المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تمام المنة في بيان مفهوم السنة



أهــل الحـديث
10-01-2014, 03:30 PM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


الحمد لله الذي جعل السنة لكل مسلم منهاجا و نورا على الطريق و سراجا وهاجا صانت الدين فلم يعرف انحرافا و لا اعوجاجا و ارتاحت بها نفوس المحبين سرورا و ابتهاجا و لم تزد المشككين إلا حقدا و انزعاجا .
أما بعد فمن المعلوم عند كل مسلم أن السنة دليل من الأدلة المتفق على اعتبارها في الأدلةالشرعية
التي تستمد منها الأحكام التفصيلية كانت عقدية أو عملية لذلك فهي من المرتبة التي تجعل منها
مصدرا أساسيا في حراسة فهم الدين الإسلامي من تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين لذلك رأيت من الآكد دينا و عقلا بيان بعض المفاهيم المرتبطة بمفهوم السنة النبوية حتى يزول الإشكال و يتضح الحال و هذا هو البيان:

تعريف السنة لغة و اصطلاحا
- لغة : هي السيرة والطريقة سواء أكانت حسنة أم سيئة ، محمودة أم مذمومة ومنه قوله تعالى : (( و لا تجد لسنتنا تحويلا))- الإسراء : 77.
- اصطلاحا : تختلف تعريفات العلماء للسنة و هذا الاختلاف ليس بقادح و إنما هو من نوع اختلاف التنوع في الاصطلاح الذي لا مشاحة فيه و الذي هو راجع بالأساس إلى مقصد كل واحد منهم و مرادهم من السنة إما باعتبارها دليلا شرعيا أو طريقة في تأصيل الأحكام العقدية الثابثة عن رسول الله و المخالفة لغيرها من المآخذ العقدية الأخرى أو بكل بساطة لأنها تعبير عن مصدرها و هو النبي صلى عليه وسلم إذن فهي :
عند الأصوليين: "ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو تقرير".
عند الفقهاء: "ما دل عليه الشرع من غير افتراض و لا و جوب" أو "ما يثاب فاعله و لا يعاقب تاركه".و هو ما يعبر عنه بالمستحب و المندوب
عند علماء العقيدة : "ما وافق هدي النبي صلى الله في أصول الدين و العقيدة ."
عند المحدثين: "كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم من قول أو فعل أو تقرير أو سيرةأو صفة خلقية أو خلقية, سواء أكان ذلك قبل البعثة أم بعدها".
و قد تأتي السنة بمعنى أعم من هذا كله فيراد بها الدين بمختلف شعبه وتطلق في مقابل البدعة .
وهنا فائدة : إذا ذكرت لفظة " الحكمة " مقرونة بالكتاب في القرآن فالمراد بها السنة بإجماعالعلماء ( تفسير ابن كثير : 1/190)

أقسام السنة النبوية :
1- باعتبار ذاتها (الصيغة التي صدرت بها من النبي) :
* قولية: ومنها قوله صلى الله عليه و سلم : " إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى
صوركم . ولكن ينظر إلى قلوبكم . وأشار بأصابعه إلى صدره ."(مسلم :2564)
* فعلية : كقول ابن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم : كان يعقد
تسبيحه بيمينه .(صحيح الجامع : 7110)
* تقريرية : ومنه إقراره أكل الضب على مائدته صلى الله عليه و سلم . ( البخاري:5391)
2- باعتبار علاقتها مع القرآن :
* مؤكدة لما جاء به : فأحكام السنة جاءة مؤكدة لتعاليم القرآن الكريم و لا وجه للتعارض
بينهما كالأحاديث الدالة على وجوب الصلاة و الزكاة والحج و صوم رمضان و بر
الوالدين و غيرها فإن السنة أكدت هذه الأحكام التي جاء التنصيص عليها في القرآن .
* مبينة : فمن تمام نبوته صلى الله عليه و سلم بيانه للأمة كل ما ورد به
الوحي القرآني وهذا هو المذكور في قوله تعالى : (( و انزلنا إليك الذكر لتبين

