المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تقسيم النقاد ((لمتشدد)) و((متساهل)) و((معتدل))! والتنبيه على خطر التعميم في ذلك!!



أهــل الحـديث
09-02-2014, 05:11 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَالصَّلاَةُ وَالسّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ ، وَعَلَى آله وَصَحْبَه أجميعن .
وَبَعْد ،
- فَقَدْ تتَابعَ الْأئِمَّة الْأَعْلاَم ، وَالْمُصَنَّفِينَ مِنَ الْعُلَمَاءِ الثِّقَاتِ فِي عِلْمٍ مَا عَادَ يَعْرُفُ ب(( مُصْطَلَحُ الْحَديثِ )) عِنْدَ تَعَرُّضِهُمْ لِأَبْوَابِ التَّجْرِيحِ وَالتَّعْدِيل ؛ تَعَرُّضُهُمْ لِإِبْرَازٍ وَتَصْنِيفُ الْأئِمَّةِ النُقَّادَ مِمَّنْ عُرْفُ وَنَقِلَّ عَنْهُمْ تَعْدِيلُ الرُّوَاةِ وَتَجْرِيحَهُمْ؛ إِلَى أَقْسَامٍ :
مُتَشَدِّدٌ ،
وَآخِرُ مُتَوَسِّطُ مُعْتَدِلٍ ،
وَثَالِثُ مُتَسَاهِلٍ .
* وَعَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ سَارَ وَصنْف وَقسْم كُلُّ مِنْ تَصْدر للتأليف وَالْكَلاَم فِي هَذَا الشَّأْنِ .
- وَالْكَلاَمُ آنِفًا مِنْ حَيْثُ مَنْشَأِهُ وَأَصِلُهُ وَوُجُودَهُ لَا إمتعاض مِنْه وَلَا إعتراض عَلَيه ؛ فَالْأَمْرُ وَاقِعٌ لَا مَنَاصٌ مِنْه وَالْأَصْنَافَ الثَّلاثَةَ وُجِدْت فِي عَصْرِ النَّقْدِ الْأَوَّلَ ، وَهاكَ
بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ عَلَى سَبِيلٍ العُجَلالة على واحد من تلك الأقسام!
* جاء في كتاب الجرح والتعديل لإبن ابي حاتم ((7/73)) ما نصه:
«سئل أبو زرعة عن فضيل بن سليمان فقال لين الحديث روى عنه علي بن المديني وكان من المتشددين» ا.ه
* ما جاء في تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ((10/243)) نقلاً عن علي بن المديني قوله: « إذا اجتمع يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي على ترك رجل لم أحدث عنه، فإذا اختلفا أخذت بقول عبد الرحمن لأنه أقصدهما، وكان في يحيى تشدد » ا.ه
* وما جاء من قول الإمام أحمد لإبنه صالح حين مَقدِّمه من البصرة:
«لم لم تكتب عن عمرو بن مرزوق؟ فقال: نهيت، فقال: إنّ عفّان كان يرضى عمرو بن مرزوق ومن كان يرضي عفّان!.» ا.ه
* وَأُوضِحُ مِنْ ذَلِكً وَأْبَيْنِ، ما جاء في تهذيب الكمال للمزي ((20/168)) عن ابن المديني قوله:
«أبو نعيم وعفان صدوقان لا أقبل كلامهما في الرجال هؤلاء لا يدعون أحدا إلا وقعوا فيه » ا.ه

قال الذهبي معلقاً كنا في السير ((10/250)) :« يعني أنه لا يختار قولهما في الجرح لتشديدهما، فأما إذا وثقا أحدا فناهيك به» (10/250).
وَقَدْ قَيَّلَ فِي تَفْسِيرِ تُشَدِّدُهُمَا أُمُورً لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُ بَيانَتِهَا وَالْكَشْفَ عَنْ أَمْرِهَا !
- إِذَا الْغَرَض أَوَلَا وَأخَرًا هُوَ بَيَانٌ أَنَّ الْأَمْرَ وَاقِعٌ فِي مَدْرَسَةِ النَّقْدِ وَتَفَاوَتَ النُقَّادِ فِي هَذَا الْأَمْرِ .
وَلَكِنَِّي أَرَت أَنَّ اِنْبَهْ إِلَى أَمْرِ جدُّ مُهِمٍّ بل غَايَةً فِي الْأهَمِّيَّةِ وَلَا أُبَالِغْ .
* وَهُوَ أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمُ وَلِلْأَسَفِ قَدْ تمَّ التَّعَامُلُ مَعَه عَلَى أَنَّه مَسْأَلَةُ فَرَضِيَّةٌ وَوُضِعَ فِي قَالِبِ وَاحِدٍ لَا يَتَجَزَّأُ!!
فَقَدْ طَفحْت كُتُبً وَأبْحَاثُ الْمُعَاصِرِينَ حِينَ تعَارِضُ أَقْوَالَ أئِمَّةٍ الْجَرْح وَالتَّعْدِيلُ ، بالإختيار وَفْقً هَذَا الإعتبار وَمِنْ ثَمَّ تَقْريرٍ وَتَدْعِيم الإختيار وَتَصْوِيبَهُ بِالتَّلْويحِ بِهَذَا التَّقْسِيمُ وَهَذِهٍ الْقَاعِدَةُ ، وَاللهُ الْمُسْتَعَانِ وَعَلَيه التكلان !

