المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ



أهــل الحـديث
05-03-2014, 09:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


لقد سًألت مراراً وتكراراً عن المخرج المثالي للمشاكل والفتن التي تعاني منها حالياً أمتنا الإسلامية وعلى وجه الخصوص أمتنا العربية ، ولم أجد خيراً من قوله تعالى في الآية الحادية عشر من سورة الرعد ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) ، وعند تمعننا في معاني هذهِ الآية العظيمة وفي دلالاتها الحكيمة ، نجد بأنها تحتوي على الحل الأمثل والطريق الأفضل والدواء الشافي والسبيل التقي الصافي لكل المشاكل والأزمات والتقلبات التي تواجهها مجتمعاتنا المسلمة الحالية بشكل خاص والمجتمعات الإنسانية بشكل عام ، فرغبة الشعوب في التغيير الحقيقي إنما هو مطلب شرعي ، ولا يسعنى في هذا المقام سوى الرجوع إلى الكتاب الذي نشرته منذ زمن لأقتبس منه بعض السطور والكلمات ، حيث كتبت حينها :
فحقيقة التجديد والتطور تتمثل بكونها غريزة بشرية ناتجةعن إيمان الإنسان المطلق والكامل بأحقيته وجدارته في عزِ دائم ورخاء مستمر ونعيم لا حدود لهَ ، وهذا ما يدفعهُ على الدوام إلى التجديد فيما يمتلكهُ وتطوير ما يقدر عليه ، عساهُ بذلك يصل إلى مرحلة الرفاهية الدائمة والتي هي موجودة فعلاٌ ولكنه لا يعرف الطريق إليها . (إنتها الإقتباس)
إذاَ فلا مناص من مواجهة الحقيقة المتآصلة تلك والموجوده لدى كل البشر ، تبقى المشكله في طريقة التعامل معها وكذلك عملية الوصول إليها ، وهو ما نفهمه من الآية السابقة !
ولا يخفى على أحد أهمية هذا الموضوع بالذات ، خصوصاً عندما نعلم بأنًّ جُل الحروب وما صاحبها من دمار وقتل وتخريب للممتلكات العامة والخاصة إنما كان سببها تلك النزعة البشرية الجانحة نحو التغيير والتجديد أو التطور ، ولا نبالغ عندما نجزم بأنها كانت وما زالت السبب الرئيسي في فناء الحضارات الإنسانية العريقة التي نعرفها أو تلك التي لا نعرفها ، وعليه فمعرفة الطريق الصحيح للوصول إلى السبيل الأمثل للتغيير هو أهم ما يجب أن نسعى أليه بجدية وبجهد حقيقي ونية صادقة .
ولكي لا نغوص بالجدال والمناقشات المملة التي يطرحها الناس بدون علم ولا فهم ، نقول دعونا نعود إلى كتاب ربنا وآياته المحكمات ، لعلنا نجد ما يشفي صدورنا ويطفيء نار شوقنا لمعرفة الحقيقة المنشودة تلك ، فقوله ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) إنما جاء ليحسم أمر جنوح الإنسان الدائم إلى التغيير وبطريقة لا يختلف عليها إثنان ، حيث نفهم هنا بأن شروط نجاح أي تغيير حقيقيي هو بمباركة الله لهُ ، وهذهِ المباركة لا تتم إلا بشرط ، وهذا الشرط هو إستعداد المرء ليغيير ما بنفسه ، وعندها فقط يكون التغيير حقيقي ودائم .
مثالنا الحقيقي هو ذلك التغيير الكبير الذي حصل مع أُمًة العرب عند فجر الإسلام ، وكلنا يعلم علم اليقين بأنَّ العرب في زمن الجاهلية قد تغييروا تغييراً جذرياً وحقيقياً بل وكلياً وهم في زمن الإسلام ، فبعدما كانوا عرب متفرقين يقاتلون بعضهم بعض أصبحوا وحدة واحدة يقاتلون أعدائهم ويهزموهم الواحد بعد الآخر .
ناهيك عن أخلاقهم وعاداتهم وطباعهم وصفاتهم التي أصبحت مثالاً يحتذى بهِ لدى الناس جميعاً في زمن الإسلام ، وذلك بعدما كانوا منبوذون من الجميع في زمن الجاهلية ، والحديث في هذا الشأن يطول ويطول ، المهم هنا هو معرفتنا سبب ذلك التغيير الكبير ، ألا وهو كونهم قبلوا شرط تغيير ما بنفسهم وعملوا على ذلك بكل جد وإخلاص ، لتتم مشيئة المولى في تغييرهم إلى الأحسن والأفضل ، بل وجعلهم خير أمة أخرجت للناس دون منازع .
إذاً المطلوب هُنا من الأفراد والشعوب دون إستثناء أن يعملوا بقول الله عزَّ وجل في الآية الكريمة الآنفة الذكر ، وذلك ليتم تحقيق التغيير الأمثل لديهم نحو حياة كريمة مستقرة .
وعليه فأول الخطوات المطلوبة هُنا هي إعلان الأقران الراغبيين بالتغيير عن إستعدادهم لتغيير ما بأنفسهم أولاً وذلك بالقول والفعل وبكل إخلاص وحُسن نية ، وسوف يتم بعدها بإذن الله التغيير المطلوب ، هذا هو الحل الوحيد .
أما عن طريقة الإستعداد تلك فهي تتم بعدة خطوات ، أولها إتباع قول الله ورسوله والإنصياع لأوامر الحق سبحانه وتعالى ، ثانياً التخلي عن مطلب الزعامة ، ثالثاً قبول الآخر مهما يكون ، رابعاً القبول بالحلول المطروحة الهادفة لتحقيق المصالح المشتركة لدى الجميع ، وهناك المزيد ولكننا هُنا لا نريد أن نفرض أمر واقع وإنما الإصلاح قدر الإمكان وعليه يكون المهم هو البداية ، أما ما يأتي بعد ذلك فيتم الإتفاق عليه إن شاء الله وذلك بعد الموافقة على مبدأ وأُسس التغيير المطروحة .
والله من وراء القصد ، والسلام والأمان لشعوبنا إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته