المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : نعم الله علينا



شبل الاسلام
16-07-2007, 09:56 AM
نعم الله -تعالى- منها خاصة، ومنها عامة.
فأذكركم بالعامة التي هي عامة لنوع الإنسان، من ذلك:
نعمة السمع، ونعمة البصر، ونعمة القلب، ونعمة اللسان، ونعمة اليدين، ونعمة الرجلين.
هذه نعم عامة، عامةٌ لكل البشر؛ ولكن الرب -سبحانه وتعالى- يحاسب عليها؛ وذلك لأنه ورد في حديث: أنه يجاء برجل قد عمل أعمالا صالحة كأمثال الجبال، فيقول الله: أدخلوه الجنة برحمتي. فيقول: يا ربّ؛ بل بعملي. فيقول الله: حاسبوا عبدي على نعمي. فيقول الله لنعمة البصر: خذي حقك، فلا تكاد أن تذر من أعماله شيئا وكذا لنعمة السمع، وكذا لنعمة النطق، وكذا نعمة العقل، فتنفذ أعماله ولو كانت أمثال الجبال فيقول الله: أدخلوا عبدي النار. فيقول: بل يا ربِّ أدخلني الجنة برحمتك .
إذا حاسبنا الله -تعالى- على نعمة السمع، ما لها قيمة؟ أليس لها قيمة؟**** إذا حاسبنا الله -تعالى- على نعمة البصر ما أعظمها من نعمة، يعرف ذلك من فقدها، إذا فقد الإنسان نعمة البصر، طفق يتلمس الحيطان، لا يدري أين الطريق، يعرف عظم هذه النعمة، وكذلك إذا فقد نعمة النطق، إذا فقد نعمة العقل. لا شك أنها نعم عظيمة؛ ولكن الكثير من الناس غافلون عنها، ويحسبونها من تمام الخلق.
معلوم أنها من تمام الخلق، وأن الله -تعالى- أعطى البهائم السمع، وأعطاها البصر؛ ولكن منَّ على الإنسان بهذه النعم التي منها نعمة النطق، ومنها نعمة العقل، ومنها بقية النعم كنعمة القوة؛ فأمر العبد بكونه عاقلا أن يشكر الله على هذه النعم، وأن يؤدي حقها.
فكيف يكون شكرها؟
لا شك أن شكرها: يكون باستعمالها في طاعة الله. وكفرها: يكون باستعمالها في معصية الله.
فمن كان نظره اعتبارا، إذا نظر ببصره في كل شيء أخذ منه عبرة وموعظة فإنه شاكر، ومن كان نظره وبصره يصرفه في قراءة نافعة مفيدة وفي كتابة مفيدة كان شاكرا لنعمة البصر، وكذلك إذا نظر فيما يسره فشكر الله -تعالى- وحمده.
وأما إذا كان ينظر إلى الدنيا نظر اغتباط؛ فإنه لم يشكر نعمة البصر؛ ولذلك قال تعالى: وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيه ؛ أي لا تنظر إلى الدنيا نظر غبطة، ولا تنظر إلى ما متع الله به أهل الدنيا وأهل زينتها نظر احترام، ولكن انظر إليهم نظر رحمة؛ أوتوا عقولا، وما أوتوا ذكاء.
كذلك -أيضا- نعمة البصر، كيف يكون شكرها؟
عرفنا أنه يشكر الله -تعالى- بأن لا يقع بصره إلا على الشيء الذي ينفعه، وأما إذا نظر إلى العورات، ونظر إلى الصور الملهية، ونظر إلى الدنيا وزينتها، ونظر إلى ما يلهيه، ويشغله؛ فإنه يكون بذلك كافرا لهذه النعمة.

أما السمع فإنه نعمة عظيمة؛ وذلك لأنه بهذا السمع يميز بين الأصوات، ويعرف ما ينفعه وما يضره، ويسمع الأشياء التي يستفيد منها في حياته، في أمور دينه وفي أمور دنياه؛ فهي نعمة كبيرة، نعمة عظيمة.
فشكر هذه النعم: أن لا يستمع إلا إلى الشيء الذي يفيده؛ يستمع إلى المواعظ، ويستمع إلى النصائح، ويستمع إلى العلوم النافعة، ويستمع إلى الكلام الطيب الذي يستفيد منه. فإذا فعل ذلك؛ فإنه ممن شكر هذه النعمة.
كيف يكون كفر نعمة السمع؟
إذا كان يستمع إلى اللهو واللعب، إذا كان يستمع إلى الغيبة والنميمة، إذا كان يستمع إلى الغناء والزمر، إذا كان يستمع إلى الطرب وإلى اللهو ونحوه. لا شك أنه يكون بذلك ممن كفر هذه النعمة، فيكون قد كفر نعمة الله إذا استعملها في الشيء الذي لا ينفعه؛ بل يضره.

كذلك -أيضا- نعمة اللسان، ونعمة القلب هي التي تميز بها الإنسان، تميز بها عن الحيوان، البهائم تسمع وتبصر؛ ولكن الإنسان ينطق ويعقل؛ فبذلك تميز عن غيره، فخصيصة الإنسان وتميزه بهاتين الخصلتين؛ ولذلك يقال: إن الإنسان بأصغريه: قلبه ولسانه.
فـإنمـا المـرء بأصغـريـه ليـس بـرجليـه ولا يديـه
لسـانـه وقلبــه المـركب في صدره وذاك خلـق عجب

