المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بطلان مقولة (مذهب العامي مذهب مفتيه)



أهــل الحـديث
08-03-2014, 12:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم






الحمد لله الذي بعث في الأميين رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين

أما بعد ,,,

من الأقوال الفاسدة التي تبناها بعض الأصوليين والفقهاء تقسيم المسلمين إلى عوام ومجتهدين وأن العامي لا يمكنه فهم الأدلة وبالتالي لا يسأل عنها ويوجبون عليه تقليد إمام أو شيخ وهذا ما يعبرون عنه بمقولة (مذهب العامي مذهب مفتيه)

وأحد الذين تبنوا هذا القول والذي ربما كان سببا في انتشاره وسار على دربه الكثيرون بعده الإمام الشاطبي

قال الشاطبي في كتابه المشهور (الموافقات في أصول الشريعة):
فتاوى المجتهدين بالنسبة إلى العوام كالأدلة الشرعية بالنسبة إلى المجتهدين.
والدليل عليه أن وجود الأدلة بالنسبة إلى المقلدين وعدمها سواء؛ إذ كانوا لا يستفيدون منها شيئا؛ فليس النظر في الأدلة والاستنباط من شأنهم، ولا يجوز ذلك لهم ألبتة وقد قال تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
والمقلد غير عالم؛ فلا يصح له إلا سؤال أهل الذكر، وإليهم مرجعه في أحكام الدين على الإطلاق، فهم إذن القائمون له مقام الشارع، وأقوالهم قائمة مقام أقوال الشارع. انتهى
(الموافقات - ج 5 ص 337 )

هذا كلام باطل أسأل الله أن يغفر للشاطبي

فإن هذا الكلام يجعل الفقيه ُمشَرِّع وينزله منزلة النبي الذي يوحى إليه

وهذا الكلام يؤصل لاستمرار جهل الجهال فالتقليد جهل وليس بعلم
وقوله أن عموم المسلمين لا يمكنهم أن يفهموا الأدلة القرآنية والهدي النبوي وليس لهم ذلك البتة قول في غاية الوهن لا يعتد به البتة
فالقرآن والسنة هم الحجة وليس أقوال المجتهدين والله تعالى وهب كل إنسان عقل وقلب يفقه به
قال تعالى "إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"
وقال تعالى "هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ"
وقال تعالى في ذم من لا يتفقه "وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا"
وقال تعالى مادحا العلماء "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ" وهذا حصر للخشية في العلماء فغير العالم لا يخشى والخشية واجبة وعليه فالعلم واجب
وفي الحديث الصحيح "مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ" ومفهومه أن من لم يتفقه في الدين لم يرد الله به خيرا والتفقه بالطبع يكون بفهم الأدلة لا بالتقليد

ويستحيل على الله أن يأمر الناس بالتفقه ثم لا يعطيهم الآلة التي تمكنهم من ذلك فلو حصل لكان هذا ظلما وليس من الحكمة تعالى الله عن ذلك

وقال تعالى ذاما الذين اتبعوا أئمتهم الذين ضلوا "وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا"
ولو كان التقليد جائز لما عذب الله هؤلاء لأنهم قلدوا كبراءهم ومن وثقوا فيهم

هذا الدين نزل على أمة أمية
قال تعالى "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ"
نزل على الأعراب والفلاحين وربات البيوت بل والأعاجم أيضا ونزل على الجن أيضا

وقوله تعالى "وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ"
فأولا: المقصود حسب ما جاء في التفاسير المشهورة سؤال أهل الكتب من الأمم السابقة عن الرسل الذين بعثوا قبل النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا جمبعا بشر ولم يكونوا ملائكة وهذا هو الراجح لدلالة السياق عليه
قال الإمام الطبري:
كما حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قوله ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) يقول فاسألوا أهل التوراة والإنجيل قال أبو جعفر : أراه أنا قال : يخبروكم أن الرسل كانوا رجالا يأكلون الطعام ، ويمشون في الأسواق اهــــ

قال ابن كثير:
ولهذا قال تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) أي : اسألوا أهل العلم من الأمم كاليهود والنصارى وسائر الطوائف : هل كان الرسل الذين أتوهم بشرا أو ملائكة؟ إنما كانوا بشرا ، وذلك من تمام نعم الله على خلقه; إذ بعث فيهم رسلا منهم يتمكنون من تناول البلاغ منهم والأخذ عنهم . اهــــــ

وقال القرطبي:
أي لم يرسل قبلك إلا رجالا . فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون يريد أهل التوراة والإنجيل الذين آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، قاله سفيان . وسماهم أهل الذكر ؛ لأنهم كانوا يذكرون خبر الأنبياء مما لم تعرفه العرب اهــــــ

ثانيا: ولو أخذنا بالقياس أو قلنا بتعميم الحكم في الآية عن سؤال من لا يعلم لمن يعلم فواضح أن السؤال الذي شرعه الله في الآية لأهل الكتاب هو سؤال عن روايتهم فقط لا عن اجتهادهم أو فتاواهم

وبالتالي فسؤال الجاهل بأمر إلى العالم به لابد أن يكون سؤال عن روايته لا عن رأيه , عن الدليل لا عن القول المجرد من الأدلة