تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نقاش هادئ بين تلميذ وشيخه حول الاحتفال بالمولد النبوي



أهــل الحـديث
10-01-2014, 05:20 AM
أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


نقاش هادئ بين تلميذ وشيخه حول الاحتفال بالمولد النبوي

كان أحد التلاميذ النجباء قد تربى في بيئة متصوفة، تقوم بعمل الاحتفال بالمولد كل عام، وقد علم شيخه عن هذا فعل هذا التلميذ، فما كان منه إلا أن حاوره بطريقة حسنة، وقد بدأ بقوله:

• يا بني لقد بلغني عنك الاحتفال بيوم المولد النبوي فهل هذا صحيح؟
• فأجابه التلميذ بقول: نعم شيخي هذا صحيح.

• فقال الشيخ: ولكن هل تفعله عن قناعة خاصة أم عن تقليد لآبائهك.
• فقال التلميذ بعد تردد: أفعله عن تقليد و لا أخفيك أني قرأت عنه وسمعت وأقتنعت بجوازه.
• قال الشيخ: هل تسمح لي بمحاورتك حول حجية الاحتفال بالمولد.
• فقال التمليذ: نعم لابأس.
• فقال الشيخ : أريد منك أن تسوق أدلك وحججك على هذا الاحتفال!

• فقال التمليذ حسنا شيخي:
جاء عند مسلم في صحيحه وغيرهما ؛ أنَّ رسول صلى الله عليه وسلَّم سُئِل عن صوم يوم اﻻ****ثنين، فقال عليه الصﻼ****ة والسﻼ****م: ((ذاك يوم ولدتُ فيه ، وأُنْزل عليَّ فيه)) فهذا فيه احتفال بالمولد، وإن كان ورد النص بالصيام، إلا أنه يدل على عموم الاحتفال.

• فقال الشيخ: سأجيبك عن استدلالك فأجبني عن ما أذكرك لك.
** يا بني : كيف تسمى هذا احتفال بالمولد، النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صيام يوم الاثنين قال ذلك يوم ولدت فيه وأنزل علي فيه، فمن أين أتيت بكلمة احتفال وما وجه ذلك يا بني؟
فقال التمليذ: ألم يقره على صيام يوم الاثنين ويذكر له السبب، أليس هذا احتفالا؟
• فقال الشيخ: يا بني هذا لايسمى احتفالا ولم يقل به أحد من شراح الحديث ولا غيرهم، فلا دلالة لك فيه على اسم الاحتفال ، فلعل هذا يكفي.
قال التلميذ : نعم شيخي، كأنك قد أيقظتني من سبات، نعم نعم كيف يسمى هذا احتفال، أستغفر الله من شرحي للحديث بكلام محدث لم يقل به العلماء.
• قال الشيخ: حسنا ابني، هل تعلم أن الحديث قد ورد فيه أسباب أخرى غير مولده صلى الله عليه وسلم، وهو أنه قد أنزل القرآن كذلك في يوم الاثنين، وقد بعث يوم الاثنين، فهل نحتفل بهذه الأمور كلها أم نقتصر على المولد فقط؟؟ فالحجة للجميع واحدة .
فقال التلميذ : نعم شيخي ظاهر الحديث يدل على ما تفضلت به أن هذه الأمور مجتمعة هي التي تدل على فضل صيام يوم الاثنين ، وليس المولد فقط. شكرا شيخي لقد نبهتني لهذا.

• فقال الشيخ: وأيضا ابني هل هناك من سلف الأمة من فهم الحديث بهذا الفهم وهو الاحتفال السنوي بالمولد من هذا الحديث.
فقال التمليذ: في حد علمي لا أعرف من المتقدمين أحد، ولكن ذكر هذا بعض المتأخرين.
• فقال الشيخ: وهل تشك في أن السلف الأوائل عندهم قصور في فهم السنة وتقصير في المسارعة بالعمل بها؟
فال التلميذ: لا أشك في ذلك.
• فقال الشيخ: وفقك الله ابني الفاضل لقد أحسنت.
فهذا الحديث لا حجة فيه للاحتفال بالمولد، لأن لفظه ومعناه ليس فيه الاحتفال، وإنما فيه عبادة شكر لله مشروعة وهي الصيام. وليس المولد بمفرده هو سبب الفضل في الصيام لهذا اليوم بل فيه نزول القرآن والبعثة، فهل بقي عندك استدلال بهذا الحديث.
فقال التلميذ: لقد أجبتني ولم يبق له حجة في هذا الحديث.

