المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تنبيهات لما في الإكثار من الطعام من آفات!!!



أهــل الحـديث
25-02-2014, 03:20 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي (وفقه الله)، نفعنا الله وإياكم بها.


تنبيهات لما في الإكثار من الطعام من آفات!!!

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد و على آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إن من كمال الشريعة وسماحتها أيها الأحبة الكرام أنها أمرت العبد بالاعتناء بجسده وإعطاءه ما يحتاج إليه، ليتقوى على عبادة الله ربه سبحانه،فقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم:"ولِنَفسِك عَلَيْكَ حَقًّا...".رواه البخاري (1867)من حديث أبي جحيفة -وهب بن عبد الله السوائي- (رضي الله عنه).
يقول الحافظ ابن حجر –رحمه الله-:" (لنفسك عليك حقا )أي : تعطيها ما تحتاج إليه ضرورة البشريه مما أباحه الله للإنسان من الأكل والشرب والراحة التي يقوم بها بدنه،ليكون أعون على عبادة ربه".فتح الباري(3 /38)
أيها الأحبة الكرام إنه لا يُذم من اعتنى بظاهره وبذل الأسباب في تقوية بدنه!وإنما يُعاب من جعل ذلك غايته وأكبر همه!! حتى أصبح يهتم بالأكل والشرب والنوم!واشتغل بسبب ذلك عن الغاية الحميدة التي خلقه الله جل وعلا وأوجده من أجلها،وهي عبادة الله سبحانه وحده لا شريك، قال تعالى:(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) [ الذاريات:56]
يقول الإمام ابن القيم-رحمه الله-:"فأخبر أنه لم يخلق الجن والإنس لحاجة منه إليهم، ولا ليربح عليهم، لكن خلقهم جودا وإحسانا ليعبدوه فيربحوا هم عليه كل الأرباح".طريق الهجرتين ( ص222)
إن من الآفات التي نعاني منها اليوم!أيها الأفاضل ما نراه ونسمعه من مجاوزة بعض المسلمين! الاعتدال في المأكل والمشرب! مع أن هذا الفعل!أيها الكرام،ليس من سمات أهل الطاعة والإيمان!وإنما هو من صفات أهل الكفر والطغيان!فعن عبد الله بن عمر–رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم:"الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ في معي وَاحِدٍ وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ في سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ".رواه البخاري (5078) واللفظ له،ومسلم (2060)
يقول القاضي عياض –رحمه الله- :"أراد به أن المؤمن يقل حرصه وشرهه على الطعام،ويبارك له في مأكله ومشربه، فيشبع من قليل،والكافر يكون كثير الحرص شديد الشره، لا مطمح لبصره إلا إلى المطاعم والمشارب كالأنعام".مرقاة المفاتيح الملا علي قاري(8 /92)
ويقول الحافظ ابن حجر –رحمه الله-:" قيل المراد حض المؤمن على قلة الأكل إذا علم أن كثرة الأكل صفة الكافر، فإن نفس المؤمن تَنفر من الاتصاف بصفة الكافر، ويدل على أن كثرة الأكل من صفة الكفار". فتح الباري (9/539)
أيها الأحبة الأفاضل إن في المبالغة في الأكل والشرب تبعات سيئة!وعواقب وخيمة! تعود على قلب العبد وبدنه!!.
ومن ذلك فساد القلب وقسوته!!!.
يقول الإمام سفيان الثوري –رحمه الله-:" إياكم والبِطْنَةُ–امتلاء البطن من الطعام- فإنها تُقسي القلب".حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني(7/78)
ويقول الإمام الفضيل بن عياض-رحمه الله-:"خصلتان تُقسيان القلب كثرة النوم،وكثرة الأكل".شعب الإيمان للبيهقي (5/42)
ويقول الإمام ابن رجب –رحمه الله- :"قلة الغذاء توجب رقة القلب،وقوة الفهم وانكسار النفس،وضعف الهوى والغضب، وكثرة الغذاء يوجب ضد ذلك".جامع العلوم والحكم (1/426)
وكذلك أيضا الإكثار من النوم!!.
يقول عثمان بن زائدة –رحمه الله- كتب إلى سفيان الثوري –رحمه الله- :"إن أردت أن يصحَّ جسمك، ويقلَّ نَومك فاقلل من الأكل". حلية الأولياء ( 7/7)
ومن ذلك ذهاب الخشوع في الصلوات!والكسل عند أداء العبادات!!وغير ذلك من الآفات!.
