المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ترتيب الفاعل والمفاعيل في الجملة العربية



أهــل الحـديث
13-02-2014, 09:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



ترتيب الفاعل والمفاعيل في الجملة العربية
تتالف الجملة الفعلية من الفعل"المبني عليه" ومن "المباني " الفاعل والمفاعيل ،والفاعل يتقدم على المفاعيل ،بحسب الأهمية والاحتياج المعنوي ،وقد قال السيرافي: قال سيبويه: فإذا بنيت الاسم على الفعل قلت :ضربتُ زيداً وهو الحد, كما كان الحد ضرب زيدٌ عمراً, يعني تأخير المفعول هو الأصل والوجه, ويعني أن الحد تأخير زيد مع الفاعل المكني وهو التاء, كما كان الحد تأخير المفعول مع الفاعل الظاهر"( 1) فأصل ترتيب الجملة الفعلية هو أن يتقدم الفعل المبني عليه يليه الفاعل ثم المفعول, بغض النظر عما إذا كان الفاعل ظاهراً أو مضمراً.
وقد قال ابن مالك:
"والأصلُ في الفاعلِ أن يتَّصلا والأصلُ في المفعول أن يَنْفَصِلا
وقــد يجـاءُ بخـــلافِ الأصـل وقد يجيءُ المفعولُ قبلَ الفِعْلِ"( 2)
---------------------------------------------
(1) السيرافي - شرح كتاب سيبويه ، المخطوط، ج1،ص 190 .
(2) ابن الناظم - شرح ابن الناظم على على ألفية ابن مالك ، ص 164.
----------------------------------------------------
كما أن الرضي يرتب الضمائر المتصلة بالفعل من المتكلم إلى المخاطب إلى الغائب فيقول: وضع المتكلم أولاً ثم المخاطب ثم الغائب"(1 ) أما ابن عقيل فيقول: ضمير المتكلم أخص من ضمير المخاطب وضمير المخاطب أخص من ضمير الغائب"(2 ) .
فهذه الضمائر تترتب برتبة المعنى, والأقرب يتقدم على الأبعد, " فإذا جئت بالمتصل بعد الفعل فحق هذا الباب أن تبدأ بالأقرب قبل الأبعد وأعني بالأقرب المتكلم قبل المخاطب والمخاطب قبل الغائب"( 3) كما قالت امرأةٌ للرسول صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله إني نسجتُ هذه بيدي لأكسُوَكهَا( 4). فالفعل أقرب إلى فاعله من المفعول به وأقرب من النفس منه إلى الغير, والفعل أخص بفاعله من المفعول, وهكذا تترتب الكلمات من الأخص إلى غير الأخص وذلك لأن الفعل صادر من الفاعل, فهناك علاقة معنوية وثيقة بين الفعل والفاعل وهي أشد من العلاقة بين الفعل والمفعول،وتعليل هذا الترتيب " أنك تريد أن تعمل الفعل وتجعله صدر الكلام في النيّة وتعمله في الاسم وتحمل الاسم عليه"( 5) فعلة تقدم الفعل أنه متقدم في النفس, أو تقدم معناه في النفس, ولذلك تقدم الفعل في اللفظ وهذا الفعل العامل بحاجة إلى معمول يعمل فيه وهو الفاعل الذي صدر عنه الفعل, ثم بعد ذلك تُوصِل الفعل إلى المفعول الذي وقع الفعل عليه،وقد اتصل الفعل بفاعله لأن الفعل لا بُدَّ له من فاعل ولكنه قد يستغني عن المفعول, فحاجة الفعل إلى فاعله أشد من حاجته إلى المفعول،وبعد فالذي يبدو لي أن اللغة وجدت من أجل التفاهم والإفادة, والعربي يقدم في كلامه ما هو أهم, ومن هنا تقدم الفاعل على المفعول, لأن كثافة المعلومات التي يحملها الفاعل أهم مما يحمله المفعول, فاهتمام المتكلم والمخاطب بالفاعل أشد من اهتمامهما بالمفعول, لأن الفاعل يقدم لهما أكبر كمية من المعلومات المفيدة, ولذلك قال النحاة: إن الفاعل متى ما حذف تقدم المفعول, فهو يأتي في المرتبة الثانية بعد الفاعل في سد حاجة المخاطب من
----------------------------------------------------
1- الرضي - شرح الكافية ، ج2،ص 412.
2-ابن عقيل - شرح ابن عقيل ، ج1، ص 103.
3- ابن السراج - الأصول في النحو ، ج 2،ص 120.
4- خديجة الحديثي-موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث، ص249.
