تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إثبات صحة الإسلام بالمنطق وبالقرآن الكريم



أهــل الحـديث
21-02-2014, 09:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم



إن الشرائع السماوية كلها تدعو إلى توحيد الله عزوجل وتعظيمه وهذا ما يتوافق مع العقل والمنطق السليم ما يعني بطلان دعوى النصرانية في الثالوث القدوس وكذلك بطلان دعوى اليهودية بقومية الله عزوجل وبأنهم الشعب المختار وثبوت صحة دين الإسلام الناسخ لما سبقه من الشرائع السماوية والذي يدعو إلى تعظيم وتوحيد الله الواحد الأحد الذي لا نظير له ولا شريك له وهو رب العالمين رب المسلمين والنصارى واليهود وغيرهم، فسبحانه وتعالى هو واحد في ذاته لا يتجزأ ولا يتناهى، وواحد في صفاته لا يُشبه شيئاً ولا يُشبهه شيء، وواحد في أفعاله لا شريك له ولا ند له. فوحدانية الله عزوجل يُمكن إثباتها بالمنطق وبالقرآن الكريم وفيما يلي توضيح وشرح ذلك:

أولاً: إثبات وحدانية الله بالمنطق: لو إفترضنا أن هنالك إله عظيم خلقَ الله عزوجل من عدم غير موجود، ونستغفر الله ونبرأ إليه من هكذا قول، ما يعني أن الله عزوجل هو بمثابة وسيط لأن الإله العظيم الذي إستطاع أن يخلُق الله عزوجل، هو قادر على خلق جميع الأشياء التي خلقها الله عزوجل لأن خلق الفرع أهون من خلق الأصل وذلك لأن الفرع يُخلق من أساس موجود وهو الأصل بينما الأصل يُخلق من عدم غير موجود، فالخلق من عدم هو أكثر إعجازاً من الخلق من موجود. وهذا ينطبق أو ينسحب على إفتراض تعدد الآلهة المخلوقة فلو إفترضنا أن عدد الآلهة على سبيل المثال سبعة أو أكثر فإن جميعهم يُعتبرون بمثابة وسطاء بإستثناء الإله الأعظم الأول الذي خلق جميع هذه الآلهة الوسطاء. وهذا الإفتراض غير منطقي لأنه لماذا يحتاج الإله الأعظم إلى خلق وسطاء أو وسيط بينما هو قادر على خلق جميع الأشياء التي يخلقها الإله الوسيط أو الآلهة الوسطاء، ما يُفيد أنه لا يستقيمُ الوجودُ إلا بإلهٍ وربٍ وخالقٍ واحدٍ لجميع الموجودات المخلوقة. ما يعني بكل وضوح بأن إفتراض أن الله عزوجل مخلوق أوأنه هنالك من سبقه في الألوهية أو أن هنالك من هو أعظم من الله عزوجل هو إفتراض باطل. فلا وجود في الوجود كله إلا لإله واحدٍ هو الأول والآخر الذي خلق كل شيء والذي يرث كل شيء عند فناء الكون.

