المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مسألة في مبحث الحديث المسلسل



أهــل الحـديث
20-02-2014, 04:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم




مَسَائِل فِي عِلْمِ المُصْطَلَح



محمد بن عبد اللطيف
أبو حمزة المهاجري



الحَمْدُ لِلَهِ رَبِّ العَالَمِين.. خَالِقِ السَمَاوًاتِ السَّبْعِ وَالأَرَاضِين.. جَامِعِ الكُفَّار الفُجَّار وَالمُؤْمِنِين المُوَحِّدين فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ إلَي يَوْمِ الدِّين.. وَالحَمْدُ لَهُ أَنْ مَنَّ عَلَي الأُمَّةِ بِرِجَالٍ أَنْقَوْا سُنَّةَ نَبِيِّهِ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الكَذِبِ وَالتَّدْلِيس.. وَأَزَالُوا عَنْهَا كُلَّ ضَعِيفٍ وَمَوْضُوعٍ وَخَبِيث.. فَرَدُّوا عَنْهَا كَيْدَ الكَائِدينَ وَجَعَلُوا الكَيْدَ فِي نَحْرِ اللَّعِينِ إبْلِيس..

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّم وَبَارِكْ عَلَي سَيِّدِنَا وَحَبِيبِنَا وَقُدْوَتِنَا مُحَمَّدٍ النَّبِي الأُمِّي الصَّادِقُ الأمِين.. حَامِلِ الهِدَايَةِ وَالرَّحْمَةِ مِنْ خَالِقِ الخَلْقِ وَمَالِكِ المُلْكِ إلَي النَّاسِ وَالجِنَّةِ أَجْمَعِين..

وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ وَبَارِك عَلَي أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِين.. وَعَلَي أَصْحَابِهِ المَرْضِيِّين وَأَتْبَاعِهِ الغُرِّ المَيَامِينَ المُحَجَّلِين وَمَنْ اتَّبَعَهُم وَسَلَكَ نَهْجَهُم وَاقْتَفَي خُطَاهُم وَآثَارَهُم بِإحْسَانٍ إلَي يَوْمِ الدِّينِ..

أَمَّا بَعْد،

فَهَذِهِ بَعْضُ مَسَائِلِ المُصْطَلَحِ التِّي قَدْ جَالَتْ بِخَاطِرِي فَرَأَيْتُ أَنْ أُعَلِّقَ عَلَيْهَا تَعْلِيقَا.. وَأَسُوقُهَا إلَيكم لِتُغَلِّقُوا ثُغُورَهَا تَغْلِيقَا.. عَسَي اللهُ أَنْ يَرْزُقَنِي وَإيَّاكُم الصَّوَابَ فِي تَحْقِيقِهَا تَحْقِيقَا.. وَمَا يَأْتِي فِي مَا يُسْتَقْدَمُ مِنْ سُطُورٍ مَا هُوَ إلَّا رُؤَي ارْتَأَيْتُهَا وَشُبَهَاً وَجَدْتُهَا وَأَسْئِلَةً أَجَبْتُهَا بِمَا لَدَيَّ مِنْ قَلِيلِ عِلْمٍ وَقَصِيرِ نَظَرٍ وَبَلِيدِ حِسِّ إلَي جَنْبِكم الرَّفِيع.. وَمَا أَوْرَدْتُهُ هُنَا لَمْ أَقْرَأَهُ فِي مَكَانٍ قَبْلا.. وَلَكِنِّي وَجَدْتُ رَأْسِي بِهِ حُبْلَي.. فَوَدَدْتُ مِنْكم أَنْ لَوْ اطَّلَعْتُم عَلَيْهِ.. فَقَوَّمْتُم عِوَجَهُ وَبَيَّنْتُم خَلَلَهُ وَأَوْضَحْتُم لِيَ الصَّوَابَ وَأَرْشَدْتُمونِي إلَيْهِ.. وَأَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَرْزُقَنِي وَإيَّاكُم الإخْلاصَ فِي القَوْلِ وَالعَمَلِ وَحُسْنَ التَّوَكُّلِ عَلَيْهِ.