للناس ما نزل إليهم))( النحل : 44 )و هذا البيان يكون إما بتقييد المطلق أو تخصيص العام أو تفصيل المجمل أو توضيح المشكل ومن ذلك بيانه لكيفية الصلاة و أنصبة الزكاة و كيفية الحج و التفاصيل المتعلقة بالطهارة إلى غير ذلك ...
* مستقلة : و هي التي جاءت بحكم مستقل عما في القرآن وهذا النوع في نفس مرتبة
حجية النوعين السابقين لأن طاعة الرسول من طاعة الله قال تعالى ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا)) ( النساء 80) .
فالسنة النبوية وحي من الله و هي ملزمة بالاتباع لا يجوز ردها بحال من الأحوال و لا الابتغاء عنها بديلا " من رغب عن سنتي فليس مني " ( صحيح الجامع : 4946)و يعلم مما سبق أنه لا يمكن العمل بالقرآن دون السنة قال النبي صلى الله عليه وسلم :
"ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه ألا أن يوشك شبعان على أريكته يقول : عليكم بالقرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه ، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه - رواه الترمذي-
3- باعتبار و صولها إلينا : تنقسم إلى قسمين :
* متواترة : التواتر لغة : التتابع ، وهو مجيء الواحد بعد الآخر ، تقول تواتر المطر أي تتابع نزوله ، ومنه قوله تعالى : { ثم أرسلنا رسلنا تَتْراً } (المؤمنون :44) ،
وفي الاصطلاح : هو ما رواه عدد كثير يستحيل في العادة اتفاقهم على الكذب ، عن مثلهم إلى منتهاه ، وكان مستندهم الحس .
ومن خلال هذا التعريف يتبين أن التواتر لا يتحقق في الحديث إلا بشروط :
1 - أن يرويه عدد كثير بحيث يستحيل عادة أن يتفقوا على الكذب في هذا الحديث ، وقد اختلفت الأقوال في تقدير العدد الذي يحصل به التواتر ،ولكن الصحيح عدم تحديد عدد معين .
2 - أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند .
3 - أن يعتمدوا في خبرهم على الحس وهو ما يدرك بالحواس الخمس من مشاهدة أو سماع أو لمس ، كقولهم سمعنا أو رأينا ونحو ذلك .
والحديث المتواتر يفيد العلم الضروري ، يوجب تصديقه تصديقًا تاما لا تردد فيه،ولذلك يجب العمل به من غير بحث عن رجاله .
وقد قسم العلماء الحديث المتواتر إلى قسمين :
1 - متواتر لفظي : وهو ما تواتر فيه الحديث بلفظه كحديث : ( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) وهو في الصحيحين ( البخاري:1291 - مسلم:3).
وقد جمعها بعضهم في قوله :
مما تواتر حديث من كذب--- ومن بنى لله بيتا واحتسب
و رؤية شفاعة و الحوض--- و مسح خفين و هذي بعض
2 - متواتر معنوي : وهو ما تواتر فيه معنى الحديث وإن اختلفت ألفاظه ، وذلك بأن ينقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب وقائع مختلفة في قضايا متعددة ، ولكنها تشترك في أمر معين ، فيتواتر ذلك القدر المشترك ، كأحاديث رفع اليدين في الدعاء ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث فيه رفع
اليدين في الدعاء ، لكنها في قضايا مختلفة ، فكل قضية منها لم تتواتر ، والقدر المشترك فيها هو الرفع عند الدعاء ، فهو تواتر باعتبار المعنى .

