المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إثبات رجوع العالِم عن بعض وهمه خير من إلزامه به



أهــل الحـديث
14-02-2014, 03:50 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



إثبات رجوع العالِم عن بعض وهمه خير من إلزامه به


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه واهتدى بهداه، أمّا بعد:
إنّ المصنِّف لا ينفكّ مهما رسخت في العلم قدمه، واستوى على سُوْقِه؛ مِن الوهم والزلل، والسهو والغلط. وتتسع رقعة الوهم ما اتسعت رقعة الكتاب، ويعسر إمساك الوهم عن الذَّيْع، ما تطاول الزمن المبذول في التأليف والتصنيف؛ كأن يملي المؤلِّف أو المصنِّف جزءًا أو قطعة من بحثه وكتابه رأى أنه قد انتهى منه، أو يذيعه في مجلس عِلمه، أو يدفع به إلى بعض مَن يثق في علمه ورأيه، وقد يكون هذا البعض من أهل الآفاق؛ حتى إذا بدا للمؤلف بعض وهمه وغلطه، لم يستطع تداركه، وقد سرى وخرج عن كِنِّه. لذا نجد بعض أئمّتنا في مواضع يرجع فيها عن بعض قوله، ويقرّ بما ظهر له من وهمه وغلطه، وقد يقع الرجوع في عين الكتاب الذي وَهِم فيه، وهذا يُتصوَّر في المطوَّلات التي غالبًا ما يتكرّر فيها ذِكر الشيء بعد الشيء، أو في الكتب المتفرّقات التي قد يقع فيها مِن تكرار البحث والنظر ما يقع. ولا شكّ أنّ الاعتذار للعالِم بإظهار رجوعه الذي ردّ به غلطه، واستدرك به على نفسه، أَوْلَى وأقوم من إلزامه وتوهيمه بغلط قد رجع هو عنه، وضرب بنفسه عليه. مِن أجل ذلك كان لزامًا على الناقد أو الناظر أو الطالب أو الباحث أو المؤلف أو المستدرِك أو المتتبِع: أنْ ينعم النظر في طول الكتاب وعرضه، فيستقري الموطن بعد الموطن والمحل بعد المحل والمظِنَّة بعد المظِنَّة، أو أنْ يستقري مصنَّفات ذلك العالِم التي هي مظنة التعرض للمسألة محل النظر أو البحث أو الوهم أو الغلط التي ظهرت للناظر أو الباحث، أو أنْ يستقري كذلك مؤلّفات تلامذته والآخذين عنه، وذلك قبل أنْ يقطع بغلط العالِم أو وهمه؛ فلعله رجع وأصلح، أو لعله كشف في موضع غير الموضع الذي يُظَنّ أنه وَهِم فيه عن خبيء يُجلّي حقيقة الأمر ويُبيِّنه ويَكشِف عنه ..
أقول قولي هذا وأستغفر الله تعالى لي ولكم، وبالله تعالى التسديد والتوفيق.

***