تميز الإنسان بهذا اللسان، وبهذا القلب؛ لسان الفتى نصف، ونصف فؤاده؛ فلم يبق إلا صورة اللحم والدم، فإذا يعرف هذه النعمة، ويعرف أن النطق نعمة عظيمة تميز بها؛ بحيث إنه يعبر عن حاجته، ويتكلم بما في قلبه، ويسأل، ويستفسر، ويستفتي، ويتكلم مع من حوله، ويدعو من يريده، وهكذا -أيضا- يعقل ما يسمع، ويفقهه ويتعقله، فيعرضه على عقله.
الكلام الذي يسمعه، يدخل في أذنيه ويصل إلى عقله، فيكون بذلك العقل واللسان هما ميزة الإنسان، فمتى يكون شاكرا لها؟ ومتى يكون كافرا لها؟
لا شك أن الذي يتكلم بالفحش، وبالكلام السيئ، يتكلم بالسب والشتم واللعن، والقذف والعيب، والثلب، يتكلم بالغيبة، والنميمة، يتكلم بالكفر، وبالسخرية، والاستهزاء بأهل الخير، أنه قد كفر هذه النعمة.
وأما الذي يتكلم بذكر الله -تعالى- وشكره، ويتكلم بالعلم الذي ينتفع به، ويتكلم بدعاء الله، وبتلاوة كتابه، ويتكلم بالنصيحة، والإرشاد والخير الذي يعلمه؛ فإنه يكون قد شكر هذه النعمة.
نقول: إن هذه نعم عامة؛ ليست خاصة بالمسلمين؛ بل إنها عامة للمسلمين وللكفار؛ ولكن يتميز المسلمون بأنهم يشكرون الله -تعالى- على هذه النعم، فيستعملونها في طاعته.
نذكر بعد ذلك نعما عامة؛ ولكن تكون في بعض الناس دون بعض، وتتميز بلادنا -والحمد لله- بكثير منها.
فنقول: من النعم العامة: نعمة الأمن الذي يكون في بعض البلاد دون بعض، يكون في بلاد الكفر، ويكون في بلاد الإسلام، وهذه نعمة كبيرة، إذا أمن الإنسان على بدنه، وأمن على ماله، وأمن على أهله، وأمن على ولده، وأمن على دينه؛ فإنها نعمة كبيرة، يجب أن يعترف الإنسان بها، وأن يشكر الله عليها، وأن يعترف بفضل الله؛ حيث أمنه هذا الأمن؛ قال الله تعالى: وَعَدَ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئا أي: أنهم قبل الإسلام كانوا في خوف؛ يسلب بعضهم بعضا، ويقتل بعضهم بعضا، وينهب بعضهم بعضا، وكذلك -أيضا- في كثير من الدول، وفي كثير من البلاد، يكون الخوف دائما معهم، لا يأمن الإنسان على النقود معه، ولا يأمن على نفسه، ولا يأمن على محارمه؛ يتخطفه الناس، يقتلونه كأهون شيء، ولا يبالون، يسلبونه ماله الذي معه، ولا يبالون؛ ولكن إذا كانت البلاد آمنة؛ فإن الإنسان يأمن أمنا تاما؛ وذلك ببركة الإسلام، ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك بقوله: لا تقوم الساعة؛ حتى ترى الظعينة ترحل من عدن ؛ حتى تطوف بالبيت ، لا تخاف إلا الله وأن الرجل يسافر من أقصى البلاد إلى أدناها، لا يخاف إلا الله، أو يخاف السباع، والذئاب على غنمه، يعني: أن البلاد آمنة.
وسبب الأمن: هو الإيمان فإن الإيمان إذا وقر في القلب؛ فإن الإنسان يعرف أن ربنا -سبحانه وتعالى- حرم علينا دماء بعضنا على بعض، وأموال بعضنا على بعض؛ يتذكروا قول النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول -صلى الله عليه وسلم- كل المسلم على المسلم حرام؛ دمه، وماله، وعرضه ويقول: إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام .
فإذا تذكر ذلك.. عرف أنه واجب عليه أن يحترم إخوته المسلمين؛ بسبب إيمانهم وإسلامهم، ولا يتعرض لهم، ولا يأخذ شيئا من أموالهم، ولا يتعدى على دمائهم، ولا على محارمهم، فعند ذلك يأمن كل أحد؛ فيسافر وحده، ولا يخاف إلا الله، ويكون معه أمواله، ولا يخشى إلا الله، لا يخشى من لص، ولا يخشى من عدو، ولا غير ذلك؛ فهذا كله بسبب الإيمان الذي تمتلئ به القلوب، متى امتلأ القلب بالإيمان بالله -تعالى- فإن البلاد تكون آمنة، وقد عد الله -تعالى- الأمن في الدنيا والأمن في الآخرة، وذكر له أسبابا؛ مثل قول الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ وامتن على قريش بقوله: وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ لما أنهم كان الناس يتخطفون من حولهم، وهم آمنون: أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ؛ فكذلك ذكر البلد الذي هو مكة وسماه البلد الأمين؛ ذلك لأن أهله يحترمون العرب، يحترمون هذا البلد لقداسته.
فإذا كان الإنسان يعرف أن ربه -سبحانه- حرم عليه العدوان؛ فإنه يهزم أو يفطم نفسه عن التعدي، وعن الاعتداء، وعن أخذ شيء بغير حق، فهذا من نعم الله تعالى.


نعمة الصحة وكيفية شكرها









من نعم الله: الصحة هذه -أيضا- تكون عامة لكثير من البلاد؛ المسلمين والكفار؛ نعمة الصحة، ونعمة القوة، تتذكرون ما ورد في الحديث: نعمتان مجحودتان: الصحة في الأبدان، والأمن في الأوطان يعني: أن كثيرا من الناس لا يتذكر هذه النعمة، ولا يعرف قدرها، لا يعرف قدرها إلا من فقدها.
فالصحة في الأبدان نعمة عظيمة وذلك لأن الإنسان إذا رزقه الله صحة في بدنه؛ فإنه بذلك يتمكن من أن يعبد ربه، ومن أن يتقلب في حاجته، ومن أن يذهب ويجيء، ومن أن يكتسب من المال ما أحله الله -تعالى- ويسافر، ويجيء ويذهب؛ كل ذلك لأجل أن الله -تعالى- رزقه هذه الصحة، وهذه القوة في بدنه، يعرف قدرها من فقدها. الإنسان إذا مرض يوما، ولزم الفراش، عرف نعمة الصحة، تمنى وسأل ربه أن يرزقه عافية في بدنه، وصحة في بدنه، وأن يرد إليه صحته، ونعمته التي هي من أعظم النعم.
فإذا. أنت أيها السليم.. أنت أيها الصحيح.. الذي رزقك الله -تعالى- هذه الصحة في بدنك، انظر إلى المرضى، إذا دخلت في المستشفيات، وما أشبهها، وجدت هذا يشتكي رأسه، وهذا يشتكي بطنه، وهذا يشتكي ظهره، وهذا مريض مرضا مقعدا، وهذا مصاب بكذا.. وكذا، وهذا قد أغمي عليه، وهذا مبرسم، وهذا به صداع، وهذا قد فقد إحساسه، وما أشبه ذلك؛ فتعرف أنك في نعمة عظيمة؛ حيث إن الله -تعالى- متعك بالقوة، متعك بالصحة، متعك بالرفاهية، متعك بهذه القوة، تقلب في حاجتك، ولا تحس مرضا، لا تحس ألما في شيء.

إذن.. فهذه من النعم، فكيف يكون شكرها؟
شكر هذه النعم: أن تستعمل بدنك في طاعة الله -تعالى- وألا تستعمله في معصية الله؛ فإن هذا من كفر النعم.
حري أن يسلب الله -تعالى- من عصاه.. حري أن يسلبه ما أعطاه، وما تفضل به عليه من هذه القوة، وهذه البنية.
فالذي يؤدي الصلوات بركوعها، وسجودها، وقيامها، وقعودها، وخشوعها، وإخباتها، قد شكر نعمة القوة.
والذي يكتسب مالا حلالا، ثم يؤدي حقوق ذلك المال، وينفق منه في وجوه الخير.. يعلم أن الله -تعالى- قواه على هذا الاكتساب؛ فيؤدي حقه، فيكون بذلك ممن شكر نعمة الله، أي- نعمة القوة. وكذلك الذي يصوم، ويصلي، ويحج، ويعتمر، ويجاهد، وينصح، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدعو إلى الله -تعالى- ويتقلب في حاجات المسلمين، وينفع المسلمين بما يقدر عليه، يعتبر هذا ممن شكر نعم الله.
نعمة العافية، نعمة الصحة..
وضد ذلك: هو الذي كفرها؛ الذي -مثلا- يستعمل بدنه في المعصية، فالذي يكفر بالله، ويسجد لغيره، ويتمسح بالقبور والضرائح، ويدعو غير الله -سبحانه وتعالى- قد كفر نعم الله، والذي يترك الصلوات، ويترك الصيام، ويترك الصدقات التي أوجبها الله عليه، يعتبر قد كفر نعم الله، والذي يشرب الخمور، ويسمع الأغاني، ويحضر المراقص، وآلات الملاهي، وما أشبهها، يعتبر قد كفر نعم الله -تعالى- والذي يزني، أو يفجر، أو يفعل الفواحش، أو يقاتل المسلمين بغير حق، أو يسرق، أو ينتهب، أو ما أشبه ذلك، يعتبر قد كفر نعم الله. وحري بمن كفرها أن يسلبها؛ فإن النعم كما يقول بعض العلماء: النعم إذا شكرت قرت، وإذا كفرت فرت. هربت وفرت.
فهذه أمثلة من نعم الله -تعالى- العامة.



