المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حديث استغفاره مائة دبر الصلاة



أهــل الحـديث
31-01-2014, 05:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


حديث رجل من الأنصار قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر الصلاة: «اللهم اغفر لي، وتب علي، إنك أنت التواب الغفور» حتى بلغ مائة مرة.

رواه ابن أبي شيبة في مسنده عن ابن فضيل وابن إدريس عن حصين بن عبد الرحمن عن هلال بن يساف عن زاذان عن رجل من الأنصار فذكره، ورواه النسائي في الكبرى عن ابن فضيل عن حصين به. وقد صحح الشيخ الألباني إسناده.

ظاهره يدل على وقوع الدعاء (الاستغفار مائة) بعد الصلاة.

لكن شعبة (كما في مسند أحمد، وفي السنن الكبرى للنسائي)، وعبد العزيز بن مسلم، وعباد بن العوام (كما في السنن الكبرى للنسائي) ثلاثتهم شعبة وعبد العزيز وعباد يروونه عن حصين به (بالإسناد نفسه) لكن ذكروا أن الاستغفار مائة وقع في الصلاة، وليس بعدها، وفي رواية عبد العزيز وعباد أنها صلاة الضحى.

وعلى هذا لا يسلم كون الاستغفار المذكور كان بعد الانصراف من الصلاة، ويمكن أن يجمع بين الروايتين بأن قول الراوي: "دبر الصلاة" معناه في الصلاة لكن في آخرها قبل السلام.

لكن السؤال: هل يسلم كون هذا الاستغفار وقع في أثناء الصلاة؟

عندي تردد في هذا إذ لم ينقل أحد أن مثل هذا الاستغفار فعله النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة ولا بعد الانصراف منها، غير حصين بن عبد الرحمن، وحصين ثقة بلا شك، لكن الثقة قد يهم، والأحاديث الصحيحة تدل على أن الاستغفار مائة كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في كل يوم، ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام كان يفعله (في مجلسه) حتى يعد له مائة مرة، وفي حديث الأغر المزني رضي الله عنه الذي رواه مسلم، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه في المسند وغيره، أنه عليه الصلاة والسلام كان (في اليوم) يستغفر مائة، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام كان يستغفر (في اليوم) أكثر من سبعين مرة، كلها ليس فيها التقييد بأن ذلك في صلاة، ولا بعدها.

ولو رجعنا لترجمة حصين لوجدنا أن بعض العلماء وصفه بتغير الحفظ، والاختلاط في آخر عمره.

فهل هذا الحديث من أوهامه؟

الجواب: ربما، لا سيما وقد رواه خالد بن عبد الله عن حصين به (أي بالإسناد نفسه أيضا) لكن جعل صحابي الحديث عائشة رضي الله عنها، وليس الأنصاري المبهم كما تقدم!!

قال النسائي في الكبرى: حديث شعبة وعبد العزيز بن مسلم وعباد بن العوام أولى عندنا بالصواب من حديث خالد، وبالله التوفيق، وقد كان حصين بن عبد الرحمن اختلط في آخر عمره. انتهى.

وكلام النسائي هنا يدل على أن ذكر عائشة في هذا الحديث خطأ، وأن سبب هذا الخطأ إما خالد بن عبد الله الواسطي لأنه خالف كل من رواه عن حصين، وإما أن يكون هذا الخطأ سببه اختلاط حصين في آخر عمره.

ثم وقفت على رواية لهذا الحديث فيها التصريح بأن حصينا شك هل وقع الاستغفار وقت الضحى أم في صلاة الضحى!!!

ففي زيادات الحسين بن الحسن المروزي على شيخه ابن المبارك (كما في الزهد لابن المبارك) قال (أعني الحسين): أخبرنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا عبد العزيز بن مسلم، عن حصين، عن هلال بن يساف، عن زاذان، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ضحى أو قال: وهو يصلي الضحى، حصين يشك، فسمعته يقول مائة مرة: «اللهم اغفر لي وارحمني»، قال عبد الرحمن: «يعجبني الرجل أن يقول هذا في السحر عند وجه الصبح». انتهى.

ففي هذه الرواية عدم جزم حصين بأن هذا الاستغفار وقع في الصلاة، وأيضا عبد الرحمن بن مهدي يعجبه أن يكون الاستغفار مائة في السحر، وهذا يدل على ثبوت هذا الاستغفار عنده، ولكنه لم يعتمد كونه في الصلاة. وهذا يقوى أن الاستغفار مائة لم يقيد بصلاة، ويدل على أن حصينا ربما وهم في هذا الحديث، فتارة يجعله دبر الصلاة وتارة يجعله في أثنائها، وتارة يجعله غير مقيد بصلاة. والله أعلم.