا حَقِيقَةَ الْهَلَاكِ لِلْمَسِيحِ عَلَيْهِ السَّلَام وَلِلْمُؤْمِنِين؟ فَلَوْ اَرَادَ ذَلِكَ حَقِيقَةً فَلَنْ يَنْجُوَ الْمَسِيحُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مِنْ اَبَدِيَّةِ الْعَذَابِ فِي النَّار؟ لِاَنَّ حَقِيقَةَ الْهَلَاكِ لَاتَاْتِي اِلَّا بِمَعْنَى الْاَبَدِيَّةِ فِي الْعَذَاب؟ وَقَدْ يَاْتِي الْهَلَاكُ مَجَازاً لَاحَقِيقَةً بِمَعْنَى الْمَوْت؟ وَلَكِنَّهُ لَايَكُونُ مَوْتاً اَبَدِيّاً؟ نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ كَلِمَة دَاعِشْ حِينَمَا نُطْلِقُهَا عَلَيْهِمْ؟ فَلَيْسَ مُرَادُنَا مِنْهَا التَّنَابُزُ بِالْاَلْقَابِ كَمَا تَتَّهِمُنَا بِذَلِكَ دَاعِش؟ وَاِنَّمَا الْمُرَادُ مِنْهَا التَّعَجُّبُ مِنْ جَهْلِهِمْ وَتَزَمُّتِهِمْ وَتَشَدُّدِهِمْ وَسَخَافَةِ عُقُولِهِمْ وَاَعْمَالِهِمُ الْوَحْشِيَّةِ الَّتِي لَايَسْتَحِقُّونَ بِسَبَبِهَا لَقَبَ الدَّوْلَةِ الْاِسْلَامِيَّة؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنِّي لَااَلُومُ دَاعِشَ بِسَبَبِ جَهْلِهَا بِقَدْرِ مَااَلُومُ الدُّوَلَ الْعَرَبِيَّةَ وَالْاِسْلَامِيَّةَ الْمُثَقَّفَةَ جَيِّداً بِنُورِ الْعِلْمِ وَالْبَصِيرَةِ وَالْحِكْمَة؟ بِسَبَبِ اسْتِهْتَارِهَا فِي اِقَامَةِ دَوْرَاتٍ تَدْرِيبِيَّةٍ فِي مَوْضُوعِ التَّكْفِيرِ عَلَى مَنْ يَسْتَحِقُّهُ وَمَنْ لَايَسْتَحِقُّه؟ فَلَقَدْ سَمِعْنَا عَنْ اِقَامَةِ دَوْرَاتٍ تَدْرِيبِيَّةٍ فِي مَوْضُوعِ عَقِيدَةِ التَّوْحِيدِ بِرِعَايَةِ قَنَاةِ الْبَصِيرَة بَارَكَ اللهُ بِعُلَمَائِهَا وَمَشَايِخِهَا وَجَزَاهُمُ اللهُ خَيْراً؟ لَكِنْ هَلْ سَمِعْتُمْ يَوْماً مِنَ الْاَيَّامِ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ عَنْ اِقَامَةِ دَوْرَةٍ تَدْرِيبِيَّةٍ وَاحِدَةٍ فِي مَوْضُوعِ التَّكْفِير؟ مَعَ الْعِلْمِ اَنَّهُ مَوْضُوعٌ خَطِيرٌ جِدّاً عَلَى عَقِيدَةِ الْمُسْلِم؟ لِاَنَّ مَنْ كَفَّرَ مُسْلِماً بِغَيْرِ حَقٍّ؟ فَقَدْ بَاءَ بِهَا وَرَجَعَتْ عَلَيْه؟ نَعَمْ اَخِي وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْاَصْمَعِيَّ رَحِمَهُ الله اَخْطَاَ فِي الْآيَة؟ وَكَانَ مِنَ الصَّوَابِ اَنْ يَقُول{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا اَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ الله وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيم؟ فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَاَصْلَحَ فَاِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ؟ اِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم(نَعَمْ اَخِي فَهَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مُجْمَلَة بِمَعْنَى اَنَّهَا تَحْتَاجُ اِلَى تَفْصِيلٍ وَتَوْضِيحٍ اَكْثَر؟ وَهَذِهِ هِيَ وَظِيفَةُ السُّنَّةِ الشَّرِيفَةِ الْمُطَهَّرَةِ وَهِيَ الْبَيَان؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاَنْزَلْن َا اِلَيْكَ الذّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَانُزِّلَ اِلَيْهِمْ(مِنَ الْقُرْآن؟ نَعَمْ اَخِي فَالرَّسُولُ الْكَرِيمُ وَظِيفَتُهُ الْبَيَانُ لِمَا قَالَهُ الْقُرْآنُ فِي عُقُوبَةِ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ وَهِيَ اَنْ تُقْطَعَ اَيْدِيَهُمَا؟ فَلَابُدَّ اَنْ تَكُونَ هُنَاكَ اسْتِثْنَاءَات بِمَعْنَى اَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَيْسَتْ عَلَى اِطْلَاقِهَا فِي الْقَطْعِ وَلَكِنْ بِشُرُوط كَمَا سَيَاْتِي؟ وَلَابُدَّ لَكَ اَخِي اَنْ تُلَاحِظَ مَلْحَظاً مُهِمّاً؟ وَهُوَ اَنَّ اللهَ تَعَالَى قَدَّمَ الرَّجُلَ عَلَى الْمَرْاَةِ فِي عُقُوبَةِ السَّرِقَة؟ وَاَمَّا فِي عُقُوبَةِ الزِّنَى؟ فَقَدَّمَ سُبْحَانَهُ الْمَرْاَةَ عَلَى الرَّجُل؟ وَلَابُدَّ لَكَ اَنْ تُلَاحِظَ اَنَّ حَرْفَ الْوَاوِ بَيْنَ السَّارِقِ وَالسَّارِقَةِ؟ وَالْوَاوِ الْاُخْرَى بَيْنَ الزَّانِيَةِ وَالزَّانِي؟ لَاتُفِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا التَّرْتِيبَ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ اَقْوَالِ الْعُلَمَاء؟ بِمَعْنَى اَنَّهَا لَاتُفِيدُ فِي مَعْنَاهَا اَنْ نَبْدَاَ اَوّلاً بِعُقُوبَةِ الرَّجُلِ فِي السَّرِقَة ثُمَّ الْمَرْاَة وَالْعَكْسُ صَحِيحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلزِّنَى؟ لَكِنْ لَابُدَّ اَنْ يَكُونَ هُنَا فِي آيَةِ السَّرِقَة وَفِي آيَةِ الزِّنَا اَيْضاً مَلْحَظُ اهْتِمَامٍ رَبَّانِي اَوْ مَلْحَظ بَلَاغِي؟ فَحِينَمَا يَقُولُ الْقُرْآنُ الْكَرِيم{وَالسَّارِ قُ وَالسَّارِقَةُ(فَاِن َّهُ يُقَدِّمُ السَّارِقَ عَلَى السَّارِقَةِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الرَّجُلَ اَقْدَرُ عَلَى السَّرِقَةِ غَالِباً مِنَ الْمَرْاَة؟ وَاَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلزِّنَا؟ فَالرَّجُلُ لَايَتَجَرَّاُ غَالِباً عَلَى الزِّنَا اِلَّا بِمُوَاطَاَةٍ مِنَ الْمَرْاَةِ وَتَشْجِيعٍ لَهُ وَتَحْرِيضٍ عَلَى الْاِقْبَالِ عَلَيْهَا حِينَمَا تَتَدَلَّعُ وَتَتَغَنَّجُ اَمَامَهُ وَتَتَكَسَّرُ فِي الْمَشْيِ اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اَسَالِيبِ الْاِغْوَاءِ وَالْاِغْرَاء؟ فَتَجْعَلُ لَهُ بِذَلِكَ مَرْتَعاً وَسَبَباً اِلَيْهَا؟ فَانْظُرْ اَخِي اِلَى بَلَاغَةِ الْقُرْآنِ حِينَمَا يَقُول{اَلزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا{وَالسَّا رِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا(فَمَا مَعْنَى السَّرِقَة يَااَخِي؟ نعم اخي عَلَيْكَ اَنْ تَلْتَقِطَ اَنْفَاسَكَ وَتَسْتَرِيحَ لِنَبْدَاَ بِمَوْضُوعِ الْمُشَارَكَةِ هُنَا عَلَى بَرَكَةِ الله؟ نَعَمْ اَخِي؟ اَلسَّرِقَةُ فِي اللُّغَةِ بِمَعْنَى الِاخْتِلَاس؟ بِمَعْنَى اَنْ تَاْخُذَ شَيْئاً خِلْسَة اَوْ خُفْيَة؟ وَالسَّرِقَةُ نَوْعَان؟ سَرِقَة مَادِّيَّة؟ وَسَرِقَة مَعْنَوِيَّة؟ اَمَّا السَّرِقَة الْمَعْنَوِيَّة؟ فَقَدْ يَكُونُ اثْنَانِ يَتَكَلَّمَانِ فِي اَسْرَارٍ شَخْصِيَّةٍ تَخُصُّهُمَا؟ فَيَاْتِي شَخْصٌ ثَالِثٌ وَيَسْرِقُ هَذِهِ الْاَسْرَار حِينَمَا يَسْتَمِعُ اِلَيْهِمَا مُتَجَسِّساً عَلَى حَدِيثِهِمَا وَيُفْشِيهَا؟ اَوْ يَسْرِقُ ثُمَّ يُفْشِي اَسْرَاراً عَسْكَرِيَّةً اَوْ مَادِّيَّةً اَوْ زِرَاعِيَّةً اَوْ تِجَارِيَّةً اَوْ صِنَاعِيَّةً اَوْ طِبِّيَّةً اَوْ فَنِّيَّةً تَعِبَ صَاحِبُهَا فِي تَحْضِيرِهَا ثُمَّ يَبِيعُهَا فِي السُّوقِ الْبَيْضَاءِ اَوِ السَّوْدَاء وَقَدْ يَنْجُو بِفَعْلَتِه؟ وَاَمَّا شَيَاطِينُ الْجِنِّ فَلَا يَنْجُونَ بِفَعْلَتِهِمْ اِذَا سَرَقُوا شَيْئاً مِنَ الْاَسْرَارِ السَّمَاوِيَّةِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِاُمُورِ الْغَيْبِ وَالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِد؟ اِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَاَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِب( وَكَلِمَة اِلَّا هُنَا هِيَ اسْتِثْنَاء مُنْقَطِع بِمَعْنَى اَنَّ السَّمَاءَ تَبْقَى مَحْفُوظَةً بِمَا فِيهَا مِنْ اَسْرَارِ الْغَيْبِ حَتَّى مِنَ الشَّيْطَانِ الْمَارِدِ الَّذِي يَسْتَرِقُ السَّمْعَ أيْ يُصْغِي اِلَى مَايَدُورُ مِنْ اَحَادِيثَ وَاَخْبَارٍ فِي السَّمَوَاتِ وَيَسْرِقُهُ وَيُخَبِّئُهُ لِيَحْفَظَهُ فِي ذَاكِرَتِهِ لِيَنْقُلَهُ لَاحِقاً اِلَى اِخْوَانِهِ الشَّيَاطِين لَوْلَا اَنَّ الشِّهَابَ الثَّاقِبَ يَكُونُ لَهُ بِالْمِرْصَادِ وَيَقْتُلُه؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ السَّحَرَةَ وَالْمُنَجِّمِينَ وَالْمُشَعْوِذِينَ وَالْكُهَّانِ وَالْعَرَّافِينَ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الطَّالِعَ وَالْحَظَّ وَالْاَبْرَاجَ اَوْ يَضْرِبُونَ بِالْمَنْدَلِ ثُمَّ يَزْعُمُونَ اَنَّهُمْ يَسْتَعِينُونَ بِالْجِنِّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ هُمْ كَاذِبُون لماذا؟ لِاَنَّ مَنْ هُوَ اَقْوَى وَاَكْبَرَ مِنْهُمْ مِنْ كِبَارِ شَيَاطِينِ الْجِنِّ مِنَ الْمَرَدَةِ الْاَقْوِيَاء لَايَعْلَمُونَ مِنْ ذَلِكَ الْغَيْبِ كُلّهِ شَيْئاً؟ بَلْ لَايَتَجَرَّؤُونَ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ مِنْ مَصْدَرِهِ الْاَصْلِي وَهُوَ السَّمَوَاتُ الْعُلَى بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْجِنِّ قَبْلَ اَنْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْقُرْآنِ وَحِينَمَا كَانُوا شَيَاطِين{وَاَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَدَا(أيْ يَتَرَصَّدُهُ لِيَقْتُلَه؟ نَعَمْ اَخِي وَسَنَتَحَدَّثُ عَنِ السَّرِقَةِ الْمَادِّيَّةِ لَاحِقاً؟ وَاَمَّا مَفْهُومُ السَّرِقَةِ فِي الِاصْطِلَاحِ الشَّرْعِي الْاِسْلَامِي؟ فَهُوَ اَخْذُ مَالٍ مُعَيَّنٍ لَاحَقَّ لَهُ فِيهِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ؟ بِمَعْنَى اَنْ يَاْخُذَ السَّارِقُ مَالاً؟ بِمَعْنَى اَنْ يَاْخُذَ شَيْئاً مُتَقَوَّماً؟ بِمَعْنَى شَيْئاً لَهُ قِيمَة؟ بِمَعْنَى اَنَّهُ لَوْ سَرَقَ بَصَلَةً مِنَ الْبَصَلِ الْمَعْرُوفِ مَثَلاً؟ فَهَذِهِ لَاقِيمَةَ لَهَا؟ فَلَابُدَّ لَهُ اَنْ يَسْرِقَ قِيمَةً مَالِيَّةً مُقَدَّرَة حَتَّى يَسْتَحِقَّ الْعُقُوبَةَ كَمَا سَيَاْتِي؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَقَدْ قَدَّرَ الْفُقَهَاءُ قَدِيماً هَذِهِ الْقِيمَةَ الْمَالِيَّةَ الَّتِي تُوجِبُ الْعُقُوبَةَ عَلَى السَّارِقِ بِرُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبِيّ؟ فَلَايَجُوزُ قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ بِاَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبِي؟ وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا فَعَلَيْكَ اَخِي الْقَاضِي الشَّرْعِي فِي دَوْلَةٍ اِسْلَامِيَّةٍ تُقِيمُ حُدُودَ اللهِ اَنْ تَنْتَبِهَ جَيِّداً؟ اِلَى اَنَّ رُبْعَ دِينَارٍ ذَهَبِيّ؟ كَانَ فِي الْمَاضِي يُطْعِمُ اُسْرَةً كَامِلَة؟ بِسَبَبِ مَاكَانَ لَهُ مِنْ قُوَّةٍ شِرَائِيَّةٍ كَبِيرَة؟ وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا؟ فَرُبَّمَا قَلَّتْ اَوْ ضَعُفَتْ قُوَّتُهُ الشِّرَائِيَّة؟ فَلَابُدَّ لَكَ اَخِي الْقَاضِي اِذَا اَرَدْتَّ اَنْ تَقْطَعَ يَدَ السَّارِقِ؟ مِنْ حَسَابِ القُوَّةِ الشِّرَائِيَّةِ لِنِصَابِ الْمَالِ الْمَطْلُوبِ لِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَكَيْفَ كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ؟ مِنْ اَجْلِ تَعَادُلِهَا مَعَ القُوَّةِ الشِّرَائِيَّةِ فِي اَيَّامِنَا؟ وَلِذَلِكَ اَخِي الْقَاضِي فَاِنَّ النِّصَابَ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ اَجْلِ تَنْفِيذِ هَذِهِ الْعُقُوبَةِ؟ يَخْتَلِفُ مِنْ زَمَانٍ اِلَى زَمَان؟ وَلِذَلِكَ لَايُمْكِنُنَا بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَنْ نُفْتِيَ بِرُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبِيٍّ فِي اَيَّامِنَا؟ فَقَدْ يَكُونُ النِّصَابُ اَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِير؟ بَلْ نُحَدِّدُ النِّصَابَ الْمَطْلُوبَ مِنْ اَجْلِ قَطْعِ يَدِ السَّارِقِ؟ بِمَا يُعَادِلُ الْقُوَّةَ الشِّرَائِيَّةَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله؟ وَلِذَلِكَ اَقُولُ وَبِاللهِ التَّوْفِيق؟ اِنَّ النِّصَابَ هُوَ مِقْدَارٌ مُعَيَّنٌ مِنَ الْمَال؟ وَرَدَ فِي حَدِيثِ رَسُولِ الله[لَاقَطْعَ بِاَقَلَّ مِنْ رُبُعِ دِينَار(نَعَمْ اَخِي رُبُعُ دِينَارٍ كَانَتْ لَهُ قِيمَتُهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ الله؟ وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا؟ فَمِنَ الْجَائِزِ اَنَّهُ لَاقِيمَةَ لَه؟ وَلِذَلِكَ لَابُدَّ مِنَ الِاسْتِعَانَةِ بِعُلَمَاءِ الِاقْتِصَادِ وَتَدَاوُلِ الْعُمُلَاتِ؟ مِنْ اَجْلِ تَحْدِيدِ النِّصَابِ الْمَطْلُوبِ مِنَ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ الَّذِي يَجْعَلُ السَّارِقَ مُسْتَحِقّاً لِعُقُوبَةِ الْقَطْعِ؟ فَلَابُدَّ اَنْ يَكُونَ لِلنِّصَابِ قِيمَةٌ مَالِيَّةٌ مُحْتَرَمَةٌ حَتَّى يَسْتَحِقَّ السَّارِقُ الْقَطْعَ؟ نَعَمْ اَخِي؟ وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَنِ السَّرِقَةِ الْمَعْنَوِيَّةِ؟ وَنَاْتِي الْآنَ اِلَى السَّرِقَةِ الْمَادَّيَّة وَهِيَ اَنْوَاع؟ مِنْهَا السَّرِقَة؟ وَالْغَصْبُ؟ وَالْخَطْفُ؟ وَالِاخْتِلَاسُ؟ وَالطَّرُّ؟ وَالنَّبْشُ؟ نَعَمْ اَخِي؟ اَمَّا السَّرِقَة؟ فَهِيَ اَنْ تَاْخُذَ الْمَالَ خِلْسَةً دُونَ عِلْمِ صَاحِبِهِ؟ بِمَعْنَى اَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ الَّذِي تَسْرِقُهُ لَايَعْلَمُ بِكَ وَلَايَرَاكَ وَلَايَشْعُرُ بِكَ اَنَّكَ تَسْرِقُهُ وَهَذِهِ هِيَ السَّرِقَة؟ وَاَمَّا الْغَصْبُ؟ فَهُوَ اَنْ تَاْخُذَ الشَّيْءَ مِنْ صَاحِبِهِ عُنْوَةً وَقُوَّة؟ بِمَعْنَى رَغْماً عَنْهُ؟ اَوْ لَكَ اَخِي مَكَانَة اَوْ مَرْكَز اَوْ جَاهٌ اَوْ سُلْطَان فَتَسْتَوْلِي عَلَيْهِ بِقُوَّتِكَ الْمَادِّيَّةِ اَوِ الْمَعْنَوِيَّةِ رَغْماً عَنْهُ؟ فَهَذَا يُسَمَّى غَصْباً؟ وَاَمَّا الْخَطْفُ؟ فَمَثَلاً حِينَما تَكُونُ تَاجِراً اَخِي؟ فَتَعْرِضُ بِضَاعَتَكَ عَلَى مَدْخَلِ الدُّكَّانِ؟ فَيَاْتِي اِنْسَانٌ وَيَاْخُذُ شَيْئاً مِنْهَا وَيَجْرِي بِهِ رَاكِضاً سَرِيعاً؟ اَوْ مَثَلاً سَيِّدَةٌ وَاقِفَةٌ فِي السُّوقِ مَعَهَا مِحْفَظَةٌ اَوْ حَقِيبَة؟ فَيَاْتِي اِنْسَانٌ مَا وَيَخْطُفُهَا مِنْ يَدِهَا وَيَذْهَبُ بِهَا؟ فَهَذَا هُوَ الْخَطْفُ؟ وَاَمَّا الِاخْتِلَاسُ؟ فَهُوَ اَنْ تَكُونَ اَخِي مُؤْتَمَناً عَلَى الْمَالِ فِي صَنْدُوقٍ اَوْ خَزِينَة؟ فَتَخْتَلِسُ مِنْهُ؟ بِمَعْنَى تَاْخُذُ شَيْئاً مِنْهُ؟ فَهَذَا يُسَمَّى اخْتِلَاساً؟ وَاَمَّا الطَّرُّ فَهُوَ النَّشْلُ وَهُوَ كَلِمَة مَاْخُوذَة مِنْ طَرَّ الْمَال بِمَعْنَى نَشَلَهُ بِجَمِيعِ اَنْوَاعِ النَّشْلِ وَاَسَالِيبِ السَّرِقَةِ وَاَدَوَاتِهَا وَسَكَاكِينِهَا الَّتِي تَخْلَعُ الْاَبْوَاب وَتُمَزّقُ الْاَجْسَادَ وَالثّيَاب وَمَفَاتِيحِهَا الَّتِي لَاتَخْطُرُ عَلَى بَال وَالَّتِي تَفُكُّ اَصْعَبَ اَنْوَاعِ الشِّيفْرَاتِ الْمُقْفَلَةِ فِي الْبُيُوتِ وَالْمَحَلَّاتِ وَالْاَمَاكِنِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ وَالسَّيَّارَات وَمَا ثَقُلَ وَمَاخَفَّ حِمْلُهُ مِنَ الْمَسْرُوقَات وَاَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً بَسِيطاً عَلَى الطّرِّ كَاَنْ تَكُونَ اَخِي مَثَلاً وَاقِفاً فِي زَحْمَةٍ خَانِقَةٍ فِي الْاُوتُوبِيسِ اَوِ الْبَاصِ فَيَاْتِي اِنْسَانٌ مَا مِنْ وَرَائِكَ وَيَسْتَلُّ مِنْ جُيُوبِكَ الْمَالَ اَوِ الْمُوبَايْلَ اَوِ الْمِحْفَظَةَ الَّتِي تَحْوِي اَمْوَالَكَ وَبِطَاقَتَكَ الشَّخْصِيَّةَ وَاَوْرَاقَكَ الْمُهِمَّةَ وَقَدْ تَشْعُرُ بِهِ وَقَدْ لَاتَشْعُرُ وَقَدْ تَتَمَكَّنُ مِنَ الْقَبْضِ عَلَيْهِ وَقَدْ لَاتَتَمَكَّن؟ وَاَمَّا النَّبْشُ فَهُوَ اَنْ يَنْبُشَ السَّارِقُ الْقُبُورَ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَسْرِقَ اَكْفَانَ الْمَوْتَى؟ نَعَمْ اَخِي وَهُنَاكَ اَيْضاً مَايُسَمَّى سَرِقَة بِالتَّرَاضِي اَوْ بِالِاسْتِغْلَال اَوْ بِالِاسْتِعْبَادِ بِلُقْمَةِ الْعَيْشِ اَوِ الِاسْتِعْبَادِ الْجِنْسِيِّ الَّذِي يَسْرِقُ الْقُلُوبَ وَيَجْعَلُهَا تَمِيلُ اِلَى الْفَاحِشَةِ مِنْ اَجْلِ تَحْصِيلِ الْمَال اَوْ بِالنَّصْبِ اَوْ بِالِاحْتِيَالِ اَوْ بِالتَّزْوِيرِ اَوْ بِالْغُبْنِ وَهِيَ الرِّبَا وَالْيَانَصِيب اَوِ الْقِمَار وَالِاحْتِكَار وَالرِّشْوَة وَالْغِشّ وَالْاَيْمَانِ الْكَاذِبَةِ الْفَاجِرَةِ الَّتِي يَقْتَطِعُونَ بِهَا مِنْ حُقُوقِ النَّاس وَكُلُّهَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ مُسَمَّى اَكْلِ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؟ وَلَهَا جَمِيعُهَا عُقُوبَة تَعْزِيرِيَّة وَلَيْسَتْ مَوْضُوعَ مُشَارَكَتِنَا الْآن؟ نَعَمْ اَخِي وَلِكُلِّ مِنْ هَذِهِ الْاَنْوَاعِ مِنَ السَّرِقَةِ عُقُوبَتُهُ الْخَاصَّةُ الَّتِي تَخْتَلِفُ عَنْ عُقُوبَةِ الْآخَر؟نَعَمْ اَخِي اَمَّا الْغَاصِبُ وَالنَّابِشُ وَالطَّرَّارُ النَّشَّالُ؟ فَلَايَنْجُو وَاحِدٌ مِنْهُمْ جَمِيعاً مِنْ قَطْعِ يَدِهِ اِذَا تَحَقَّقَتْ جَمِيعُ الشُّرُوطُ الْمَطْلُوبَةُ مِنْ بِدَايَةِ الْمُشَارَكَةِ اِلَى نِهَايَتِهَا دُونَ الْاِخْلَالِ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ مِنْهَا وَدُونَ اِهْمَالِهِ وَدُونَ الِاسْتِهْتَارِ وَلَوْ بِشَعْرَةٍ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوط وَعَلَى رَاْسِهَا النَّجَاةَ الْكُبْرَى لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ في قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اِدْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَااسْتَطَعْتُمْ(كَم َا سَيَاْتِي؟ بِمَعْنَى اَنَّ السَّارِقَ عِنْدَ اللهِ كَالْغَرِيقِ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِقَشَّة؟ فَكَمَا اَنَّ الْغَرِيقَ قَدْ يَنْجُو بِهَذِهِ الْقَشَّةِ مِنَ الْغَرَقِ بِفَضْلِ الله؟ فَكَذَلِكَ السَّارِقُ يَنْجُو بِفَضْلِ اللهِ اَيْضاً مِنْ قَطْعِ يَدِهِ بِهَذِهِ الْقَشَّةِ وَلَوْ كَانَتْ بِحَجْمِ شَعْرَةٍ مِنَ الشُّبْهَةِ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا الْقَاضِي بِنَجَاتِهِ مِنَ الْقَطْعِ وَاِنْ كَانَ لَايَنْجُو مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة؟ وَهَذَا الْكَلَامُ يَنْطَبِقُ عَلَى الْقَاتِلِ اَيْضاً فَاِنَّهُ يَنْجُو مِنْ حَبْلِ الْمَشْنَقَةِ وَعُقُوبَةِ الْاِعْدَامِ اِذَا كَانَ هُنَاكَ شَعْرَةٌ مِنَ الشُّبْهَةِ فِي احْتِمَالِ بَرَاءَتِهِ وَلَمْ تَتَوَفَّرْ عِنْدَ الْقَاضِي الْاَدِلَّةُ الْكَافِيَةُ لِاِدَانَتِهِ وَاِنْ كَانَ لَايَنْجُو مِنْ رَقَابَةِ الدَّوْلَةِ عَلَيْهِ بَعْدَ اِطْلَاقِ سَرَاحِهِ؟ وَحَتَّى وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ مُذْنِباً يَسْتَحِقُّ الْاِعْدَام؟ فَاِنَّهُ يَنْجُو اَيْضاً اِذَا حَكَمَ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِدِيَةِ اَهْلِ الْقَتِيلِ اَوْعَفْوِهِمْ؟ نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ الزَّانِي يَسْتَطِيعُ النَّجَاةَ مِنَ الرَّجْمِ اَوِ الْجَلْدِ بِشُبْهَةٍ كَمَا سَيَاْتِي؟ نعم اخي وَاَمَّا الْمِسْكِينُ الْوَحِيدُ الَّذِي لَايَنْجُو مِنْ جَلْدِهِ ثَمَانِينَ وَرَدِّ شَهَادَتِهِ وَالطَّعْنِ بِهَا وَاِسْقَاطِ اَكْثَرِ حُقُوقِهِ الْمَدَنِيَّةِ وَلَوْ شَفَعَ لَهُ النَّاسُ جَمِيعاً؟ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِالْقَشَّةِ وَبِالشَّعْرَة؟ بَلْ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِاَسْتَارِ الْكَعْبَة؟ بَلْ وَلَوْ تَعَلَّقَ بِعَرْشِ الرَّحْمَن؟ فَهُوَ الرَّامِي الْمُعَمِّرُ الْقَاذِفُ وَقَائِدُ الدَّبَّابَةِ وَسَائِقُهَا؟عَفْواً اَخِي اَقْصِدُ مِمَّنْ يَتَطَاوَلُ مِنْهُمْ عَلَى اَعْرَاضِ النَّاسِ كَمَا سَيَاْتِي فِي نِهَايَةِ الْمُشَارَكَة؟ نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا السَّارِقُونَ فَاِنَّهُمْ يَسْتَطِيعُونَ النَّجَاةَ مِنْ حَدِّ الْقَطْعِ لَا مِنَ التَّعْزِيرِ اِذَا كَانَ اتِّهَامُ النَّاسِ لَهُمْ بِصِيغَةِ اَخَذَوا مِنَّا وَلَمْ يَتَّهِمُوهُمْ بِصِيغَةِ سَرَقَوا مِنَّا؟ فَاِذَا لَمْ تُسْعِفُوهُمْ ايها الاخوة وَتُنْقِذُوهُمْ مِنَ الْقَطْعِ وَلَوْ بِشُبْهَةٍ صَغِيرَةٍ جِدّاً فَلَا يَنْجُو وَاحِدٌ مِنْهُمْ مِنْهُ؟ قَدْ يَقُولُ قَائِل اُرِيدُ اَنْ اَفْهَمَ اَيُّهَا الْاِخْوَة مَاذَا سَتَخْسَرُونَ مِنْ جُيُوبِكُمْ اِذَا قُلْتُمْ لِلشَّرِطَةِ اَوْ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ قَبْلَ اَنْ يَصِلَ الْاَمْرُ اِلَى الْقَضَاء اَخَذَ مِنَّا هَذَا الْمُتَّهَمُ اَمْوَالَنَا؟ وَمَاذَا سَتَرْبَحُونَ اِذَا قُلْتُمْ سَرَقَ مِنَّا اَمْوَالَنَا؟ فَرُبَّمَا تَعُودُ اِلَيْكُمْ اَمْوَالُكُمُ الْمَسْرُوقَةُ؟ وَلَكِنَّكُمْ سَتَعِيشُونَ فِي خَوْفٍ وَقَلَقٍ وَرُعْبٍ وَفَزَعٍ شَدِيدٍ مِنْ عِصَابَاتِ السَّرِقَةِ وَالْمَافْيَا الَّتِي رُبَّمَا تَنْتَقِمُ مِنْكُمْ بِسَبَبِ قَطْعِ يَدِ فَرْدٍ مِنْ اَفْرَادِهَا؟ اَوْ رُبَّمَا يَنْتَقِمُ مِنْكُمُ السَّارِقُ نَفْسُهُ مَهْمَا طَالَتِ الْاَيَّام؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ تَابِعْ مَعِي الْمُشَارَكَة مِنْ بِدَايَتِهَا اِلَى نِهَايَتِهَا لِتَعْرِفَ الْجَوَاب؟ نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا الْمُخْتَلِسُ فَلَايَجُوزُ قَطْعُ يَدِهِ بِسَبَبِ وُجُودِ شُبْهَة وَهِيَ اَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَدْ وَثِقَ بِهِ وَائْتَمَنَهُ فَخَانَ هَذِهِ الْاَمَانَة؟ فَتَقَعُ الْمَلَامَةُ عَلَى مَنْ وَثِقَ بِهِ وَائْتَمَنَهُ؟ وَلَاتَقَعُ عَلَى الْخَائِنِ اِلَّا بِعُقُوبَةٍ تَعْزِيرِيَّة لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الَّذِي وَثِقَ بِهِ وَائْتَمَنَهُ لَمْ يَفْعَلْ مَايَكْفِي مِنْ اَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَى اَمْوَالِه؟ اِذْ كَانَ لَابُدَّ لَهُ مِنْ فَرْضِ رَقَابَةٍ صَارِمَةٍ عَلَيْهِ قَبْلَ اَنْ يَخْتَلِسَ اَمْوَالَه؟ وَلِذَلِكَ لَايَلُومَنَّ اِلَّا نَفْسَهُ بِسَبَبِ تَقْصِيرِهِ وَاسْتِهْتَارِه؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنّ(فَاَيْنَ ذَهَبَ هَذَا الْمُسْتَهْتِرُ بِبَقِيَّةِ الظَّنِّ الَّذِي لَمْ يَاْمُرْ سُبْحَانَهُ بِاجْتِنَابِهِ؟ بَلْ اَمَرَ بِمُلَاحَقَتِهِ وَلَوْ بِخَيْطٍ رَفِيعٍ مِنْ اَجْلِ الْوُصُولِ اِلَى الْحَقِيقَة؟ وَلَايَكُونُ ذَلِكَ اِلَّا بِفَرْضِ الرَّقَابَةِ الصَّارِمَةِ عِنْدَ حُصُولِ الشَّكِّ وَعَلَى مَبْدَاٍ شَرْعِيٍّ صَحِيحٍ وَهُوَ سُؤَالُ الْمُخْتَلِسِ مِنْ اَيْنَ لَكَ هَذَا؟ ثُمَّ مَايُدْرِينَا اَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ هُوَ الَّذِي قَامَ بِالِاخْتِلَاسِ بِنَفْسِهِ ثُمَّ اتَّهَمَ مَنِ ائْتَمَنَهُ وَوَثِقَ بِهِ؟ ثُمَّ مَايُدْرِينَا اَنَّ صَاحِبَ الْمَالِ قَامَ بِذَلِكَ الِاخْتِلَاسِ مِنْ اَجْلِ اَنْ تُعَوِّضَ عَلَيْهِ شَرِكَاتُ التَّاْمِينِ هَذَا الِاخْتِلَاسَ الْمَزْعُوم؟ ثُمَّ مَايُدْرِينَا اَنَّ هُنَاكَ تَوَاطُئاً بَيْنَ صَاحِبِ الْمَالِ وَبَيْنَ مَنِ ائْتَمَنَهُ عَلَى هَذَا الِاخْتِلَاس؟ نَعَمْ اَخِي وَاَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً آخَر؟ فَلَوْ اَنَّكَ اَدْخَلْتَ اِنْسَاناً مَا تَثِقُ فِيهِ اِلَى حَدِيقَةِ بَيْتِكَ اَوْ اِلَى بُسْتَانِكَ؟ ثُمَّ ذَهَبْتَ مِنْ اَجْلِ تَحْضِيرِ فِنْجَانٍ مِنَ الشَّايِ اَوِ الْقَهْوَةِ لَهُ؟ فَغَافَلَكَ خِلْسَةً وَاخْتَلَسَ شَيْئاً مِنَ الثّمَارِ عَلَى الْاَشْجَارِ وَقَطَفَهَا وَاَكَلَ مِنْهَا؟ فَهَلْ نُفْتِي بِقَطْعِ يَدِهِ وَلَوِ اخْتَلَسَ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الثّمَارِ وَخَبَّاَ مِنْهَا فِي جُيُوبِهِ وَاَخَذَهَا مَعَهُ اِلَى بَيْتِه؟ نَعَمْ اَخِي لَايُمْكِنُنَا اَنْ نُفْتِيَ بِذَلِكَ حَتَّى وَلَوْ كَانَ لِاَمْوَالِكَ حِرْزٌ وَاقِي فِي بَيْتِكَ اَوْ حَدِيقَتِكَ فَسَرَقَ مِنْهَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ ائْتَمَنْتَهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ ائْتِمَانَكَ لَهُ هُوَ حِرْزٌ وَاقِي لَهُ اَيْضاً يُنْجِيهِ مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ وَاِنْ كَانَ لُايُنْجِيهِ مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة؟ فَلِمَاذَا يَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي؟ لِاَنَّ ائْتِمَانَكَ لَهُ وَوُثُوقَكَ فِيهِ هُوَ الْحِرْزُ الْوَاقِي الْاَقْوَى بِكَثِيرٍ مِنْ حِرْزِ الثّمَارِ اَوِ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ الَّذِي كُنْتَ تَحْتَفِظُ بِهِ فِيه؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّهُ يَنْجُو مِنَ الْقَطْعِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّكَ حِينَمَا اَدْخَلْتَهُ اِلَى بَيْتِكَ ائْتَمَنْتَهُ وَوَثِقْتَ بِهِ؟ وَهَذَا مَعْنَاهُ اَنَّكَ جَعَلْتَ مِنَ الْمُخْتَلِسِ حِرْزاً وَاقِياً لِبَيْتِكَ وَمَكْتَبِكَ وَشَرِكَاتِكَ وَاَمْوَالِك؟ فَاِذَا اَفْتَيْنَا بِقَطْعِ يَدِهِ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّنَا نَعْتَدِي كَمَا يَعْتَدِي السَّارِقُ عَلَى هَذَا الْحِرْزِ الْوَاقِي لِاَمْوَالِك؟ وَلِذَلِكَ لَايُمْكِنُنَا الْاِفْتَاءُ اِلَّا بِعُقُوبَةٍ تَعْزِيرِيَّةٍ لِلْمُخْتَلِسِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُول{لَيْسَ عَلَى الْاَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْاَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى اَنْفُسِكُمْ اَنْ تَاْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ اَوْ مِنْ بُيُوتِ اَوْ اَوْ اَوْ اَوْ اِلَى اَنْ قَالَ سُبْحَانَهُ اَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ(مِنْ خَزَائِنِ الْاَمْوَالِ فِي الشَّرِكَاتِ وَالْمَكَاتِبِ وَالْبُيُوتِ الَّتِي ائْتَمَنَكُمْ صَاحِبُ الْمَالِ عَلَيْهَا بِدَلِيلِ اَنَّهُ اَعْطَاكُمْ مَفَاتِحَهَا؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ كَوْنَهُ اَعْطَاكُمْ مَفَاتِحَهَا؟ يُوحِي بِاَنَّهُ سَمَحَ لَكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ مُلْكِيَّتِهَا وَشَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهَا؟ وَهَذِهِ هِيَ بِالضَّبْط اَلشُّبْهَةُ الْقَوِيَّةُ الَّتِي تَجْعَلُ الْمُخْتَلِسَ يَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ لِيَدِهِ وَهِيَ مُلْكِيَّتُهُ لِهَذِهِ الْمَفَاتِح؟ لِاَنَّ مُلْكِيَّتَهُ لَهَا تُوحِي بِاَنَّهُ حُرٌّ فِي شَيْءٍ مِنَ التَّصَرُّفِ بِخَزَائِنِهَا وَاِنْ كَانَ مَحْدُوداً؟ ثُمَّ يَقُولُ سُبْحَانَه{اَوْ صَدِيقِكُمْ(فَاِذَا ائْتَمَنْتَ صَدِيقَكَ اَخِي عَلَى اَمْوَالِكَ؟ فَلَيْسَ عَلَيْهِ جُنَاحٌ اَنْ يَاْكُلَ شَيْئاً مِنْ هَذِهِ الْاَمْوَالِ اِذَا احْتَاجَ اِلَيْهَا؟ اِلَّا اِذَا بَلَغَ اَكْلُهُ حَدَّ الْاِسْرَاف؟ بدليل قوله تعالى{كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَاتُسْرِفُوا اِنَّهُ لَايُحِبُّ الْمُسْرِفِين؟ وَهَذِهِ هِيَ الشُّبْهَةُ الْاُخْرَى اَيْضاً وَالَّتِي تَمْنَعُ الْقَطْعَ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ مُسْرِفاً اَوْ لَمْ يَكُنْ مُسْرِفاً فَقَدْ يَكُونُ مُحْتَاجاً؟ وَلِذَلِكَ يُكْتَفَى مَعَهُ بِعُقُوبَة تَعْزِيرِيَّة شَدِيدَة اِذَا اَخَذَ الْاَمْوَالَ وَصَرَفَهَا بِاِسْرَافٍ وَتَبْذِير؟ وَبِعُقُوبَةٍ تَعْزِيرِيَّةٍ خَفِيفَة اِذَا اَكَلَ مِنَ الطَّعَامِ بِاِسْرَافٍ كَعُبُوسِكَ فِي وَجْهِهِ اَخِي مَثَلاً لماذا؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَاْخُذِ الْاِذْنَ مِنْكَ مِنْ اَجْلِ الْاِسْرَافِ لِنَفْسِهِ اَوِ الزِّيَادَةِ لِيُطْعِمَ غَيْرَهُ مِنْ اَوْلَادِهِ الْمُحْتَاجِينَ مَثَلاً؟ وَخَاصَّةً اِذَا كُنْتَ اَخِي لَاتَمْلِكُ طَعَاماً كَافِياً لِاِطْعَامِهِ وَاِطْعَامِ زَوْجَتِكَ وَاَوْلَادِكَ؟ فَجَاءَ وَاَكَلَهُ كُلَّهُ وَلَمْ يُبْقِ لَكُمْ شَيْئاً؟ فَهَذَا الطَّعَامُ الْفَقِيرُ بِحَاجَةٍ اِلَى اِذْنٍ مِنْكَ؟ وَلَوْلَا وُجُودُ الْعَوْرَاتِ فِي الْبُيُوت مَاكَانَ بِحَاجَةٍ اِلَى اِذْنِكَ فِي طَعَامِ ضِيَافَتِهِ الَّذِي يَكْفِيهِ هُوَ فَقَطْ مِنْ دُونِ اِسْرَاف؟ وَالطَّعَامُ عَوْرَةٌ مِنَ الْعَوْرَات؟ وَلِذَلِكَ فَهُوَ بِحَاجَةٍ اِلَى هَذَا الْاِذْنِ فِي جَمِيعِ الْاَحْوَال بِدَلِيلِ هَذِهِ الْآيَة وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَبِالْوَال ِدَيْنِ اِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى؟ اِلَى اَنْ قَالَ سُبْحَانَهُ وَابْنِ السَّبِيل( وَهُوَ الضَّيْف الْمُقِيم؟ وَهُوَ اَيْضاً الْمُسَافِرُ الْمُنْقَطِعُ؟ وَكِلَاهُمَا ضَيْفٌ عِنْدَكَ يَااَخِي لَهُ حَقٌّ عَلَيْكَ؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَه( وَهَذَا يَحْتَاجُ اِلَى تَفْصِيلٍ اَكْثَرَ لَاتَتَّسِعُ الْمُشَارَكَةُ لَه؟ وَالْخُلَاصَةُ اَنَّنَا لَانُفْتِي بِالْقَطْعِ لِلْمُخْتَلِسِ عَمَلاً بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اِدْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ مَااسْتَطَعْتُمْ] ؟ وَاَرْجُو اخي اَنْ تَقَرَاَهَذِهِ المشاركة اَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ حَتَّى تَفْهَمَهَا؟ فَاِنْ صَعُبَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْهَا فَاسْاَلِ الْعُلَمَاءَ الْمُخْتَصِّين؟ نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا الْخَطْفُ فَلَهُ اَحْوَال؟ فَاِنْ كَانَتْ سَيِّدَةٌ مَا مَثَلاً وَاقِفَةٌ وَهِيَ تَحْتَضِنُ حَقِيبَةَ يَدِهَا بِقُوَّةٍ اِلَى صَدْرِهَا؟ فَجَاءَ الْخَاطِفُ وَخَطَفَهَا مِنْهَا رَغْماً عَنْهَا ثُمَّ جَرَى بِهَا رَاكِضاً؟ فَهَذَا لَايَنْجُو مِنْ قَطْعِ يَدِهِ اِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الْمَطْلُوبَة فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَة؟ اِلَّا اِذَا اتَّهَمَتْهُ هَذِهِ السَّيِّدَةُ اَمَامَ النِّيَابَةِ الْعَامَّةِ اَوِ الشَّرِطَةِ بِقَوْلِهَا اَخَذَ مِنِّي الْحَقِيبَة وَلَمْ تَقُلْ سَرَقَ مِنِّي؟ فَاِذَا قَالَتْ اَخَذَ مِنِّي فَاِنَّهُ يَنْجُو مِنَ الْقَطْعِ وَلَايَنْجُو مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة؟ وَاَمَّا اِذَا قَالَتْ سَرَقَ مِنِّي فَاِنَّهُ لَايَنْجُو مِنْ قَطْعِ يَدِهِ فِي الدَّوْلَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ الَّتِي تُقِيمُ حُدُودَ الله؟ نَعَمْ اَخِي وَاَضْرِبُ لَكَ مِثَالاً آخَر؟ لَوْ اَنَّ سَيِّدَةً مَا تَمْشِي بِاسْتِهْتَارٍ وَهِيَ تُمْسِكُ حَقِيبَةَ يَدِهَا بِاسْتِهْتَارٍ وَبِخِفَّةٍ دُونَ اَنْ تَقْبِضَ عَلَيْهَا بِقُوَّة؟ فَجَاءَ خَاطِفٌ وَخَطَفَ مِنْهَا الْحَقِيبَةَ وَاَخَذَ يَجْرِي بِهَا؟ فَاِنَّهُ يَنْجُو مِنْ عُقُوبَةِ الْقَطْعِ سَوَاءٌ قَالَتْ اَخَذَ مِنِّي اَوْ قَالَتْ سَرَقَ مِنِّي لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ لَمْ يَخْطِفْ حَقِيبَتَهَا مِنْ حِرْزٍ مَكَانِيٍّ قَوِيٍّ كَصَدْرِهَا الَّذِي تَضُمُّهَا اِلَيْه؟ وَاِنَّمَا خَطَفَهَا مِنْ مَكَانٍ ضَعِيفٍ حَمَلَتْ بِهِ حَقِيبَتُهَا وَهُوَ يَدُهَا؟ فَاسْتِهْتَارُهَا هَذَا جَعَلَهَا تَثِقُ بِالْمَارَّةِ جَمِيعاً اَنَّهُمْ لَنْ يُؤْذُوهَا؟ فَوُثُوقُهَا هَذَا وَائْتِمَانُهَا لِلْمَارَّةِ عَلَى اَغْرَاضِهَا هُوَ الشُّبْهَةُ الَّتِي تَمْنَعُ تَطْبِيقَ حَدِّ السَّرِقَةِ عَلَى الْخَاطِفِ الَّذِي خَطَفَ حَقِيبَتَهَا وَاِنْ كَانَ لَايَنْجُو مِنَ الْعُقُوبَةِ التَّعْزِيرِيَّة؟ وَلِذَلِكَ نَقُولُ لِهَذِهِ السَّيِّدَة مَاالَّذِي يَدْعُوكِ اِلَى اتِّهَامِ النَّاسِ بِالسَّرِقَةِ اِنْ كُنْتِ تَثِقِينَ فِيهِمْ وَتَاْتَمِنِينَهُمْ؟ فَاِذَا كُنْتِ مُسْتَهْتِرَةً فِي ثِقَتِكَ بِالنَّاسِ؟ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّكِ تَثِقِينَ بِهِمْ خَبْطَ عَشْوَاءَ كَيْفَمَا اتَّفَق؟ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّكِ مُسْتَهْتِرَةٌ فِي الْحِفَاظِ عَلَى حَقِيبَتِكِ وَاَغْرَاضِكِ الشَّخْصِيَّةِ وَمُقْتَنَيَاتِكِ؟ فَعَفْواً سَيِّدَتِي؟ فَلَا يُمْكِنُنَا نَحْنُ اَيْضاً اَنْ نَكُونَ مَسْتَهْتِرِينَ فِي اَعْضَاءِ النَّاسِ وَنَقْطَعَ اَيْدِيَهُمْ وَلَوْ خَطَفُوا مِنْكِ مَاخَطَفُوا؟ فَلَا تَلُومِينَ اِلَّا نَفْسَكِ قَبْلَ اَنْ تَلُومِي غَيْرَكِ؟ نَعَمْ اَخِي وَاَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً آخَر؟ لَوْ اَنَّكَ تَبِيعُ فِيمَا يُسَمَّى بَسْطَة فِي السُّوق؟ فَجَاءَ خَاطِفٌ وَاَخَذَ مِنْ اَغْرَاضِكَ مَايُسَاوِي قِيمَةَ رُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبِي بِقُوَّتِهِ الشِّرَائِيَّةِ فِي اَيَّامِنَا ثُمَّ هَرَبَ وَجَرَى بِهَا؟ وَلَكِنَّ النَّاسَ تَمَكَّنُوا مِنَ الْقَبْضِ عَلَيْه؟ فَهَلْ يُقْطَع؟ طَبْعاً لَا يَااَخِي؟ لِاَنَّ الْبَسْطَةَ الَّتِي تَفْرِشُهَا فِي الطَّرِيقِ اَوْ عَلَى عَرَبَةٍ مَكْشُوفَة؟ لَيْسَ لَهَا حِرْزٌ وَاقِي يَحْمِيهَا؟ وَاَمَّا اِذَا كُنْتَ اَخِي تَبِيعُ الْحُلْوِيَّاتِ مَثَلاً عَلَى عَرَبَةٍ مُغْلَقَةٍ بِبَيْتٍ زُجَاجِيٍّ يَحْمِيهَا مِنَ الذُّبَاب؟ فَجَاءَ اِنْسَانٌ وَخَطَفَ مِنْهَا مَجْمُوعَةً مِنْ عُلَبِ الْبَقْلَاوَة الْمَخْتُومَة مَثَلاً؟ فَسَوَاءٌ قَامَ بِكَسْرِ الزُّجَاجِ اَوْ لَمْ يَكْسِرْهُ؟ فَاِنَّهُ يُقْطَعُ اِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا الْمَالِيَّة مُحْتَرَمَة؟ اِلَّا اِذَا كَانَ جَائِعاً؟ وَاِلَّا اِذَا اتَّهَمَهُ بِائِعُ الْحَلْوَى بِقَوْلِهِ اَخَذَ مِنِّي وَلَمْ يَقُلْ سَرَقَ مِنِّي الْحَلْوَى فَلَايُقْطَعُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ؟ وَلَايُقْطَعُ اَيْضاً اِذَا كَانَ شَرِيكاً لِبَائِعِ الْحَلْوَى فِي مَاِلِهِ وَتِجَارَتِهِ؟ وَلَايُقْطَعُ اَيْضاً اِذَا كَانَ اَبَاً اَوِ ابْناً لِبَائِعِ الْحَلْوَى كَمَا سَيَاْتِي؟ نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ يُقْطَعُ بِالشُّرُوطِ الشَّرْعِيَّةِ الْمَطْلُوبَةِ مَنْ قَامَ بِالْخَطْفِ مِنْ بَسْطَةٍ مَفْرُوشَةٍ عَلَى مَدْخَلِ مَحَلٍّ تِجَارِيٍّ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْمَحَلَّ التِّجَارِي لَهُ حِرْزٌ وَاقِي يَحْمِيهِ مِنْ حَوْلِهِ وَهُوَ جُدْرَانُه وَلَوْ لَمْ يَكُنْ يَحْمِيهِ عِنْدَ الْمَدْخَل لِمَاذَا؟ لِاَنَّنَا اِذَا اَفْتَيْنَا بِعَدَمِ الْقَطْعِ بِسَبَبِ عَدَمِ وُجُودِ الْحِرْزِ الْوَاقِي عِنْدَ الْمَدْخَلِ؟ فَكَيْفَ السَّبِيلُ اِلَى اَنْ يَعْرِضَ الْبَائِعُ بِضَاعَتَهُ اَمَامَ النَّاس؟ فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّنَا نُحَارِبُ الْبَائِعَ فِي لُقْمَةِ عَيْشِهِ وَهَذَا لَا يَقُولُ بِهِ عَاقِل؟ وَلِذَلِكَ فَاِنَّنَا نُفَضِّلُ اَنْ نَقْطَعَ يَدَ الْخَاطِفِ السَّارِقِ الْخَائِنِ اِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ عَلَى اَنْ نُحَارِبَ الْبَائِعَ الشَّرِيفَ الْعَفِيفَ فِي لُقْمَةِ عَيْشِهِ الْحَلَال؟ فَاِذَا اَرَدْتَّ اَخِي الْبَائِعَ اَنْ تَتَفَضَّلَ عَلَى السَّارِقِ بِشَرَفِكَ وَعَفَافِكَ فَلَايَكْفِي؟ فَتَفَضَّلْ عَلَيْهِ بِاِحْسَانِكَ اَيْضاً؟ وَلَاتَقُلْ اَمَامَ الشَّرِطَةِ سَرَقَ مِنِّي؟ بَلْ قُلْ اَخَذَ مِنِّي؟ وَبِذَلِكَ يَنْجُو السَّارِقُ مِنْ قَطْعِ يَدِهِ؟ وَاِلَّا فَاِنَّهُ رُبَّمَا يَنْتَقِمُ مِنْكَ يَوْماً مِنَ الْاَيَّامِ شَرَّ انْتِقَام؟ لِاَنَّكَ كُنْتَ السَّبَبَ فِي حِرْمَانِهِ عُضْواً عَزِيزاً غَالِياً عَلَيْهِ وَهُوَ يَدُهُ الَّتِي يَاْكُلُ وَيَشْرَبُ بِهَا اَوْ يَدُهُ الْيُسْرَى الَّتِي يَقُومُ بِتَنْظِيفِ شَرْجِهِ بِهَا عِنْدَ الدُّخُولِ اِلَى الْمِرْحَاض؟ وَهَذِهِ هِيَ نَصِيحَتِي لَكَ اَخِي وَذَنْبُكَ عَلَى جَنْبِكَ اِنْ لَمْ تَفْعَلْ وَخَاصَّةً اِذَا كُنْتَ تَعِيشُ فِي دَوْلَةٍ اِسْلَامِيَّةٍ تُقِيمُ حُدُودَ اللهِ وَلَكِنَّهَا مُسْتَهْتِرَةٌ لَاتَاْمَنُ فِيهَا عَلَى حَيَاتِكَ بِسَبَبِ ضَعْفِ الْاَجْهِزَةِ الْاَمْنِيَّةِ الْمُسْتَاْجَرَةِ وَرَقَابَتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَكُنْ يَوْماً مِنَ الْاَيَّام عَلَى مُسْتَوى الْاَمَلِ وَالتَّفَاؤُلِ وَالطُّمُوحِ الشُّعَيْبِي الْمُوسَوِي الْمَطْلُوبِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَاْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْاَمِين{اِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي( فَمَا بَالُكَ اَخِي اِذَا كُنْتَ تَعِيشُ فِي دَوْلَةِ الْعِصَابَاتِ وَالْمِيلِيشْيَات؟وَ مَعَ ذَلِكَ اَقُولُ لَكَ اَخِي اِنَّ لِي كَلَاماً آخَرَ وَوُجْهَةَ نَظَرٍ اُخْرَى مُخْتَلِفَة اَرْجُو اَنْ تُتَابِعَهَا فِي نِهَايَةِ الْمُشَارَكَة؟ وَاَرْجُو مِنْكَ اَنْ تَخْتَارَ مِنْ كَلَامِي مَاتَقْتَنِعُ بِهِ وَيَرْتَاحُ اِلَيْهِ قَلْبُك؟ فَلَسْتُ مَعْصُومَةً مِنَ الزَّلَل؟ وَاَرْجُوكَ اَخِي اَنْ تَاْخُذَ مِنْ مُشَارَكَتِي وَتَرُدَّ عَلَيْهَا بِمُشَارَكَةٍ اُخْرَى بِعُنْوَان اَلرَدُّ عَلَى الْاُخْتِ غُصُون؟ نَعَمْ اَخِي فَمَاهِيَ قِصَّةُ هَذِهِ السَّرِقَة؟ وَمَتَى يُقَامُ حَدُّ السَّرِقَة؟ وَمَاهِيَ شُرُوطُ اِقَامَتِه؟ نَعَمْ اَخِي وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَنِ الشَّرْطِ الْاَوَّلِ وَهُوَ اَنْ تُقْطَعَ يَدُ السَّارِقِ اِذَا سَرَقَ قِيمَةً مَالِيَّةً مُحْتَرَمَةً فِي اَيَّامِنَا تُسَاوِي الْقُوَّةَ الشِّرَائِيَّةَ لِرُبْعِ دِينَارٍ ذَهَبِي فِي اَيَّامِ رَسُولِ الله؟ فَلَايَجُوزُ شَرْعاً قَطْعُ يَدِ السَّارِقِ بِاَقَلَّ مِنْ هَذِهِ الْقِيمَةِ بَلْ يُقْطَعُ بِمَا يُسَاوِيهَا اَوْ اَكْثَرَ مِنْهَا؟ نَعَمْ اَخِي وَاَمَّا الشَّرْطُ الثَّانِي الَّذِي يَجْعَلُ يَدَ السَّارِقِ مُبَاحَة بِشَرْط اَنْ يَجْتَمِعَ مَعَ الشُّرُوطِ الْاُخْرَى السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَة وَاَرْجُو اَلَّا اَكُونَ قَدْ نَسِيتُ مِنْهَا شَيْئاً؟ فَهُوَ اَنْ يَكُونَ السَّارِقُ مُكَلَّفاً؟ بِمَعْنَى اَنْ يَكُونَ السَّارِقُ بِالِغاً عَاقِلاً رَاشِداً؟ فَمِنَ الْجَائِزِ اَنْ يَكُونَ السَّارِقُ غَيْرَ مُكَلَّفٍ اَصْلاً كَالْمَجْنُونِ مَثَلاً؟ وَاَمَّا الصَّبِيُّ اَوِ الطّفْلُ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الِاحْتِلَامِ؟ فَلَا نَقُولُ عَنْهُ فَاقِدَ الْعَقْلِ؟ وَاِنَّمَا نَعْتَبِرُهُ قَاصِراً عَقْلِيّاً؟ بِمَعْنَى اَنَّ لَدَيْهِ قُصُوراً عَقْلِيّاً؟ وَلِذَلِكَ فَهُوَ مُكَلَّفٌ؟ لِاَنَّهُ رُبَّمَا يُمَيِّزُ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ قَبْلَ اَنْ يَبْلُغَ الِاحْتِلَامَ اَوْ تَبْلُغَ الْحَيْضَ؟ وَاَمَّا الْمَجْنُونُ فَهُوَغَيْرُ مُكَلَّف؟ لِاَنَّ مَنَاطَ اللهِ فِي التَّكْلِيفِ هُوَ الْعَقْلُ؟ وَهُوَ قَاصِرٌ عِنْدَ الطّفْلِ وَالْكَبِيرِ غَيْرِ الرَّاشِدِ وَمَفْقُودٌ عِنْدَ الْمَجْنُون؟ وَلِذَلِكَ فَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّف؟ نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ سِنَّ الرُّشْدِ لَايُقَامُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ مِنْ حَدِّ السَّرِقَةِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ مُكَلَّفاً؟ وَاِنَّمَا يُعَاقَبُ عُقُوبَةً تَعْزِيرِيَّةً كَالْاِصْلَاحِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْاَحْدَاثِ مَثَلاً؟ لِاَنَّ لَدَيْهِ مِنَ الْقُصُورِ الْعَقْلِيِّ الَّذِي قَدْ يَمْتَدُّ بِهِ اِلَى سِنّ 25 سنة؟ فَاِذَا احْتَجَّ عَلَيْنَا الْاِمَامُ الْاَعْظَمُ اَبُو حَنِيفَةَ بِاَنَّ مَنْ بَلَغَ 25 سَنَة قَدْ يَكُونُ جَدّاً وَلِذَلِكَ فَاِنِّي اَسْتَحِي اَنْ اَحْجُرَ عَلَيْهِ اِذَا كَانَ يُبَذّرُ اَمْوَالَهُ تَبْذِيرَ الشَّيَاطِين؟ فَاِنَّنَا نَقُولُ لَهُ رَحِمَكَ اللهُ اَيُّهَا الْاِمَامُ الْاَعْظَم وَطَيَّبَ اللهُ ثَرَاك؟ وَلَكِنَّ هَذَا لَايَمْنَع اَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ قُصُورٌ عَقْلِيٌّ حَتَّى وَلَوْ كَانَ جَدّاً؟ بِدَلِيلِ اَنَّهُ يُبَذّرُ اَمْوَالَهُ تَبْذِيرَ الشَّيَاطِينِ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَال؟ نَعَمْ اَخِي فَلَوْ اَنَّ مَجْنُوناً سَرَقَ مِنْكَ؟ فَاِذَا كَانَ لِهَذَا الْمَجْنُونِ مَالٌ؟ فَاِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ لِيَعُودَ عَلَيْكَ بِمَا سَرَقَ مِنْكَ؟ وَلَكِنْ لَايُقَامُ عَلَيْهِ حَدُّ السَّرِقَة لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّف؟ لِمَاذَا غَيْرُ مُكَلَّف؟ لِاَنَّهُ مَجْنُون؟ وَلِاَنَّ الْعَقْلُ مَنَاطُ التَّكْلِيفِ بِمَعْنَى اَسَاسُ التَّكْلِيفِ عِنْدَ الله؟ وَالْاَسَاسُ عِنْدَ الْمَجْنُونِ مَفْقُود؟ نَعَمْ اَخِي فَكُلَّمَا كَانَ عَقْلُكَ كَبِيراً؟ كَانَتْ مَسْؤُولِيَّتُكَ عِنْدَ اللهِ اَعْظَم؟ فَاِذَا شَكَرْتَ اللهَ عَلَى نِعْمَةِ الْعَقْلِ الَّتِي اَنْعَمَهَا عَلَيْكَ؟ فَاِنَّكَ تَكُونُ بِذَلِكَ اَفْضَلَ مِنَ الْمَجْنُونِ عِنْدَ الله؟ بَلْ اَنْتَ الْقِلَّاوِي عِنْدَ الله وَلَيْسَ الْمَجْنُون؟ وَاِنْ كُنْتُ لَااُحَبِّذُ كَلِمَةَ قِلَّاوِي الَّتِي يَقُولُهَا الْعَوَام وَخَاصَّةً مِنَ الْمُتَصَوِّفَة الْحَمْقَى الْاَغْبِيَاء؟ بَلْ اِنَّ الصَّوَابَ اَنْ نَقُولَ رَبَّانِي وَلَيْسَ قِلَّاوِي؟ نَعَمْ اَخِي فَاِذَا سَخَّرْتَ عَقْلَكَ وَذَكَاءَكَ لِلْفَسَادِ اَوْ لِلشَّرِّ؟ فَاِنَّكَ سَتَتَمَنَّى يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَوْ كُنْتَ فِي الدُّنْيَا مَجْنُوناً غَيْرَ مُكَلَّفٍ حَتَّى تَنْجُوَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ كَمَا يَنْجُو الْمَجْنُون؟ نَعَمْ اَخِي فَالْعَقْلُ نِعْمَةٌ كُبْرَى مِنْ نِعَمِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ وَلِذَلِكَ لَايَجُوزُ الِاعْتِدَاءُ عَلَى الْعَقْلِ بِسَبَبِ الْغَيْبُوبَة كَاَنْ تَشْرَبَ مَاحَرَّمَهُ اللهُ مِنَ الْخَمْرِ وَالْمُخَدِّرَاتِ وَالتَّدْخِينِ وَغَيْرِهَا؟ لِاَنَّهَا تَسْتُرُ الْعَقْلَ وَتَجْعَلُهُ ضَائِعاً فِي مَتَاهَاتٍ مِنْ غَيْبُوبَةِ الشَّيْطَانِ عَنْ ذِكْرِ اللهِ لَاتَدْرِي اَخِي مَتَى سَتَصْحُو مِنْهَا؟ فَقَدْ يُدْرِكُكَ الْاَجْلُ وَلَمْ تَصْحُ مِنْهَا بَعْدُ؟ وَلِذَلِكَ حَرَّمَ الْاِسْلَامُ الْخَمْرَ؟ لِاَنَّهُ يُؤَدِّي اِلَى غَيْبُوبَةِ الْعَقْلِ وَتَعْطِيلِ هَذِهِ النِّعْمَةِ الْكُبْرَى وَهِيَ الْعَقْل؟ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ خَمْراً؟ لِاَنَّهَا بِسَبَبِ سُكْرِهَا تُخَامِرُ الْعَقْلَ بمعنى تَسْتُرُ الْعَقْلَ وَتُغَطّيهِ وَتَحْجُبُهُ وَتَجْعَلُهُ فِي غَيْبُوبَة؟ كَمَا اَنَّ الْحِجَابَ الشَّرْعِيَّ مِنَ الْخِمَارِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؟ لِاَنَّهُ يُغَطّي الرَّاْسَ وَيَجْعَلُهُ كُلَّهُ اَوْ بَعْضَهُ فِي غَيْبُوبَةٍ عَنْ اَعْيُنِ النَّاس؟ نَعَمْ اَخِي فَاِذَا فَقَدْتَّ عَقْلَكَ؟ فَاِنَّ الْحَيَوَانَ يُصْبِحُ اَفْضَلَ مِنْكَ عِنْدَ الله؟ لِاَنَّ الْحَيَوَانَ تَضْبِطُهُ الْغَرِيزَة؟ وَاَمَّا اَنْتَ اَخِي فَلَا يَضْبِطُكَ اِلَّا عَقْلُك؟ فَلَوْ جَلَبْتَ اَخِي نَعْجَةً صَغِيرَةً وَوَضَعْتَهَا عَلَى سَطْحِ بَيْتِكَ؟ فَاِنَّهَا لَاتَرْمِي بِنَفْسِهَا اِلَى الشَّارِعِ؟ اِلَّا اِذَا رَمَيْتَهَا اَخِي بِنَفْسِكَ رَغْماً عَنْهَا؟ وَاَمَّا لَوْ وَضَعْتَ ابْنَكَ الطّفْلَ الصَّغِيرَ وَتَرَكْتَهُ يَحْبُو عَلَى السَّطْحِ؟ فَاِنَّهُ سَيَرْمِي بِنَفْسِهِ دُونَ اَنْ يَشْعُر لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الطّفْلَ اِنْسَان؟ وَالْاِنْسَانُ مِنَّا لَايَضْبِطُهُ وَلَايَحْمِيهِ اِلَّا عَقْلُهُ الْمُكْتَمِلُ نُمُوّاً؟ وَاَمَّا الطّفْلُ فَاِنَّ عَقْلَهُ غَيْرُ مُكْتَمِلٍ وَلَمْ يَنْمُو بَعْدُ وَيُعَانِي مِنَ الْقُصُورِ الْعَقْلِيِّ الَّذِي يَحْتَاجُ مَعَهُ اِلَى مَنْ يُرَاقِبُهُ مِنْ وَالِدَيْهِ وَغَيْرِهِمْ لِيَحْمِيَهُ مِنْ خَطَرِ الْمَوْتِ وَالسُّقُوط؟ وَاَمَّا الْغَرِيزَةُ فَاِنَّ اللهَ يَخْلُقُهَا مَعَ الْاِنْسَانِ وَالْحَيَوَانِ مَعاً؟ وَلَكِنَّهَا تَكُونُ ضَعِيفَةً جِدّاً عِنْدَ الْاِنْسَان؟ وَقَوِيَّةً جِدّاً عِنْدَ الْحَيَوَان؟ لِاَنَّ اللهَ خَلَقَ الْحَيَوَانَ حَتَّى يَعْتَمِدَ عَلَى غَرِيزَتِهِ بِالدَّرَجَةِ الْاُولَى وَاِنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ يُنَاسِبُه؟ وَاَمَّا الْاِنْسَانُ فَاِنَّ اللَهَ خَلَقَهُ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَعْتَمِدَ عَلَى عَقْلِهِ بِالدَّرَجَةِ الْاُولَى وَاِنْ كَانَتْ لَهُ غَرِيزَةٌ ضَعِيفَةٌ لَاتُنَاسِبُهُ غَالِباً وَقُصُورٌ عَقْلِيٌّ اَيْضاً لَايُنَاسِبُهُ مَبْدَئِيّاً حَتَّى يَكْتَمِلَ عَقْلُهُ وَيُصْبِحَ رَاشِداً؟ وَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي نَقُولُهُ اَنَّنَا نَتَجَاهَلُ دَوْرَ الْمَلَائِكَةِ الَّتِي تَحْمِي الْاِنْسَانَ صَغِيراً وَكَبِيراً بِاَمْرِ اللهِ لَهَا بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{لَهُ مُعَقّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ اَمْرِ الله(نَعَمْ نَحْنُ لَانُنْكِرُ ذَلِكَ؟ وَلَكِنَّ الْوَالِدَيْنِ لَايَسْتَطِيعَانِ اَنْ يَعْتَمِدَا اِلَّا عَلَى اللهِ وَحْدَهُ مِنْ اَجْلِ حِمَايَةِ طِفْلِهِمَا الصَّغِيرِ مِنْ خَطَرِ الْمَوْت؟ وَهَذَا الِاعْتِمَادُ عَلَى اللهِ لَايَمْنَعُهُمَا مِنَ الْاَخْذِ بِالْاَسْبَابِ وَالِاحْتِيَاطَاتِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ بِهَا مِنْ اَجْلِ حِمَايَةِ طِفْلِهِمَا؟ وَاِلَّا فَاِنَّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ لَايَاْتِي سَلِيماً عَلَيْهِمَا وَلَا عَلَى طِفْلِهِمَا فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَسْتَهْتِرَانِ فِيهَا فِي حِمَايَةِ طِفْلِهِمَا؟ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى [وَاِذَا اَرَادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلَا مَرَدَّ لَه(فَلَا الْمَلَائِكَة؟ وَلَا الْمُعَقِّبَاتُ مِنَ الْمَلَائِكَة؟ وَلَا الْجِنّ؟ وَلَا مُحَمَّد؟ وَلَا مُوسَى؟ وَلَاعِيسَى؟ وَلَامَرْيَمُ؟ وَلَافَاطِمَة؟ وَلَا شِيعْتَكْ فِي خَطَرْ يَاعَلِي؟ وَلَا الْحَسَنُ؟ وَلَا الْحُسَيْنُ؟ وَلَا الْاَئِمَّة الِاثْنَي عَشَرِيَّة؟ وَلَا اَحَدَ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللهِ اَبَداً يَسْتَطِيعُ اَنْ يَرُدَّ اِرَادَةَ اللهِ بِقَوْمٍ سُوءاً؟