المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد من محاضرة الشيخ العلامة عبدالكريم الخضير العزوف عن طلب العلم ورابط صوتي للمحاضرة



أهــل الحـديث
09-02-2014, 08:30 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


مراحل الطباعة في الديار المصرية:
1- مطبعة بولاق والمطابع الأهلية: وفي هذه المرحلة نُشرت الكتب التراثية دون مقدمات ولا دراسات لا للمؤلف ولا للكتاب المراد ولا ذكر للمخطوطات ولا فهرستها، وتتميز هذه المرحلة بالدقة المتناهية والتحرير الكامل، وكان يقوم على التصحيح فئة من العلماء:
- نصر الهرويني.
- محمد بن عبدالرحمن، المعروف بقطة العدوي.
وقد نشر في هذه المرحلة أصول التراث العربي دون تحيز إلى مذهب أو اتجاه.

2- المرحلة الثانية: وقد عنيت هذه المرحلة إلى حد ما بجمع النسخ المخطوطة للكتاب المراد نشره وذكر ترجمة للمؤلف، وبعض الفهارس. وقد قام على رأس هذه المرحلة عدد من الأسماء المهمة:
- محمد أمين الخانجي.
- محب الدين الخطيب.
- محمد منير الدمشقي.
- حسام الدين القدسي.

3- المرحلة الثالثة: مرحلة دار الكتب المصرية، وفي هذه المرحلة أخذ تحقيق الكتب ونشرها يتجه الى النضج والكمال، من حيث جمع النسخ المخطوطة من مكتبات العالم، وإضاءة النصوص ببعض التعليقات والشروح، وصنع الفهارس التحليلية الكاشفة لكنوز الكتب، وقد تأثر هذا المنهج إلى حد ما بمناهج المستشرقين الذين نشطوا إلى نشر تراثنا وإذاعته من القرن الثامن عشر الميلادي، وقد وقف على رأس هذه المرحلة:
- أحمد زكي باشا، شيخ العروبة.

4- المرحلة الرابعة: مرحلة الأفذاذ من الرجال: وهي مرحلة الأعلام من أمثال:
- أحمد محمد شاكر.
- محمود محمد شاكر.
- عبدالسلام هارون.
- السيد أحمد صقر.
وقد دخل هؤلاء الرجال ميدان التحقيق والنشر مزوّٓدين بزاد من علم الأوائل وتجاربهم، ومدفوعين بروح عربية إسلامية عارمة، استهدفت إذاعة النصوص الدالة على عظمة التراث، الكاشفة عن نواحي الجلال والكمال فيه.

هذا نص جليل القدر من نصوص العلامة: محمود محمد الطناحي، نقلته بتصرف بسيط من مقالاته: (1/129).

قلت: هذه مراحل أربع سطرها العالم المحقق عن الطباعة في بلد من أعظم بلدان العالم الإسلامي، والذي كان نهرا متدفقا في نشر تراث الأمة وأصولها، وهي مراحل رغم البون الشاسع بينها إلا أنها تتسم جميعها بالثبات والقوة، وتختلف في جوهرها ومكنونها.

ولكن من حكمة الله تعالى أن كل شيء يمضي في أطوار النمو يتجدد ويتحسن ويزداد حسناً وجمالا حتى يصل إلى مرحلة تنقلب فيه الموازين، فتكون هذه الزينة عبارة عن مساحيق تخفي بها عيوباً مروعة، فأصبح نشر الكتب وتحقيق النصوص عمل من لا عمل له، وكان في وقت مضى هو عمل الرجال الأشاوس العلماء، لا أقلل من قدر أحد، ولا يزال في الأمة خير، ولكن الضرر عم وطم، وأصبحنا بسبب المتنفعين والمتأكلين بتراث الأمة نتحسر على ما مضى، ونبكي على ما بقي.

تبدلت المعايير، وانقلبت الموازين، فأصبح نشر الكتب تجارة بعد أن كان علماً بقواعد يراد منها إخراج نص حقيقي كما تركه المؤلف، فأخرجت لنا المطابع مسوخاً شائهة!

ضُخمت الكتب بالحواشي والكلام المكرور الذي لا يفيد النص المحقق، فنجد كتاباً لا يتجاوز في عدد لوحات مخطوطته 30 لوحة يطبع في قريب من 300 صفحة!

خُرجت الأحاديث من كل جزء عرفه الناس أو لم يعرفوه وأصله في الصحيحين!

تُركت العبارات المشكلة، والمواقع المجهولة، والرجال المغمورون، والإحالات المهمة، والنقول العزيزة، إلى التعريف بعمر بن الخطاب، او علي بن ابي طالب رضي الله عنهم!

عرف تاريخ المطابع والتحقيق رجالا وضعوا بصماتهم الحقيقية في صفحاته، وقد قدموا لهذا جهداً وعملاً استحقوا به التقدم والسيادة، وقد زاحم هؤلاء ركب من علماء المسلمين الأعاجم، فكانوا آية من العجب لكل مشاهد ومتابع، وعلى رأسهم:
- عبدالعزيز الميمني.
- السيد محمد يوسف.
فقد عانوا رحمهم الله لغة العرب وآدابها حتى أتقنوا وأجادوا وأصبحوا أعلاماً في صروح العلم والتحقيق، وكانت جهودهم في التحقيق من أجل الجهود وأجملها، وعلى عكسهم تماماً نجد في زماننا حرفوا تراث امتنا باسم التحقيق،
وقد رأينا من عجائب ذلك ما لا يقدر إنسان على تحمله والصبر عليه.

والله أسأل أن يوفقنا وإياكم لكل خير وفلاح، وأن يعز هذا الدين وأهله، وأن يرزقنا وإياكم سلامة النية، وحسن الطوية.

كتبه: وليد بن خالد الدلبحي