المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إلى طلاب الإمارة



أهــل الحـديث
02-03-2014, 08:10 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد

أفما نظرت إلى طابور طلاب الإمارة؟

تنظر إليه فتجده طويلا جدا، كل شخص فيه يطمع أن يفوز بالإمارة من بين أقرانه كلهم ...

فهذا يزعم أنه يريد أن يعز الله به الإسلام، والثاني يزعم أنه يطمع أن يكون محرر المسجد الأقصى، والثالث يحلم بقطز وعين جالوت، والرابع يريد الإمارة بزعمه ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والخامس يزعم أنه يريد أن يصلح أحوال البلاد والعباد، ويتقدم بالبلاد إلى الثراء ومصاف الدول المتقدمة، والسادس والسابع والثامن و... و..

فياله من طابور أسود ! أما يدري أحد هؤلاء أنه إن اختير واحد للإمارة، فإنه لن يكون هو المختار ولا أحدا من أصحابه ! ماذا يكون حاله حينئذ من الغم والحزن، ما أقبح غم فوات الإمارة !

ثم ألم تنظر إلى الطابور الذي عن يمينه؟ ذاك الذي ما فيه إلا القليل، من اتبع الدين وصدق ما جاء به المرسلون، من جعل حياته في تعلم العلم وتعليمه والإخلاص لله، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وعدم المخالفة عن أمره، والصبر وإن كان مرا على الطاعة وعن المعصية، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ولا يخافون لومة لائم! ويدعون إلى الخير، ويزهدون في الدنيا، ويعبدون الله وحده مخلصين له الدين... فهم عبيد من عباد الله، لا يطمعون في زيادة على منزلة العبودية بل يرونها أسمى درجاتهم وأشرف منازلهم!

أفيظن أولئك طلاب الإمارة أن يساووا مع أولئك المخلصين؟ كلا وألف كلا، (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) ففي الوقت الذي كان فيه طالب الإمارة يحلم بقيادة الجيوش، كان المخلص يقوم الليل، وفي الوقت الذي كان فيه طالب الإمارة يدرس علوم السياسة وفن الحروب، كان المخلص يقدم لحياته ويدرس علوم الشرع ويدعو إلى الخير.. وفي الوقت الذي كان فيه طالب الإمارة يدعو بأن يؤمر، كان الآخر يدعوا (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما) وفي ذات الوقت الذي كان فيه الأول يقرأ سير القادة والكبراء معجبا بهم وإن كانوا كفارا محادين لله ورسوله، كان الثاني يقتدي ويتأسى بنوح وإبراهيم وموسى والنبي محمد صلى الله عليهم وسلم ...

والله يا عباد الله، لو صدق اللهَ أحدٌ منهم لصدقه الله، ولو كان أحد منهم يريد خدمة الدين وإعلاء كلمة الله حقا لنصره الله وأيده، ألم تسمعوا قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم * والذين كفروا فتعسا لهم وأضل أعمالهم) وأن الله تعالى قد نصر رسوله نصرا عزيزا، وأعلى شأنه في الدنيا والآخرة وملكه أمر العرب برمتهم، ثم تفضل سبحانه بأن جعل نصره لاحقا أيضا من اتبعه واقتفى أثره (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) أي ومن اتبعك من المؤمنين فإن حسبه الله أيضا، ولكن شهوة الإمارة وحب الرياسة مجبول في النفوس، علاوة على حب الشرف والظهور.

وإذا ما أتيت لأحدهم تقول له اتبع الرسول واقتف أثره، قال زماننا مختلف! والله ما أتينا إلا من قبل هذه الكلمة!

أفلم تروا أن الرب سبحانه لا يجامل ولا يحابي أحدًا؟ على مدى ثلاثمئة سنة مضت، لم ترتفع للمسلمين راية، وما زالوا من ذل إلى ذل أكثر منه! فإما طالب للإمارة جعلها كل همه، وإما مخالف عن أمر الرسول متبع لهواه!