مَبْحَثٌ فِي الحَدِيثِ المُسَلْسَل


وَاسْتِعْرَاضِي لِمَبْحَثِ الحَدِيثِ المُسَلْسَلِ لَيْسَ الغَرَضُ مِنْهُ الاسْتِيفَاءُ وَلا الإلْمَامُ بِمَا يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ مِنْ نِقَاطٍ وَتَفْصِيلاتٍ وَلَكِنْ أَوَدُّ أَنْ أَبْحَثَ فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ وَهُوَ تَقْسِيمٌ لِلحَدِيثِ المُسَلْسَلِ لَمْ أَرَ أَحَدَاً مِنْ المُتَقَدِّمِينَ ذَكَرَهُ وَلا مِنْ المُتَأخِّرِينَ بَسَطَهُ، وَهُوَ أَمْرٌ خَاصٌّ بِالاصْطِلاح وَالتَّسْمِيَةِ أَكْثَرَ مِنْهُ بِالتَّطْبِيقِ.. وَهُوَ أَمْرٌ تَوْصِيفِي يَخْتَصُّ بِتَسْمِيَةِ الحَدِيثِ المُسَلْسَلِ إجْمَالاً وَتَفْصِيلاً وَبَيَانُ ذَلِكَ فِيمَا يَلِي بِإذْنِ اللهِ تَعَالَي.

قَدْ تَعَرَضْتُ فِي أَثْنَاءِ دِرَاسَتِي لِعِلْمِ المُصْطَلَحِ مِرَاراً عَدِيدَةً عَلَي فَضِيلَة الشيخ محمد بن إسماعيل بن عبد العزيز فِي شَرْحِ البَيْقُونِيَّة، وَكَذَا شَرْحُ الشَّيْخِ الحُوَيْنِي لِلمُوقِظَةِ وَمُخْتَصَرِ عُلُومِ الحَدِيثِ وَشَرْحِ الشَّيْخِ ابْنِ عُثَيْمِين رَحِمَهُ الله عَلَي البَيْقُونِيَّة وَالشَّيْخِ مُحَمَّد حَسَن عَبْد الغَفَّار لِلبَيْقُونِيَّة وَالشَيْخ أَحْمَد فَرِيد لِمُخْتَصَر عُلُوم الحَدِيثِ لِلطَّحَان، فَقَد أَجْمَعَ الجَمِيعُ وَاتَّفَقُوا – في شرحهم- عَلَي أَنَّ الحَدِيثَ المُسَلْسَلَ هُوَ مَا اتَّفَقَ رُوَاةُ سَنَدِهِ عَلَي صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ – قول أو فعل أو حال- فِي رِوَايَتِهِ وَهُوَ أّنَّ كُلَّ رَاوٍ قَدْ تَحَمَّلَ الحَدِيثَ عَلَي ذَاتِ الصِّفَةِ وَالنَّحْوِ الذي تَحَمَّلَهُ شَيْخُهُ مِنْ شَيْخِ شَيْخِهِ، وَهذَا المَعْنَي لِلحَدِيثِ المُسَلْسَلِ هُوَ المُسْتَقِرُ لَدَيَّ وَلَدَي الكَثيِرُ مِنْ طَلَبَةِ العِلْمِ، وَقَدْ ذَكَرَ كُلُّ المَشَايِخِ حَفِظَهُم اللهُ وَرَحِمَهُم أَمْثِلَةً لِلمُسَلْسَلِ مِثْلَ المُسَلْسَلِ بِالأَوَّلِيَّة وَالمُسَلْسَل بِالمُحَمَّدِين، وَالمُسَلْسَل بِالتَّبَسُّمِ وَهَكَذَا. وَبالاسْتِقْرَاءِ يُمْكِنُ تَقْسِيمُ المُسَلْسَلُ إلَي مُسَلْسَلٌ بِالأَفْعَالِ وَمُسَلْسَلٌ بِالأَقْوَالِ وَكُلُ قِسْمٍ مُنْهُمَا يَنْدَرِجُ تَحْتُهُ عِدَّةُ أَمْثِلَة.