5- السيرافي - شرح كتاب سيبويه ، المخطوط ، ص 191
----------------------------------------------------
المعرفة, " وربما كان هذا الترابط بين الفعل والفاعل هو الذي دفع النحاة إلى القول بأنه لا بد لكل فعل من فاعل مذكور أو مقدر وهو الذي يدفع المحلل أو المعرب لأن يبحث عن فاعل لمجرد ذكر كلمة (فعل), لأن الفعل بحاجة دائماً إلى فاعل ليتَّحِد معه ويلازمه ليستقيم معناه, والفاعل بحاجة إلى ما يُسندُ إليه" .
وتترتب المفاعيل في الجملة الفعلية بناءً على منزلة المفعول من الفعل، حيث تتقدم المفاعيل نحوه بالرتبة (المنزلة) و ذلك بحسب قوة العلاقة المعنوية بين المبني عليه والمفعول, وهذا الموضوع وإن كان من الأمورالمختلف عليها بين النحاة إلاّ أنهم متفقون على أن المؤثر في عملية الترتيب هي منزلة المبني من المبني عليه،أو قوة العلاقة المعنوية بينهما ، والرتبة غير محفوظة ،فهي على سبيل الأولوية وليست على سبيل الإلزام ،
فالرضي يرتبها كالتالي:
فعل+فاعل+مصدر+مفعول به+ظرف زمان+ظرف مكان +مفعول له +مفعول معه.
أما الأشموني فيرى الترتيب على الشكل التالي:
فعل+فاعل+مصدر+مفعول به+مفعول لأجله +ظرف زمان +ظرف مكان+مفعول معه .
أما الصبان فيقول في حاشيته على شرح الأشموني:قال الفارضي:إذا اجتمعت المفاعيل قدم المفعول المطلق ثم المفعول به الذي تعدى إليه العامل بنفسه ثم الذي تعدى إليه بواسطة الحرف ثم المفعول فيه الزماني والمكاني ثم المفعول له ثم المفعول معه مثال ذلك :ضربت ضربا زيدا بسوط نهارا هنا تأديبا له وطلوع الشمس ،والظاهر أن هذا أولى لا واجب.
وقد رتبها د .تمام حسان على النحو التالي:
" فعل + فاعل + مفعول به + مفعول معه + مفعول مطلق + ظرف زمان + مكان + مفعول له ،
كقولنا:ضربت زيداً وطلوعَ الشمسِ ضرباً شديداً يومَ الجمعةِ في دارِهِ تأديباً له "( 1).
ولعل ترتيب الدكتور تمام حسان هو الأقرب إلى الصواب, فالفعل يتقدم بكونه المبني عليه الذي يتركب عليه الكلام, والفاعل يتقدم على المفعول لأنه لا بد للفعل من فاعل ولا يستغني عنه, فحاجة الفعل للفاعل أشد من حاجته للمفعول " كما أن الفعل حركة الفاعل والحركة لا تنفك عن محلها"(2 ). فالفاعل أقرب إلى الفعل من غيره لأنه صادر عنه, كما أن الفاعل هو المخبر عنه وهو أولى من غيره بهذا الخبر, ولهذا عندما يذكر الفعل يتبادر إلى الأذهان أولاً معرفة الفاعل لأن الفعل مرتبط بفاعل يقوم به. كما أن كثافة المعلومات التي ينقلها لفظ الفاعل أكثر من غيره, فذكره مفيد للمخاطب. ودلالة الفعل عليه قوية جداً ولذلك تقدم على المفاعيل, وقد يكون الفعل بلا مفاعيل.
وتقديم المفعول به" لأن طلب الفعل الرافع للفاعل له أشد من طلبه لغيره, والفعل يحتاج إلى محل يقع فيه"(3 ).
----------------------------------------------------
1- تمام حسان - البيان في روائع القرآن ، ص 378.
2- السهيلي - نتائج الفكر ، ص 67.
3- الرضي - شرح الكافية ، ج1، ص 219.
----------------------------------------------------
ولأنه متعلِّق بأحكام المرفوعات من جهة رفعه إذا ناب عن الفاعل, ومن جهة حصول الفائدة به كحصولها بالفاعل على الجملة, ومن أجل أن الفعل يقتضيه بمعناه كما يقتضي الفاعل"( 1). فإذا قلنا: ضرب زيدٌ فأول ما يتبادَرُ إلى ذهن المخاطب السؤال عن المفعول به فالفعل يصدر من الفاعل ثم يقع على المفعول. فالفعل بعد الفاعل يحتاج إلى المفعول ودلالته عليه قوية وذكره أهم وأكثر إفادة من غيره.
