أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


قال السيوطي في [الحبائك/239]
239- وأخرج ابن جرير، عن كعب قال: ما بين منكبي الخازن من خزنتها مسيرة «مائة»( 1) عام، مع كل واحد منهم عمود وشعبتان يدفع به الدفع يصدع به في النار سبعمائة ألف ( 2).
-------------------------------------
(1) في (ط) : «خمسمائة»
(2) [منكر] مداره على سعيد بن إياس الجريري، قد اختلط، واختُلِف عليه فيه، واختلط بعض رواته على بعض الحفاظ، واختلفت ألفاظه، فقد أتعبني.
فقد أخرجه ابن ابي الدنيا (ت281) في [صفة النار/151/248-ابن حزم] فقال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ.
أخرجه الطبري (ت 310) في [التفسير/23860-الحديث] حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: ثنا ابْنُ عُلَيَّةَ.
وأخرجه أبو نعيم (ت430) في [الحلية/5/367-السعادة] فقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، ثنا وُهَيْبٌ.
قال مهدي، وإسماعيل ابن عليه: عن. وقال وهيب: ثنا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ - وزاد ابن أبي الدنيا، فقال: عَنْ غُنَيْمٍ (خَازِنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) - () قَالَ: ذَكَرُوا وَرُودَ النَّارِ، فَقَالَ كَعْبٌ:
قال الطبري: تُمْسَكُ النَّارُ لِلنَّاسِ كَأَنَّهَا مَتْنُ إِهَالَةٍ، حَتَّى يَسْتَوِي عَلَيْهَا أَقْدَامُ الْخَلَائِقِ بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ، ثُمَّ يُنَادِيهَا مُنَادٍ: أَنْ أَمْسِكِي أَصْحَابَكِ، وَدَعِي أَصْحَابِي، قَالَ: فَيُخْسَفُ بِكُلِّ وَلِيٍّ لَهَا، وَلَهِيَ أَعْلَمُ بِهِمْ مِنَ الرَّجُلِ بِوَلَدِهِ، وَيَخْرُجُ الْمُؤْمِنُونَ نَدِيَّةً أَبْدَانُهُمْ. اهـ
وقال أبو نعيم: قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا} [مريم: 71]. ثُمَّ قَالَ: تَدْرُونَ مَا وُرُودُهَا؟ تَبْرُزُ جَهَنَّمَ لِلنَّاسِ كَأَنَّهَا مَتْنُ إِهَالَةٍ حَتَّى تَسْتَوِيَ عَلَيْهَا أَقْدَامُ الْخَلَائِقِ، بَرِّهُمْ وَفَاجِرِهِمْ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: أَنْ خُذِي أَصْحَابَكَ وَدَعِي أَصْحَابِي، فَتَخْسِفُ بِكَلِّ وَلِيٍّ لَهَا فَهِيَ أَعْرَفُ بِهِمْ مِنَ الرَّجُلِ بِوَلَدِهِ، وَيخْرُجُ الْمُؤْمِنُونَ نَدِيَّةٌ ثِيَابُهُمْ.اهـ
وسعيد بن إياس الجرير: ثقة من رجال الصحيحين، إلا أنَّه قد اختلط، وسماع ابن عليه، ووهيب عنه قبل الاختلاط، وهذا هو الوجه المحفوظ في هذا الأثر، وليس فيه لفظ المصنف، وهذا اللفظ هو الصحيح ، وسيأتي الكلام على غنيم، وكعب بعد ذكر باقي الأوجه.
وأخرجه ابن المبارك (ت 118) في [الزهد/2/121-الكتب اعلمية].
وأخرجه ابن ابي شيبة (ت 235) في [المصنف/13/169/35311-عوامة] فقال: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ.
وأخرجه أبو نعيم (ت430) في [الحلية/5/369-السعادة] فقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّمَرْقَنْدِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ.
وأخرجه البيهقي (ت 458) في [الشعب/1/575/367-الرشد] فقال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، أنبأنا أَبُو الْحَسَنِ الْكَارِزِيُّ، أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، حدثنا يَزِيدُ.
قال (ابن المبارك، ويزيد بن هارون): أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ عن أبي السَّليل، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ، (عَنْ أَبِي الْعَوَّامِ)، قَالَ: قَالَ كَعْبٌ: هَلْ تَدْرُونَ مَا قَوْلُهُ: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: 71] فَقَالُوا , مَا كُنَّا نَرَى وَارِدُهَا إِلَّا دُخُولُهَا , قَالَ: فَقَالَ: لَا وَلَكِنَّهُ يُجَاءُ بِجَهَنَّمَ فَتُمَدُّ لِلنَّاسِ كَأَنَّهَا مَتْنُ إِهَالَةٍ حَتَّى إذا اسْتَوَتْ عَلَيْهَا أَقْدَامُ الْخَلَائِقِ بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ نَادَاهَا مُنَادٍ: خُذِي أَصْحَابَكِ وَذَرِي أَصْحَابِي , فَتَخْسِفُ بِكُلِّ وَلِيٍّ لَهَا لَهِيَ أَعْرَفُ مِنَ الْوَالِدِ بِوَلَدِهِ , وَيَنْجُو الْمُؤْمِنُونَ بَرِيَّةٌ ثِيَابُهُمْ قَالَ: وَإِنَّ الْخَازِنَ مِنْ خَزَنَةِ جَهَنَّمَ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ مَسِيرَةُ سَنَةٍ , مَعَهُ عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ لَهُ شُعْبَتَانِ يَدْفَعُ بِهِ الدَّفْعَةَ فَيُكَبُّ فِي النَّارِ سَبْعُمِائَةِ أَلْفٍ أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ.اهـ، وهذا لفظ ابن ابي شيبة، وقد سقط «ابي السليل» من طبعة الرشد [المصنف/7/55/34172] ووقع فيها تصحيف كثير .
