تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عرض كتاب اسم الكتاب /معجم الأخطاء الشائعة ،مكتبة لبنان ،ط2، 1985م الباحث/ خالد محمد على الشرقي



أهــل الحـديث
15-02-2014, 11:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



الموضوع عرض كتاب
اسم الكتاب /معجم الأخطاء الشائعة ،مكتبة لبنان ،ط2، 1985م
A Dctonary of Common ******** Errors and their Corrections.
المؤلف/ محمد العدناني
الكتاب واحد من المعاجم التي تسعى إلى تتبع لأخطاء لتي تجري على ألسنة المثقفين سواء أكانت مسموعة أم مقروءة . يقع الكتاب في (363) صفحة من القطع المتوسط ويحتوي على (1186) مادة لغوية رتبت أبوابا بحسب أحرف الهجاء .كما أنه يحتوي على مقدمة ذكر فيها الكاتب خطته ومنهجه ومصادره . يلي ذلك صلب الدراسة والتي هي عبارة عن قسمين الأول متن المعجم و الثاني دليل هذا المتن ، مشفوعا بمجموعة من الفهارس هي : فهرس دليل المعجم ، فهرس المراجع ، فهرس محتويات المعجم. والكتاب وإن لم يكن الوحيد في موضوعه ؛فهناك غيره من الكتب السابقة له نذكر منها : الكتابة الصحيحة لزهدي جار الله ، قل ولا تقل لـ مصفى جواد ، لغة الجرائد للشيخ إبراهيم اليازجي ، أخطاء شائعة في العلوم الزراعة والنباتية لـ مصطفى الشهابي – لكن على الرغم من ذلك فقد تميز بجملة من المزايا كانت السبب الذي جعلني أعرضه للقارئ الكريم. نعم قد يكون هناك بعض الهفوات سنتحدث عنها لا حقا- لكنها لا تذكر مقارنة بمزاياه وذلك ما سنسلط الضوء عليه في العرض التفصيلي الآتي.

يمكنني في هذا المقام الاستعانة بمستويات التصنيف الثلاثة التي نعتمدها في دراستنا المعجمية مع أستاذنا في مرحلة التمهيدي دكتوراه ؛ الأستاذ الدكتور حميد العواضي وهي : مستوى الجمع – مستوى الترتيب – مستو ى التعريف وذلك على النحو الآتي:
أولا في مستوى الجمع
في هذا المستوى يمكن تصنيف المعجم ضمن لمعاجم الصغيرة ؛ إذ إنه يحتوي على (1186) مادة لغوية من الألفاظ التي انزاحت عن المعيارية اللغوية أو توهم أنها كذلك . ومن ثم فهو معجم أحادي اللغة يهدف إلى تصويب الأخطاء الشائعة التي وقع فيها مستخدمو اللغة مع التعليل المدعوم بالأدلة والشرح .
وقد اعتمد المؤلف –لجمع مادته- نوعين من المصادر ؛ الأول استقى منه المادة اللغوية . تمثل في : مجموعة من الصحف والمجلات ،والكتب وما دار على ألسنة الخطباء والمذيعين في الوسائل المسموعة والمرئية . الثاني مصادر استقى منها الصواب وأدلته تمثل بمجوعة من المصادر اللغوية كالقرن الكريم و الحدث المروي عن رسول الله بلسان عربي مسلم و أمهات المعاجم اللغوية و الشعر العربي وما أقرته المجامع اللغوية من الألفاظ,و أمهات كتب النحو , وتحكيم العقل والمنطق؛ فقد ذكر هذه المراجع في مقدمته
أما إذا نظرنا إلى كيفية جمع المادة اللغوية فسنجد أن المؤلف لا يكتفي بالمواد التي وقع فيها الخطأ فحسب بل يعرض تلك التي توهم فيها الخطأ ويسعى إلى التصويب أو التفنيد عن طريق ما يورده من أدلة. كما يورد الاحتمالات الأخرى من التعبير في المواد التي توهم فيها الخطأ ومن ذلك قوله في ص19 :
"لابد للعرب من استرداد فلسطين طال الزمن أم قصر" "لا بد للعرب من استرداد فلسطين سواء أطال الزمن أم قصر"
فالمؤلف أراد من خلال إيراد الاحتمالين السابقين الإشارة إلى أن كليهما صحيح من جهة،والرد وتفنيد الزعم القائل بخطأ التعبير الأول عن طريق ما يورده من الحجج والبراهين التي قد تصل إلى سبع في هذا المقام من جهة أخرى وقد تزيد أو تنقص في غيره. بل إنه لا يكتفي بذلك وإنما قد يفضًل استخدام ما توهم أنه خطأ على غيره في نهاية كلامه عن المادة كما حصل في المثال .( انظر: باب الهمزة، مادة (2))
ثانيا في مستوى الوضع و الترتيب
تم وضع المواد -التي وقع فيها خطأ أو توهم- في الكتاب بحسب الترتيب الحديث للمعاجم التي تعتمد الترتيب الألف بائي الجذري ؛ بمعنى أن المؤلف قد قسم كتابه إلى أبواب مرتبة حسب تريب الحروف العربية ،ثم وضع تحت كل باب من هذه الأبواب المادة التي وقع فيها خطأ أو توهم متسلسلة بحسب الحرف الأول من الجذر.