وتقديم المفعول معه, لأنه الفاعل أو المفعول من جهة المعنى,فعندما نقول جاء زيد وطلوع الشمس. فطلوع الشمس فاعل من جهة المعنى وهو مصاحب لفعل المجيء يقول ابن هشام " لبعض المفاعيل الأصالة في التقديم على بعض إما بكونه مبتدأ في الأصل أو فاعلاً في المعنى أو مسرَّحاً لفظاً أوتقديراً والآخر مقيد(2)
وتأخيره للمصدر عن المفعول به عين الصواب, فصحيح أن الفعل له دلالة قوية على المصدر, إلاّ أنه يجب أن لا ننسى أن ذكره غير مفيد أو أن حاجة الفعل إليه ليست قوية فتأخيره أفضل من تقديمه "وذلك لأن ذكر الفعل مغنٍ عنه ( 3)،وتقديمه للمصدر على الظرف, لأن دلالة الفعل على المصدر أقوى من دلالته على الظرف, " ( 4) . وتقديمه للظرف " لأنه لا بد للفعل من زمان ومكان يكون فيهما"( 5), ولأن الفعل إنما اختلفت أَبنيته للزمان, وهو مضارع له من أجل أن

---------------------------------------------------
1- الشاطبي - المقاصد الشافية ،ج1،ص212 .
2- ابن هشام - أوضح المسالك ، ج 2 ، ص 183-184.
3- السهيلي - نتائج الفكر ، ص 387.
4-ابن أبي الربيع - البسيط في شرح جمل الزجاجي، ج1،ص 507.
5- ابن عصفور - شرح جمل الزجاجي ،ج1،ص324 .
----------------------------------------------------
الزمن حركة الفلك, والفعل حركة الفاعلين"( 1) , واحتياج الفعل إلى الزمان والمكان ضروري"(2 ), "كما أن الدلالة على الزمان وقعت عليه من لفظ الفعل"(3 ).وتقديمه للزمان على المكان "لأن دلالة الفعل على الزمان أقوى من دلالته على المكان ولذلك قد يحتاج الفعل إلى حرف جر يصل به إلى المكان ولكنه يصل إلى الزمان بدون حرف"( 4).
أما تأخيره للمفعول له " فلأن الفعل قد يكون بلا علة, فقد يكون فاعل الفعل ساهياً أو مجنوناً, فلا يقع فعله لسبب, فلا يكون للفعل إذ ذاك مفعول من أجله"( 5) "ورب فعلٍ بلا علةٍ"(6 ) كما أن الفعل في الأصل يصل إليه بحرف جر لضعف العلاقة بينهما.
ويتضح من ترتيب المفاعيل أن المباني تتقدم بالرتبة (المنزلة) من الخاص إلى العام أو من القريب إلى البعيد.
وقد قال تعالى: " لقد صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرؤيا بالحقِ"(الفتح27)"فهنا جرى التعبير على الأصل ولم يقدم شيء على شيء"(7 ) حيث تقدم الفاعل فالمفعول الأول فالثاني فالجار والمجرور وذلك بسبب قوة العلاقة المعنوية, كما قال تعالى: " وَنَحْشُرُهُم يومَ القِيامَة على وجُوهِهِم عُميا وبُكما وصُما " (الاسراء 97) تقدم الفاعل على المفعول فالزمان فالمكان فالحال. " ولكنه (الفاعل) يرتبط بفعله حتى إنهما لَيُعَدان كالكلمة الواحدة, ثم ترتبط بقية كلمات الجملة بهما ارتباط الدوائر بالبؤرة "(8 )" فكل كلمة ترتبط بالبؤرة فيها والتي هي الفعل بسبب وعلاقة معينة وبذا يتحقق النظم في الجملة"( 9).
---------------------------------------------------
1- الزجاجي - الجمل ، ص 32.
2- الرضي - شرح الكافية ،ج1، ص296.
3- عبدالقاهر الجرجاني - المقتصد في شرح الإيضاح ،ج2 ، ص 628-629.
4- سيبويه - الكتاب ،ج1، ص 35 .
5- ابن عصفور - شرح جمل الزجاجي ، ج1، ص 324.
6- الرضي - شرح الكافية ، ج1،ص 295.
7- فاضل السامرائي - الجملة العربية ،ص 38 .
8- خليل عمايرة - في نحو اللغة العربية وتراكيبها ، ص 190 .
9- المصدر نفسه ، ص 100.
----------------------------------------------------
فليس النظم سوى تعليق الكلم بعضها ببعض وجعل بعضها بسبب من بعض"( 1) . " فلا نظم في الكلم ولا ترتيب حتى يعلق بعضها ببعض ويبنى بعضها على بعض وتجعل هذه بسبب من تلك"( 2). وتتم عملية التعليق بناءً على المنزلة والمكانة والاحتياج المعنوي عند المتكلم.
===============================
1-عبد القاهر الجرجاني - دلائل الاعجاز ، ص 87 ، 55.
2- عبد القاهر الجرجاني - دلائل الاعجاز، ص 55.
---------------------------------------------