المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاحتياج المعنوي في ظاهرة التضمين



أهــل الحـديث
30-01-2014, 07:40 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



الاحتياج المعنوي في ظاهرة التضمين
يعرف العلماء التضمين لغة بأنه "جعل الشيء في ضمن الشيء مشتملا عليه " ويقول ابن هشام في المغني :قد يشربون لفظا معنى لفظ آخر فيعطونه حكمه ويسمى ذلك تضمينا.
وقال الزمخشري : يضمنون الفعل معنى فعل آخر فيجرونه مجراه ، و يستعملونه استعماله ، مع إرادة معنى المتضمَّن قال : و الغرض في التضمين إعطاء مجموع معنيين وذلك أقوى من إعطاء معنى فذ ، ألا ترى كيف رجع معنى " و لا تعد عيناك عنهم " إلى قولك ولا تقتحمهم عيناك مجاوزتين إلى غيرهم.
ونلاحظ في هذه الآية الكريمة أن الفعل " يعدو" وهو بمعنى "يقتحم" لا يتعدى بحرف الجر "عن" ولكنه أُشرب معنى الفعل "يتجاوز" وهذا أدى إلى وجود حرف الجر "عن" للدلالة على المعنى الجديد الذي يحمله الفعل "تعد" ولو لم يكن الفعل تعدو" بمعنى "يتجاوز" " لقال تعالى"ولا تعدهم عيناك"أي ولا تقتحمهم عيناك ،و قال ابن يعيش : و التحقيق في ذلك أن الفعل إذا كان في معنى فعل آخر ، و كان أحدهما يصل إلى معموله بحرف ، و الآخر يصل بآخر ، فإن العرب قد تتسع فتوقع أحد الحرفين موقع صاحبه ، إيذانا بأن هذا الفعل بمعنى ذلك الآخر ، و ذلك كقوله تعالى : " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم " و أنت لا تقول : رفثت إلى المرأة ، و إنما رفثت بها ، و لكنه لما كان الرفث هنا في معنى الإفضاء ، و كنت تعدي أفضيت بإلى ، جئت بإلى إيذانا بأنه في معناه. وهذا يوضح الاحتياج المعنوي بين الكلام داخل التركيب،ووجود حرف الجر "إلى" يدلنا على أن الرفث بمعنى الإفضاء ،وهناك احتياج معنوي بين الفعل وحرف الجرالمناسب ،وتغير الفعل يؤدي إلى تغير حرف الجر المناسب له .
و قال ابن هشام : و فائدة التضمين أن تؤدي كلمة مؤدى كلمتين ثم ذكر لذلك أمثلة منها قوله تعالى : " لا يسمعون إلى الملأ الأعلى " ضمن الفعل"يسمعون" معنى "يصغون" فعدى بإلى ، وقال تعالى "و الله يعلم المفسد من المصلح ﴾ ضمن الفعل"يعلم" معنى (يميز) فجيء بمن ، و قال تعالى: " و قد أحسن بي " ضمن أحسن معنى لطف ، ولهذا جاء بحرف الباء لأن الفعل "لطف"يتعدى به.
و قال ابن القيم في قول الله تعالى : " عينا يشرب بها عباد الله " يضمنون يشرب معنى يرتوي فيعدونه بالباء التي تطلبها فيكون ذلك دليلا على الفعلين أحدهما بالتصريح به و الثاني بالتضمن و الإشارة إليه بالحرف الذي يقتضيه مع غاية الاختصار ، و هذا من بديع اللغة ومحاسنها و كمالها ، و هذا أحسن من أن يقال : يشرب منها فإنه لا دلالة فيه على الري ، فإذا قال : يشرب بها ، دل على الشرب بصريحه و على الري عن طريق الباء
ومن هنا فالإنسان يتثقف لغويا ، ويقول وهو يفكر، ويفكر وهو يقول ، واللغة تقوم على الاحتياج المعنوي ،والإنسان يتكلم تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.