المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كأس العالم للمنتخبات 2014 :-فيلموتس: أمام بلجيكا سنوات قادمة من التألق



عميد اتحادي
29-01-2014, 10:00 PM
عندما استلم مارك فيلموتس مقاليد المنتخب البلجيكي في يونيو/حزيران 2012، كان "الشياطين الحمر" على شفا حفرة. كانت قد مرت عشر سنوات على آخر مشاركة لهم في مسابقة دولية. وكان المنتخب يحتل المركز الـ 54 في تصنيف العالمي FIFA/Coca-Cola ويتخبط في بحر من الشكوك. غير أن الاستعانة بخدمات هذا المدرب الشاب (44 سنة في ذلك الوقت) لتولي زمام أمور المنتخب لم يكن ليبعث على التفاؤل في نفوس البعض رغم ظهور جيل موهوب من اللاعبين...

وما هي إلا أشهر قليلة حتى بلغ المنتخب البلجيكي قمة المجد. حيث تحول هذا المنتخب الذي لم يتجرع مرارة الهزيمة في التصفيات المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم البرازيل 2014 إلى فريق قوي يلعب كرة قدم جميلة وفعالة. أخرج المهاجم الدولي السابق (80 مباراة دولية) الشياطين الحمر من الجحيم ليطير بهم إلى المركز السادس في التصنيف العالمي. ولكن فيلموتس الملاك الحارس لهذه الشياطين حذر قائلا: "حذار، لم نفز بأي شيء بعد!"

التقينا مع هذا المدرب المتألق في كوستا دو ساويبي على هامش القرعة الرسمية لنهائيات كأس العالم وأجرى معه هذا الحوار الشيق.

مارك، بعد حصولكم على 26 من 30 نقطة ممكنة، ألا تعتقد بأن التصفيات كانت أسهل مما كان متوقعا؟

لعبنا هذه التصفيات كما لو كنا نلعب عشر مباريات نهائية. تلقت شباكنا 15 هدفا في التصفيات الأخيرة المؤهلة لكأس أوروبا للأمم وهذا رقم كبير جدا وغير مقبول. لهذا ركزت كل جهودي على صنع مجموعة متماسكة لا تمنح إلا فرص ضئيلة للمنافس. وبالفعل فقد أنجز كل لاعب نصيبه من العمل وهكذا تمكننا من تحسين أدائنا الجماعي. حالفنا الحظ قليلا في المباراة الثالثة التي فزنا بها بـ 3-0 على صربيا. ففي الـ 15 دقيقة الأولى من المباراة كنا على وشك تلقي هدفين. لقد كانت هذه التصفيات صعبة حتى النهاية.

شكلت تلك المباراة في بلجراد نقطة تحول في مسيرتك المهنية...

كانت المباراة الثالثة في التصفيات وفزنا على أحد منافسينا المباشرين بثلاثة أهداف نظيفة. وبالطبع فقد أثر هذا على معنويات المنافسين. ولكنني لم أفكر في شيء آخر غير تحقيق هدفنا الأول ألا وهو احتلال المركز الثاني. وفي نهاية المطاف، فزنا بجميع المباريات. حققنا العلامة الكاملة ضد مقدونيا ومن مباراة إلى أخرى تحسن أدائنا وفي النهاية حصدنا 26 نقطة من أصل 30 نقطة ممكنة. ويعكس فارق الـ 9 نقاط عن كرواتيا ثبات أدائنا طوال التصفيات.

ما هي المباراة التي تتذكرها أكثر من سواها؟

أتذكر كثيرا مباراة بلجيكا ضد صربيا في يونيو/حزيران عام 2013، وذلك لأسباب مختلفة. أولا، لأنها كانت مباراة مهمة للغاية ولعبناها بالموازاة مع مباراة كرواتيا واسكتلندا. ثانيا، لأنها كانت المباراة الأخيرة في الموسم، وهي مباراة صعبة للغاية بالنسبة لأي مدرب. حيث كان التعب قد أخذ من اللاعبين كل مأخذ. أنا أدرك هذا لأنني كنت قد عشت ذلك كلاعب وكنت أعرف أن الأمور ستكون معقدة جدا. لهذا غادرنا بلجيكا وسافرنا إلى الولايات المتحدة الأمريكية لنستعد بشكل أفضل. وقد استفدنا كثيرا من تلك الرحلة. حيث فزنا خلالها بمبارتين 4-2 ضد الولايات المتحدة الأمريكية و2-1 داخل الديار ضد منتخب صربي شاب وقوي قد يحتل قريبا إحدى المراكز الـ 25 الأولى في تصنيف FIFA العالمي.

وأخيرا حققتم هدفكم في أكتوبر الماضي بفوزكم على كرواتيا بـ 2-1. فيما فكرت بعد إطلاق الحكم صافرة نهاية المباراة؟

قلت لنفسي "وأخيرا وصلنا إلى هناك." عملنا بجد لتحقيق هدفنا، لهذا يجب أن نستمتع بإنجازنا. الجميع كان يحلم بتأهل هذا الفريق الشاب الذي يبلغ متوسط العمر فيه 24 سنة فقط والذي لم يسبق له أن شارك في مسابقة كبيرة. ولكن حذار، فنحن لم نفز بشيء حتى الآن! لم تنطلق البطولة بعد. شخصيا، سأشارك للمرة الخامسة في نهائيات كأس العالم بعدما كنت قد لعبت أربع مرات كلاعب. أما اللاعبون فستكون هذه هي تجربتهم الأولى وأتمنى أن تليها تجارب أخرى مماثلة. أعتقد أن أسس الفريق قد وضعت في سياق التصفيات المؤهلة لكأس أوروبا للأمم فرنسا 2016 UEFA. فهذا الفريق أمامه خمس أو ست سنوات من التألق ولديه هامش تطور كبير جدا.

عاش المنتخب الوطني فترات صعبة في السنوات الأخيرة. كيف تمكنت والاتحاد البلجيكي من تغيير مصيره جذريا؟

إنها عملية طويلة ومعقدة. إلى غاية 2002، كنا قد تأهلنا ست مرات متتالية إلى نهائيات كأس العالم. بعد ذلك بدأت كرة القدم البلجيكية تعاني من بعض الصعوبات. حيث تم تغيير ثلاثة أو أربعة مدربين. ربما تسرعوا في تعويض اللاعبين الدوليين كبار السن بآخرين شباب؟ وربما كان الفريق يفتقر إلى التجربة؟ هناك عدة عوامل يمكنها أن تفسر هذا الركود. يمكننا أن نجد دائما جميع أنواع الأعذار الممكنة. ولكن كل هذا قد ولى ونحن اليوم أمام منتخب استعاد توازنه. طريقة العمل مختلفة الآن. فقد بحثنا عن الكمال في طريقة العمل عن طريق التأطير المحترف وتوفير المرافق ذات الجودة العالية والطواقم الطبية من الطراز العالمي. كل هذه الأمور تساعدك على بلوغ أعلى مستوى. هناك 23 لاعبا إلى جانبهم 16 إطارا يعمل معي. نحن في المجموع 40 شخصا يجمعهم الاحترام والسعي لتحقيق هدف مشترك. ثم هناك الاتحاد الوطني وشعب بأكمله وراء المنتخب الوطني. كم كان رائعا مشاهدة الآلاف من المشجعين في الساحات الرئيسية في بلجيكا متسمرة أمام الشاشات العملاقة ليلة التأهل... اليوم، تباع عشرات الآلاف من التذاكر مباشرة بعد طرحها للبيع لأن الجميع يود حضور مبارياتنا. البلد كله وراء المنتخب ويشجع هؤلاء اللاعبين الشباب.

أي نوع من المدربين أنت؟ كيف تصف نفسك؟

أنا مدرب محترف وصارم وأبحث دائما عن الكمال... هذا ما اكتسبته من المواسم الستة الماضية التي عشتها في ألمانيا. ألتزم بالمواعيد وأحترم بعض قواعد الحياة. هذه القواعد هي نفسها التي تسري على جميع فئات المنتخب من تحت 17 سنة إلى الكبار. كل من لا يحترم هذه القواعد لا مكان له في المنتخب الوطني. أنا أحب الجدية في العمل، لكنني أعرف أيضا كيف أكون مرنا في بعض الأحيان. أحاول أن أزاوج قدر المستطاع بين العمل والاسترخاء.

وما هي فلسفتك في اللعب؟

الهجوم أفضل وسيلة للدفاع. فكرتي تتمحور على عدم ترك المساحات والفرص للخصم. وهذا يتطلب الكثير من التدريب والقوة الذهنية. حيث يجب أن تصنع على مستوى الهجوم خمس أو ست فرص في المباراة. فأنا أفضل أن أخسر مباراة بـ 2-0 وأن أنجح في صنع فرص التهديف على أن لا أقدم شيئا في المباراة. أحب الأشخاص الذين لديهم الجرأة ومنتخبنا يمتلك اللاعبين المناسبين لتقديم الفرجة والمتعة. فبالنسبة لي تعتبر المتعة عاملا أساسيا في طريقة اللعب.

نلاحظ أنك تحب تنويع خياراتك الهجومية. فأنت تستعين بجميع الهدافين في فريقك...

لا أحب أن يكون لدي هداف واحد فقط لأنه في حال غيابه سنكون في ورطة. أفضل أن يكون لدي مجموعة من الهدافين وأن يأتي الخطر من جميع الجهات، لهذا ألعب بطريقة المثلث المقلوب باعتمادي على لاعب وسط دفاعي واحد فقط ولاعبي وسط ينضمان إلى خط الهجوم لتسجيل الأهداف. وهذا ما رأيناه في اسكتلندا مع ستيفن ديفور... أنا بحاجة إلى مثل هؤلاء اللاعبين في طريقة لعبي. أريد أن يكون لدي على الأقل خمسة لاعبين يدخلون إلى الملعب وهم يقولون "سأسجل هدفا اليوم." لكي تسجل الأهداف يجب أن تكون لديك الرغبة وتخاطر بعض الشيء. هنا يحتاج اللاعب إلى الشخصية القوية لأنه يمكنك أن تتقدم 10 أمتار إلى الأمام وتصيب الهدف. لهذا عليك أن تتقدم دائما إلى منطقة الخطر أي إلى منطقة الجزاء.

إلى أي مدى باستطاعتك أن تحمل الشياطين الحمر في نهائيات كأس العالم FIFA؟

انطلاقا من تجربتي، ليس من السهل تخطي دور المجموعات. لذلك، يجب أن يتشبث الفريق بفكرة واحدة: القتال حتى آخر رمق. فكل مباراة هي عبارة عن نهائي يمكن أن يُحسم بركلة ترجيح أو بقرار من الحكم أو بكثير من العوامل الأخرى... في إيطاليا 1990، لعبنا ضد انجلترا في الدور ثمن النهائي. كان فريقنا أفضل وسيطرنا على جل أطوار المباراة وارتطمت كرتنا بالقائم في مناسبتين، ولكنهم سجلوا علينا في الدقيقة 120 وغادرنا البطولة... وهذه هي العوامل التي كنت أتحدث عنها. سأحس بخيبة أمل كبيرة إذا لم نتأهل إلى الدور ثمن النهائي. هذا هو هدفي الأول. بعد ذلك سنرى ماذا سيحدث.