وكذلك من نعم الله العامة: نعمة الفراغ ونعمة الجدة، والثروة، وما أكثر الذين أخلوا بشكر هذه النعمة.
نعمة الفراغ: هذه نعمة عظيمة، إذا كان الإنسان عنده وقت؛ فإن عليه أن يستعمله في الخير؛ سيما إذا رزقه الله صحة في بدنه، تعرفون قول النبي -صلى الله عليه وسلم- نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة، والفراغ .
ومعنى ذلك: أن كثيرا من الناس لا يهتم بشكر هذه النعمة، نعمة الصحة، ونعمة الفراغ؛ فالذين عندهم فراغ، وعندهم وقت، ليس فيه شغل شاغل؛ عليهم أن يستغلوه في الشيء الذي يفيدهم؛ سواء في أمور دنياهم، أو في أمور دينهم.

فإذا استعمل الإنسان أوقات فراغه في تعلم العلم، كان شاكرا، وإن استعمل أوقات فراغه في حفظ القرآن، كان ذلك شكرا، وإن استعمله في دعاء الله -تعالى- وذكره، واستغفاره، والتوبة إليه، كان شاكرا، وكذلك إذا استعمل أوقات فراغه في كسب مال حلال، في تجارة مباحة ليس فيها شبهة، يقصد بها أن يعف نفسه، وأن يغني نفسه، وأن يتصدق مما أعطاه الله -تعالى- كان ذلك -أيضا- من الشكر، لشكر نعمة الفراغ. وأمثلة ذلك كثيرة.
وأما كيفية كفرها: فهو استغلالها في الذي يضره؛ فتقول –مثلا- الذين عندهم أوقات فراغ في كل يوم -مثلا- عشر ساعات، أو خمس عشرة ساعة، ليس عنده شغل؛ ولكنه يقضي أوقاته سبهللا، فيما يضره، إما في سماع أغاني، وإما في سماع ملاهي، أو في قيل وقال، أو في مجالس غيبة ونميمة، أو ما أشبه ذلك، أليس محاسبا على هذا الوقت؟ بلى، إنه يحاسب عليه، وإنه -ولا بد- سيندم عندما يسأل عن أوقات فراغه، في أي شيء استغللت أوقات فراغك؟ لا شك أن هذا من كفر النعم.
كذلك كثير من الناس يشغلون أوقات فراغهم -الذي هو نعمة- في اللعب؛ فتجدهم مقابلين للشاشات، ينظرون إلى اللعّابين، وإلى أهل اللهو ونحوهم؛ فيفوت عليه وقت طويل، دون أن يكون لهم فيه فائدة؛ فيكونون قد كفروا نعمة الله.
وكذلك -أيضا- كثيرا ما يسألنا بعضهم، ويقول: إن عندنا أوقات فراغ، فكيف نشغلها؟ نحب أن نشغلها في شيء نتسلى به. فيشغلونها في اللعب، في لعب بالأوراق، ونحوها التي تسمى بكيرم، أو تسمى ببلوت، أو نحوها، فيقطعون وقتا طويلا. أليس هذا كفرا لهذه النعمة؟ أليس هذا إضاعة لهذا الوقت؟
ماذا تستفيد من هذا اللعب؛ سواء كان بعوض وهو ما يسمى بالقمار، أو كان بدون عوض؟ لا شك أن ذلك كله من كفر هذه النعم.

