المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : دورالاحتياج المعنوي في نحو سيبويه



أهــل الحـديث
11-01-2014, 07:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



دورالاحتياج المعنوي في نحو سيبويه رحمه الله
باب الاستقامة من الكلام والإحالة(1)
عقد سيبويه في كتابه بابا سماه:باب الاستقامة من الكلام والإحالة فقال:"فمنه مستقيم حسن،ومحال،ومستقيم كذب،ومستقيم قبيح ،وما هو محال كذب"ولم يوضح لنا سيبويه سبب تصنيف الكلام على هذا النحو أو ذاك ،والذي أعتقده هو أن السبب في ذلك يعود إلى الاحتياج المعنوي بين أجزاء التراكيب ، "فأما المستقيم الحسن فقولك:أتيتك أمس، وسآتيك غدا"فالجملة الأولى مبنية على الفعل أتيتك(المبني عليه)وهو واقع في الزمن الماضي،ولهذا فهو يقبل أن تبنى عليه الكلمات التي تتوافق معه معنويا،مثل كلمة أمس ، ومثل ذلك الجملة الثانية:ساّتيك غدا،فهذه الجملة مبنية على الفعل المسبوق بالسين،والذي يدل على المستقبل ،ولهذا فهو يقبل الكلمات التي تتوافق معه معنويا،مثل كلمة غدا،ولو عكسنا وقلنا :أتيتك غدا وساّتيك أمس لتحول الكلام إلى المحال،بسبب عدم الاحتياج المعنوي بين المبني عليه والمباني.
وأما المستقيم الكذب فكقولك: حملت الجبل، وشربت ماء البحر،ونحوه،ويظهر من الأمثلة التي ضربها سيبويه أن المستقيم الكذب هو الذي يشتمل على الخيال والمجاز والمبالغة أو(عكس الحقيقة)، أو المعنى غير الحقيقي ، ومن هذا النوع معظم البلاغة العربية، كالتشبيه والاستعارة والمجاز ......إلخ،ويمكن تحويل المستقيم الكذب إلى مستقيم حسن،كأن نقول:حملت الكتاب ، وشربت كأس الماء ، مثلا ،فهنا تؤدي الجملة معنى حقيقيا.
وأما المستقيم القبيح ،فأن تضع اللفظ في غير مواضعه،نحو قولك:قد زيدا رأيت،وكي زيد يأتيَك ،وفي الأمثلة السابقة تمت إعادة توزيع الرتبة، حيث تم ارتباط قد مع( زيدا) وحقها أن ترتبط مع الفعل،كما ارتبطت كي مع (زيد) وحقها أن يليها الفعل ،وفي رأيي أن وصف الأمثلة السابقة بالقبح غير دقيق تماما،فالمفعول لم يبتعد عن فعله كثيرا ،والاحتياج المعنوي واضح بين أجزاء التراكيب، سواء أتقدم الكلام أم تأخر، وقد تكون أقل جمالا من الأصل ،خاصة المثال الأول،وذلك لأن الكلام يترتب بحسب الأهمية المعنوية عند المتكلم ،والمعنى مع التقديم يفيد الاختصاص بينما لا يفيد التأخير ذلك ،وشبيه بهذا قوله تعالى "إذا السماء انشقت" ،وقوله:"ولولا إذ سمعتموه قلتم "فقد قدم الظرف على مدخول لولا ،لأن الاهتمام قد تعلق به للهدف المعنوي، ومعناه، أنه كان الواجب على المؤمنين تفادي الخوض في حديث الإفك من أول ما سمعوا به ،كما قدم السماء على فعل الانشقاق للأهمية المعنوية عند المتكلم ،للدلالة على أن انشقاق السماء أمر عظيم لم يألفه أحد ،والاحتياج المعنوي واضح بين أجزاء التراكيب.
أما المحال فأن تنقض أول كلامك بآخره فتقول :أتيتك غدا وسآتيك أمس، ويظهر من هذه الأمثلة أن الاحتياج المعنوي مفقود بين عناصر هذين التركيبين ،مما أدى إلى تصنيفهما في خانة الكلام المحال .
أما المحال الكذب فهو الذي يشتمل على المبالغة والخيال والمجاز(عكس الحقيقة)أوالمعنى غير الحقيقي بالإضافة إلى التناقض المعنوي مثل:سوف أشرب ماء البحر أمس.
ولهذا فالكلام يقوم على الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس ،والإنسان يتثقف لغويا ويتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم.
===================================
(1)سيبويه:الكتاب،ج 1،ص ص25-26