على أنه أثناء ترتيبه للألفاظ الخاطئة في أبواب الكتاب يعتمد مصدر الخطأ وليس الخطأ ذاته ؛ فمثلا عبارة: "هذه الإبط تؤلمني" مرتبة في باب الهمزة مع أن الخطأ أو ما توهم أنه كذلك هو استخدام اسم الإشارة ، إلا أنه اعتمد لفظة "إبط" أثناء الترتيب لأنها مصدر الخطأ، وكذلك يورد عبارة: "صاح على فلان" في باب الصاد وإن كان الخطأ هو استعمال حرف الجر "على" دون "الباء" ؛لأن مصدر الخطأ هو الفعل "صاح" وهكذا......
كما أنه في ترتيبه للمواد داخل أبواب المعجم قد جعل الصواب هو العنوان للمادة ليس الخطأ وهذا الصنيع من لمؤلف غريب لما له من عيوب سنتعرض لها لاحقا .
ثالثا في مستوى التعريف
معجم الأخطاء الشائعة كما يتضح من العنوان ومن خلال التتبع للمواد لواردة فيه هو معجم تقويمي يرتكز على عرض الخطأ أو ما يتوهم خطؤه ثم يسعى إلى تصويبه إن كان خطأ أو تفنيده والرد عليه إن كان متوهما معززا ذلك بالعديد من الأدلة والشواهد التي تثبت وجهة نظره ومما يلاحظ في هذا المستوى من التصنيف ما يأتي:
أن المؤلف يميز بين الخطأ وبين ما يتوهم أنه كذلك بقوله – في حال الخطأ- : "يقولون" ثم يورد الخطأ ويصوب ويقول في الحالة الثانية: " يخطئون من يقول" ثم يورد ما يتوهم خطأه ويعلق عليه ويفنده.
أنه لا يحكم بخطأ اللفظ – خصوصا إذا ورد من أديب مشهور أو لغوي كبير- إلا إذا استقصى المعاجم جلها وكتب اللغة الموثوق بصحتها ، وعلى العكس من ذلك إذا وجد عددا من المعاجم تؤيد استعمال ما؛ فإنه لا يسعى إلى استقصاء البقية حتى ولو وردت اللفظة من أديب مغمور .
يحرص المؤلف على المتداول على ألسنة العامة أكثر من غيره مع عدم تخطئة الفصيح الذي لا تستعمله العامة ؛ فهو يقول – على سبيل المثال في سياق حديثه عن جواز تأنيث وتذكير ذراع –:
" ولما كان تذكير ذراع جائزا ،ولما كانت العامة تذكره أيضا فلا أرى مانعا من تذكير ذراع أكثر من تأنيثه" (ينظر :ص95).
يحرص على توثيق الشواهد ونسبتها إلى قائلها إلا إذا كان الشاهد للمؤلف ذاته ، وهذا عند استشهاده على الصواب أما عندما يستشهد على الخطأ ؛ فإنه على العكس من ذلك لا ينسب الشاهد إلى قائله في الأغلب إلا إذا اضطر إلى ذلك ؛ كأن يكون الأديب مشهورا أو أن العديد من الأدباء والمؤلفين قد تبنوا رأيه من ذلك –على سبيل المثال- ما أورده في باب الدال قال:
" ويقولون : دوى الرعد : سمع له دويُّ معتمدين قول عنترة:
طرقت ديار كندة وهي تَدْوى دويُّ الرعد من ركض الجياد.
