المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صعوبة فهم علوم الحديث. الأسباب والعلاج (متميز جدا)



أهــل الحـديث
06-03-2014, 12:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




صعوبة فهم علوم الحديث
الأسباب... والعلاج




د.صالح يوسف معتوق
الأستاذ المشارك في الحديث وعلومه في كلية الدراسات الإسلامية والعربية في دبي.



(محذوف الحواشي تخفيفا , وأصله من المكتبة الشاملة)






مقدمة


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد.
فإن السنة النبوية هي المصدر الثاني للتشريع في الإسلام، ولولاها لأشكل علينا فهم كثير من النصوص القرآنية،وبها تمت النعمة،وكملت الشريعة الإلهية.
وإذا كان القرآن الكريم قد تكفل الله تعالى بحفظه؛فوصل إلينا بطرق لا يتطرق إليها أدنى شك أو شبهة،فإن حفظ السنة النبوية من الدخيل قد وُكل إلى الأمة التي وفقها الله تعالى إلى ذلك،ففتح على علمائها-بعد أن رأى إخلاصهم وجهودهم- أبواباً من علوم توثيق الأخبار والمرويات ودراسة الأسانيد والمتون، فتم جمع السنة وتدوينها، ودونت الضوابط والقواعد التي اتبعت في قبول الأخبار و ردها مما لم يكن معروفاً عند أرقى الحضارات آنذاك، وأُطلق على هذا العلم اسم علوم الحديث أو مصطلحه،وبات هذا العلم مفخرة يباهي بها علماء المسلمين جميع الأمم.
وبعد تدوين السنة وعلومها في مصنفات،باتت جهود العلماء منصبة على إيصال هذه الكتب إلى الأجيال التالية،وعلى التنقيح والضبط والتقعيد والتمحيص، وأضحى كل جيل يحمل مشاعل هذا العلم إلى من يليه، وقد يضيف لبنة جديدة، أو يدعم رأياً ويصوبه،أو يضعفه ويرده.

وكان كلما تقدم الزمن قل عدد العلماء الذين نذروا أنفسهم لهذا العلم، إلى أن أصبح في القرن الرابع عشر الهجري يعتبر من نوافل العلوم،ولا يدرس إلا دراسة سطحية تقتصر على حفظ التعريفات، وانصرف الطلبة بل العلماء أيضاً إلى الاشتغال بعلم الفقه،لحاجة الناس إليه في النوازل المستجدة،وطمعاً في منصب القضاء، وشاع عند هؤلاء المتأخرين مقولة: (إن علم الحديث نضج واحترق).
وأدت هذه المقولة إلى عزوف الطلبة عن دراسة علم لا مجال للنبوغ فيه، أو الزيادة عليه.
وفي النصف الثاني من القرن السابق عادت مظاهر الاهتمام بتدريس هذا العلم، فأنشئت كليات تدرس علوم السنة وعلوم القرآن وعلوم العقيدة،وعُرفت باسم كليات أصول الدين، وافتتحت في مرحلة الدراسات العليا تخصصات في كل علمٍ من العلوم المذكورة،وتخرج منها أناسٌ حملوا شهادات عالية (ماجستير ودكتوراة) في السنة وعلومها،وقاموا بتدريسها للطلبة في الكليات الشرعية بعد أن كان يقوم بذلك أي متخصص في علوم الشريعة عموماً،واعتبر هذا العلم علماً ضرورياً،ومتطلباً رئيساً لكل طالب جامعي في الدراسات الإسلامية،ينبغي أن يكون فيه متخصصون يتابعون مسيرة السابقين ويبنون عليها، وكان من نتائج هذا الاهتمام بروز أعلام ارتبطت أسماؤهم بجهودهم في خدمة علوم السنة تدريساً وتصنيفاً.
وبالرغم من هذه الجهود المشكورة في إعادة إحياء هذا العلم،إلا أنه ظهرت مشكلات في تدريسه،فإن كثيراً من الطلبة لم يفهموه،ولم يدركوا أهميته بالنسبة للعلوم الأخرى فدرسوه للنجاح فقط،وأُهمل ونُسي بعد ذلك،وشكا الطلبة من صعوبة هذا العلم،وعدم تمكنهم من استيعابه،واختلطت عليهم مفاهيمه وموضوعاته،وتناقل الطلبة هذه المشكلات،وورثوا لأخلافهم أن النجاح في هذا العلم يعتمد على حفظ المصطلحات لا على الفهم والاستنباط.
ومن المشكلات التي رافقت إحياء هذا العلم أيضاً ظهور فوضى في تصحيح الأحاديث وردها،واقتحامُ باب الاجتهاد في الحكم على الأحاديث من قِبل من لا أهلية له من المصنفين والمؤلفين الذين أعادوا دراسة ما اتفق السابقون على قبوله أو رده،فصححوا بعض ما رده الأئمة الأولون،وردوا بعض ما قبلوه، وولج هذا الميدان من لم يقرأ سوى كتاب واحد،أو بضعة كتب؛ولم يفهم مرادها،ولم يدرك مراميها،وغابت عنه دقائق هذا العلم وتحقيقات العلماء وتمحيصاتهم،فأصبح قراء هذه المصنفات في ضياع وحيرة بسبب هذه الفوضى.
ولا يجوز أن نرى هذه الصعوبات تواجه الطلبة ونقف مكتوفي الأيدي من غير أن نبذل جهوداً في إزالتها،ونبحث عن وسائل تساعدهم على استيعاب علوم الحديث،ونخلص الناس من تجرؤ من هب ودب على إصدار حكمه على الأحاديث،وعلى استباحة حِمى السنة بحجة مخالفتها للعقل من قِبل كل ناعق.
لذا كان من الأهمية بمكان عقد لقاءات وندوات ومؤتمرات،وإجراء حوارات ومناقشات،للدفاع عن السنة وعلومها،والذود عن حياضها،ولابد من إعداد بحوث ومقالات من قِبل أهل الاختصاص تضع حلولاً للمشكلات التي يعانى منها.
وآمل أن تكون هذه الندوة نواة لندوات ومؤتمرات تالية،وأن تكون النتائج والتوصيات التي ستصدر عنها محققة للأهداف المتوخاة إن شاء الله تعالى.
وبادئ ذي بدء أود أن أطرح بعض الأسئلة:
1- هل مقرر علوم الحديث ومصطلحه صعب أم لا؟
2- وهل هو أصعب من سائر العلوم؟
3- وهل صعوبة علم ما أمر مريب؟
4- وهل يفترض في كل علم أن يكون سهلاً للجميع؟
5- وهل هذه الشكوى حديثة أم قديمة؟
6- وما أسباب هذه الصعوبة ؟
7- وما الحلول المناسبة لهذه المشكلات ؟
هذا ما سأحاول الإجابة عنه في الصفحات التالية بإذن الله تعالى.