المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا شرعت الرقية



أهــل الحـديث
04-02-2014, 01:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله والحمد لله وبه نستعين
تقدم معنا جوانب الرقية وأن لها جانبينولكنلماذا شرعت الرقية الشرعية؟

لا شك أن الرقية الشرعية من أعظم الأدويةولقدشرعت للتداويويكمن هذا القول –التداوي- لأنك عندما ترقي نفسك أو غيركمقصدك التداوي من العلة لذلك لو قلت التداوي بالرقية يصح هذا القول ليس فيه انتقادعليك لأن الرقية إنما شرعت للتداوي من العلل والأمراض ولأنها يحصل بها الشفاءوالشفاء يحصل بالدواء بإذن الله فهي دواء
ـ عن عائشة رضي الله عنها : " أن رسولالله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتدوجعه كنت أقرأ عليه وأمسح بيده رجاء بركتها ". رواه البخاري ( 4175 ) ومسلم ( 2192 ) .
والنفث نفخ لطيف بلا ريق ، وقيل : معه ريق خفيف . قاله النووي في شرح صحيحمسلم حديث رقم (2192) .

ومن الأدعية الوادرة في السنة :

روى مسلم ( 2202 ) عنعثمان بن أبي العاص أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسدهمنذ أسلم ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ضع يدك على المكان الذي تَأَلَّممن جسدك وقل : ( بسم الله ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ماأجد وأحاذر) زاد الترمذي ( 2080 ) ( قال : ففعلت ، فأذهب الله ما كان بي ، فلم أزلآمر به أهلي وغيرهم ) صححه الألباني في صحيح الترمذي ( 1696 ) .
فالمقصود من الرقية التداوي

وقد جاءتالسنة المطهرة في التداوي بما لم يكن حرامفي قول النبي صلى الله عليهوسلم((((تداووا ولا تتداوا بحرام)) وعن هذا الحديث قال الألباني رحمه الله حديثصحيح ، أنظر صحيح الجامع 1762 - السلسلة الصحيحة 1633 " ) ( فتح المجيد – ص 316))
ولأن التداوي كان بالأقوال لزم أن تكون هذهالأقوال خالية من الشرككما جاء في قول النبيصلى الله عليهوسلم
((لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك)) وهذه الأقوال في حد ذاتها عبادةويكمنهذا القول-عبادة-لأنها من جنس الدعاءوالدعاءفي حد ذاته عبادة لا يصرف لغير الله

قال ابن درستويه رحمه اللهتعالى :
" كل كلام استشفي به من وجع أو خوف أو شيطان أو سحر فهو رقية ."
[عمدة القاري ج12/ص95 ]
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى :
" والرقية كلام يستشفى به من كل عارض ".
[ فتح الباري ج4/ص453 ]
و قال القرافيرحمه الله تعالى :
" والرقى ألفاظ خاصة يحدث عندها الشفاء من الأسقام و الأدواءوالأسباب المهلكة "
[ عون المعبود ج10/ص264