وَبِالاسْتِقْرَاءِ أَيْضَاً يُمْكِنُ تَقْسِيمُ المُسَلْسَل إلَي نِسْبِي وَكُلِّي، فَإذَا وُجِدَ التَّسَلْسُلُ فِي كُلِّ طَبَقَاتِ السَّنَدِ فَهُوَ مُسَلْسَلٌ كُلِّي، أَمَّا إذَا مَا وُجِدَ التَّسَلْسُلُ فِي بَعْضِ الطَّبَقَاتِ فَقَط فَهُوَ مُسَلْسَلٌ نِسْبِي وَاللهُ أَعْلَم.

وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا هُوَ مَا أَرْنُو إلَيْهِ فِي حَدِيثِي عَنْ الحَدِيثِ المُسَلْسَل، وَلَكِنْ مَا أَرَدْتُ أَنْ أَتَعَرَضَ إلَيْهِ هُوَ وَجْهٌ جَدِيدٌ عَلَيَّ – وَلَكِّنَّهُ بِالطَّبْعِ قَدِيم- وَقَدْ تَجَاهَلَهُ جُلُّ المَشَايِخِ فِي تَنَاوُلِهِم لِلحَدِيثِ المُسَلْسَل. فَفِي أَثْنَاءِ دِرَاسَتِي لِكِتَابِ نُخْبَةِ الفِكَرِ عَلَي شَيْخِيَ الشَّيْخِ أَمِين مَاهِر ذَكَرَ لَنَا مِثَالاً لِلحَدِيثِ المُسَلْسَل وَهُوَ المُسَلْسَلُ بِالأَئِمَّةِ الحُفَّاظِ.

وَالمُتَبَادَرُ إلَي الذِّهْنِ وَعَمَلاً عَلَي أَصْلِ التَّعْرِيفِ المَوْضُوعِ لِلحَدِيثِ المُسَلْسَلِ فَيُمْكِنُنَا أَنْ نَقُولَ أنَّ الحَدِيثَ المُسَلْسَلَ بِالأَئِمَّةِ الحُفَّاظ هُوَ الحَدِيثُ الذِّي اشْتَرَكَ رُوَاتُهُ جَمِيعَاً فِي صِفَةِ الحِفْظِ وَاشْتَهَرُوا بِهَا حَتَّي صَاُرواَ أَئِمَّةً حُفَّاظَاً وَاسِعِي العِلْمِ وَالدِّرَايَة، وَإذَا أَرَدْنَا أَنْ نُمَثِّلَ لِذَلِكَ قُلْنَا مَا رَوَاهُ أَحْمَدَ عَنْ الشَّافِعِي عَنْ مَالِك عَنْ نَافِع عَنْ ابْنِ عُمَر، فَهَذَا الإسْنَادُ يُمْكِنُ القَوْلُ بِأَنَّهُ مُسَلْسَلٌ بِالأَئِمَّةِ الحُفَّاظ.

