المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الطاحونة .... والمقبرة



إبراهيم الحارثي
26-05-2007, 02:47 AM
يسعدني أن أشارككم في هذه الزاوية ....

وأتمنى أن تكون مشاركتي هذه بداية مشاركات كثيرة أحتفظ بها على جهازي ولم أقحم أحد اليها ....

وآثرت أن أطلعكم عليها .... لتستمعو بكل تفاصيلها ....

في احدى أحياء ( حواري ) طفولتي البريئة دارت فصول هذه القصة ....

المدوان ... والزقاق الضيق .... وسوق الهجلة ..... وبياع الكوارع .... وعم كمال بياع المنتو .... الزحليقة ..... الحديقة

جميع هذه الأماكن جمعت عبدالحي وحامد ....

الأول كان أكبر الأشخاص حجما ولكنه أكثرهم غباء كان عمره يربو الى الثلاثين ....

يحاول أن يمثل دور الذكي المتحاذق دائما ما يحاول أن يقترح ويجدد في الحي ولكنه للأسف يرجم بعبارات لاذعه تبعد عنه مشروع التطوير الحيوي الذي يود اقامته ....

أحد مشاريعه الحمقاء كانت اقامة سد لتتجمع فيه مياه الأمطار في وسط حي شعبي ....!!

كان لايكل عن ابداء وجهات النظر الهمجية التي تدل على عقليته المحدوده ....

يحاول أن يبرز للناس ذكائه اللامتناهي .... وفكره الخلاب ...... ولكنه سرعان مايكون فريسة سهله للفشل السريع .....

أما الثاني حامد عكسه تماما ... ذكي وعلامه .... ويجمع من المعلومات الكثير ...

الكل يأخذه معه ليحدثه ويحاوره .... لم يكن الا انسان بسيط متواضع ورائع بكل مقايس طفولتي المتواضعه ...

كان أفضل من يلعب المدوان في الحي .... وألطف من يمازحنا ... عندما كنا أطفال ....

سريع البديهة .... أنيق ... ذكي .... مستشار ..... يستطيع لحس أنفه بطرف لسانه ....

بدأ عبد الحي يحاول أن يحكم سيطرته الذاتيه على تفاعولات الضد الأخر ....

حاول مرارا وتكرارا أن يزور له الأقاوييل والتفاهات والأكاذييب .. ولكنه يفشل ....

استطاع مؤخرا أن يجبر حامد على أن يبحر معه في شيء ما ....

أدخله في دواخله ... وأوهمه بالغناء الفاحش ....

وقال له : حامد يقولوا أن في الطاحونه هذي فيه كنز ذهب من أيام العثمانين .....

حب المال ... والغناء ... أغلق عيني حامد ... فهتف سريعا مقاطعا لحديث عبدالحي ....

خلاص بكره نروح لها بس في الليل .....

اتفق الضدان في ليلة لم يكن فيها سوى ضوء القمر المتسرب من نافذة محل عم كمال ....

ذهب الاثنان في الليلة التالية الى الطاحونة .... ودخل حامد ... وتبعه عبدالحي الضخم ....

وفجأة .... دفع عبدالحي ... حامد أرضا وفر هاربا من الطاحونه .... بعد أن أحكم اغلاقها ....

وهرب ضاحكا ... راسما على وجهه .... ابتسامة الحماقة التي لازالت مزروعه في ذاكرتي ....

خرج حامد في اليوم التالي بعد أن اجتمع كبراء الحي وفتحوا له .... بمساعدة رجال متخصصين في الانقاذ في حينا المتواضع ....

هجمت على قلب حامد الصغير .... فلول الحقد والكره ... حاول أن يدمي ضده ... ويأخذ بثأر جرحه ....

فكر مرارا وتكرارا .... ووصل الى الحل النهائي ....

مقبرة مسجد عبدالله بن العباس رضي الله عنه .... هي الحل ....

في حينا .... كانت الزحليقة التي تقبع في الحديقة .... منجم الأقاويل والأخبار الكاذبة .... والقليل الصادقة ....

لامس أحد الأخبار .... أذني حامد .... وتأكد من الخبر .... يااااااااااه ....

فلان المهدلي ..... أكثر رجل يضع أسنان ذهب انتقل الى رحمة الله ... والصلاة عليه اليوم ....

رمق حامد عبدالحي بنظرة ... فوجد لعابه قد سال عند ذكر الذهب .... ولم تدمع عيناه عندما قالوا أن فلان مات ....

فجذبه وحاوره .... واتفق معه ....... محاولة منه لأخذ الثأر القديم ....

وافق الضخم .... وابتسم المثقف .....

في المساء .... وعلى أنغام أغنية قديمة ..... صادرة من مذايع جدي المتهالك ....أعتقد أنها كانت لنجاة الصغيرة

لمحت من النافذة الصغيرة المحشوة بقطع القطن .... اثنان ينبشان قبر المهدلي ....

من الخوف والريبة .... لم أتكلم ... ولم أخاطب أحدا .... فضلت السكوت .... والمتابعة بحذر .....

فجأة دون مقدمات نزل عبدالحي الى القبر .... وحامد يمسك قطعة الصبة ويسحبها برفق شديد ....

تأكد حامد من أن عبد الحي قد غرق في تفكيك الذهب من الفم ....

وبحركة سريعة .... سحب الصبه وقفل القبر ..... ونال من ضده وردم عليه التراب لإكمال المخطط المريع ....

وهرب .......

في الصباح .... بحث الكل .... عن عبدالحي ....

بجوار الزحليقة .... بدأت الاشاعات .... وانتهت عند فتحة القبر ...

وجدوا عبد الحي ... ذو الرأس الأبيض .... يرتمي في زاوية القبر المظلمة .....

وعندما رأى النور هب مسرعا .... وأخذ يعدو ويعدو ....

الى أن اجتاز أسوار المقبرة .... والكل ينظرون ويتلفتون .....

الى هذه اللحظة .... وأنا عند مروري بجوار عبد الحي ... اسمعه يتكلم ....

ولكن حديثه ... واشاراته.... لن تفهم

اماعلاجاته .... لم تسهم في حل قضيته ....


فصول هذه القصه ومشاهدها

موجود على أرض الواقع ....

ولازال يتكرر كثيرا....

سواء في حينا الشعبي ...

اوفي عالمنا الخارجي

لكم مني أجمل وأرق تحية

دمتم بألف ود

همسة
أتمنى أن يكون العالم تبدل
وان أجد من يسكن معي وحشتي ويحملني معه عبر أيامه

يتم
30-05-2007, 12:35 PM
الجشع

والطمع

هم

العملات

التي

يتعامل

بها

بعض

بني

البشر

للأسف

الشديد

ولأكن

الجزاء من جنس العمل

مشكور

يا استاذنا

ويعطيك

العافيه

جميل ذاك الحي

لك ودي

أمل عبدالعزيز
31-05-2007, 07:42 AM
,
,
,
الرائع / استاذ الإحياء ...

قصة رائعة ماشاء الله عليك ..
بصدق تكتب بحرفنة كبار الكتاب في كل نواحي القصة القصيرة ...
أتمنى لك التوفيق

دمت بخيــر

هَذْيَّان
09-06-2007, 10:11 AM
صج..

الجزاء من جنس العمل..

:

تسلم

ياأستاذ الأحياء..

:

دمت