المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صلاح القلوب



عميد اتحادي
12-02-2014, 10:20 PM
- صلاح القلوب -
· الحمد لله.. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه وأتباعه.. وبعد.. أعلم أن صلاح القلوب هو القوى الواقعة التي تدفع العبد إلى نيل المأمول، وتحقيق المطلوب والوصول إلى المنازل العالية والمراتب السامقة والدرجات الرفيعة، وبصلاح القلوب يظل العبد زهرة هذا المجتمع الفقيه التي ينبعث عطرها الذكي، ويفوح شذاها ففي كل اتجاه، لتبعث في هذا المجتمع قيم الإسلام العظيمة، وأخلاقه السامية التي ترتقي بها الحياة إلى الأفضل في الدين والدنيا لتعيد حياة السلف الصالح.

· مكانة القلب من الجوارح والأعضاء..
· إن أشرف ما في الإنسان قلبه، فإنه العالم بالله، والعامل له والساعي إليه، وهو المقبول عند الله والمحجوب عنه، وهو المطالب والمخاطب والمعاتب، وهو الذي يسعد ويشقى، وهو المطيع الحقيقي لله، والعاصي المتمرد على مولاه، وإنما الجوارح أتباع وخدام له يستخدمها القلب، استخدام الملوك للعبيد، ولهذا يقال: القلب ملك الأعضاء وبقية الأعضاء جنوده، وهم مع ذلك جنود طائعون له لا يخالفونه في شيء، فإن كان الملك صالحاً كانت جنوده صالحة وإلا فجنوده فاسدة, فيا عجباً!!, لهذه المضغة الصغيرة التي لا تتجاوز قبضة اليد وما أودع الله فيها من أسرار عجيبة، فقد وردت في الحديث الذي خرجه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الحلال بيّن وإن الحرام بيّن), إلى أن قال: (ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب).

· سلامة القلب منفعة..
· والقلوب منها المريض ومنها السليم، ولا ينفع عند الله إلا القلب السليم. قال تعالى: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ* إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ), وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ويقول: (اللهم إني أسألك قلباً سليماً), والقلب السليم هو الذي سلم من الآفات والكروهات وصلح على محبة الله ورسوله، ومحبة طاعتهما وكراهة معصيتهما، واستقامة إيمان العبد مرتهنة باستقامة قلبه.

· روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه).

· قال الحسن لرجل: (دار قلبك فإن حاجة الله إلي العباد صلاح قلوبهم), فينبغي على العاقل الرشيد أن يسارع إلى مداواة قلبه يجري وراء سراب كي يروي به ظمأه، و يلتقم الجمر كي يسد جوعته ويرمي بنفسه في هوة سحيقة يستحيل الخروج منها عياذاً بالله.

· القلب موضع الإيمان..
· لما كان القلب موضع الإيمان, ومطية العبد التي يقطع بها الفيافي والبيداء وبغية الوصول إلى رب الأرض والسماء، وهذا أمر معلوم.
· يقول ابن القيم: (إن العبد يقطع منازل السير إلى ربه بقلبه وهمته لا بجوارحه وأعضائه), لذلك كان صلاح القلوب من الأولويات لاسيما أن النفس جبل شاق عظيم في طريق السائرين إلى الله تعالى، وكل سائر لابد وأن ينتهي إليه، وفي الجبل أودية وعقبات وشوك ولصوص يقطعون طريق السائرين إلى الله وعلى قلة الجبل الشيطان يحذرهم من صعوده ويخوفهم من عقباته فإن لم يكن معهم عدد الإيمان ومصابيح اليقين التي تتقد بصلاح القلوب تعلقت بهم تلك المتواضع وتشبثت بهم تلك الموانع وحالت بينهم وبين الله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ).

· ما يترتب على كون القلب صالحاً.. · يترتب على صلاح القلب صلاح الجوارح والأعضاء قال الحسن رحمه الله: (ما ضربت ببصري ولا نطقت بلساني ولا بطشت بيدي ولا مشيت على قدمي حتي أنظر أعلى طاعة أم على معصية، فإن كانت طاعة تقدمت وإن كانت معصية تأخرت).

· وقال محمد بن الفضل البلخي: (ما خطوت منذ أربعين سنة خطوة لغير الله عز وجل)، وقيل لداود الطائي: (لو تنحيت من الظل إلى الشمس، قال: هذه خطاً لا أدري كيف تكتب).

· فهؤلاء القوم صلحت قلوبهم فلم يبق فيها إرادة لغير الله تعالى فصلحت جوارحهم فلا تتحرك إلا لله ولما فيه مرضاته.


م ن ق و ل