وأما نعمة الثروة.. ونعمة المال، فهي التي ينبغي أن يعرف الإنسان قدرها؛ فإن الله -سبحانه وتعالى- يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من أحب ؛ فإذا أعطاك الله -تعالى- شيئا من الدنيا، فلا تعتقد أن ذلك لشرفك، ولفضلك؛ ولكن اعتقد أنه من الاختبار والامتحان؛ هل تشكر ما أعطاك الله أم تكفر؟ فإن شكرت.. فهنيئا لك، وأبشر بالزيادة، وإن كفرت.. فإنك متعرض لإزالة هذه النعمة ولذهابها.
تذكر أن ربنا -سبحانه- قد أعطى الدنيا أناسا، فكفروها، فسلبت منهم أحوج ما كانوا إليها، تذكر قصة قارون الذي يضرب به المثل في كثرة أمواله، آتاه الله كنوزا وذخائر؛ حتى إن المفاتيح -مفاتيح الخزائن- إذا جمعت، يعجز عن حملها عصبة من الرجال: مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ؛ أي جماعة من أهل القوة يعجزون عن حمل مفاتيح تلك الخزائن.
وماذا كانت حالته لما أن قومه وعظوه وقالوا: لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ؟ أي لا يكون فرحك فرح أشر، وفرح بطر: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ أي اصرفه في الدار الآخرة، وأنفقه فيما يقربك عند الله تعالى: وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا أي تمتع بما أنت محتاج إليه، وبما يسد حاجتك وخلتك وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ ماذا قال؟
قال: إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي اعتقد أنه أوتي هذا المال على شرف، أنه أوتيه؛ لأنه شريف، أو أوتيه؛ لأنه عالم.
عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أي: على معرفة؛ أني أعرف المكاسب، وأعرف التجارات، وأعرف كيف أتصرف في الأمور، وأعرف كيف أكتسب المال؛ فجعل ذلك علامة على أنه على خير.
هذه الكلمة فيها كفر لنعم الله، لم يقل: آتاني الله -تعالى- ذلك اختبارا وامتحانا، فلما لم يعترف بأن هذا اختبار، وبأن المال يعطيه الله –الدنيا- من يحب ومن لا يحب إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا من أحب .
لما أنه افتخر بأن هذا بفضل قوته؛ أي جمعت هذا المال بقوتي، وبذكائي، وبحنكتي، وبمعرفتي، وبخبرتي، وتجربتي، ولم يقل: الله -تعالى- هو الذي يسر لي ذلك، ولا هو الذي سهل ذلك الأسباب، لما أنه كفر نعمة الله، ولم يعترف بفضله، عند ذلك عاقبه الله: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ خسف الله -تعالى- به، وبأملاكه، وبجميع ما يدخره، خسف الله به الأرض؛ فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، وما نفعه ماله، ولا دفع عنه.
وهكذا -أيضا- ذكر الله -تعالى- من أهل الدنيا قوم سبأ، قوم سبأ ذكروا في سورة سبأ في قول الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ .
ذكروا أن الأشجار يستظل بها الإنسان، ولو مسيرة يوم، أو يومين، لا يمسه شمس، إذا مشى تحت تلك الأشجار، وذكروا أن المرأة تجعل الزمبيل على رأسها، وتمشي تحت الشجر، فتحرك الشجر، فتحرك أغصانه بذلك الزمبيل؛ فيتساقط فيه الثمر؛ حتى يمتلئ الزمبيل من الثمر دون أن تقتطف منه شيئا؛ ذلك لكثرته بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ فَأَعْرَضُوا لما أنهم لم يشكروا نعم الله -تعالى- فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ لما أنهم لم يشكروا نعم الله، فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ مزقهم الله -تعالى- كل ممزق؛ أرسل عليهم السيل، فجرف بلادهم، وقلع أشجارهم، وقلع سدودهم، فتفرقوا أيادي سبأ. هذا من آثار كفر نعم الله -عز وجل-.
لا شك أن ربنا -سبحانه وتعالى- فتح علينا في هذه الأزمنة، ما فتحه من الدنيا؛ وإن كان هناك كثير يشتكون القلة، والفقر، والفاقة؛ ولكن هناك -أيضا- جمع كثير عندهم أموال طائلة، وعندهم ما قد أنعم الله -تعالى- عليهم، وأعطاهم من المال ما هو زائد على حاجتهم، فعليهم أن يعترفوا بأن هذا فضل الله، وأن يشكروه على هذه النعمة، وأن يعتقدوا أن ذلك ليس لأجل كرامتهم؛ ولكنه من باب الاختبار، اختبار لهم وامتحان لهم، هل يؤدون شكره أم لا؟ فإذا أدوا شكره؛ فإن ربنا -سبحانه- يزيدهم منه؛ قال الله تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ فأخبر بأنه أنعم عليهم، وأنه تأذن لمن شكر بالزيادة، إذا شكروا نعم الله تعالى؛ فإن الله -تعالى- يثبتها عليهم، ويزيدهم منها، ويسبغ عليهم نعمه؛ كما أخبر بذلك في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ الله سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً فعليهم أن يعترفوا بها، وأن يشكروا ربهم على ذلك.
ثم نقول: كيف يكون شكر هذه النعمة؟ وكيف يكون كفرها؟ وذلك لأن الكثير يعملون أعمالا فيها شيء من كفران النعم، ولا يعتقدون أن هذا سبب في إزالتها، وأنه من كفرها!.
فنقول: المال الذي يعطيه الله -تعالى- الإنسان -قليلا أو كثيرا- يعلم أن لله عليه فيه حقوقا؛ فيبدأ بحقوق الله -تعالى- عليه، وكذلك أن لأهله عليه فيه حقوقا؛ فيؤدي حقوق أهله وغيرهم، ثم يعلم بعد ذلك أن لإخوانه الفقراء ونحوهم عليه حقوقا؛ فيؤدي تلك الحقوق، ثم يقتصد بعد ذلك في نفقته، ويجتنب إفساد ذلك المال؛ حتى إذا رأى وجها من وجوه البر صرفه فيه؛ فبذلك لعله يكون من الشاكرين.
حقوق الله -تعالى- مثل: الزكوات، والكفارات، والنذور، وما أشبهها. هذه لا بد أن الإنسان يخرجها من ماله؛ حتى يبارك له فيما بقي، فيحاسب نفسه، يحسب على نفسه ماذا أوجب الله علي في هذا المال؟ علي فيه كذا.. وكذا من الزكوات، وكذا.. وكذا من النذور والكفارات؛ فيبدأ بها، ويؤديها كاملة غير منقوصة؛ وذلك من حقوق الله.
كذلك -أيضا- حقوق أهله: ينفق عليهم؛ كما قال الله تعالى: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وقال تعالى: لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ الله لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسا إِلَّا مَا آتَاهَا فينفق على أولاده؛ ولكن نفقة اقتصاد، فيعطيهم حاجاتهم في المآكل، والمشارب، والملابس، والمساكن، وما أشبهها؛ فإذا أدى حقوقهم، عرف بذلك أنه أدى حقّا واجبا عليه.
وكذلك -أيضا- سائر الحقوق التي تجب عليه، وبعد ذلك يعرف أن للمسلمين عليه حقا، أن للفقراء والمساكين، والضعفاء، والمستضعفين، أن عليه حقوقا لهم؛ فيعطيهم، وينفق عليهم؛ فيصل ذوي الأرحام، وينفق على ذوي القربى، وينفق على المساكين والمستضعفين.
وكذلك -أيضا- يطعم من يراه أهلا للإطعام، من جار أو صديق أو رفيق أو ما أشبه ذلك.
فذلك كله من شكر نعم الله -تعالى- وأداء الحقوق عليه؛ لعل ذلك يكون سببا في البركة، سببا في أنه يبارك الله -تعالى- له فيما أبقى، ويزيده خيرا، ويخلف عليه، يتذكر قول الله تعالى: وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ أي: ما أنفقتموه في وجوه البر، وفي وجوه الخير، في الطاعات، وفيما يحبه الله، وفيما يرضاه؛ فإن ذلك من الخير؛ فإن ذلك سبب للبركة، وسبب لنماء الأموال ووقوع البركة فيها؛ ولهذا وردت الأدلة في الترغيب في الصدقات، وما أشبهها، وأنها سبب لبقاء المال، ورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه ؛ ما نقصت صدقة من مال، المال الذي يتصدق منه يبارك الله -تعالى- فيه؛ وذلك من شكر الله -تعالى- على هذا المال، فهذا من الشكر.
وكذلك -أيضا- من الشكر: إعطاء ذوي الحاجات، وصرفه في وجوه الخير، ... في هذه النعمة، واستقرارها.
