المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من أسباب استجابة الدعاء بأذن الله



عميد اتحادي
07-02-2014, 06:20 PM
*اسرار استجابة الدعاء*
أسرار استجابة الدعاءسؤال طالما تفكرت فيه: لماذا ﻻ**** يُستجاب دعاؤنا مع أن الله تعالى قد تعهّد باستجابة الدعاء، وبدأتُ رحلة من التدبر في آيات القرآنالكريم، وكانت هذه المقالة..




. يقول تعالى في محكم الذكر يخاطب حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186]



. وهذا يدل على أن الله قريب منايسمع دعاءنا ويستجيب لنا. ولكن الذي لفت انتباهي أن الله يجيب الدعاء فكيف نستجيبله تعالى (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) وهل هو بحاجة ﻻ****ستجابتنا؟!*



من هنا نستطيع أن نستنبط أن الله يدعونا إلى أشياء ويجب علينا أن نستجيب له،وبالتالي إذااستجبنا لله سوف يستجيب لنا الله.
فما هي اﻷ****شياء التي يجب أن نعملها حتى يُستجاب دعاؤنا؟إذا تأملنا دعاء اﻷ****نبياء والصالحين في القرآن نﻼ****حظ أنالله قد استجاب كل الدعاءولم يخذل أحداً من عباده، فما هو السرّ؟*
لنلجأ إلىسورة اﻷ****نبياء ونتأمل دعاء أنبياء الله عليهم السﻼ****م،وكيف استجاب لهم الله سبحانه وتعالى.



هذا هو سيدنا نوح عليه السﻼ****م يدعو ربه أن ينجيه من ظلم قومه،يقول تعالى: (وَنُوحًا إِذْ نَادَى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) [اﻷ****نبياء: 76]



. وهنانﻼ****حظ أن اﻻ****ستجابة تأتي مباشرة بعد الدعاء




. ويأتي من بعده سيدنا أيوب عليه السﻼ****م بعد أن أنهكه المرض فيدعو الله أن يشفيه،يقول تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْنَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآَتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) [اﻷ****نبياء: 83-84]



. وهنا نجد أن اﻻ****ستجابة تأتي على الفور فيكشف الله المرض عن أيوب عليه السﻼ****م



. ثم ينتقل الدعاء إلى مرحلة صعبة جداً عندما كان سيدنايونس في بطن الحوت!



فماذا فعل وكيف دعا الله وهل استجاب الله تعالى دعاءه؟ يقول تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَعَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَالْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [اﻷ****نبياء: 87-88].



إذن جاءتاﻻ****ستجابة لتنقذ سيدنا يونس من هذا الموقف الصعب وهو في ظلمات متعددة:
ظﻼ****م أعماق البحر وظﻼ****م بطن الحوت وظﻼ****م الليل



. أما سيدنا زكريا فقد كان دعاؤه مختلفاً، فلم يكن يعاني من مرض أو شدة أو ظلم،بل كان يريد ولداً تقر به عينه



،فدعا الله: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًاوَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىوَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ)
[اﻷ****نبياء: 89-90]
. وقد استجاب الله دعاءه مع العلم أنه كان كبير السنّ وﻻ**** ينجب اﻷ****طفال،وكانت زوجته أيضاً كبيرة السن. ولكن الله قادر على كل شيء




. والسؤال الذي طرحته: ما هو سرّ هذه اﻻ****ستجابةالسريعة ﻷ****نبياء الله،ونحن ندعو الله في كثير من اﻷ****شياء فﻼ**** يُستجاب لنا؟لقد أخذ مني هذا السؤال تفكيراً طويﻼ****ً، وبعد بحث في سور القرآن وجدت الجواب الشافي في سورة اﻷ****نبياء ذاتها.




