المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مآلات الفتنةِ المعاصرة..



أهــل الحـديث
26-01-2014, 12:50 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



مآلات الفتنةِ المعاصرة..

فبعدَ ثلاثةِ أعوامٍ من الفتنِ ،والدّماءِ، والمهازل الفقهية والمنهجية في ديار المسلمين..

هل جنى إخوانُنا شيئاً من دينٍ أو دنيا من تلكم الثورات؟
بل كلُّ طائفةٍ تَعُدُّ قتلاها – اللهم ارحم أموات المسلمين وتجاوز عنا وعنهم واكبت أعداء الشرع المنافقين–

هل وعى إخوانُنا أنَّ الثورات ليستْ سبيلاً - لا شرعياً ولا عقلياً - لاقامةِ دين الانبياء؟
فوالله إني لأرجو لهم الهدايةَ، وأحبُها لهم كما أحبها لنفسي.
ولكن.. إذا لم يقنعهم دليلُ أو قولُ عالمٍ أو أحداثٌ تاريخية سالفةٌ أومعاصرةٌ ،فليعتبروا بالمآلاتِ الوخيمة، والأعمال بالخواتيم.

قال الشاطبي :
"النظر في مآلات الأفعال مُعْتَبَرٌ مَقْصُودٌ شَرْعًا، سواءٌ كانت الأفعال موافقةً أو مخالِفَةً، وذلك أنّ المجتهد لا يحكم على فعلٍ من الأفعال الصادرةِ عن المكلفين بالإقدام أو بالإحجام إلاّ بعد نَظَرِهِ إلى ما يئول إليه ذلك الفعل، فقد يكون مشروعًا لمصلحةٍ فيه تُسْتَجْلَبُ، أو لمفسدةٍ تُدْرَأُ..، ولكنّ له مآلاً على خلاف ما قُصِدَ فيه، وقد يكون غيرَ مشروعٍ لمفسدةٍ تنشأ عنه، أو مصلحة تندفع به، ولكنَّ له مآلاً على خلاف ذلك.."( الموافقات: 5/440)

فمن جملةِ المآلات الوخيمةِ التي أفرزتها تلك الفتنة المنتنة والتي لا تخفى على أهل النظر والاعتبار من أهل العلم وطلبته أنه:

= لم يُرفع للدينِ رايةٌ بل راياتٌ الشركِ والديمقراطيةِ الوثنية!!

=لم تَجتمع كلمةُ المسلمينِ بل إيغالاً في الفُرقةِ ،وتَرى كلَّ طائفةٍ تلعنُ أختَها ،وتُحمِّلُها إثمَ تلكَ المآلات الأليمة الوخيمة ، وبعد أن كانَ الاختلافُ شِبراً صارَ عشرةً!!

ودونكَ حزب الاخوان وجماعته ، وحزب النور وجماعته والمنشقين عنه وعنها، ومن لم يرضَ بموقفهما من جميع الطوائف، فهل تسمع إلا ضجيج الفرقة؟
وهل تلمس إلا إذكاء نيرانِ الفتنة والكراهيةِ والاتهاماتِ بين طوائفِ المسلمين وشيوخِهم وأهل الفضل فيهم؟.

وكفى بهذين مألاً فاسداً فهما اللذان جاء الانبياء لأجلهما قال الله:
"شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه.." والناظر يشهد أن الثورات جاءت بضد ذلكم(اقامة الدين وجمع الكلمة) فلم يَقم دينٌ ولم تجتمع كلمةٌ.

= ومن المآلات الوخيمة: تلك الدماء المعصومة التي سُفِكتْ في مواطنِ الفتنةِ ومظانِّها والتي تُقدَّر بــعشرات الآلاف. – طيب الله ثراهم وعفا عنهم -

=ومنها:اضطراب بل سقوط الرموز الدعوية - على ما فيها من هُزال - من الشيوخ والدعاة من أنظار جماهير المسلمين وإبرازهم في مسلاخ المتلونيين المبدلين – وان كان هذا في بعضهم - فضلاً عن وصمهم بأنهم أهل دنيا وشهوات.

= ومنها: انحسارُ مجالسِ العلم والدين ، وعزوفُ أذكياءِ طلبةِ العِلمِ عن ميراثِ النبوةِ في سبيل المشاركةِ في الفتنةِ والاعدادِ لفاعلياتها.

=ومنها:إهدارُالجهودِ الدعويةِ والبدنيةِ والماليةِ (تصل لعشرات المليارات) ما لو أُنفقَ عُشْرُهُ على دعوةِ الناسِ وصدِّ عدوانِ الالحاد والتنصير والعلمانيين وأهل الاعتزالِ وعبَّاد القبور ،وأعداءِ السُّنن من العقلانيين والنخبةِ الجاهلةِ بدينها ،وسدِّ حاجةِ الفقراء (المؤلفة قلوبهم) وغيرهم لكان أفضل – إن شاء الله –

ومنها:استئسادُ أهلِ الذِّمة من أهل الملةِ المُبدَلةِ المنسوخةِ على أهل الاسلامِ في ديارهم.

=ومنها:تسويغُ الطرقِ البِدعية – على أقل أحوالها – عند عوامِّ المسلمين كالديمقراطية وآلياتها – الانتخابات – التحزب السياسي – الحرية بمعناها الغربي – التظاهرات – الدساتير الطاغوتية -

=ومنها: تمييعُ قضيةِ الولاء والبراء التي تكونُ بين المسلم والكافر والصالح والطالح والزاهد والزاني...

=ومنها:استغلالُ الاعلام الغربي(الكافر) لتلكَ الاحداثِ لتشويه دينِ المسلمين وأنه دينٌ لم يعصم دماءَ أتباعه فكيف بدماءِ مخالفيهم!!

ولازالت سوريا تئن والدماء أنهاراُ تتدفق في شوارعها ، ودمَّاج إلى مجهول، وليبيا وتَمَكُن العلمانيين، وتونس ليست بأحسن حالاً..
قال الله:ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم"

= ومنها:أنَّ الجميع - ممن شاركوا فيها وسوغوها - مُجمعٌ على أنّ ما كان قبلها هو أفضل من الحال المشهودة بعدُ.

تلك عشرةٌ كاملةٌ
-----------------------

هذا بالنسبة للمفاسد التي جنتها الفتنةُ لدين الانبياء.
أما مفاسد الدنيا فلسنا في مقام ذكرها ،
وكذلك ما يحيط بكيان الدولة المسلمة وتربص الكفار والمنافقين بها في الداخل والخارج ..

هذا...
وقد بقي لإخواننا بابٌ للتأسي بنَفَرٍ من الجيل الأول ،ولكن بعد ان انكشفت الفتنة وزال غيمها فهلّا تأسوا بهم في ندمهم؟

قال الشيخ تقي الدين ابو العباس ابن تيمية:
وهكذا عامة السابقين ندموا على ما دخلوا فيه من القتال فندم طلحة والزبير وعلي رضي الله عنهم أجمعين ولم يكن يوم الجمل لهؤلاء قصد في الاقتتال ولكن وقع الاقتتال بغير اختيارهم.."

وبعد هذا.. فأي الفريقين أحق بالأمن ؟ آلَّذين اعتزلوا وحذروا؟
أم الذين خاضوا وندموا – عاجلاً أم أجلاً –؟

واسال الله لي ولهم الهداية ..
اللهم انصر دينك وعبادك المؤمنين واكبت أعداء الشرع المنافقين.

هشام صدقي الابراشي.