وتجمع المعاجم علي أن الصواب هو: دَوًى تَدْوية " (ينظر: ص3)
إن المؤلف قد يقترح على المجامع اللغوية بعض الاستعمالات التي لم يرد فيها إجماع ؛ فهو مثلا في الشاهد السابق يقول :
" ومع ذلك اقترح على مجامعنا إجازة استعمال (دَوَّى) لأن الأدباء يستعملونه أكثر من (دَوًى)..."
ومع كل هذا نجده لا يقبل الرأي الفرد ولا ينصح باستعماله إلا بعد موافقة مجامع اللغة عليه حتى وإن صدر هذا الرأي من لغوي مشهور يقول في الشاهد السابق بعد أن يورد تجويز الغلاييني لاستعمال (دَوَى) _:
" ولا أنصح بموفقة الغلاييني على رأيه إلا إذا تبناه أحد مجامعنا ..." (انظر السابق)
المؤلف قد يلجأ إلى التسلسل التاريخي في التدليل على ما يراه ولاسيما عند استشهاده على صواب ما يراه غيره خاطئا يقول المؤلف في باب الذل :
" ويخطئون من يقول : جرح فلان ذراعه اليسرى (....) ولكن يقول الصحاح والأساس واللسان والتاج ومد القاموس ومتن اللغة والوسيط: أن كلمة ذراع قد تذكر"( ص95)
ملاحضات ختامية
ويحسن بعد هذا العرض أن نتعرض إلى ما بدا لنا من محاسن المعجم و بعض هناته ؛ فمن محاسنه :
أنه عمد إلى ضبط الكلمات بالشكل التام مع تحري الدقة لاسيما تلك التي تحتمل أكثر من وجه على إحدى حروفها مثل (غَُِلظة) ؛فإنه فضلا عن وضعه للحركات الثلاث على الحرف الأول يؤكد ذلك بالقول : "بالغين مثلثة" ؛ يقصد أن الغين تنطق بالحركات الثلاث.
الحيادية إلى حد ما وعدم التعصب لمذهب دون آخر بل يبدو أنه يسعى غالبا للتقريب بين وجهات النظر وتضييق هوة الخلاف ؛ فهو يعتمد رأي البصرة كما يعتمد رأي الكوفة كما يستدل برأي ابن جني أو الزمخشري أو أي مفكر أو لغوي آخر دون تفضيل معين.
إن الكتاب غالبا يسعى إلى إقناع القارئ بالحجج والدلائل الكثيرة والمتنوعة على ما يورده من رأي حول مادة لغوية يعرضها ولاسيما تلك التي يخالف فيها غيره.
الإكثار من مصادره والتنويع فيها ؛ حيث شمل القديم و الجديد، واستوعب اللغوي والنحوي ، فضلا عن مواكبته لأحدث الآراء التي تبنتها المجامع اللغوية على اختلاف منشئها.
لكن –على الرغم من تلك المحاسن- فيبدو أن هناك بعض الهنات من وجهة نظري يمكن إجمالها فيما يلى :
إنه جعل الصواب عنوانا للمادة اللغوية – وهو وإن كان قد علل ذلك في المقدمة الحرص على ترسيخ الصواب في ذهن القارئ – إلا أن الأصل أن يجعل الخطأ هو عنوان المادة حتى يتسق ذلك مع عنوان الكتاب ولا يحدث التضارب بينهما والارتباك عند لقارئ ؛ إذ إن عنون المعجم هو: " الأخطاء الشائعة " ، وعنوان المادة المعروضة فيه هو الصواب هذا أمر . الأمر الآخر هو أن هذا الصنيع مدعاة أن يتوِّه القارئ لاسيما إذا كان الخطأ ناشئا من عدم الدقة في استعمال الألفاظ في التعبير عن المعاني ،وليس خطأ نحويا أو صرفيا ومن ذلك استخدامه لـ" وَكَفض البيت –أوكف البيت" عنوانا لخطأ هو " دلف السقف" (ص91) فالقارئ هنا مضطر إلى التدقيق وقراءة ما يأتي بعد العناوين حتى يجد ضالته. بل ربما احتاج إلى الرجوع إلى دليل المتن ، ومن ثم تفقد الكلمات المفتاحية ولترتيب المتبع في المعجم أثرهما وقيمهما في البحث.
ولذا فإن المؤلف–على ما يبدو- قد استشعر هذه الزلة فحرص على أن يُتْبِع متن المعجم بدليل مفتاحي للمواد ولو أنه جعل عنوان المادة المعروضة هو الخطأ لما احتاج إلى أن يفعل ذلك . هذا فضلا عما يحدث مثل هذا الصنيع من أثر نفسي ؛ فقد ينعكس على القارئ خلاف ما أراد المؤلف ؛ إذ قد يترسخ الخطأ في ذهنه بدلا من الصواب.
إنه قد يعرض بعض المواد في المعجم دون إشارة إلى أنها خاطئة أو صائبة في الاستعمال أوهناك من خطأها، وإنما يكتفي بعرض آراء حولها دون تدخل منه مما يشعر بالتردد حول الحكم على صوابها من خطئها. وكان الأصل ألاَّ يعرض تلك المواد في المعجم ؛ لأنها بعيدة عن هدف المعجم الأساسي . ومن الأمثلة على ذلك كلمة (أثاث) في ص21 فبعد عرضها يقول :
" يقول الفراء :الأثاث هو متاع البيت ، ولا واحد له ويرى معظم المعاصرين رأي الفراء ولكن أبا زيد والأزهري والجوهري وابن سيدة والفيروز آبادي يرون: أن الأثاث يشمل المتاع والعبيد ولإبل والغنم والواحدة أثاثة ؛ قال تعالى في الآية 74 من سورة مريم :" وكم أهلكن من قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا " وجاء في فسير الجلالين : هم أحسن مالا ومتاعا ومنظرا" .
فمن الملاحظ أن المؤلف – من خلال عرضه السابق- قد عرض لهذه المادة وهي جائزة على الرأيين فكان الأجدى أن لا يذكرها في المعجم لاسيما وأنه لم يشر –كما يفعل مع بقية المواد- إلى من يخطئ استعمال دون آخر.
تشدده وحرصه على الإجماع بشأن استعمال مادة لغوية ونبذه للرأي الفرد –لاسيما إذا كان مشهورا- لا مبرر له ذلك لأن هذا التشدد قد يوقعه أحيانا في التناقض مع نفسه . فحين يعرض مادة من المواد على أنها خاطئة ، يعود للقول بصوابها. ومن الأمثلة على ذلك عبارة" قارنته بفلان " في ص23 فحين يعرضها على أنها تعبير خاطئ والصوب كما يقول هو: "قابلته بفلان" يعود مرة أخرى في الأخير ليقول :
" ولكن المعجم الوسيط قال: قارن الشيء بالشيء وزنه (محدثة) وأنا أؤيده على أن يحضى ذلك بموافقة مجمع القاهرة الذي صدر عنه الوسيط".
كان الأولى بالمؤلف ألا يعرض هذا الاستعمال لاسيما وقد أيد استعمال هذا التعبير أسوة برأي القاموس ويترك ذلك للزمن فهو الكفيل بأن يقره أو يبطله ؛ فاللغة من نتاج المجتمع وليست مقدسة لا يجوز اختراقها لاسيما في جانبها المعجمي ؛ فكم من الألفاظ ماتت واندثرت ونشأت أخرى إما بفعل المجاز أو بفعل عوامل أخرى. أما أن نتشدد ونتعصب لتعبير دون آخر بحجة أو بأخرى فإن ذلك يقف عائقا أمام ناموس اللغة وقانون المجتمع في التطور التحديث.
على أنه – وبالرغم من هذه الهفوات التي وقع فيها المؤلف – يبقى لهذا المعجم أهميته التي تبرز من خلال ما حشده من الآراء اللغوية حول ما يعرضه من مواد كما تبرز أهميته من كونه مرجعا لا يستغني عنه المثقف فضلا عن المتلقي العادي لاسيما في هذا الزمن الذي ساده القصور بالإلمام بقواعد اللغة على كل المستويات بين أوساط المثقفين والتي تلاحظ في كتاباتهم وخطاباتهم الرسمية فضلا عن العامة من الناس.
الباحث/ خالد محمد على الشرقي
تمهيدي دكتوراه ،كلية الآداب جامعة صنعاء