فبعدما ذكر الله تعالى دعاء أنبيائه واستجابته لهم، قال عنهم:



(إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَات ِوَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [اﻷ****نبياء: 90]. وسبحان الله



! ما أسهل اﻹ****جابة عن أي سؤال بشرط أن نتدبر القرآن،وسوف نجد جواباً لكل ما نريد.



ومن هذه اﻵ****ية الكريمة نستطيع أن نستنتج أن السرّ في استجابة الدعاء هو أن هؤﻻ****ء اﻷ****نبياء قد حققوا ثﻼ****ثة شروط وهي:



1- المسارعة في الخيرات الخطوة اﻷ****ولى على طريق الدعاء المستجاب هي اﻹ****سراع للخير: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ): فهم ﻻ**** ينتظرون أحداً حتىيدعوهم لفعل الخير، بل كانوا يذهبون بأنفسهم لفعل الخير، بل يسارعون، وهذه صيغة مبالغة للدﻻ****لة على شدة سرعتهم في فعل أي عمل يرضي الله تعالى. وسبحان الله، أين نحن اﻵ****ن من هؤﻻ****ء؟ كم من المؤمنين يملكون اﻷ****موال ولكننا ﻻ**** نجد أحداً منهم يذهب إلى فقير، بل ينتظر حتى يأتي الفقير أو المحتاج وقد يعطيه أو ﻻ**** يعطيه – إﻻ**** من رحم الله. وكم من الدعاة إلى الله يحتاجون إلى قليل من المال لﻺ****نفاق على دعوتهم لله،وﻻ**** تكاد تجد من يدعمهم أو يعطيهم القليل، والله تعالى ينادينا جميعاً فيقول: (مَن ْذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [البقرة: 245]. ليسأل كل واحد منا نفسه: كم مرة في حياتي ذهبتُ وأسرعت عندما علمتُ بأن هنالك من يحتاج لمساعدتي فساعدته حسب ما أستطيع؟ كم مرة سارعتُ إلى إنسان ضال عن سبيل الله فنبّهته، ودعوته للصﻼ****ة أو ترك المنكرات؟ بل كم مرة في حياتي تركتُ الدنيا ولهوها قليﻼ****ً، وأسرعتُ فجلستُ مع كتاب الله أتلوه وأحاول أن أحفظه؟؟ فإذا لم تقدّم شيئاًلله فكيف يقدم لك الله ما تريد؟ إذن فعل الخير أهم من الدعاء نفسه، ﻷ****ن الله تعالى قدّم ذكر المسارعة في الخير على ذكر الدعاء فقال: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا).



2-الدعاء بطمع وخوف الخطوة الثانية هي الدعاء، ولكن كيف ندعو: (وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا). الرَّغَب أي الرغبة بما عند الله من النعيم، والرَّهَب هو الرهبة والخوف من عذاب الله تعالى. إذن ينبغي أن يكون دعاؤنا موجّهاً إلى الله تعالى برغبة شديدة وخوف شديد. وهنا أسألك أخي القارئ: عندما تدعو الله تعالى، هل تﻼ****حظ أن قلبك يتوجّه إلى الله وأنك حريص على رضا الله مهما كانت النتيجة، أم أن قلبك متوجه نحو حاجتك التي تطلبها؟! وهذا سرّ من أسرار استجابة الدعاء. عندما ندعو الله تعالى ونطلب منه شيئاً فهل نتذكر الجنة والنار مثﻼ****ً؟ هل نتذكر أثناء الدعاء أن الله قادر على استجابة دعائنا وأنه ﻻ**** يعجزه شيء في اﻷ****رض وﻻ**** في السماء؟ بل هل نتذكر ونحن نسأل الله أمراً، أنالله أكبر من هذا اﻷ****مر، أم أننا نركز كل انتباهنا في الشيء الذي نريده ونرجوه من الله؟ لذلك ﻻ**** نجد أحداً من اﻷ****نبياء يطلب شيئاً من الله إﻻ**** ويتذكر قدرة الله ورحمته وعظمته في هذا الموقف. فسيدنا أيوب بعدما سأل الله الشفاء قال: (وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)، وسيدنا يونس والذي سمَّاه القرآن (ذَا النُّونِ) والنون هو الحوت، الغريب في دعاء هذا النبي الكريم عليه السﻼ****م أنه لم يطلب من الله شيئاً!! بل كل ما فعله هو اﻻ****عتراف أمام الله بشيئين: اﻷ****ول أنه اعترف بوحدانية الله وعظمته فقال: (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ)، والثاني أنه اعترف بأنه قد ظلم نفسه عندما ترك قومه وغضب منهم وتوجه إلى السفينة ولم يستأذن الله في هذا العمل، فاعترف لله فقال: (إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). وهذا هو شأن جميع اﻷ****نبياء أنهم يتوجهون بدعائهم إلى الله ويتذكرون عظمة الله وقدرته ويتذكرون ذنوبهم وضعفهم أمام الله تبارك وتعالى.



