المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : توزيع الصدقات في المجتمع المسلم



أهــل الحـديث
02-03-2014, 12:00 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



توزيع الصدقات في المجتمع المسلم
قال تعالى "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل "(التوبة 60)
في هذه الآية أمران :
الأمر الأول :هذه هي مصارف الصدقات ،وهي مرتبة من الخاص إلى العام ،ومن الأهم إلى الأقل أهمية ،وقد حاز الفقراء على الأهمية المعنوية وارتبطوا أولا بالصدقات لأن علتهم دائمة ومؤرقة ، ولأنهم بأمس الحاجة إلى الأموال لانعدام مصادر تمويلهم ، ولأنهم كثر ومنتشرون في المجتمع ،ومساعدتهم تقضي على الكثير من الأمراض التي يسببها فقرهم ،فهدف مساعدتهم أسمى من مساعدة غيرهم ، يليهم المساكين ، وهم تقريبا مثلهم ، ومساعدتهم أولى ، يليهم العاملون عليها لأنها مصدر دخلهم ومنها يعيشون ،ثم المؤلفة قلوبهم ، و دخولهم في الإسلام يقويه ويقوي المجتمع ،يليهم العبيد ، فهم أحسن حالا من الفقراء ، وبقاؤهم عبيدا لا يهدم المجتمع ،ثم المدينون ، لأن حالتهم مؤقتة ، وهم قلة ، ثم يأتي الجهاد في سبيل الله لأن مصادر تمويله كثيرة ، وليس بدائم ، وأخيرا يأتي ابن السبيل لأنها حالة قد تكون معدومة وخاصة في وقتنا الحاضر ، ولهذا جاء متأخرا كثيرا عن بقية المصارف ، وهكذا نجد أن القرآن الكريم قد بدأ بمعالجة العلة الدائمة والمهمة والمزعجة التي تؤرق المجتمع وأخر العلة المؤقتة غير الدائمة لأنها لا تؤذي المجتمع ،أي أنه عالج الأوضاع بحسب الأهمية والأولوية ،وهو تشريع سماوي لا تدخُّل للأفراد فيه ، لأن الله عليم خبير حكيم .
الأمر الثاني : استخدم القرآن الكريم حرف الجر "اللام"مع الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم ،لأنها تفيد الملكية والمذكورون يمتلكون مال الصدقات ويتصرفون فيه كما يريدون ،ولكنه قال"في الرقاب "لأن العبيد لا يملكون المال بل يملكه مولاه ،فالمال يصرف في هذا الشأن ،وكذلك الحال "في الغارمين"لأن المدين لا يملك المال ،ومن يملكه هو الدائن ،فالمال يصرف في شأن المدينين ، وكذلك الحال "في سبيل الله "فالمال يصرف في سبيل الله ،أي في هذا الشأن ،فيكون ثمنا للسلاح والجياد ......إلخ ،و ابن السبيل كذلك حاله فهو لا يعطى من المال أو المؤن أو وسيلة السفر إلا ما يسد حاجته ويوصله إلى بلده ،فكأنه لا يملك المال ولا يستطيع التصرف به كبقية الأفراد المالكين ،وإنما يصرف المال حصرا في هذا الشأن ،وبهذا يترتب الكلام بحسب الأهمية المعنوية عند المتكلم ،واللغة تقوم على الاحتياج المعنوي ،والإنسان يتحدث تحت رعاية منزلة المعنى وعلاماتها المانعة من اللبس.