التغيرات البايوميكانيكية لحركات الانسان خلال حياته
المقدمــة:
خلال نمو وتطور الطفل تظهر العديد من التحولات الجسمية التي تؤثر على ميكانيكية الحركة. وعلى سبيل المثال فعندما ينمو الطفل فان كتلته تزداد وان اطوال الاطراف تتغير نسبة الى طول الجسم، فبين الولادة وسن العشرين فان كتلة الرأس تتضاعف في حين ان طول الجذع يزداد ضعفين والذراعان ثلاثة اضعاف في حين يزداد طول الرجلين اربعة اضعاف.
ان هذا التغير في النسب يغير بلاشك ميكانيكية الحركة. ان التغيرات البايوميكانيكية تحدث في المتغيرات الاتية:
1- عزم القصور الذاتي Inertia.
2- الكفاءة Efficiency.
3- المقاييس Scaling.
4- تغيرات المراهقة Adolescent Awkwardness.
5- الفروق الجنسية Sex Differences.
عزم القصور الذاتي Inertia :
ونعني بذلك مقاومة الجسم لاي تغير في الوضع. ويقاس بوساطة الحسابات الخطية (المستقيمة) والدائرية. ان الدراسات الطويلة الامد للاطفال (Longitudinal Study) بحثت التغيرات في هذا المجال وكذلك درست مركز ثقل الجسم خلال النمو. اما التغيرات في نسبة اطوال الجسم والتي ذكرت انفا فان لها تأثير على عزم القصور الذاتي. فمثلا تكون نسبة الرأس 20% من كتلة الجسم في عمر اربع سنوات، في حين في العمر 12 سنة تقل النسبة الى 10% من كتلة الجسم. اما في العمر 2 سنة فان كتلة الرأس تصل الى 7%.
اما الذراعين فان الذراع والساعد تزداد بنسب كبيرة مقارنة مع كف اليد وهذا يعني ان الساعد والذراع يزدادان نسبيا اكثر مقارنة مع كتلة الجسم في حين ان كف اليد تزداد بنفس زيادة كتلة الجسم العامة، وهذا يسري على القدمين كما هو الحال في الكفين ولكن الساق والفخذ تزدادان نسبيا بشكل واضح الى نهاية فترة المراهقة وبعد ذلك يقف التقدم ويقل في بعض الاحيان. ان التغيرات الحاصلة في الاطراف العليا والسفلى هي تغيرات طفيفة وبنسبة 2% مقارنة مع تغير حجم الرأس، وان هذه الكتل عند الاطفال تجعلهم عرضة للاصابة بالرأس اكثر من الكبار.
ان كتلة الرأس عند الطفل هي 20% في حين عند البالغ 7% وهذا يجعله ذو وزن عال من الاعلى. وهناك متغير اخر يؤثر على العزم هو موقع مركز ثقل الجسم وكذلك طول ذراع الدوران لاجزاء الجسم وعلاقته مع عزم القصور الذاتي للجسم ولكن نسبة ارتفاع مركز ثقل الجسم الى الطول الكلي تبقى. ان تغير الاطوال والكتل يؤدي الى تغير في عزم القصور الذاتي اذ ان الاطراف الطويلة تلاقي صعوبة في عملية التعجيل مقارنة مع الاطراف القصيرة، وعند ملاحظة طريق الركض فان سرعة الركض تتحدد بقابلية الطرف السائب بالمرجحة السريعة للمرحلة القادمة ولذلك يقوم الطفل بتردد اكثر من البالغ للوصول الى السرعة نفسها.
الكفاءة Efficiency:
تعني معدل العمل الميكانيكي الخارجي المبذول. وعادة تقاس بوساطة الاركوميتر وتحديد نسبة الاوكسجين المستهلك. وهنا يتبادر سؤال وهو هل تتغير الكفاءة نتيجة تقدم العمر؟ هناك بعض الحقائق التي لابد من الاشارة اليها وهي ان الاطفال يحتاجون الى كمية من الاوكسجين للكيلو غرام الواحد اكثر مما يحتاجه البالغ وعند نمو الاطفال فان اقصى استهلاك للاوكسجين يبقى ثابتا ولكن الاقتصاد في الجهد يتحسن. ويعود هذا الاقتصاد بالجهد الى ما يلي:
1- الازاحة العمودية لمركز ثقل الجسم، اذ يهبط الى الاسفل نتيجة نمو الطفل.
