أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


نموذج: المنكر أبدا منكر، فلا يستشهد به:
حديث: قال الله تعالى: (إن عبدا أصححت له جسمه وأوسعت عليه في رزقه يأتي عليه خمس سنين لا يَفدُ إليَّ لمحرومٌ).
هذا الحديث روي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا، ومداره على العلاء بن المسيب بن رافع، واحتلف عليه فيه رفعًا ووقفًا وزيادةً ونقصًا في إسناده، حكى الدارقطني الخلاف الذي وقع فيه ثم قال: "ولا يصح شئ منها". علله (11 / 309)
والحديث أحسن أحواله: أنه منقطع في جميع الأحوال، إذا أغضينا الطرف عن الاضطراب في إسناده.
وقد خرجه ابن حبان في صحيحه (3703) وصححه شعيب الأرناؤوط، وقال حسين سليم أسد: رجاله ثقات. مسند أبي يعلى (1031) !!.
لكن محل الشاهد على عنوان هذا المنشور هو ما يلي:
روي هذا الحديث عن أبي هريرة ، روي عنه من طريقين؛ الأول: رواه صدقة بن يزيد الخراساني عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا.
قال أبو حاتم الرازي (علل ابنه 851): هذا عندي وهم ، إنما هو كما رواه خلف بن خليفة ، عن العلاء بن المسيب ، عن أبيه ، عن أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يقفه.اهـ
وقال ابن عدي في الكامل (4 / 78): هذا عن العلاء منكر، كما قاله البخاري، ولا أعلم يرويه عن العلاء غير صدقة، وإنما يروي هذا خلف بن خليفة وهو مشهور وروي عن الثوري أيضا عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فلعل صدقة هذا سمع بذكر العلاء فظن أنه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة، وكان هذا الطريق أسهل عليه، وإنما هو العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد.اهـ
قال العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة (1662): "صدقة هذا ضعفه جمع ، فهو بمثل هذا النقد حري.
لكن لعل الطريق الآتية تقويه:
الثاني: عن قيس بن الربيع عن عباد بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة به .
أخرجه الخطيب في " الموضح " ( 1 / 152 ) .
وعباد اسمه عبد الله بن أبي صالح لين الحديث كما في " التقريب " و مثله: قيس بن الربيع ، و ضعفهما من قبل حفظهما ، فمثلهما يستشهد بحديثه.
و جملة القول : إن الحديث صحيح قطعا بمجموع هذه الطرق . و الله أعلم .اهـ كلام الألباني.
أقول: عباد بن أبي صالح أخو سهيل قال ابن المديني: ليس بشئ، وقال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد، وساق له خبرا عن أبيه عن أبي هريرة، أخطأ في إسناده على أبيه.
فالحديث عن أبي هريرة من هذا الطريق منكر؛ لتفرد مثل عباد به.
فلا يصح تقويته لرواية صدقة المنكرة أصلا برأي البخاري وأبي حاتم وغيرهما.
وكذلك لا يصلح الطريقان لتقوية رواية العلاء بن المسيب في حديث أبي سعيد الخدري لنفس السبب.
فالذي يمكن التقوية به ما كان رجحان صوابه قائما، أما إذا تحقق أو ترجح فيه الخطأ والحكم عليه بالنكارة فهو كأنه لم يكن لرجحان الوهم. فليتنبه لهذا، وليعتن بأحكام الأئمة وإنزالها المنزلة الصحيحة؛ فليس كل الضعف سواء.
فـ: "الحديث عن الضعفاء ؛ قد يُحتاج إليه في وقت، و المنكَر أبداً منكر،" قاله الإمام أحمد "العلل" للمروذي (ص287) ، و "مسائل أحمد " لابن هانيء (1925) (1926).