المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بطلان النصرانية بالقرآن الكريم



أهــل الحـديث
22-02-2014, 08:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم


إنَّ مبدأ الثالوث القدوس عند جماعة النصارى الذين يؤمنون به هو قائم على أن الله هوثلاثة (الأب، الإبن، روح القدس) وجميعهم مشتركون في الجوهر الإلهي أو الذات الإلهية ولكنهم بنفس الوقت متمايزون أي مختلفون لأن الأب هو أب والإبن هو إبن والروح القدس هو روح القدس فجميعهم آلهة منسجمة مع بعضها البعض ولا تعارض بينهم وأصلهم واحد وهو الأب. أما بالنسبة لصفات الآلهة الثلاث المتمثلة في الثالوث القدوس هي أن الأب هو الجوهر الإلهي أو الكينونة أي الأصل، والإبن هو العقل، والروح القدس هو الحياة ولكن هذا لا ينفي أن جميعهم يتصفون بالجوهر الإلهي لأن الجوهر الإلهي هي صفة الأب وأصل الإبن وروح القدس هو من الأب وبالتالي حملوا صفة الأب ألا وهي الجوهر الإلهي، وكذلك جميعهم يتصفون بصفة العقل لأن العقل صفة الإبن ومصدر الإبن هو الأب وبالتالي العقل من صفة الأب وروح القدس حمل صفة العقل من الأب، وأيضاً جميعهم يتصفون بصفة الحياة لأن الحياة هي صفة روح القدس ومصدر روح القدس هو الأب وبالتالي الحياة من صفة الأب والإبن حمل صفة الحياة من الأب (ونبرأ إلى الله من هكذا قول). فيبدو واضحاً و جلياً أن فكرة أو مبدأ الإله الوسيط هي متحققة في مبدأ أو فكرة الثالوث القدوس، فالإبن هو إله يتصف بصفة العقل مصدره الأصل وهو الله وبالتالي الإبن هو إله وسيط لأنه إله خلقه الله، وكذلك الروح القدس هو إله يتصف بالحياة مصدره الأصل وهو الله وبالتالي هو إله وسيط لأنه إله خلقه الله. وطبعاً هذا المبدأ باطل لأنه سبحانه وتعالى غني عن الوسطاء وعن خلقه جميعاً فلماذا الله عزوجل يعطي صفة الألوهية وصفة العقل وصفة الحياة لألهة أخرى هو خلقها ومن أجل ماذا ؟ّ!!!. وقد يقول قائل، أن الله عزوجل خلق الإبن وهو العقل وخلق روح القدس وهو الحياة من أجل أن يعرفه الناس جميعاً، والجواب هنا أنه سبحانه وتعالى خلق العقل والروح أي الحياة في كل إنسان من أجل أن يتبعوا أنبيائه عزوجل المرسلين فيهتدوا إلى الطريق المستقيم وهو طريق عبادة الله عزوجل وحده لا شريك له، فلماذا الحاجة كي يخلق الله عزوجل إله يتصف بالعقل وإله يتصف بالحياة وهوقادر على أن يخلقهما في كل إنسان دون الحاجة إلى الإبن وروح القدس. من جانب آخر، إذا ما علمنا أن من مقتضيات الألوهية المُلك لأن الإله يملك كل الخير وكل الشر ولذلك يعبده عباده من أجل أن يُنعم عليهم بالخير ويمنع ويدفع عنهم الشر ومن أجل ذلك فإن دعوى ألوهية البشر هي باطلة لأن الإنسان مهما بلغ سلطانه فهو يبقى ضعيف لا يملك دفع الموت أو المرض عن نفسه أو جلب الخير لنفسه إذا ما مُنع عنه، فكيف له أن يضر أو ينفع عبيده، قال تعالى (قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (المائدة:76). ومن مُقتضيات المُلك الحُكم لأن من يَملُك يحكُم بينما ليس بالضرورة من يحكم يَملُك لأن الحاكم لا يملك إلا فيما خوله أو ملكه رعيتُه إياه. وبالتالي يبدو واضحاً وجلياً أن الألوهية أعظم من المُلك والمُلك أعظم من الحكم وبناءاً على ذلك يظهر تساؤل مهم جداً وهو كيف يُمكن للفطرة الإنسانية أن ترفض الإنسجام مع فكرة أو مبدأ الندية في الحكم وتقبل فقط المشاركة في الحكم من خلال الشورى، وفي المقابل من يؤمن بالثالوث القدوس يفترض قبول الله عزوجل بما ترفض الفطرةُ الإنسانية القبول بما هو أقل شأناً منه؟!!! فيفترضون أن الله عزوجل يقبلُ الندية في الألوهية من خلال إنسجامه سبحانه وتعالى مع الإبن الإله ومع روح القدس الإله بينما ترفض الفطرة الإنسانية المخلوقة الندية في الحكم الذي هو أقل شأناً بكثير من الألوهية، فكيف لو عُرضت الألوهية على الإنسان فكيف سوف يكون رَفضُهُ للندية فيها ؟!!!.