2- زيادة طول الخطوة.
3- نقصان الانحرافات الجانبية للخطوات.
4- قدرة اكبر لنقل الطاقة بين وخلال اجزاء الجسم.
5- تغير شكل الجسم.
6- تحسين في تنظيم استخدام الطاقة. ان الطفل الاكبر عمرا لديه قابلية السيطرة على سرعة الركض وتنظيمه وهذا يؤدي الى عدم ظهور التعب مبكرا.
7- تغيير في القوة والمرونة ونوع الالياف.
8- تغير في المساحة السطحية للجسم نسبة الى معدل الكتلة.
المقاييس Scaling:
اذا اراد مهندس ان يبني بناية من طبقات عدة فانه يأخذ بالحسبان عرض وعمق وارتفاع الاساس. وان هذه المقاييس مرتبطة بعدد الطبقات المطلوب بناؤها فوق ذلك الاساس، فكلما زادت الطبقات وجب زيادة مساحة وعمق وعرض الاساس، ولو لاحظنا عظام الطيور لوجدنا ان عظام اجنحتها اخف من من عظام ارجلها لان الاجنحة تتطلب سرعة حركية في حين ان الرجلين يتوجب عليها امتصاص قوة الصدمة بالارض عند الهبوط. ان هذا التكيف واضحا في النباتات والحيوانات ايضا.
ان اغلب عظام الانسان مجوفة لان هذا التصميم يعطيها قوة اكثر من العظم الصلد الذي يحوي الكتلة والكمية العظمية نفسها، وان هذه المقاييس استثمرها صانعوا دراجات السباق اذ تتمتع الانابيب المكونة للدراجة بسمك خفيف جدا وبمحيط كبير. ان مثل هذه المقاييس المعتمدة على القوانين يمكن ان تستخدم لتحسين العاب الكبار ونشاطاتهم وكذلك رياض الاطفال. وهنا تظهر تساؤلات حول ملائمة بعض الاجهزة للاطفال مثل الموانع واحجام الكرات واطوال المضارب. كما ان مثل هذا التغير بالاجهزة لغرض موازاة حاجات واحجام وقابليات الاطفال يزيد من المتعة والاقتناع والاحساس بالنجاح من خلال الاستخدام.
تغيرات المراهقة Adolescent Awkwardness:
هناك اعتقاد سائد وخصوصا عند الذكور هو انه عندما يدخلون مرحلة المراهقة تظهر في احدى حالات هذه المرحلة حركات غير رشيقة ولاتدل على السيطرة الحركية الجيدة Clumsy وهذا بسبب الزيادة المفرطة والسريعة في القوة، ففي خلال مرحلة المراهقة تحدث تحولات سريعة في حجم وقوة العظام والعضلات، وان هذا التغير السريع يقلل من قدرة المراهق وان التوافق الحركي لم يتطور بنفس سرعة تطور العظام والعضلات ولذلك تختفي الرشاقة في العديد من المهارات الحركية او على الاقل تضعف. ان هذا التغير يؤدي الى:
1- ان زيادة الطول والكتلة يزيد من عزم القصور الذاتي ولايساعد الفرد على التحرك برشاقة.
2- ان زيادة حجم العضلات يتأخر ويظهر بعد نمو الهيكل العظمي مما يؤدي الى ظهور صعوبة عند المراهق في اداء مهارات تحتاج الى قوة وقدرة، لان نمو العظام يسبق نمو العضلات وبالتالي القوة. ولكن هذه الصعوبة والنقصان في القوة النسبية هو وقتي وليس دائم.
الفروق الجنسية Sex Differences:
ان اكثر فرق واضح من الناحية البيوميكانيكية هو موقع وارتفاع مركز ثقل الجسم نسبة الى الطول الكلي اذ يكون عند النساء بنسبة 55% من الارتفاع الكلي في حين عند الرجال يكون 57%. ان هذا الفرق يعود الى التكوين البنيوي. ان الرجل يتمتع باكتاف وصدر كبيرين وبورك صغير مما يؤدي الى ارتفاع مركز ثقله. ومن جانب اخر فان صغر الكتفين عند المرأة وكبر الحوض يعمل على هبوط مركز ثقل الجسم. ولكن السؤال هنا هل يؤثر هذا الاختلاف الطفيف في الاداء الرياضي؟
رد مع اقتباس
[/mark]