وقد يفهم بعض الناس أنها ألفاظخاصة أي مأخوذة عند طريق الوحي فلا يُرقى بغير ما ورد من الآيات أو الأدعيةالمأثورةوهذا الفهم معارض للأحاديث الواردة في بابالرقية ومنهاقول النبي صلى الله عليه وسلم((لا بأس بالرقى ما لم يكن فيهشرك))
فلو قال الراقي (( أعوذ أو أعيذكبالله العظيم من مرض -كذا وكذا- المنتشر في الجسد)) وسُمي المرض
وهذه ألفاظ خاصة وكلاميراد الاستشفاء بهوحُدِد فيه المرض وقد يستجاب وقد لا يستجاب له كسائرالدعاء-وقد يحصل عنده الشفاء - ولو فرض أنه شفي بعد هذا الدعاء من المرض الذي حُدداسمه ثم استخدم ألفاظ هذه الرقية على نفس المرض لرجل آخر وشفي هذا الرجلهنانقول وقعت الألفاظ التي هي الدواء على الداء فبرأ بإذن الله ولكن بشرط عدم الاعتقادبنفع هذه الألفاظ بحد ذاتها من دون الله أو تخصيص أعداد وأوقات لم ترد في الدليلولابأس بتجربتها مع نفس المرض ويدل على هذا حديث الشفاءالتي كانت ترقي من النملة وكانت رقيتها نافعة من هذا المرض لذلك دُل عليها رجل منالأنصار خرجت به نملةفقد روى الحاكم بالسند الصحيح: «أَنَّ رَجُلاً مِنَالأَنْصَارِ خَرَجَتْ بِهِ نَمْلَةٌ فَدُلَّ أَنَّ الشِّفَاءَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِتَرْقِي مِنَ النَّمْلَةِ، فَجَاءَهَا فَسَأَلَهَا أَنْ تَرْقِيَهُ، فَقَالَتْ: وَاللهِ مَا رَقَيْتُ مُنْذُ أَسْلَمْتُ، فَذَهَبَ الأَنْصَارِيُّ إِلَى رَسُولِاللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي قَالَتِالشِّفَاءُ، فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّفَاءَ،فَقَالَ: اعْرِضِي عَلَيَّ، فَأَعْرَضَتْهَا عَلَيْهِ، فَقَالَ: ارْقِيهِ،وَعَلِّمِيهَا حَفْصَةَ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الكِتَابَ». وفي روايةٍ: «الكِتَابَةَ» أخرجه الحاكم في «المستدرك» (6888)، من حديث الشفاء بنت عبد الله رضي الله عنها. [انظر: «سلسلة الأحاديث الصحيحة» للألباني (178)]. ورواية: «الكتابة» أخرجها أحمدفي «المسند» (27095)، وأبو داود في «الطبِّ» باب ما جاء في الرقى (3887)، من حديثالشفاء بنت عبد الله رضي الله عنها.
وكما هو ظاهر أن الرقية التي كانت ترقيبها نافعة من قبل أن يطلع عليها النبي صلى الله عليه وسلم لأن الرجل الأنصاري دُلعلى الشفاء وما دُل عليها إلا أنها معلومة لديهم بهذه الرقية ولها براهين سابقةومجربة في نفع مثل مرض الرجل وإلا لما يُدل عليها بالذات

ولو كانت الرقية توقيفية على المأثور لما أمر النبي صلى الله عليهوسلم الشفاء رضي الله عنها برقيتهبل قال صلى الله عليه وسلم (( وَعَلِّمِيهَا حَفْصَةَ كَمَا عَلَّمْتِيهَا الكِتَابَ))
مؤيدا لها لثبوت نفعهاوعدم معارضتها الشرعوهذا الموقف الثاني الذي أصبح فيمعرض البيان ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الرقية الاجتهادية وتأخيرالبيان عن وقت الحاجة لا يجوز
أيضا لو قرأ راقي في رقيته لنفسه أوغيره
(( آيات السحر أو الآيات التي ورد فيها الحسد))
وهذه ألفاظ خاصة وكلام يراد الاستشفاء به وهي من القرآن الخالي منالألفاظ المحرمة والخالي من الشرك بلا أدنى شك والثابت نفعها عند غيرواحد
وبالعموم فالرقية بالقرآن توقيفية من جهة وقابلة للاجتهاد من جهةأخرى

1- توقيفية لا يجوز لأحد أن يخصص أعدادوأوقات لم ترد في الدليل أو يدخل كلمات أثناء القراءة غير مفهومة بحجة الاجتهاد كمامر معنا آنفا في أنواع الرقى

2- اجتهادية ويكمن هذاالقول- اجتهادية - في اختيار الراقي ما يشاء من السور والآيات وما يراهمناسبا للمرض من غير تحديد أعداد وأوقات لم ترد في الدليل
فيجوز للإنسان أنيختار من الآيات والأدعية المأثورة والمباحة ما يناسب الحال وذلك لأن الرقية منالدعاء والإنسان إذا دعا اختار ما يناسب الحال وقد ورد ما يدل على ذلك كما سيأتيمعنا

هذا والله أعلم
وللموضوع بقية إن شاء الله