فعند البشر تجد هنالك حاكم واحد يحكم البلاد مع شركائه، وهنالك قائد واحد يقود الجيش مع شركائه، وهنالك شخص واحد فقط يرأس مجلس الإدارة في الشركات التجارية بمختلف أنواعها مع شركائه، وكذلك تجد أن الرجل من يتولى مسؤولية البيت مع زوجته. وحتى عندما لا يحكم الرجل تأخذ المرأة مكانه مع أن الإسلام يُعارض حكم المرأة لقوله عليه الصلاة والسلام (لَنْ يُفْلِحَ قَوْمٌ وَلَّوْا أَمْرَهُمْ امْرَأَةً) (الراوي: نفيع بن الحارث الثقفي أبو بكرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7099 خلاصة حكم المحدث: صحيح) وذلك ليس لأن الإسلام لا يحترم المرأة كما يدعي بعض المُغرضين فالإسلام يحترم المرأة ويُكرمها ويعتبرها شريكاً للرجل ولكنه في نفس الوقت يجد الرجل مؤهلاً للقيادة أكثر من المراة لأسباب عديدة منها: البنية الجسدية الصلبة للرجل، مقدرة الرجل على قيادة الجيوش، مقدرته على تحمل الجهد والمشقة وكذلك رجاحة عقله لمقدرته على ترجيح العقل على العاطفة أكثر من المرأة، فالعلاقة بين العقل والعاطفة هي علاقة توازن ثابت يختلف بإختلاف الجنس والأفراد لأن أي زيادة في الإعتماد على تحكيم العقل تكون على حساب نقصان في الإعتماد على الميل إلى العاطفة والعكس صحيح. وبناءاً على ذلك كله يبدو واضحاً وجلياً أن دعوى الثالوث القدوس هي باطلة وضالة وعلى الأغلب أن سبب ضلال النصارى هو خطؤهم في تأويل لفظ (كلمته) ولفظ ( روح القدس ) أي في إتباعم لمعنى خفي مرجوح بدلاً من المعنى الظاهر الراجح لهذه الألفاظ من غير دليل مقنع يُبرر نَسبُهم الألوهية لكلمة الله وهو سيدنا عيسى عليه السلام وكذلك نَسبُهم الألوهية لروح القدس وهو سيدنا جبريل عليه السلام فلا وجود لقرينة تدُل على معاني الألوهية لهذه الألفاظ، فهم لم يتعمدوا الضلال كاليهود المُضللين ولذلك هم ضالون وليسوا مُضللين (والله أعلم).

أما في دين الإسلام المراد بلفظ (روح القدس) هو الروح الطاهرة المقدسة أي سيدنا جبريل عليه السلام الذي نفخ في درع مريم رضي الله عنها، أي في قميصها، فحملت بسيدنا عيسى عليه السلام بأمر وإذن الله عزوجل، لقوله تعالى ( إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ ) (المائدة:110 ). أما المراد في لفظ (كلمته) هو خلق سيدنا عيسى عليه السلام بأمر الله عزوجل وكلمة ( كن فيكون ) ومن دون واسطة نطفة أب مما يعني أن سيدنا عيسى عليه السلام خُلق من أنثى بلا ذكر كما خُلق سيدنا آدم عليه السلام بلا ذكر ولا أنثى وكما خُلقت حواء رضي الله عنها من ذكر بلا أنثى. بينما المراد في لفظ ( روح منه) في قوله تعالى ( يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاّ الْحَقّ إِنّمَا المسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلمتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْراً لّكُمْ إِنّمَا اللّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لّهُ مَا فِي السّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللّهِ وَكِيلاً ) (النساء:171) هو عدة أوجه كما قال المفسرون، فقيل: وروح منه، هو روح كسائر الأرواح إلا أن الله تعالى أضافه إلى نفسه تشريفاً وتفضيلاً كقوله تعالى في سيدنا آدم عليه السلام (إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِن طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) فهنا أضاف الله عزوجل روح سيدنا آدم عليه السلام لذاته سبحانه وتعالى تشريفاً وتكريماً له والدليل على ذلك أنه عزوجل أمر الملائكة أن يسجدوا لسيدنا آدم عليه السلام سجود تعظيم وتكريم وليس سجود عبادة. وقيل: الروح هو النفخ الذي نفخه جبريل عليه السلام في درع مريم فحملت بإذن الله تعالى، سمي النفخ روحاً لأن النفخ هو ريح يخرج من روح النافخ وأضاف سبحانه وتعالى النفخ أي الروح إلى نفسه بالرغم من أن سيدنا جبريل عليه السلام هومن قام بالنفخ وذلك لأنه عزوجل هو من أمر بالنفخ. وقيل: جرت العادة بأنهم إذا أرادوا وصف شيء بغاية الطهارة والنظافة قالوا: إنه روح فلما كان خلق سيدنا عيسى عليه السلام بنفخ من سيدنا جبريل عليه السلام لا من نطفة وُصف عليه السلام بالروح. وبناءاً على ذلك كله فإن النصارى قد ضلوا طريقهم بالإعتقاد بالثالوث القدوس ولكنهم بالرغم من ذلك يبقوا أهل كتاب وأصحاب شريعة سماوية والإسلام العظيم والمسلمون يعتبرون دخول النصارى في الإسلام، خاصة الغربيون منهم، مكسباً وإنجازاً عظيماً وذلك ليس بسبب أموالهم وحضارتهم المتطورة التي بنوها، لقوله عليه الصلاة والسلام ( إنَّ اللّهَ لا ينظرُ إلى صورِكُم وأموالِكُم ، ولَكِن ينظرُ إلى قلوبِكُم وأعمالِكُم ) (الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 4651خلاصة حكم المحدث: صحيح )، مع الإشارة إلى أن حضارتهم لا تخلو من بعض السلبيات. إنما لأن تلك القلوب الغربية تنفست شهيق حرية الفكر والعقل وطردت زفير التعصب الأعمى وذلك بسبب نجاحها في نشر قيم المساواة الإنسانية وقيم العدالة وقيم إحترام الإنسان وقيم الإجتهاد والعمل والبناء في سائر أنحاء الجسد الغربي. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المراجع:
1) موقع إسلام ويب الإلكتروني (www.islamweb.net/mainpage/index.php (http://www.islamweb.net/mainpage/index.php) )
2) موقع قاموس المعاني الإلكتروني ( http://www.almaany.com)

المؤلف: خالد صالح أبودياك