وأكبر علامة على عدم صدق الزاعم أنه يريد نصرة الله وإعلاء كلمته: سوء عمله وقبحه، وكثرة عصيانه ومخالفته عن أمر الرسول، حتى إذا ما كلمه أحد قال: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر! الجهاد في سبيل الله! يا متخاذلين! يا ضالين! ولا أدري كيف نسي أن يلتفت التفاتة يسيرة إلى نفسه فينظر إلى حالها، يضلل غيره ويرى نفسه أكمل الناس منهجا، أفلم يعلم أن نفسه ربما كانت تتخذ ما تقول ذريعة لطلب شهوتها وملذاتها ورياستها؟ كما يقول العامة "يتاجر بالدين" ؟ والله سبحانه لا يخفى عليه شيء من أمر العبد، فليتق العبدُ اللهَ!

أجل يا عباد الله! كفانا طلبا للإمارة! كفانا مخالفة عن أمر الرسول، فلقد والله طال بنا الذل جدا، وتأخر والله نصر ربكم...

اصدقوا الله وادعوه بالرحمة والعفو (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا ... أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين)

فالله سبحانه هو القادر وحده على فك الكربة، ما أكبر خطأ من قال: (نحتاج رجلا مثل فلان!) بل ربما ظن بعض الناس نفسه ذلك الفلان!! والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يعلمون هذا الأمر جيدا، وأن النصر من عند الله العزيز الحكيم، فترى عمر بن الخطاب يعزل خالد بن الوليد لما كثر انتصاره على عدوه مخافة أن يفتتن الناس به!!
فكلاهما مخطئ: من ظن بغيره من البشر القدرة على تغيير الحال، ومن ظن بنفسه القدرة على تغيير الحال (وهذا أقبح). الله سبحانه يقول لرسوله (فإن حسبك الله هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين * وألف بين قلوبهم .. لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم * يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) وهذا يظن بنفسه القدرة على جمع الأمة ولم الشمل وإصلاح الحال!!! بئس الظن ما أقبحه!

كثرت والله ذنوبنا وتتابعت، ولئن لم يغفر لنا ربنا ويرحمنا نكن من الخاسرين، لا نهتدي إلى بغض الدنيا وحب الآخرة والجهاد في سبيل الله حتى يهدينا الله، ونحن والله مستبدلون لا محالة إلا أن يدركنا العفوُّ برحمة منه ومغفرة

اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعه واقتفى أثره إلى يوم الدين وسلم

(م د) أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - : قال : قلتُ : يا رسولَ الله ، ألا تَسْتَعْملُني ؟ قال : فَضَرَبَ بيدهِ على مَنْكِبي ثم قال : «يا أبَا ذَرٍّ ، إِنَّكَ ضَعيفٌ ، وإِنَّها أمَانَةٌ ، وإنها يومَ القيامةِ خِزيٌ وَنَدَامَةٌ ، إِلا مَنْ أَخذَها بِحَقِّها ، وَأدَّى الَّذِي عليه فِيهَا».
وفي رواية قال له : «يا أبا ذَرٍّ ، إِني أرَاكَ ضَعيفا ، وإني أحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسي ، لا تَأمَّرنَّ على اثْنينِ ، ولا تَوَلَّيَنَّ مَالَ يَتيمٍ».[ص:57]أخرجه مسلم . وأخرج أبو داود الثانية .

(خ م ت د س) عبد الرحمن بن سمرة - رضي الله عنه - : قال : قال لي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- : «يَا عَبدَ الرَّحمن ، لا تَسألِ الإِمَارَةَ ، فَإنَّكَ إنْ أُوتيتَها عَن مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إليها، وإن أُعْطيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسألَةٍ أُعِنْتَ عَلَيها»

(خ س) أبو هريرة - رضي الله عنه - : أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال : «إِنَّكم سَتَحرِصُونَ على الإمَارَةِ ، وسَتَكُونُ نَدَامَة يوم القيَامَةِ ، فَنِعْمَتِ المُرضِعَةُ ، وبِئْسَتِ الفَاطِمَةُ».