• فقال الشيخ: هات من عندك من أدلة أخرى.
فقال التلميذ: أنا أرى أنها سنة حسنة لأنها تذكر الناس بالسيرة وبحب النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قسم العلماء البدع إلى حسنة وسيئة، فأرى أنها سنة حسنة.
• فقال الشيخ: سأذكر لك بعض الأمور حولها فأجبني.
فقال التلميذ : حسنا شيخي.
• فقال الشيخ: أنا لا أرى انقسام البدع الدينية إلى بدعة حسنة وسيئة ، ولكن سأتنزل معك على هذا التقسيم.
فالبدعة الحسنة يستدل أصحابها على أن ما رآه المسلمون حسن فهو حسن، وأن يكون من يبدأه ويتوصل له من المهديين الذين يقتدى بهم ،وعلى غير ذلك من الأدلة.
فهذا الفعل يا بني قد ابتدعه الفاطميون الباطنية وهم ليسوا بقدوة ثم فعله الناس بعدهم تبعا لهم، وبعد أن انتشر عند عدد من المسلمين بدأوا يتلمسون له الأدلة من هنا وهناك.
فكيف نرضى أن نعمل ببدعة نعدها حسنة وأول من ابتدعها هي طائفة ضالة من فرق الباطنية التي تنتسب للإسلام؟ أين عقولنا؟ أين محبتنا للسنة؟
فقال التمليذ : سبحان الله، لم أكن أعلم بهذا، حسبي الله ونعم الوكيل، لقد كنت في غفلة شيخي عن هذا الأمر.
ولكن شيخي: هو عمل يحبب الناس في السيرة وفي النبي صلى الله عليه وسلم فهو حسن؟
فقال الشيخ: يا بني ألا نستطيع أن نحبب الناس في السيرة إلا بهذا الأمر؟ ألا يوجد لدينا طرق أخرى مباحة مشروعة بعيدة عن البدع.
فقال التلميذ: نعم يمكننا ذلك.
فقال الشيخ: إذن نترك الأمر المشتبه به والمبتدع إلى أمر واضح جلي.


• قال الشيخ: يا بني هل عندك حجج أخرى؟
فقال التلميذ: نعم شيخي ، فقد أجاز هذا الاحتفال عدد من أهل العلم من المتأخرين ، وهم علماء مشهورين.
فقال الشيخ: بعض من ينسب لهم إجازة الاحتفال لا يثبت عنهم، وبعضهم ثابت، ولكن هناك علماء آخرين لم يروا جوازها، فهذا مقابل هذا، ونبقى على أصل الحظر في العبادات إلا بدليل؟
فقال التلميذ: نعم شيخي خلفهم غيرهم.
فقال الشيخ: ألا تعلم أن أقوال العلماء ليست حجة على الاطلاق، وخاصة أنهم لم يجمعوا على هذا الفعل.
فقال التلميذ: نعم لايوجد إجماع.
فقال الشيخ: فلماذا نفعل هذا الاحتفال إذن ونعرض أنفسنا للقوع في البدع دون ضرورة أو حاجة ماسة، فلماذا لانقتصر على المشروع الوارد الثابت.
فقال التميذ: نعم معك شيخي .
• فقال الشيخ: هل بقي عندك حجج أخرى؟
فقال التلميذ: حقيقة لم يبق أدلة أخرى ذات بال .
• فقال الشيخ: يا بني هل تعلم أن يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت تحديده بدليل قوي، وأن علماء السيرة قد اختلفوا في تحديدة.
فقال التمليذ: أليس هو الثاني عشر من ربيع الأول شيخي؟
• فقال الشيخ: هذا هو المشهور، ولكن ليس عليه حجة قوية وقد وقع اختلاف في ذلك اليوم على عدة أقوال.
فقال التلميذ: سبحان الله، كنت أظن أنه هذا اليوم الثاني عشر من ربيع الأول فقط، ولم أكن أعلم بالخلاف.
• قال الشيخ: يا بني هل تعلم يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟
فقال التلميذ: أفدني شيخي.
• فقال الشيخ: إنه في الثاني عشر من ربيع الأول.
فقال التلميذ: يعني في نفس اليوم الذي ولد فيه؟؟
• فقال الشيخ: نعم في نفس اليوم الذي اشتهر.
فقال التلميذ: لم أكن أعلم هذا.
• فقال الشيخ: يا بني أترضى أن تحتفل في يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ ألا تخشى أن يكون الشيطان قد استدرج هؤلاء المحتفلين دون قصد منهم إلى الاحتفال في يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وهم لايشعرون؟
فقال التلميذ: سبحان الله، نعم شيخي ، هذا أمر عجيب.
فقال الشيخ: يا بني هل ستحتفل بالمولد النبوي بعد هذا.
فقال التمليذ: لا يا شيخي، والله لا أفعله أبدا، وقد تبت إلى الله ، ولن أفعله مرة أخرى، وأكتفى بما ورد في السنة.
• فقال الشيخ: بارك الله فيك بني، وثبتني وإياك على السنة حتى نلقاه.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

وكتب: عبدالرحمن بن عمر الفقيه.
مكة بلد الله الحرام، في ربيع الثاني من عام 1435هـ.