وأما كفر هذه النعم: فإنه يكون بصرفها في معاصي الله، فالذين يصرفون الأموال في آلات الملاهي، يدعون أنهم يرفهون عن أنفسهم؛ فيشترون صورا خليعة، وأفلاما هابطة، وكذلك -أيضا- يشترون أجهزة يستقبلون بها ما تبثه القنوات الفضائية من المنكرات وما أشبهها، يبذلون في ذلك مالا؛ ولو كان قليلا؛ ولو لم ينقص أموالهم، لا شك أنهم يعتبرون قد كفروا نعم الله؛ حيث صرفوا هذا المال -ولو قليلا- فيما يستعان به على معصية الله.
وهكذا -أيضا- بقية آلات اللهو يعتبر شراؤها من كفران النعم، شراء أشرطة الغناء ونحوها، وشراء أشرطة الملاهي وما أشببها؛ ذلك -بلا شك- من كفران النعم.
وهكذا -أيضا- من كفران النعم: صرف الأموال فيما يستعان به على معصية الله -تعالى- كالألبسة المفسدة، أو التي فيها تشبه بالكفار، ونحوهم ككسوة كثير من النساء، وكثير من الأطفال، لا شك أن فيها إسرافا زائدا، فيعتبر ذلك من كفران النعم، فمثلا: الذين يصرفون أموالا طائلة في كسوة، قد يقوم بعضها مقامها، لا شك أن هذا من الإسراف الذي ذمه الله؛ قال الله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ .
كما يذكر أن بعض النساء تشتري لها ثوبا بألف، أو بألفين، أو بثلاثة آلاف، لا شك أن هذا من الإسراف، وأنه من كفران نعم الله التي أعطاها العبد، يكفي بدله الثوب الذي بمائة، أو بمائة وعشرين، أو نحو ذلك.
وهكذا -أيضا- كثير من الرجال قد تتكلف كسوته بمئات، أو نحوها، لا شك أن هذا من كفران النعم، ومن صرف الأموال في الشيء الذي غيره أفضل منه.
فننصح بمثل ذلك، ونقول: حافظوا على أموالكم، واصرفوها في الشيء الذي ينفعكم في دنياكم، أو في أخراكم.
وهكذا –أيضا- الإسراف في المآكل، وما أكثر ذلك الإسراف في المآكل، وأنواع الأطعمة، وأنواع الفواكه، وأنواع اللحوم، وما أشبهها. إن صرف الأموال فيها يعتبر ضروريا؛ لأن الإنسان بحاجة إلى أن يؤمن له مأكله، ومشربه، ومطعمه وما يتقوت به؛ ولكن الزيادة على ذلك تعتبر إفسادا، وتعتبر إسرافا، إسرافا داخلا في هذه الآية، يقول الله تعالى: وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ .
فأخبر الله -تعالى- بأن النفقة تكون وسطا، لا إسراف ولا تقتير، يقول الله: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاما .
لَمْ يُسْرِفُوا أي: لم يفسدوا أموالهم، ويصرفوها في الشيء الذي يضرهم، أو الذي لا ينفعهم، أو الذي فيه إتلاف للأموال بغير فائدة.
وَلَمْ يَقْتُرُوا يضيقوا على أنفسهم، ويبخلوا على أنفسهم، وعلى من تحت أيديهم.
وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا أي: وسطا، وخير الأمور أوساطها، لا إسراف ولا تقتير.
جاءت الأدلة في النهي عن إفساد الأموال والأمر باحترامها، والإخبار بأنها إذا كفرت فرت؛ ورد أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يمشي في الطريق، فرأى تمرة تمرة ساقطة في الأرض، ولم يتركها فرفعها، وقال: لولا أنها من الصدقة لأكلتها وأعطاها من يأكلها، تمرة واحدة ما طابت نفسه أن يتركها يطؤها الناس، وتتلوث بالتراب، وروي -أيضا- أنه رأى كسرة خبز، سقطت على الأرض في بيت عائشة فرفعها، وأزال ما عليها من التراب، وقال: يا عائشة أكرمي جوار نعم الله؛ فإنها قلما نفرت عن قوم، فكادت أن ترجع إليهم كسرة خبز، رآها على الأرض، ما سمحت نفسه أن يتركها يطئونها، أو يلقونها مع القمامات، وما أشبهها؛ ذلك لأنها نعم من نعم الله تعالى؛ هناك من يحتاجها، هناك من يتمناها.
فنقول لأهل هذه الأموال -الذين يسرفون في الولائم والأطعمة، وما أشبهها؛ سواء طعام أنفسهم أو طعام من يستضيفهم، أو من يكرمونه بضيافة ونحوها- نقول لهم: اقتصدوا في النفقة، وإياكم والإسراف، وإفساد الأموال؛ حتى لا تسلب عنكم ما أنتم فيه؛ فإن كثيرا وكثيرا من الدول عملوا مثل هذه الأعمال، فسلبت عنهم.
كان آباؤنا يضربون المثل بالشام وبالهند فيقولون: الشام شامك إذا الدهر ضامك، والهند هندك إذا قل ما عندك.
ثم يقولون: إنهم عندهم الثروة، وعندهم الأموال ونحوها، يذكر كثير منهم قبل خمسين أو ستين سنة، أنهم كانوا في نعم، وأنهم كانوا في رفاهية، ثم إنهم لم يشكروا نعم الله، فكانوا إذا جعلوا أطعمة كثيرة، أطعمة من الأرز، ومن الخبوز، ومن اللحوم، ومن الفواكه، وما أشبهها، وفضل منها فضلة، ماذا يفعلون بها؟
يلقونها مع القمامات، يلقونها في صناديق القمامة، وكأنها لا قدر لها، ولا قيمة لها؛ مع أنها من نعم الله -تعالى- ومن فضله الذي تفضل به عليه؛ فيفعلون ذلك، ويتلفون أموالا طائلة؛ فكانت العاقبة أن ذهبت تلك الثروات، وخسروا كثيرا، وعاقبهم الله -تعالى- بأن سلبهم، أو سلب كثيرا منهم ما كانوا فيه من تلك الرفاهية وذلك الخير.
ما سبب تغير أحوالهم؟
لا شك أنه المعاصي التي وقعوا فيها من الشرك، والفواحش، والرقص، والغناء، واللهو، والباطل، والزنا، والربا، والخمور، والمنكرات، والمخدرات وما أشبهها، لما أنهم أعلنوها، عوقبوا بسلب النعم.
كذلك -أيضا- عدم احترام نعم الله؛ أي كونهم -مثلا- يلقونها مع القمامات، ولا يعرفون قدرها ولا أهميتها.
نقول: إن هذا من كفر النعم، وإن الإنسان عليه أن يحترم نعم الله -تعالى-؛ ولو كانت قليلة؛ ولو كانت حبات من الأرز، أو نحوه؛ ثبت في الحديث أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا أكل أحدكم، فلا يمسح يده حتى يَلعَقها، أو يُلعِقها حتى يلعقها بنفسه، أو يعطيها خادمه، أو ولده يقول: ألعق أصابعي؛ لما عليها من الطعام، من حبات طعام مثلا أو دسم أو نحو ذلك؛ لأن هذا من نعم الله -تعالى- لم يرخص له أن يمسحها وفيها شيء من الطعام؛ لأن هذا إفساد لهذا الطعام، بهذه الحبات، ونحوها. وكذلك يقول -صلى الله عليه وسلم- إذا سقطت لقمة أحدكم على الأرض، فليأخذها، وليمط ما فيها من التراب والأذى، وليأكلها، ولا يدعها للشيطان .
اللقمة إذا سقطت؛ مع أنها قد تكون قليلة، وقد تسقط على الأرض؛ لأنهم في ذلك الوقت ما كان عندهم سفرة، ولا خوان -غالبا- يجلسون على الأرض، فتسقط اللقمة على الأرض، أمره بأن يأخذها وأن يزيل التراب الذي عليها، وأن يأكلها، وأنه أخبر بأنه إذا تركها؛ فإنه يكون قد تركها للشيطان.
وكذلك كان يأمر بأكل ما تساقط، ما تساقط على السفرة من الحبات، يأمر بأكله، وعدم إضاعته. وهكذا -أيضا- أمر بلعق الصحفة، الصحفة التي يكون فيها الطعام، قد يكون الطعم الذي فيها طعم دسم، أو نحوه؛ ورد في بعض الآثار: أن الصحفة تستظهر لمن يلعقها. بمعنى: أن فيها نعمة؛ ولو كان شيئا يسيرا، أليس ذلك كله لأجل المحافظة على نعم الله -تعالى- وعدم إضاعتها، وعدم التعرض لإزالتها؟ فكيف بالذين إذا عملوا وليمة صرفوا فيها أطعمة كثيرة؟ يعني: الذي يكفي -مثلا- ألفا، أو خمسمائة؛ مع أن الذين يأتونهم عشرة أو مائة أو خمسون، الطعام يكفي ثلاثمائة، أربعمائة، خمسمائة. لا شك أن هذا إسراف، وأن الواجب عليهم أن يقتصدوا، وأن يقللوا من جعل هذه الأطعمة؛ فيقتصروا على ما هو ضروري، البقية إذا كان عندهم زيادة مال يريدون إنفاقها فإنهم يستطيعون، أو يجدون مصرفا يصرفونها فيه؛ وذلك هو شكر الله -تعالى- بها.
فنقول: إن الله -تعالى- ابتلانا بما فتح علينا من هذا المال ابتلاء، فنتذكر أن هذا الابتلاء؛ لأجل الاختبار، نتذكر قول سليمان - عليه السلام- لما تمت عليه النعمة قال: هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ اعترف سليمان بأن النعم التي أعطاه الله، أنها ابتلاء من الله، وأنه فضل من الله، فضل من ربي: لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ هل أشكر نعم الله التي أعطاني أم أكفرها؟ وأخبر بأن من شكر؛ فإنما يشكر لنفسه؛ وذلك لأن الشكر تدوم به النعم.