* آحاد : جمع أحد . في اصطلاح الأصوليين ما عدا المتواتر
حجية خبر الآحاد :
أجمع العلماء على وجوب العمل به ( الرسالة : 457)
وهو حجة في الأحكام الفقهية و العقائدية دون تفريق بينهما ( المذكرة :104 للشنقيطي )
1- شروط قبوله :
بالنسبة للراوي : لا بد أن يكون : مسلما - مكلفا - عدلا - ضابطا .
بالنسبة لسند الحديث ( سلسلة الرواة) : الاتصال - عدم الشذوذ ( مخالفة الراوي لمن هو أقوى منه )
بالنسبة للمتن ( نص الحديث) عدم الشذوذ و عدم وجود العلة التي توجب رد الحديث .
فائدة : التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم تستلزم أمرين اثنين :
الأول المتابعة في صورة العمل دونما ابتداع
الثاني : المتابعة في القصد أي النية التي يرادبها العمل .
أما فعله بحكم الاتفاق و لم يقصده مثل نزوله بمكان و صلاته فيه لا قصدا منه فإن تخصيص ذلك المكان بالصلاة لا يكون تأسيا به صلى الله عليه و سلم ( مجموع الفتاوى 1/281)

أقسام أفعاله صلى الله عليه وسلم :
1- : الأفعال الجبلية فهذا القسم مباح و لا بأس في التأسي به مثل طريقته في المشي و محبته لبعض الأطعمة ...
2- : الأفعال الخاصة به فهذا يحرم فيه التأسي مثل الوصال في الصيام فإنه بلغه صلى الله عليه وسلم أن قوما يصلون صيامهم فنهاهم عن ذلك.( البخاري :1965)
3- : الأفعال البيانية التي يقصد بها البيان و التشريع فحكم هذا القسم تبع لما بينه فإن كان المبين واجبا فالتأسي يكون كذلك و هكذا.

حجية تقريره صلى الله عليه و سلم :
تقريره صلى الله عليه و سلم حجة معتبرة في الشرع لا تقل عن أفعاله و أقواله و دليل ذلك أنه لا يجوز في حقه تأخير البيان إلى وقت الحاجة لان هذا مناقض لمهمة البيان التي بعثه الله من اجلها و قد بوب البخاري في صحيحه : باب " من راى ترك النكير من النبي صلى الله عليه وسلم حجة لا من غير الرسول "و لان وجوب الإنكار منه لا يسقط عنه بالخوف على نفسه لقوله تعالى : (( و الله يعصمك من الناس )) (المائدة : 67)
و سكوته يدل على الجواز بامرين :
أ - أن يعلم بوقوعه في حضرته او زمانه
ب- ألا يكون الفعل المسكوت عنه صادرا من كافر .

حجية تركه صلى الله عليه و سلم
وهو نوعان بالنسبة لنقل الصحابة له :
1- التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم تركه وهذا لا إشكال فيه .
2- عدم نقل الصحابة لفعله صلى الله عيه وسلم وهو حجة بشرطين :
الأول : أن يوجد السبب المقتضي للفعل في عهده صلى الله عليه وسلم ولم يفعله فتركه لهذا الفعل سنة وجب الاخذ بها .
الثاني : انتفاء الموانع وعدم العوارض المقتضية لتركه كتركه صلى الله عليه وسلم قيام رمضان خشية ان يفرض عليهم لكن لما انتفى هذا المانع بموته صلى الله عليه أصبح قيام رمضان سنة .

فائدة : سنة الترك مبنية على مقدمات راسخة و ثابتة (إعلام الموقعين : 4/375) ( معارج القبول :2/346)
1- كمال الشريعة و استغناؤها التام عن الزيادات و الابتداع قال تعالى : (( اليوم أكملت لكم دينكم و أتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الأسلام دينا ))
(المائدة : 3)
2- قيام النبي صلى الله عليه وسلم بواجب البيان و التبليغ .
3- حفظ الله لهذا الدين .

حفظكم الله و رعاكم على امل اللقاء بكم في موضوع آخر
لا تنسونا من صالح دعائكم