وَلَكِنْ عِنْدَ تَنَاوُلِ شَيْخِيَ المُبَارَك لِلحَدِيثِ المُسَلْسَل بِالأَئِمَّةِ الحُفَّاظِ لَمْ يَذْكُرْ شَيْئاً مِمَّا سَبَقَ البَتَّة، بَلْ سَاقَ المِثَالَ عَلَي نَحْوٍ مُغَايِرٍ لِمَا تَعَرَّضْتُ لَهُ مِرَاراً فِي الشُّرُوحِ العَدِيدَةِ التِّي أَوْرَدْتُهَا سَلَفَاً، حَتَّي أَنَّنِي اسْتَنْكَرْتُ المِثَالَ فِي نَفْسِي وَأَحْسَسْتُ أَنْ خَطْبَاً مَا قَدْ حَدَثَ وَأَنَّهُ قَدْ الْتَبَسَ عَلَيْهِ، وَلَكِنِّي حِينَ رَجَعْتُ إلَي شَرْحِ الشَّيْخِ ابْنِ عُثَيْمِين عَلَي نُزْهَةِ النَّظَرِ وَجَدْتُهُ سَاقَ ذَاتَ المِثَالِ وَقَدْ أَوْرَدَهُ ابْنُ حَجَر أَيْضَاً فِي النُّزْهَة. فَعِنْدَ تَمْثِيلِهِم لِلحَدِيثِ المُسَلْسَلِ بِالحُفَّاظِ ذَكَرُوا مَتْنَاً وَاحِدَاً لَهُ إسْنَادَانِ، وَكُلُّ إسْنَادٍ مِنْهُمَا قَدْ بَدَأَ بِإمَامٍ مِنْ الأَئِمَّةِ الحُفَّاظ، كَأَنْ يَكُنَ مَتْنَا رَوَاهُ الإمَامُ أَحْمَد عَنْ فُلان عَنْ فُلان، وَذَاتُ المَتْنِ رّوَاهُ الإمَامُ الشَّافِعِي بِإسْنَادٍ مُخْتَلَفِ تَمَامَاً عَنْ فُلانٍ ثَانٍ عَنْ فُلانٍ ثَالِث، وَمِنْ هُنَا يُطْلَقُ عَلَي هَذَا الحَدِيثُ مُسَلْسَلاً بِالأَئِمَّةِ الحُفَّاظ.
هَذَا الوَجْهُ مِنْ وُجُوه الحَدِيثِ المُسَلْسَلِ غَيْرُ مَطْرُوقٍ بِالشَّرْحِ كَمَا لاحَظْتُ ذَلِكَ، وَهُنَاكَ كَبِيرُ فَارِقٍ بَيْنَ الصُّورَةِ المَحْفُوظَةِ لِلحَدِيثِ المُسَلْسَلِ وَهَذَا المِثَال الأَخِير، فَصِفَةُ التَّسَلْسُلِ المَحْفُوظَة هِيَ صِفَةٌ لِلإسْنَادِ مُنْفَرِدَاً بِدُونِ أَنْ يَكُونَ لِلمَتْنِ فِيهَا نَصِيب، أَمَّا الصَورَةُ الثَّانِيَة فَالتَّسَلْسُلُ فِيهَا وَصْفٌ لِلمَتْنِ بِاعْتِبَارِ الإسْنَاد وَلا يُمْكِنُ لِلإسْنَادِ أَنْ يَسْتَقِلَ بِصِفَةِ التَسَلْسُلِ إلَّا بَعْدَ التَّنْبِيهِ عَلَي الإسْنَادِ الآخَر مَعْ وِحْدَةِ المَتْنِ.

لِذَا فَقَدْ رَأَيْتُ أَنَّ إطْلاقَ مُصْطَلَحِ المُسَلْسَلِ هَكَذَا مُجَرَّدَاً عَلَي الصُّورَةِ الثَّانِيَة مِنْ صُوَرِ الحَدِيثِ المُسَلْسَلِ تَحْمِلُ خَلَلاً كَبِيرَاً وَذَلِكَ لِلفَرْقِ الجَوْهَرِي بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ، فَالمُتَبَادَرُ إلَي الذِّهْنِ عِنْدَ الحَدِيثِ عَنْ الحَدِيثِ المُسَلْسَلِ هُوَ الصُّورَة الأُولَي المَحْفُوظَة وَالتِّي هِيَ صِفَةٌ للإسْنَادِ خَالِصَةً لَهُ، وَلا تَنْطَبِقُ بِذَاتِهَا عَلَي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَالتِّي وَرَدَ فِيهَا إسْنَادَانِ لِمَتْنٍ وَاحِدٍ وَالتَّسَلْسُلِ هُنَا يَكُونُ صِفَةً لِلمَتْنِ لا الإسْنَادِ وَذَلِكَ لِعَدَمِ إمْكَانِ إطْلاقِ التَّسَلْسُلِ عَلَي أَحَدِ الإسْنَادَيْنِ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِ مَعَ الآخَرَ مِنْ خِلالِ المَتْنِ فَيَكُونُ التَّسَلْسُلِ صِفَةُ المَتْنِ هُنَا لا الإسْنَادِ، فَلَوْ أَنَّنَا تَحَدَّثْنَا عَنْ سَنَدٍ وَاحِدٍ فَقَطْ مِنْهُمَا انْتَفَتْ عَنْهُ صِفَةُ التَّسَلسُلِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهَا عَلَي الحَقِيقَةِ.