نرجع فنقول: إن نعم الله -تعالى- علينا عظيمة، وإنه سبحانه لو يحاسبنا عليها، لما بقي من أعمالنا شيء، وأنّا لا نقدر على أن نؤدي أصغر نعمة من نعم الله؛ أي نؤدي حقها؛ وذلك لكثرتها.كان بعض السلف منشغلا بالعبادة، منشغلا بالطاعة ومقبلا عليها، وكان يقول في شعر له:
سبحان من لو سجدنا بالعيون له على حمى الشوك والْمُحْمَى من الإبر
لم نبلغ العشر من معشار نعمته ولا العُشَيْرَ ولا عشـرا من العشـر
أي: لو سجدنا -دائما- على الشوك المحمى، والمحمى من الإبر، ما بلغنا أصغر نعم الله -تعالى- ما بلغنا أن نؤدي أصغر نعم الله، عُشر النعم أو عُشر العشر؛ وذلك لكثرة نعم الله التي أسبغها على عباده، وتفضل بها عليهم، ونعرف –أيضا- أنه -سبحانه- إذا وفقنا للشكر؛ فإن ذلك نعمة منه، إذا وفقك للشكر؛ فإن ذلك نعمة منه وفضل منه -سبحانه وتعالى- فعليك أن تشكره على أن وفقك على ذلك؛ إذا قلت مثلا: الحمد لله.. أليس ذلك شكر؟ فالله -تعالى- هو الذي وفقك لهذه الكلمة، فاشكر الله -تعالى- عليها:
إذا مس بالسـراء عـم سرورهـا وإن مس بالضـراء يعقبهـا الأجـر
نعترف بفضل الله، ونتذكر نعمه؛ حتى تدوم؛ وحتى يزيدنا الله -تعالى- منها، كما وعدنا بذلك.
نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يديم علينا نعمه، وأن يدفع عنا نقمه، وأن يعيننا على شكره وذكره، وحسن عبادته، وأن لا يسلبنا ما أعطانا، وأن يزيدنا من فضله، وأن يرزقنا معرفته، ومعرفة حقه علينا، ويعيننا على أداء واجباتنا التي أوجبها علينا.
نسأله -سبحانه- أن يمكن لنا ديننا الذي ارتضاه لنا، وأن يبدلنا بعد الخوف أمنا، وبعد الذل عزا، وبعد الفقر غنى، وبعد الافتراق اجتماعا؛ إنه على كل شيء قدير. والله أعلم.
أسئـلة
بسم الله الرحمن الرحيم الله أسأل بمنه وكرمه أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وإليكم هذه الأسئلة.. وحقيقة: وجدت إن أكثر الأسئلة قد تطرق إليها الشيخ -حفظه الله تعالى-؛ ولكن سأعرض ما يسعف الوقت من عرض هذه الأسئلة.
س: السؤال -حفظكم الله- تعلمون حال البلاد في هذه الأيام، وبهائم الأنعام التي تشكوا إلى الله -سبحانه وتعالى- من قلة الأمطار، ومنع القطر من السماء. هل هذه عاقبة من الله -سبحانه- لعباده؛ لأنهم كفروا نعمه، وأسرفوا، وبذروا في نعم الله؟ أم هي نقص للعمل، والعبادة، وعدم الدعاء؟
ونطلب من الشيخ أن يستسقي الله في هذه الساعة المباركة، أن ينزل علينا الغيث، ويرحمنا - سبحانه-. وجزاكم الله خيرا.
يقول الله تعالى: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ؛ أي أن ما نزل؛ فإنه بسبب الذنوب؛ حبس القطر بسبب الذنوب؛ البهائم ليس لها ذنوب؛ ولكن بذنوب بني آدم فنتواصى بالتوبة إلى الله، وبدعائه واستغفاره، وبالأخذ على أيدي العصاة، ومنعهم من المعاصي؛ رجاء أن الله -تعالى- يرحم عباده.
كذلك -أيضا- قد يكون بسبب الإسراف، وإفساد الأموال؛ حتى يريهم أنه هو الذي يملك الضر والنفع، وأنهم إذا أسرفوا وأفسدوا، كان ذلك وسيلة لسلبهم النعم -أحوج ما يكونون إليها- ونتواصى بالاستغفار؛ فإن الاستغفار سبب لنزول المطر ونزول الغيث؛ قال الله تعالى: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارا ؛ فإذا استغفرنا الله -تعالى- وتبنا إليه، وأخلصنا العمل، رزقنا الله -تعالى- وبدلنا بالحالة الراهنة ما هو أحسن منها.
نسأل الله.. ونضرع إليه.. أن يغيث قلوبنا، وأن يغيث بلادنا وبلاد المسلمين، وأن يزيل ما بهم من الشدة والضيق والضنك، ونقول:
اللهم.. إن بالبلاد، والعباد من الضيق، والضنك، والجوع، والجهد ما لا نشكوه إلا إليك.
اللهم.. ادفع عنا الجوع والجهد والعراء، وادفع عنا من البلاء ما لا يدفعه غيرك.
اللهم.. ارحم بلادك وعبادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحيي بلدك الميت، يا رب العالمين.
س: هل من شروط الصدقة الجارية أن يفعلها الميت في حياته؟ وما الحكم إذا فعلها الابن لأبيه؛ فأراد بها الصدقة الجارية لأبيه؟
كل ذلك خير؛ سواء فعلها الإنسان لنفسه في حياته، أو أوصى بها، يعني: أوصى في آخر حياته، أو في وسط حياته، أنه يخرج له كذا؛ يبنى له مسجد، تبنى له مدرسة خيرية لتحفيظ القرآن، أوكذلك يصلح له صدقة جارية؛ كوقف أو نحوه، وهكذا إذا فعلها ولده، فيجري له عمله.
س: فضيلة الشيخ.. هل من نصيحة لأصحاب المقاهي -وخصوصا- محلات الإنترنت، وأصحاب أشرطة الغناء، والفيديو؛ لعل الله أن ينفع بها؟
نعتقد أنهم ليسوا موجودين عندنا، أولئك ممن قست قلوبهم، وزين لهم الشيطان أعمالهم. الإخوة الحاضرون نعرف إن -شاء الله- أنهم من أرقاء القلوب، وأنهم من الأتقياء الأنقياء؛ ولكن نوصيكم -أيها الأخوة- أن تبلغوهم، وتحذروهم أولئك الذين يبتنون هذه الدشوش، وكذلك يجمعون في مقاهيهم الشرور والفساد - انصحوهم، وحذروهم، وذكروهم؛ بأنهم قد يكونون هم وأعمالهم سببا في قلة البركات، وفي نزع الخيرات، وفي رفع الخير والغيث عن بلاد المسلمين؛ لعل الله -تعالى- أن يرزقهم التوبة والإنابة.
س: فضيلة الشيخ.. وهذا السؤال –يعني- موجه من النساء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. لقد انتشر في الآونة الأخيرة منكرات الزواجات، من الغناء، واللباس الفاضح، وغير ذلك. وسؤالي هو: إذا لم أستطع تغيير المنكر، فهل يترتب على وجودي إثم أم لا؟ أفيدونا، جزاكم الله خيرا.
نقول: الأولى أنك إذا علمت بأن هناك منكرا، فننصحك أنك لا تذهب إليه، إلا إذا كنت عارفا بأنك ستغيره، قد يكون هناك -مثلا- غناء، وطلقات أو -مثلا- ضرب بالطبول، أو ما أشبهها، قد يكون هناك شرب دخان، وإعلانه، وقد يكون هناك من تعاطي محرمات، أو سماع غناء محرم؛ فإن كنت قادرا على أن تغيره، فاذهب وغيره بقدر استطاعتك، وكذلك إذا وجدوك، احترموك فلا بأس أن تذهب، وأما إذا كنت لا تقدر؛ بل يزيد شرهم إذا نصحتهم، فالأولى بك ألا تذهب وتعتذر بأنك ما تأخرت إلا لأجل كذا وكذا.
س: يقول السائل -حفظكم الله- لي والد منَّ الله عليه بالنعمة، من صحة أو مال أو جاه وعطاء؛ ولكن للأسف، فهو مبتلى بحب النظر إلى النساء الأجانب والكلام معهن في التليفون، وهذا قد تسبب لي ولإخواني الكثير من المشاكل، فهل من توجيه لنا في كيفية التعامل معه وله في هذه المعصية لعله يكون موجودا، ويفتح الله على قلبه، أرجو منكم الدعاء له، وسؤال الإخوة بالتأمين؟
نسأل الله أن يفتح على قلبه، وأن يرزقه التوبة والإنابة وأن يغنيه ويغني المسلمين بحلاله عن حرامه، وننصحه، وننصح كل مسلم، أن يبتعد عن المحرمات، وعن قربها، وعن الفعل الذي يؤدي إليها.
لا شك أن إطلاق النظر في النساء الأجنبيات يدعو إلى الفواحش، والمنكرات؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- النظرة سهم مسموم من سهام إبليس وقوله: لا تتبع النظرة النظرة؛ فإنما لك الأولى، وليست لك الآخرة وأخبر بأن النظر يؤدي إلى الشر وإلى المنكر.
كذلك - بلا شك- المكالمات الهاتفية التي يكون فيها شيء من الترقيق مع المرأة، يكون ذلك -أيضا- من أسباب وقوع المنكرات، ووقوع الفواحش؛ فعليكم أن تنصحوا من تعرفون منه ذلك، وعلى من يفعل ذلك أن يتوب إلى الله.
س: ما حكم رقص المرأة في حفل الزفاف؟ وما حكم إظهار شيء من جسدها في مثل ذلك الحفل من خلال لبس بعض الملابس؟ وما هو واجب المرأة الملتزمة التي تحضر ذلك الزواج؟
قد يجوز شيء من الغناء الذي ليس فيه تشبيب في الحفلات، وكذلك ضرب الدف بالنسبة إلى النساء؛ لأن هذا من إظهار الفرح، فأما إطالة ذلك وكذلك إطالة الرقص ونحوه، وكذلك -أيضا- فعل شيء من ذلك بالنسبة للرجال؛ فنرى أن ذلك لا يجوز.
إظهار الفرح يكون بشيء من الصوت الذي ليس فيه تشبيب، ولا تغنج، ولا نحو ذلك، وكذلك ضرب الدف للإعلان؛ ورد بذلك الحديث، فأما إذا طال ذلك، أو حصل فيه منكر فلا يجوز.
س: فضيلة الشيخ.. إنا نحبك في الله -تعالى- وبعد: سؤالي هو: امرأة توفيت في المستشفى على إثر مرض ألم بها، وزوجها كان مسافرا خارج المملكة لمرافقة مريض آخر للعلاج، بالولايات المتحدة الأمريكية وأنا شقيق زوجها، وقد تم استلام الجنازة من المستشفى، وهي ملفوفة في القماش وأحضرتها إلى محل إقامة أسرتها وبيت زوجها، وأحضرت الكفن معي؛ نظرا لعدم تأكدي أن هذه الجنازة تكفن، أنا ومن كان بصحبتي، وعندما تم استلام الجنازة من المستشفى؛ لكي يتولى النساء تكفين الجنازة، وبعد حضور النساء إلى الجنازة، أفادوا أنها تكفنت وتم دفنها، وبعد فترة من الزمن، اتضح لنا بأن المستشفى لا تقوم بتكفين الموتى؛ وإنما يتم لف الجنازة في خرقة تشبه الكفن، وكان ذلك سبب في تورية النساء، وظنوا أن هذه الجنازة تكفنت في المستشفى.
فضيلة الشيخ: أرجو إفادتي أنا الذي أحضرت الجنازة في المستشفى، ماذا علي؟ وكذلك عن هؤلاء النسوة اللاتي ظنوا أنها تكفنت؛ لجهلهن؟.حفظكم الله للإسلام والمسلمين، وجزاكم الله خير الجزاء.
أحبك الله وأحبنا جميعا؛ حيث إن هذا قد تم، وأنها قد دفنت، فهذا شيء قد مضى، ولا يمكن تداركه، والعتب على النساء؛ حيث لم ينظرن فيها. كان الأولى إحضار امرأة ممن يعرف الكفن، ويعرف كيفيته.
المستشفيات -عادة- يلفونها في لفافة، ولا تشبه الكفن؛ ولو كانت من جنسه في البياض؛ لكن لا يحزمونها بالأحزمة التي يفعل بالميت؛ حيث يعقد من فوق رأسه حزام، وكذلك في سائر مرافق بدنه، علامةً على أنه مكفن تكفينا شرعيا، وبكل حال مضى الأمر، وعليهم فيما يستقبل أن ينتبهوا.
