المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تمهل قليلا!! يا من تُغرد!!!



أهــل الحـديث
13-02-2014, 05:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



بسم الله الرحمن الرحيم

هذه أيها الأحبة مقالة جديدة لشيخنا أبي عبد الله حمزة النايلي (وفقه الله)، نفعنا الله وإياكم بها.


تمهل قليلا!! يا من تُغرد!!!

الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين،نبينا محمد وعلى آله،وصحبه أجمعين.
أما بعد:
لقد تعددت اليوم أيها الأحبة الكرام طرق التواصل بين الناس فلم تصبح قاصرة على الجوالات! فقط كما كانت من قبل! بل تعدت إلى وسائل أخرى أكثر تطورا منه،ومن ذلك ما يسمى بـ "التويتر "،حيث انتشرت هذه الوسيلة انتشارا واسعا،وتزايد عدد مستخدميها بشكل كبير خاصة في السنوات الأخيرة.
إن استعمال هذه الوسيلة اليوم بين المسلمين لم يصبح قاصرا على فئة معينة من الناس!،ولا على عمر محدد!،بل تنوع مريدوها،فأصبحت مستعملة،من أهل الصلاح وأهل الفساد !ومن الأغنياء،والكثير من الفقراء! ومن الصغار وكذلك الكبار!بل إن أكثر من يستعملها اليوم هم من الشباب ذكورا كانوا أو إناثا!!.
أيها الأفاضل إن الكثير من أعداء الدين من الكفار والمنافقين و المفسدين قد اتخذوا من هذه الوسيلة سبيلا لنشر أفكارهم الهدامة!ومخططاتهم الخبيثة!من أجل محاربة الإسلام وإفساد المسلمين،فكانت لهم طريقا لنشر كل رذيلة! ومحاربة كل فضيلة! أخزاهم الله ورد كيدهم.
و أيضا جعلها بعض أهل البدع المارقين منبرا يبثون من خلالها ضلالاتهم الباطلة! وأهوائهم المنحرفة! فأفسدوا على بعض المسلمين دينهم القويم،وأبعدوهم عن الصراط المستقيم،ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم.
أيها الكرام إننا لا ننكر النفع الذي في هذه الوسيلة الحديثة!وأن هناك من استغلها –جزاه الله خيرا- فيما يعود عليه وعلى غيره بإذن الله جل وعلا بالخير في الأمور الدنيوية والأخروية،وأنها كانت في بعض الأحيان سببا في إرشاد بعض الناس إلى ما ينفعهم ويُبصرهم بالحق، ولله الحمد.
لكن مما يحزن أيها الأحبة ما نراه ونسمع به من التساهل!والتوسع الزائد! الذي أصبح عند بعض من يريد استغلال هذه الوسيلة فيما ينفع المسلمين.
ومن ذلك أنها أصبحت تُقضى فيها الكثير من الأوقات!وتُصرف فيها العديد من الساعات!! حتى على حساب قراءة القرآن!وذكر رب البريات! بل إن بعضهم قد فرط بسببها في حضور مجالس العلم وشهود موائد العلماء، بل كانت سببا حتى في التفريط في بعض الواجبات!.
فيا من وفقك الله جل وعلا واستغليت هذه الوسيلة في النصح والإرشاد وما يعود بالنفع على العباد، احذر أشد الحذر من كثرة التوسع فيها! فإنها قد تجرك إلى تفريط في ما هو أهم!بل قد تؤدي بك إلى الوقوع فيما لا يحبه الباري سبحانه ولا يرضاه،و هذا كله من خطوات إبليس اللعين الذي يريد أن يبعدك عن رب العالمين.
ومن ذلك عدم اكتراث البعض!في وضع بعض الصور والمقاطع المرئية! مع ما فيها من مخالفات شرعية! فبدل أن تكون سببا في الهداية! تصبح معينا على الانحراف والغواية!!.
وكذلك ما يكون من البعض!من التساهل في مخاطبة النساء وكذلك حتى من بعض النساء!في التواصل مع الرجال!حتى وإن كان ذلك في سبيل الدعوة!ونشر العلم!وقد تُستعمل بينهم أحيانا بعض الرموز التعبيرية!!كوضع القلوب! أو ما يوحي بالابتسامة!فالحذر الحذر !فإن الرموز مؤثرة ومعبرة عن الألفاظ!.
فينبغي تجنب هذا كله! لأنه من اتباع خطوات الشيطان التي نهانا عن سلوكها الرب جل وعلا الرحمن،فقال سبحانه:(ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)[البقرة :208].
