المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إطلالة سريعة على شاهد نحويّ (ولكنّ عمّي الطيب الأصل والخال)



أهــل الحـديث
26-02-2014, 08:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




إطلالة سريعة على شاهد نحويّ

من أيام مضت كنت أتصفّح كتاب (منهج السالك إلى أوضح المسالك للأشموني) ومرّ بي شاهد في العطف بالرفع على اسم (إن) وهو: (وَلكِنَّ عَمَّى الطَّيِّبُ الأصْلِ وَالَخْالُ)، وتأمّلت في هذا الجملة وهذا التركيب كثيراً، وأحببت أن أجرّد الجملة الإسمية من الناسخ وأحكامه، وأعيده إلى أصلها وكانت النتيجة كالتالي:
إذا كانت الجملة بعد التجريد: (عَمَّى الطَّيِّبُ الأصْلِ وَالَخْالُ). فكيف يكون الإعراب؟
ملاحظة (1): الأصل في الخبر أن يكون نكرة، كما يجوز أن يكون الخبر معرفة شريطة أن يُؤمن التباس الخبر بالوصف، وهنا اللبس غير مأمون لأننا لا ندري عمّا يريد القائل أيصف العم أم يريد الإخبار عنه، وكما لا يخفى عليكم يجوز في الشعر مالا يجوز في النثر، وفي مثل هذه الحال يتعيّن علينا الإتيان بضمير الشأن.
وعليه يكون تقدير الكلام: (عمي هو الطيب الأصل والخالُ).
ويكون الإعراب كالتالي:
عَمَّى: مبتدأ أول وهو مضاف. والياء ضمير متصل في محر جر مضاف إليه.
وضمير الشأن (هو): في محل رفع مبتدأ ثاني.
الطَّيِّبُ: خبر المبتدأ الأول وهو مضاف، وجملة المبتدأ الثاني وخبرها في محل رفع خبر المبتدأ الأول.
الأصْلِ: مجرور بالإضافة.
وَ:حرف عطف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
الَخْالُ: معطوف على المبتدأ الأول.
ونظيره: قوله تعالى: (والله هو السميع)، السميع خبر اتفاقا، ولكن الخلاف في (هو) على قولين:
القول الأول مبتدأ ثان و(السميع) خبره، والجملة الإسمية خبر المبتدأ الأول (وهو الأقوى، والله أعلم).
القول الثاني: أن ضمير لفصل، والسميع خبر المبتدأ.
ملاحظة (2) ضمير الشأن: ضمير الغائب أو الغائبة المنفصل، أو المتصل، لا يعود على شخص معين، وإنما على الجملة التي تقع بعده سواء أكانت اسمية، أو فعلية، على النقيض من سائر الضمائر الأخرى التي تعود على الاسم الذي تقدمها.
ويأتي ضمير الشأن في أول الجملة، وتكون الجملة بعده مفسرة له، وموضحة لمعناه، ولها محل من الإعراب خلافا لسائر المفسرات، وقد سمي بهذه التسمية لأنه يدل على الحال، أو الحديث الذي سيدور في الجملة بعده.
ملاحظة (3): النكرة أصل المعرفة لأنّ التعريف طارئ على التنكير، وعليه يكون الأصل أن المضاف نكرة والمضاف إليه معرفة. مثل: (جامعة الإمام).
وجاءت الجملة على خلاف الأصل، فكان المضاف إليه (الأصلِ) معرفة، وعليه يجب أن التنبيه على أنه يجوز أن إدخال الألف واللام على المضاف ولكن بشرط أن تدخل الألف واللام على المضاف إليه كذلك، وإلى هذا أشار ابن مالك في الألفية بقوله:


وَوصْلُ (أل) بِذَا المُضَافِ مُغتَفَر ... إن وُصِلَت بِالثَّانِ ك (الجعدِ الشَّعَر)



أو بِالَّذِي لهُ أضِيفَ الثَّانِي ... ك (زَيدٌ الضَّاربُ رَأسِ الجانِي)

خاتمة: نظير الشاهد الحالي أن تقول: (قلمي ألأصيلُ الصنعةِ والدفترُ).
ومن الخطأ تركيب جمل كالجملة التالية: (قلمي الأزرقُ الناصعُ النقيُّ الخالصُ الجميلُ... والدفترُ)، إذا أكملت فلن تنتهي حتى تأتي بخبر كأن يكون نكرة تحكم بها على المبتدأ كأن تقول: (قلمي الأزرق الناصع النقي الخالص جميلٌ والدفترُ) وإلا ستدور في حلقة لا تنتهي ...والله أعلى وأعلم.