وَأَنَا لَمْ اَبْحَثُ كَثِيرَاً فِي تَفْصِيلِ العُلَمَاءِ لِلحَدِيثِ المُسَلْسَلِ عَلَي الوَجْهِ الذِّي ذَكَرْتُ وَلَكِنِّي اعْتَمَدْتُ عَلَي شُرُوح المَشَايِخِ لِلحَدِيثِ المُسَلْسَلِ وَطَالَمَا لَمْ يَأْتِ تَعْليِقٌ مِنْ أيٍّ مِنْهُم عَلَي هَذَا التَّقْسِيم فَالغَالِبُ الأَعَم أنَّ هَذَا التَّقْسِيم لَمْ يَحْظَ بَكَثِيرِ اهْتِمَامٍ بَيْنَ المُتَقَدِّمِينَ أَيْضَا. وَقَدْ بَذَلْتُ بَعْضَ الجَهْدِ لِلْبَحْثِ عَنْ مُصْطَلَحٍ جَدِيدٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ كِلا الوَجْهَيْنِ لِكَي لا يَحْدُثُ الْتِبَاسٌ فِي الوَصْفِ وَلِكَيْ يَسْهُلُ مِنْ خِلالِهِ التَّفْرِيقُ بَيْنَ نَوْعَي التَّسَلْسُلِ لِأَنَ الأَصْلَ هُوَ دَلالَةُ اللَّفْظِ لِمَضْمُونِهِ وَمُطَابَقَتِهِ لَعُمُومِ جُزْئِيَّاتِهِ وَاللهُ أَعْلَم. لِذَا فَقَدْ بَحَثْتُ عَنْ بَعْضِ المُصْطَلَحَات الأُخْرَي التِّي تُفِيدُ مَعَنَي المُشَابَهَةِ (التَّسَلْسُل) مَعَ تَعَدُّدِ السَّلاسِلِ (أَي الإسْنَادِ) مَعَ بَيَانِ أَنَّ التَّسَلْسُلَ المَقْصُودُ إنَّمَا هُوَ بِأَوَّلِ حَلَقَةٍ مِنْهُ فَقَط، وَلَكِنْ هَذَا لَمْ يَتَأَتَّي لِي، فَرَأَيْتُ أَنَّ التَّفْصِيلَ فِي ذِكْرِ التَّسَلْسُلِ أَوْجَب، فَمَا كَانَ مُسَلْسَلاً عَلَي صُورَتِهِ المَحْفُوظَةِ يُقَالُ عَنْهُ (مُسَلْسَلاً) كَمَا هُوَ مَعْهُودٌ عِنْدَ أَهْلِ الاصْطِلاح، أَمَّا مَا كَانَ مِنْ الضَّرْبِ الثَّانِي مِنْ التَّسَلْسُلِ فَإطْلاقُ المُسَلْسَلِ عَلَيْهِ هَكَذَا مُجَرَّدَاً فِيهِ خَلَل وَتَقْصِير شَدِيد فِي بَيَانِ مَقْصُودِ التَّسَلْسُلِ الحَاصِلِ فِيهِ، لِذَا فَرَأَيْتُ أَنَّ هَذَا الضَّرْبُ الثَّانِي لا يُسَمَّي مُسَلْسَلاً بِإطْلاقِ، بَلْ يَجِبُ بَيَانِ حَالِهِ وَذَلِكَ بِقَوْلِنَا (مُسَلْسَلٌ بِاعْتِبَارِ إسْنَادَيْنِ) أَوْ (مُسَلْسَلٌ بِاعْتِبَارِ ثَلاثَةِ أَسَانِيد) وَهَكَذَا، وَهَذَا هُوَ ثَمَرَةُ الحَدِيِثِ وَمَا أَرَدْتُ أَنْ أَخْرُجَ بِهِ وَاللهُ المُسْتَعَان.

وَكَمَا ذَكَرْتُ لكم أَنَّ المَسْأَلَةَ التِّي أَنَا بِصَدَدِهَا هِيَ مَسْأَلَةُ اصْطِلاحٍ وَبَيَانٍ وَدِلالَة.. وَهَذَا مَا ذَهَبَ إلَيْهِ عَقْلِي مِنْ بَحْثٍ، فَأَرْجُو مِنْكم التَّعْلِيقَ عَلَيْهِ وَتَقْوِيمِي حَالَ الخَطَأِ وَإرْشَادِي إلَي مَا فِيهِ صَلاحُ اسْتِدْلالِي وَاسْتِرْشَادِي وَقَوَامَةُ عَقْلِي وَسَدَادُ فِكْرِي وَاللهُ المُسْتَعَان.