يقول الإمام ابن القيم –رحمه الله-:"ومن مكايده أنه يسحر العقل دائما حتى يكيده ولا يسلم من سحره إلا من شاء الله، فيزين له الفعل الذي يضره حتى يخيل إليه أنه من أنفع الأشياء، وينفر من الفعل الذي هو أنفع الأشياء له حتى يخيل له أنه يضره،فلا إله إلا الله كم فتن بهذا السحر من إنسان!، وكم حال به بين القلب وبين الإسلام والإيمان والإحسان، وكم جلا الباطل وأبرزه في صورة مستحسنة، وشنع الحق وأخرجه في صورة مستهجنة، وكم بهرج من الزيوف على الناقدين، وكم روج من الزغل على العارفين".إغاثة اللهفان(1/110)
يا من تغرد! تمهل قليلا!!!.
واسأل نفسك!! لماذا أغرد؟!.
هل من أجل أن يستفيد الناس! فأكون بعون الله جل وعلا سببا في توجيههم إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة؟!
أو من أجل البحث عن الشهرة! و ثناء الناس؟!.
اعلم –سددك الله-أن هذا الهدف الأخير! يقدح في الإخلاص! وينافي الصدق مع الباري جل وعلا، يقول إبراهيم بن أدهم-رحمه الله- :"ما صدق الله عبدٌ أحب الشهرة ".حلية الأولياء لأبي نعيم (8/31)
احذر -وفقك الله-من أن تغتر بكثرة من يتابعك! ويستقصي أخبارك!، يقول الإمام الذهبي –رحمه الله- : " لا أفلح والله من زكى نفسه أو أعجبته ".سير أعلام النبلاء (4/190)
و لا تحزن –ثبتك الله- من قلة من يتابعك! فإن الحق لا يعرف بالكثرة! يقول الإمام الفضيل بن عياض –رحمه الله- :"اتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين ". الاعتصام للشاطبي ( 1/83)
ويقول الإمام ابن القيم–رحمه الله-:"وإياك أن تغتر بما يغتر به الجاهلون،فإنهم يقولون لو كان هؤلاء على حق لم يكونوا أقل الناس عددا،والناس على خلافهم فاعلم أن هؤلاء هم الناس ومن خالفهم فمشبهون بالناس وليسوا بناس، فما الناس إلا أهل الحق وإن كانوا أقلهم عددا ". مفتاح دار السعادة (1/147)
اجعل غايتك إرشاد الناس إلى ما يحتاجونه! لا إلى ما يطلبونه!!.
ومن أهم ما يحتاجه الناس دعوتهم إلى توحيد رب العالمين، وإلى التمسك بسنة خير المرسلين، وتحذيرهم من البدع وأهلها وكل المنحرفين، لكن ينبغي أن يكونك ذلك بالحكمة،و بأسلوب حكيم.
رغب المسلمين في التفقه في الدين،وحُثَّهم على الرجوع إلى العلماء الربانيين،لأن في ذلك النجاح والفلاح في الدارين بإذن أرحم الراحمين.
ابتعد – زادك الله حرصا- عن فضول الكلام!فما الذي يستفيده الناس من قولك في تغريدتك! أكلت كذا ! وذهبت إلى كذا!واشتريت كذا!!غير أن تشغل نفسك!وغيرك!عن الأهم!.
تذكر قبل أن تُغرد! أن كل ما تكتبه! ستسأل عنه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم! فاحذر من أن تكتب شيئا يعود وقوفك بين يدي رب البريات بالندم والحسرات!.
يقول الإمام ابن قتيبة –رحمه الله-:"ومن أيقن أنه مسئول عما ألف وعما كتب لم يعمل الشيء وضده، ولم يستفرغ مجهوده في تثبيت الباطل عنده".تأويل مختلف الحديث(ص 59)
ويقول الشاعر –رحمه الله- :
وما مِنْ كاتِبٍ إلا استبْقَى
كتابتَه وإنْ فنيَتْ يــدَاهُ
فلا تكتُبْ بخطّكِ غيْرُ شيء
يسرّك في القيامَة أنْ تـراهُ .محاضرات الأدباء لأبي القاسم الأصفهاني(1/131)
فالله أسأل بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن يشغلنا وإياكم في طاعته،وأن يجنبنا الأهواء وكل أنواع الشرور، ومن ذلك العجب والرياء و الشهرة وحب الظهور!،فإنه سبحانه ولي ذلك والعزيز الغفور.


وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


أبو عبد الله حمزة النايلي