س: سائل يقول: كنت بأداء العمرة مع أسرتي، وكانت لدي بنت عمرها ثلاث عشرة سنة، وأثناء الطواف أتتها الدورة، ثم أكملت الطواف فأخبرتني بعد ذلك، وقالت: بأنها كانت على حياء مني فهل عليها شيء؟
عليها إعادة الطواف بعدما تطهر، ولو بعد أن تتحلل، تعود وتطوف وتسعى، وإذا فعلت شيئا من المحظورات فإن عليها فدية؛ إذا قصرت من شعرها، أو تطيبت، أو قلمت الأظفار؛ فإن عليكم أن تفدوا عنها؛ عن كل فدية بإطعام ستة مساكين من مساكين الحرم أي نحو تسعة أصواع عن الشعر، والظفر، والطيب، مع إكمال العمرة، إعادة عمرتها.
س: حفظكم الله تعالى لدي ثلاثة أيتام من أقاربي عندي، وأنا أربيهم وأعلمهم؛ ولكنهم - أحيانا- لا يستمعون إلي في ما أقول، ولا تنفع معهم الحسنى، فأضطر إلى ضربهم أحيانا، وبعد ذلك أندم على ضربهم؛ لعلمي بأهمية الإحسان إليهم وفضل تربيتهم، فما الحكم في ذلك مأجورين؟
لك ذلك؛ فإن هذا من تأديبهم، ومن مصلحتهم، ولو كانوا من اليتامى؛ وذلك لأن تعليمهم يحتاج إلى القوة، وإذا كانوا -مثلا- يعتادون كعادة الأطفال شيئا من العصيان، وشيئا من المخالفة، فتضربهم كما تضرب أولادك من باب التأديب.
س: إذا سافر المسافر وأراد الإقامة لمدة خمسة أيام، هل يستمر في قصر الصلاة، ويؤدي السنة الراتبة؟ وجزاكم الله خيرا.
إذا كان نزوله في وسط البلد؛ يعني: في شقة -مثلا- أو في دور، أو في فندق، فلا يقصر، ولو لم يقم إلا يوما واحدا؛ وذلك لأنه لا مشقة عليه، وأما إذا لم يقم، لم يسكن في البلد؛ بل سكن تحت شجرة -مثلا- أو في خيمة خارج البلد، أو كان مقره سيارته، يتنقل فيها، وينام فيها؛ فإنه يقصر ولو طالت المدة.
والذي عليه مشقة له القصر، وترك السنن، والذي لا مشقة عليه لا يحرم نفسه من الرواتب والسنن.
س: سائل يقول: لي أخ في هذا المسجد، أحسبه طالب علم قوي؛ ولكن فيه غلظة وشدة مع من ينكر عليه من جماعته؛ حتى نفروا منه. أرجو أن تدعوه إلى الرفق بهم، وأن تدعو له.
الرفق: هو لين الجانب، وحسن الخلق، والمداراة؛ ولكن تكون في حال دون حال.
هناك من إذا داريته ورفقت به، وأحسنت التعامل معه، ونصحته نصيحة لينة، وقلت له قولا لينا؛ لان معك وتاب وقبل نصيحتك.
فهذا هو الرفق الذي قال في الحديث: ما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه .
وأما إذا كان ذلك الإنسان الذي تنصحه، أو ترشده أنه من أهل العتو والنفور، وغلظ الطبع والمعصية والمعاندة، فمثل هذا يشدد عليه؛ لأنه قد عُرف بأنه لا يتأثر إلا بالشدة.
س: حفظكم الله هل هناك ساحر لا يدخل في الكفر، وساحر يدخل في الكفر؟
السحر هو: استخدام الشياطين. الساحر بشر مثلنا، ومع ذلك يتصرف هذا التصرف؛ بحيث إنه يوقع الوحشة بين الزوجين، وبين الأخوين، ويجمع بين المتباغضين. ما السبب؟
السبب أنه يعبد الشيطان، ثم الشيطان إذا سلطه على إنسان، دخل في ذلك الإنسان، وربما غير قلبه، وربما غير هيكله؛ فلأجل ذلك كل من يستعمل السحر فإنه مشرك؛ لأنه يعبد الشيطان، فليس فيه سحر أكبر أو أصغر.
س: ما حكم إزالة الشعر في وجه المرأة في العادة، وما حكم صبغه باللون الأصفر؟
وجه المرأة ليس محل للشعر؛ فإذا نبت فيه شعر فلها إزالته سواء في الشارب أو في الخد أو في الذقن، إلا شعر الحاجبين فلا يجوز إزالته، ولا يجوز تغييره، وأما ما يفعله بعض النساء مما يسمى بمكياج، أو نحوه مما تحمر به وجهها، فننصح بترك ذلك لأنه من تغيير خلق الله.
س: تقول السائلة: أنا امرأة شعري طويل، وألفه في مؤخرة رأسي، وعند الوضوء أمسح عليه دون فكه؛ لأن في ذلك مشقة، ما رأى فضيلتكم في ذلك؟ جزاكم الله خيرا.
إذا تدلى شعرها فإنها تمسح على أصوله، ولا يلزمها أن تمسح على ما يتدلى منه؛ كان النساء قديما قد يكون شعرها قدر ذراع، أو ذراع ونصف، قد يصل إلى الحقوين ونحو ذلك، وتجدله جدائل، وتمسح الرأس، ومنابت الشعر، ولا يلزمها أن تمسح القرون المتدلية.
س: عندنا إمام يقول التكبير هكذا: الله أكبَار، هل تصح الصلاة خلفه؟ نرجو التوضيح حتى يزول الإشكال.
لا تنعقد التحريمة بمثل هذه التكبيرة؛ وذلك لأنه تحريف له؛ لأن الإكبار هو الطبل، اسم الطبول الكبارات، فإذا قال: أكبار، فقد حرف الكلمة وغير معناها، وأما إذا قال: أكبر، أو أكبر أكبر؛ فإن ذلك لا بأس به. عليه أن يعود نفسه الله أكبر؛ يمد الله، ولا يمد الباء.

منقول من موقع سماحة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين

سيف الله المسلول
16-07-2007, 11:25 AM
بارك الله فيك

شبل الاسلام
16-07-2007, 05:28 PM
وبك يا شيخي

وجزاك الله خيرا

بندري
16-07-2007, 11:12 PM
جزاك الله خير

وبارك الله فيك

شبل الاسلام
17-07-2007, 10:35 AM
بندري

حياك الله اخي

وغفرالله لي ولك وكافة المسلمين