3- الخشوع لله تعالى واﻷ****مر الثالث هو أن تكون ذليﻼ****ً أمام الله وخاشعاً له أثناء دعائك، والخشوع هو الخوف: (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ). وهذا سرّ مهم من أسرار استجابة الدعاء، فبقدر ما تكون خاشعاً لله تكن دعوتك مستجابة. والخشوع ﻻ**** يقتصر على الدعاء، بل يجب أن تسأل نفسك: هل أنت تخشع لله في صﻼ****تك؟ وهل أنت تخاف الله أثناء كسب الرزق فﻼ**** تأكل حراماً؟ وهنا ندرك لماذا أكّد النبي الكريم على أن يكون المؤمن طيب المطعم والمشرب ليكون مستجاب الدعوة. هل فكرت ذات يوم أن تعفوَ عن إنسان أساء إليك؟ هل فكرت أن تصبر على أذى أحد ابتغاء وجه الله؟ هل فكرت أن تسأل نفسك ما هي اﻷ****شياء التي يحبها الله حتى أعملها ﻷ****تقرب من الله وأكون من عباده الخاشعين؟ هذه أسئلة ينبغي أن نطرحها ونفكر فيها،ونعمل على أن نكون قريبين من الله وأن تكون كل أعمالنا وكل حركاتنا بل وتفكيرنا وأحاسيسنا ابتغاء وجه الله ﻻ**** نريد شيئاً من الدنيا إﻻ**** مرضاة الله سبحانه، وهل يوجد شيء في هذه الدنيا أجمل من أن يكون الله قد رضي عنك؟ وأخيراً أخي الكريم! هل ستسارع من هذه اللحظة إلى فعل الخيرات؟ وهل ستتوجه إلى الله بدعائك بإخﻼ****ص، تدعوه وأنت موقن باﻹ****جابة، وترغب بما عنده وتخاف من عذابه؟ وهل سيخشع قلبك أمام كﻼ****م الله تعالى، وفي دعائك، وهل ستخاف الله في جميع أعمالك؟ إذا قررت أن تبدأ منذ اﻵ****ن بتطبيق هذا الدرس العملي فإنني أخبرك وأؤكد لك بأن الله سيستجيب دعاءك، وهذا الكﻼ****م عن تجربة مررت بها قبلك، وكان من نتائجها أن أكرمني الله بأكثر مما أسأله، واعلم أخيراً أن الدعوة التي لم تستجب لك في الدنيا، إنما يؤخرها الله ليستجيبها لك في اﻵ****خرة عندما تكون بأمس الحاجة ﻷ****ي شيء في ذلك اليوم، أو أن الله سيصرف عنك من البﻼ****ء والشر والسوء ما ﻻ**** تعلمه بقدر هذا الدعاء. وندعو بدعاء المتقين الذين حدثنا القرآن عنهم: (رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْعَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآَتِنَا مَاوَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَاتُخْلِفُ الْمِيعَادَ) [آل عمران: 193-194]*