ولفظ أبي نعيم: أَنَّ الْخَازِنَ مِنْ خُزَّانِ جَهَنَّمَ مَسِيرَةُ مَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ سَنَةٌ، وَأَنَّ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَعَمُودًا لَهُ شُعْبَتَانِ مِنْ حَدِيدٍ يَدْفَعُ بِهَا الدَّفْعَةَ فَيُكِبُّ فِي النَّارِ سَبْعَمِائَةِ أَلْفٍ.اهـ
فتجد أنَّ لفظ ابن ابي شيبة، وكذلك لفظ ابي نعيم بنحو لفظ المصنف، هنا. وقد اقتصر البيهقي على أوله بنحوه، وليس فيه لفظ المصنف.
أما الإسناد: ففيه «أبو العوام» بين «غنيم»، وبين « كعب»؛ وهذا الوجه غير محفوظ؛ فابن المبارك ويزيد بن هارون، قد سمعا من الجريري بعد الاختلاط، وقد اختلط الجريري هنا بإضافة شيخ لغنيم ليس هو له بشيخ، وسيأتي سبب ذلك .
وعليه: فالإسناد المحفوظ في هذا الأثر هو عن الجريري، عَنْ أَبِي السَّلِيلِ، عَنْ غُنَيْمِ بْنِ قَيْسٍ - وزاد ابن أبي الدنيا (خَازِنِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) عن كعب.
وغنيم بن قيس: روايان :
أحدهما: غنيم بن قيس، أبو عنبر البصري، من كبار التابعين، عن: سعد بن ابي وقاص، وعبد الله بن عمر، وأبي موسى الأشعري، وأبي عوام مؤذن بيت المقدس، وعنه: سعيد بن إياس الجريري، وسليمان التيمي. توفي بعد الثمانين.[تهذيب الكمال/4696][تبصير المتنبه بتحرير المشتبه/3/1049-المكتبة العلمية]
ولا شك أنَّ هذا ليس بصاحبنا في هذا الأثر .
والثاني: غنيم بن قيس، أبو العوام، عن: كعب بن عمرو بن تميم البصري .[الجرح والتعديل/913]، [التاريخ الكبير/7/225-الفكر]، [تبصير المتنبه بتحرير المشتبه/3/1049-المكتبة العلمية]، [الثقات/5/335/5104-الفكر]
وهذا هو صاحبنا في هذا الأثر، فلما اختلط جرير، جعل غنيمًا هو الأوَّل ثم أدخل شيخَ الأول (أبا عوام مؤذن بيت المقدس) ، وهو لا يروي عن أحدٍ اسمه كعب، وقد يكون حدث تصحيفٌ في الإسناد، بسبب تماثل كنية (غنيم) صاحبنا، بكنية شيخ الأول؛ فكلاهما يكنى (أبو عوام)، وتكون «عن» التي بين «غنيم» و «أبو عوام» زائدة.
فإذا علمتَ بأن غنيمًا هذا هو صاحبنا: علمتَ بأن الزيادة التي عند ابن أبي الدنيا المشار إليها (خازن بيت المقدس) خطأ، لأنها وصفٌ لشيخ الراوي الأول، وليس وصفًا لصاحبنا.
وعلمتَ كذلك بأنَّ كعباً هذا ليس هو كعب الأحبار، بل هو كعب بن عمرو بن تميم البصري، ولا يَشْتَبِه عليك، كما اشتبه على ابن ماكولا، فوقع في الاشتباه، من حيث أراد أن يرفع الارتياب بين غنيم الأول، وغنيم الثاني .
قال ابن ماكولا (ت 475) في [الإكمال6/140-الكتب العلمية]: غنيم بن قيس أبو العنبر المازني البصري، أدرك النبي -صلى الله عليه وسلم- ورآه، روى عن سعد بن أبي وقاص وأبي موسى الأشعري، روى عنه ثابت بن عمارة وسليمان التيمي ويزيد الرقاشي وغيرهم.. وغنيم أبو العوام صاحب كعب الأحبار!! حدث عن كعب، روى عنه أبو السليل القيسي.اهـ
ولا أعلم صاحبًا لكعب الأحبار اسمه «غنيم»، ولا أعلم صاحبًا لـ«غنيم بن قيس ابي عوام» الذي يروي عنه «أبو السليل» غير «كعب بن عمرو بن تميم البصري».
وأبو السليل: هو ضُرَيب بن نُقَير، وثقه ابن معين، وغيره.

والله وحده هو الأعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب