المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قال تعالى: "أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ"



أهــل الحـديث
04-02-2014, 01:40 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قال تعالى: "أَمْ أَبْرَمُوا أَمْرًا فَإِنَّا مُبْرِمُونَ"

الإبرام هو الإحكام وأصله الفتل للحبل ونحوه إذا بلغ الغاية في الإحكام. وأول الفتل يسمى سحيلا ومنه قول زهير:

يميناً لنعم السيدان وجدتما... على كل حال من سحيل ومبرم

وفي لسان العرب: "والمُبْرَم المفتول الغَزْل طاقَيْن" فكأن معنى الابرام على ذلك هو التدبير والتخطيط المحكم الذي يراجعه أصحابه مرة بعد أخرى حتى يكون التخطيط غاية في الإحكام.

والاستفهام للانكار لأن الله عالم بنواياهم فلامعنى للاستفهام. والإنكار بصيغة الاستفهام إذا أتى من عالم قادر يكون أبلغ في الإنكار لأنه يتضمن معنى الاستغراب والاستخفاف. وصيغة الجمع في أبرموا تدل على اجتماع القوم على ما خططوا له. وتنكير أمرا ربما دل على التهويل. فكأن المعنى عندئذ أنهم اجتمعوا وتشاوروا وخططوا وأحكموا أمرا هاما.

وتشير الروايات إلى أن كفار قريش خططوا لقتل النبي، صلى الله عليه وسلم، واجتهدوا في ذلك غاية الاجتهاد وتحالف معهم شياطين الإنس والجن. وكان عليه السلام وحيدا أعزلا قد فقد من كان ينصره بوفاة عمه وزوجته، فلم يبق له من يقف بوجه الظالمين. فكانت الظروف مواتية للكفار حسب حساباتهم وتخطيطهم.

لكن الله عز وجل قال: "فإنا مبرمون" وقد جرى تأكيد الجملة بأنواع المؤكدات، الأول، إن، المفيدة للتوكيد والثاني، جمع ضمير المتكلم، للدلالة على العظمة والثالث الجملة الاسمية لأنها آكد من الجملة الفعلية، كونها لا تتعلق بزمن، فكأنه عز من قائل يقول إننا مبرمون دائما أمورا تبطل كيدهم وتخطيطهم.

وعلى هذا فمن كان متبعا لسنة النبي، صلى الله عليه وسلم، سواء كان فردا أو شعبا فلا بد أن يكون له نصيب من كيد الأعداء. فعليه أن لاييأس ولايهن ولايحزن وأن يتذكر كيد الله بأعدائه ونصرته لأوليائه. وكلما كثر الأعداء وكيدهم وكان المؤمن قريبا من الله موقنا بوعد الله محسنا الى الخلق كان نصر الله إليه ورحمته أقرب، كما قال تعالى:"إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ".

والله أعلم