ثانياً: إثبات وحدانية الله بالقرآن الكريم: قال تعالى ( لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ) (الأنبياء:22)، قال القرطبي في تفسير الآية: أنه لو كان في السماوات والأرضين آلهة غير الله معبدون لفسدتا، أي أنه لو أُفترض تعدد الآلهة فإن هذا سوف يؤدي إلى خراب السماوات والأرض وهلاك من فيهما إذا كانت هذه الآلهة أنداد أي نظراء متساويين لأنه عندما يريد إلهٌ واحد شيئاً ويريد إله آخر شيئاً ضده فإن حال هذا الشيء سوف يتوقف ولن ينفذ لأن إرادتهما متضادة ومتساوية مما يعني أن هذا الشيء المراد سوف يهلك دون أن يغلب أحدهما الآخر. أما إذا كانت العلاقة بين هذه الألهة ليست علاقة ندية فعندئذ إرادة الإله الغالب هي التي سوف تنفذ ضد إرادة الإله المقهور مما يعني أن خلق الإله الغالب سوف يعلو على خلق الإله المقهور ولذلك قال تعالى (مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ) (المؤمنون:91)، فالآية الكريمة تُشير إلى أن الله عزوجل ليس له ولد لأنه سبحانه وتعالى ليس له صاحبة أو زوجة وذلك لأنه عزوجل قائم بذاته غني عن جميع خلقه لا يحتاج أحداً، وكذلك لأنه سبحانه وتعالى لا يضعف ولا يعجز ولذلك لا يحتاج إلى ولد. فلو قُدر تعدد الآلهة لما إنتظم الوجود، فلوجدت السماء التي تُغلف الأرض لونها غير مُتسق وغير مُنتظم ومختلف من مكان إلى آخر ولوجدت جزء منها يحمي الأرض التي تحته من الأشعة فوق البنفسجية التي تصدر من الشمس بينما جزء آخر لا يحمي ما تحته من هذه الأشعة الضارة، قال تعالى (وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون ) (الأنبياء:32 )، ولوجدت أرض مستقرة ثابتة وأرض أخرى غير مُستقرة ومتحركة، قال تعالى (وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (النحل:15)، ولوجدت بعض الطيور تبيض والبعض الآخر لا تبيض ولكن المُشاهد أن جميع الطيور تبيض. ولوجدت بعض الثدييات تتغذى صغارها على حليب الأم والبعض الآخر لا تتغذى صغارها على حليب الأم ولكن المُشاهد أن جميع الثدييات تتغذى صغارها على حليب الأم، ولوجدت خلق الإنسان غير مُتسق وغير مُنتظم ولكن المُشاهد غير ذلك فالبشر هم أنواع مختلفون في الشكل واللون واللسان، قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) (الروم:22)، وقال تعالى (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) (التغابن:3)، ولكنهم جميعا مشتركون في آدميتهم وإنسانيتهم فتجد جميعهم يأكلون ويشربون ويتناسلون ويدركون ويعقلون ويمرضون ويموتون وغير ذلك، فتجد كل هذه الآيات الكونية تدل على وحدانية الله الملك العظيم الواحد الأحد وكما قال الشاعر، وفي كُلِّ شيءٍ له آيةٌ تدلّ على أنَّه واحِدُ.

فبناءاً على ذلك كله، المنطقي هو أنه يوجد إله واحد لا شريك له وهو الأول وهو الله الملك العظيم الأول الآخر وهذا ما يعتقد ويؤمن به المسلمون، فمن أسماء الله الحسنى (الأول) الذي معناه أن الله سبحانه وتعالى لم يسبقه في الوجود شيء فأولية الله هي أولية زمانية لتقدمه على كل من سواه في الزمان، قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( كان الله ولم يكن شيء قبله، وكان عرشه على الماء، ثم خلق السموات والأرض، وكتب في الذكر كل شيء)، وكذلك من الأولية أنه سبحانه وتعالى علا بذاته وشأنه فوق كل شيء، وهو الذي لا يحتاج إلى غيره في شيء وهو المستغني بنفسه عن كل شيء، قال تعالى ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد ) (فاطر:15)، وذلك لتقدمه عزوجل على غيره تقدماً مُطلقاً في كل وصف كمال فالكمال المُطلق هو مختص بذاته سبحانه وتعالى ولا أحد سواه. ولذلك فإن الله عزوجل لا يحتاج إلى وسيط أو وسطاء في خلق جميع المخلوقات فسبحانه وتعالى منفرد في العظمة والمشيئة والقدرة المُطلقة في مقابل العجز والقصور لغيره من المخلوقات فلا يُدانيه ولا يساويه أحد من خلقه في ذاته ووصفه وفعله، فالأولية هي وصف لله عزوجل وليست لأحد سواه. وبنفس الوقت الله عزوجل هو الآخر لأنه هو الباقي سبحانه و تعالى بعد فناء خلقه، الدائم بلا نهاية، الحي الذي لا يموت، قال تعالى ( وإنا لنحن نحيي ونميت ونحن الوارثون) (الحجر:23). وسبحانه وتعالى هو نور ليس كمثله نور فجميع أنوار الكون والسموات والأرض ليس لها من نور الله عزوجل إلا الإسم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.