* وَمُرَادي أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ مِنْ نُقْل عَنْهُ أُنهُ مُتَشَدِّدُ يُسْحَبُ كُلُّ أَقْوَالِهِ عَلَى الراوة عَلَى هَذَا الْوَصْفُ ، وَالْعَكْسُ بِالْعَكْسِ .

- وَقَدْ نَبَّهَ إِلَى هَذَا الْأَمْرِ ذَهَبِيُّ الْعَصْرِ الشيخ عبد الرحمن المعلمي اليماني حين قال:
« ما اشُتهر أنَّ فلاناً من الأئمة مُسَهِّل، وفلاناً مُشّدِّد، ليس على إطلاقه، فإنَّ منهم من يُسهل تارةً، ويُشدد أُخرى، بحسب أحوال مختلفة، ومعرفةُ هذا وغيره من صفات الأئمة التي لها أثر في أحكامهم، لا تحصل إلاَّ باستقراء بالغ لأحكامهم، مع التدبر التام» ا.ه
وَهَذَا تَنْبِيهُ دَقيقٌ وَتَلْويحُ نَفِيسٍ !

إِذْ أَنَّ هَؤُلَاءِ النُقَّادَ أئِمَّةً مُجْتَهِدُونً فَقَدْ:
* يَتَرَأَّى لِأَحُدَّهُمْ سَبَب لِجرْحِ رَاوِي فَيَجْرَحُهُ ، وَلَا يَبَيّنُ هَذَا السَّبَبُ لِنَاقِدِ آخِرِ فِي نَفْسِ الرَّاوِي فَيُعَدِّلُهُ ،
* أَوْ أَنْ يَكُون عَارِفٌ بِهِ وَمِنْ بَلَدِيِهِ فَيَرْمِيهِ بِمَا هُوَ أهْلٌ لَهُ وَفِيه ، وَيَخْفَى الْأَمْرُ عَلَى آخر فيصفهُ بِالنَّقِيضِ !
* وَقَدْ يَكُونُ التَّشَدُّدُ فِي الْعِبَارَةِ وَالْوَصْفَ لَا فِي الْحُكْمِ ، وَهَذَا يٌمْثل لَهُ بِالناقِدِ الْكَبِيرِ يَحْيَى بْنُ معَيَّنٍ ، فَقَدْ وصفَهُ غَيْرَ وَاحِدٍ بِالتَّشَدُّدِ وَالتَّعَنُّت فِي جرْحِ الرُّوَاةِ ، وَعِنْدَ التَّأَمُّلُ تَجِدُ أَنَّ تَشَدُّدَهُ-رحمه الله- فِي الْعِبَارَةِ وَالْوَصْفَ لَا فِي الْحُكْمِ ، وعِندَ أَدْنَى مُقَارِنَةٍ بَيْنَ حُكْمِهِ وَنَاقِدٍ اخر ترى بِجَلاَءٍ أَنَّ مَآلَ الْأَمْرِ وَاحِدً وَمَنَتَاهُ مُتَشَابِهً في غالب أقواله !

- ثُمَّ إِنَِّي قَدْ رأيت كَثِيرَا أَثْناءِ مُطَالِعَتِي لِكَتَبِ الْجَرْح وَالتَّعْدِيل تَسَاهَلَ بَعْضُ الْأئِمَّةِ مِمَّنْ رَمَوْا بِالتَّشَدُّدِ فِي كَلاَمِهُمْ عَلَى بَعْضُ الرُّوَاةِ ، وَوُجِدَ النَّقِيضُ مَعَ مَنْ رُمَِّيٍ بِالتَّسَاهُلِ وَوُجِدَ مِنْه تَشَدُّدً !!

* ثَُمَّ أعْلَمِ أَنَّهٌ لَيْسَ مِنَ التَّشَدُّدِ الْإكْثَارَ مِنَ الْكَلاَمِ عَلَى الرُّوَاةِ كَمَا فَهِمَهُ بَعْضُ مِنْ قُصِّرْت أَفْهَامَهُمْ وَدقَّتْ عقولهم وألبابهم!!

* أَوْ التَّشَدُّدُ فَيَمَّن وُجْد كَلاَمٌ مِنْ باقِي الْأئِمَّةِ النقاد عَلَيهُمْ ، إِذَا الْأَمْرِ دائر رَحَاهُ فِي أُناسٍ قَدْ وُجِدَ مِنْ جرْحهُمْ مِع تَفَاوَت الْأَحْكَامُ فِي ذَلِكً عَلَيْهِمْ ، فَتُنَبِّهُ وَلَا تُعَجِّلْ !

* فَخلاصَةُ الْأَمْرِ/
- هُوَ التَّعَامُلُ مَعَ كُلُّ قَوْلٍ وَحُكْمً عَلَى حِدَّةٍ وَعَدمُّ الْخِلْطِ وَالتَّعْمِيمَ ، لِتُصِيبَ كَبِدَ الصَّوَابِ ، وَتَنْأَى بِنَفْسكَ عَن الْمَزَلَّةِ وَالْوُقُوعَ فِي حُفْرِ الْأَخْطَاءِ !

- وَأَنّ لا تُحَاكَمَ الْإمام عَلَى فَهْمِكَ وأجتهادك وَنَظْرَِيَاتِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَتَقْسِيمَاتُهُمْ فَهَذَا شَيْء جدّ خَطِيرٌ وَوَقعِهِ عَلَى وَاقِعِ النَّقْدِ وَالْبَحْثُ جَسِيمٌ !
هذا والله أعلى وأعلم.