المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نسبية العلم التجريبي ، و الرد على مغالطة الملحدين



أهــل الحـديث
14-03-2014, 12:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




كثيرا ما يستدل بعض الملاحدة ببعض النظريات و الفروض العلمية على باطلهم ، و كأن هذه النظريات أمور يقينية ، و في الحقيقة العلم التجريبي نسبي كما نص على ذلك أساطين العلم التجريبي كأنيشتاين وكلود برنار و برتراند راسل ديكارت و غاستون و غيرهم ، و يدل على ذلك ما يلي :

1- العلوم التجريبية تقوم على التجربة و هي في حقيقتها استقراء يراد منه الوصول إلى تعميم علمي وفق مبدأين أساسيين – كما يبين ذلك جون ستيوارت مل -: الأول مبدأ اطراد الحوادث و الثاني مبدأ العلية طريقة التلازم في الحضور و التلازم في الغياب و التغير النسبي و طريقة البواقي .

2- و مما سبق يتبين لنا بجلاء نسبية العلوم التجريبية ، و سبب نسبيتها :

أ****- أنها تقوم على الاستقراء الناقص و الاستقراء الناقص لا يفيد عند الفلاسفة و النظار إلا الظن – و يقوى هذا الظن بقدر شمول الاستقراء لجزئيات الظاهرة و استيعابها – ، و يجعل العلم لا يملك مبررا تجريبيا حول كل الظواهر التي يشملها القانون لأنه يدرس الجزء ثم يعمم على الكل .

ب-التعميم العلمي هو مجرد استنتاج لتكرار الظواهر مقترنة ، أما علميا فالمعلول لا يحتوي العلة الأمر الذي دفع دافيد هيوم يذهب إلى أن نتائج العلم ميتافيزيقية- و إن كنا نتحفظ على كلامه - و في ذلك يقول كانت : قد أيقضني دافيد هيوم من سبات عميق ، و هو نفسه ما يذهب إليه كلود برنارد إذ يقول : يجب أن نكون مقتنعين بأننا لا نملك العلاقات الضرورية الموجودة بين الأشياء إلا بوجه تقريبي كثيرا أو قليلا و أن النظريات التي نمتلكها هي أبعد من أن تمثل حقائق ثابتة بل هي حقائق جزئية مؤقتة
يقول ابن رشد: «وأما الترتيب الذي في العقل الذي فينا، فإنما هو تابع لما يدركه من ترتيب الموجودات ونظامها، ولذلك كان ناقصا جدا؛ لأن كثيرا من الترتيب والنظام الذي في الموجودات لا يدركه العقل الذي فينا.»

ج-التداخل الحاصل بين الاستقراء و الاستنباط و هو ما جعل برنار يعترف بصعوبة الفصل الدقيق بينها ، بل وصل إلى حد التساؤل إن كنا أمام نوعين متميزين من الاستدلال .
د- يقول غاستون باشلار : العلم الحديث في الحقيقة معرفة تقريبية لأن العلم مجال مفتوح حيث إن العقل البشري كلما تطور من خلال التجارب التي يقوم بها غير بنيته الفكرية و أدى ذلك إلى إحداث القطائع الابستمولوجية مع النظريات السابقة فالعلم هو تصحيح لخطأ طويل

3- قد يقول قائل: ... نعم ليست كل مضامين العلم الحديث على درجة واحدة من اليقين و الإحكام , لكن المحكم منها كثير و هو مثبت بالبراهين و الادلة المتراكمة و القطعية لا يصح وصفها بالنسبي بحجة أنها نتيجة المنهج التجريبي الذي يقوم على الاستقراء الناقص

قلت : هذا يقودنا إلى الكلام عن مناط النسبية في العلم التجريبي :

أ-ما خرج عن طور النسبية عند زيد قد لا يخرج عنه عند عمرو و في هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الرد على المنطقيين ص 14:
حينئذ فيقال كون العلم بديهيا أو نظريا هو من الأمور النسبية الإضافية مثل كون القضية يقينية أو ظنية إذ قد يتيقن زيد ما يظنه عمرو وقد يبده زيدا من المعاني ما لا يعرفه غيره إلا بالنظر وقد يكون حسيا لزيد من العلوم ما هو خبرى عند عمرو وإن كان كثير من الناس يحسب أن كون العلم المعين ضروريا أو كسبيا أو بديهيا أو نظريا هو من الأمور اللازمة له بحيث يشترك في ذلك جميع الناس وهذا غلط عظيم وهو مخالف للواقع.

ب-أدق العلوم التجريبية على الإطلاق – على التسليم بأن الرياضيات تجريبية كما يذهب إلى ذلك جون ستوارت ميل و غاليلي و غيرهما خلافا لكانت و لايبنز و رواد المدرسة العقلية – و التي كان يعتقد كثير من الناس بقطعيتها اهتز هذا الاعتقاد في نفوسهم بعد الانتقادات التي وجهها لوبتشيسكي و رينان لهندسة إقليدس ،
بل إن ديكارت في كتابه مبادئ الفلسفة ص 54 فتح باب الشك في الرياضيات فقال :
"لِمَ يمكن الشك أيضا في براهين الرياضة؟ ":
وبوسعنا أن نشك أيضا في جميع الأشياء التي بدت لنا من قبل يقينية جدا. بل نشك في براهين الرياضة وفي مبادئها وإن تكن في ذاتها جلية جلاء كافيا.
و قد سبق كل هؤلاء شيخ الإسلام فقال في درء التعارض 1/159 في سياق نقده للفلاسفة - المدرسة الكلاسيكية - :... فكلامهم في العلم الرياضي ـ الذي هو أصح علومهم العقلية ـ قد اختلفوا فيه اختلافاً لا يكاد يحصي، ونفس الكتاب الذي اتفق عليه جمهورهم ـ وهو كتاب المجسطي لبطليموس ـ فيه قضايا كثيرة لا يقوم عليها دليل صحيح، وفيه قضايا ينازعه غيره فيها، وفيه قضايا مبنية علي أرصاد منقولة عن غيره تقبل الغلط...

4- قد يعترض على ما سبق : بأنه يمكن مثلا لأي عاقل الشك في صحة قوانين الكهرباء المعروفة ....إلخ

أ-وجود هذه التطبيقات لا يعني صحة هذه النظريات بكل ما تحمله من تعميمات فقد تكون النظرية صحيحة من وجه خاطئة من وجه ، أو أنها تفسر جوانب من الظاهرة دون جوانب أخرى ، وكما لا يخفى عليك هندسة إقليدس ما زالت تدرس إلى اليوم و استفاد منها الناس في تطبيقات عديدة رغم نسبيتها ، و كذلك الشأن بالنسبة لفيزياء نيوتن ، بل حتى قوانين الحركة التي ذكرتها نسبية لأنها تقوم على أن مدارات الكواكب دائرية و قد اكتشف أنها إهليجية .

ب-الذي يهمنا من نتائج العلم التجريبي هو جانبها البراغماتي – النفعي -.