يقول ابن الجوزي -رحمه الله-:"الشَّبع يُوجب تَرَهُّل البدن وتكاسله، وكثرة النوم وبلادة الذهن، وذلك بتكثير البخار في الرأس حتى يغطي موضع الفكر والذكر، والبطنة تذهب الفطنة وتجلب أمراضا عسرة. ومقام العدل أن لا يأكل حتى تصد الشهوة وأن يرفع يده وهو يشتهي الطعام، ونهاية المقام الحسن قوله عليه الصلاة والسلام:(ثُلُثٌ طَعَامٌ، وَثُلُثٌ شَرَابٌ، وَثُلُثٌ نَفَسٌ)،والأكل على مقام العدل يصح البدن، ويبعد المرض، ويقلل النوم، ويخفف المؤنة". غذاء الألباب شرح منظومة الآداب للسفاريني (2/90)
فينبغي أن نعلم أيضا أيها الكرام أن المعدة هي بيت الداء!والتقليل من الطعام هو رأس الدواء!لذا قال رسولنا صلى الله عليه وسلم:"ما مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا من بَطْنٍ،بِحَسْبِ بن آدَمَ أُكُلَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كان لَا مَحَالَةَ، فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ، وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ".رواه الترمذي(2380)من حديث المقدام بن مَعْدِي كَرِبَ-رضي الله عنه-،وصححه الشيخ الألباني –رحمه الله-.
يقول الإمام الحسن البصري –رحمه الله-:"يا بن آدم كل في ثلث بطنك، واشرب في ثلث بطنك، ودع الثلث للتفكر والتنفس".البخلاء للجاحظ (2/21)
ويقول الإمام ابن القيم –رحمه الله-:"فإن البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس وعرض له الكرب والتعب بحمله بمنزلة حامل الحمل الثقيل". زاد المعاد (4/ 18)
ويقول الحافظ ابن رجب –رحمه الله- :"وهذا الحديث أصل جامع لأصول الطب كلها وقد روى أن ابن أبي ماسويه الطبيب لما قرأ هذا الحديث في كتاب أبي خيثمة قال: لو استعمل الناس هذه الكلمات لسلموا من الأمراض والأسقام ولتعطلت المارشايات ودكاكين الصيادلة،وإنما قال هذا لأن أصل كل داء التُّخم".جامع العلوم والحكم (1/425)
فهذه أيها الأحبة بعض الأمراض والآفات التي يصاب بها من يُكثر من الأكل والشراب!!، فعلينا أن تجتنب المبالغة في الطعام! وهذا لا يعني أننا نُّفرط فيه مطلقا!وإنما ينبغي علينا أن نأخذ منه بقدر الحاجة!ولننوي الاستعانة به على عبادة الله جل وعلا.
يقول الحليمي –رحمه الله- :"وكل طعام حلال فلا ينبغي لأحد أن يأكل منه ما يثقل بدنه ، فيحوجه إلى النوم،ويمنعه من العبادة،وليأكل بقدر ما يسكن جوعه،وليكن غرضه من الأكل أن يشتغل بالعبادة ويقوى عليها".شعب الإيمان للبيهقي ( 5/22)
ولنحذر أشد الحذر من الإسراف والتبذير! فإن في ذلك معصية للرحمن و طاعة للشيطان!وقد حذر من ذلك المنان،فقال سبحانه:(إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين وكان الشيطان لربه كفورا) [ الإسراء:27].
يقول الشيخ السعدي –رحمه الله-:"لأن الشيطان لا يدعو إلا إلى كل خصلة ذميمة، فيدعو الإنسان إلى البخل والإمساك، فإذا عصاه دعاه إلى الإسراف والتبذير،والله تعالى إنما يأمر بأعدل الأمور وأقسطها ويَمدح عليه،كما في قوله عن عباد الرحمن الأبرار:(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما)[الفرقان:67]".تفسير السعدي(ص456)
يقول الإمام ابن كثير-رحمه الله- :"(والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) أي: ليسوا بمبذرين في إنفاقهم فيصرفون فوق الحاجة، ولا بخلاء على أهليتهم فيقصرون، فلا يكفونهم بل عدلا خيارا وخير الأمور أوسطها لا هذا ولا هذا (وكان بين ذلك قواما )".تفسير ابن كثير(3 /326)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يُوفقنا وإياكم لكل ما يحبه ويرضاه من الطاعات، وأن يُجنبنا جميع ما يُبغضه من المنكرات، وكذلك كل ما يكون سببا للمحرمات، فإنه سبحانه ولي ذلك ورب الأرض والسموات.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أبو عبد الله حمزة النايلي