أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


وقفة مع الأحداث
عباد الله:
إن المتأمل في الأحداث العالمية التي تدور في العالم اليوم -وخاصة في العالم الإسلامي- يدرك تمام الإدراك أن لهذه الأحداث مابعدها وأن الأمة اليوم تتعرض لمخاض عسير وامتحانات صعبة وهزات عنيفة.
هذه الامتحانات وهذه الهزات إنما هي ابتلاءات يبتليا الله سبحانه وتعالى بها ليعلم الصادق فينا من الكاذب والمؤمن من المنافق والخبيث من الطيب كما قال سبحانه وتعالى: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} وقال: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} ويقول: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ}.
إن النصر لا يأتي بالسهولة التي يظنها البعض ولا يقع بالبساطة التي يتصورها الناس فالنصر والتمكين له ضريبة غالية ولا يأتي إلا بعد البلاء العظيم والامتحانات الشاقة والأحداث الصعبة التي تهيئ رجالاً عظماء لديهم القدرة الفائقة على تحمل أعباء النصر وتكاليفه.
إننا اليوم نعيش في آخر الزمان الذي أخبر عنه رسولنا عليه الصلاة والسلام زمان البلاء والفتن واللآواء والمحن والشدائد والوهن
زمان هاجت فيه الفتنة من كل حدب وصوب وانقلبت فيه الأمور رأساً على عقب وامتلأت فيه الأرض بالجور والظلم والفساد وذهب فيه العقلاء وقلّ فيه الربانيون والعلماء وتتابع فيه موت الصالحين والفضلاء وهكذا حتى لايبقى في الأرض إلا حثالة البشر وشرار الخلق الذين تقوم عليهم الساعة يقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَذْهَبُ الصَّالِحُونَ الْأَوَّلُ فَالْأَوَّلُ وَيَبْقَى حُفَالَةٌ كَحُفَالَةِ الشَّعِيرِ أَوْ التَّمْرِ لَا يُبَالِيهِمْ اللَّهُ بَالَةً" ويقول صلى الله عليه وسلم لأصحابه " فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ القَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِهِ قَالَوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْهُمْ قَالَ بل أجر خمسين منكم" وقال عليه الصلاة والسلام:: «سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتُ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ، قِيلَ: وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ؟ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يتكلم فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ.
أيها الناس: لقد أثبتت الأحداث أن الشعوب الإسلامية تجد نفسها فجأة أمام عدوها بدون سابق إنذار وبدون أي استعداد للمواجهة فالمسلمون في العراق وأفغانستان وجدوا أنفسهم فجأة أمام الأمريكان وإخواننا في سوريا وجدوا أنفسهم فجأة في مواجهة مع الفرس والروس وإخواننا في بورما تفأجاوا بالمشركين البوذيين وهم فوق رؤوسهم يقتلون رجالهم ويستحيون نسائهم ويعذبون شبابهم ويهدمون بيوتهم ومساجدهم.
ونحن اليوم أهل السنة في هذه الجزيرة العربية جزيرة محمد صلى الله عليه وسلم الكل يعدّ لنا والجميع يكنون ويصرحون بعداوتهم لنا ويتجهزون ضدنا ويوجهون بنادقهم نحونا
فأمريكا المجرمة الطاغية المعادية للإسلام والمسلمين نزلت في أرضنا وحامت طائراتها فوق رؤوسنا ومناطقنا ونزل جنودها في قواعدنا ومطاراتنا ...
والفرس المجوس قد أخرجوا فينا ومنا أعواناً لهم يقاتلون نيابة عنهم ومستعدون للتضحية من أجلهم وقاموا بالتأثير عليهم وتسميم أفكارهم ومعتقداتهم وجعلوهم روافض مثلهم ودربوهم وجهزوهم وأمدوهم بالأموال والأسلحة الثقيلة والخفيفة...
وفوق العدو الخارجي عدو داخلي لدود ينخر فينا ويفسد أرضنا ويهلك حرثنا ويسرق خيراتنا ويمتص حقوقنا ويهدم جهودنا ويخدم أعدائنا ويتعمد إفسادنا وإفساد بلادنا وأبنائنا وتعليمنا واقتصادنا ويسعى دائماً وأبداً إلى أن نكون في آخر الركب ومؤخرة الخلق...
فلنأخذ حذرنا ولننتبه لأنفسنا حتى لا يحصل لنا ما حصل لغيرنا.
لقد اجتمع الجميع علينا نحن أهل السنة وصرنا لقمة سائغة للذئاب وفريسة سهلة للكلاب ينهشون فينا بكل سهولة ويضربوننا بكل بساطة ويهينوننا بلا سبب لانهم يعلمون أنه لا قيادة لنا تقودنا ولا سلاح معنا يحمينا ولا رجال عندنا ينتقمون لنا ويأخذون بثأرنا فحسبنا الله ونعم الوكيل وإلى الله نشكو ضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس.
عباد الله: إننا مقبلون على أحداث عظام فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الجبهات الساخنة في آخر الزمان ستكون في ثلاث جبهات جبهة الشام وجبهة اليمن وجبهة العراق.
تدور الملاحم في هذه المناطق الثلاث وتستخن الأحداث على هذه الجبهات وخاصة جبهة الشام فالشام كما أخبر رسولنا عليه الصلاة والسلام يكون فيها فسطاط المسلمين ومعسكرهم وفيها يتمحور الصراع العالمي وفيها يخرج المهدي عليه السلام وينزل فيها نبي الله عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام ينزل عند المنارة البيضاء بدمشق محمولاً على جناح ملكين يقطر رأسه ماء كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.
لقد احتدمت المواجهات في الشام بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ولا يزال البلاء بأهل الشام يتعاظم يوماً بعد يوم ولن يأتي النصر حتى تتوحد الرايات على راية التوحيد ويقاتل الجميع من أجل هدف واحد هو إعلاء كلمة الله ورفع راية لا إله إلا الله يقول الله سبحانه وتعالى {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}.
لقد بدأ أهل الشام الأباة يستيقنون أنه لا ناصر لهم إلا الله ولا معين لهم إلا هو جل وعلا فأخذوا يرفعون الراية التي فيها لا إله إلا الله ويحملون اللافتات المكتوب عليها " مالنا غيرك يا الله " فإذا حصل هذا الوعي واتحدت الرايات تحت هذه الراية العظيمة راية لا إله إلا الله فسيأتي النصر بإذن الله والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون يقول الله سبحانه وتعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} ويقول سبحانه: {وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا * الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ...
الخطبة الثانية:
عباد الله: لا مخرج لنا إلا بالاعتصام بكتاب الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا أردنا النجاة فلنتقرب من الله ولنلتجئ بحماه ولنتب إليه ولنعد إلى دينه ومنهجه جل وعلا فإن من آوى إلى الله فقد آوى إلى ركن شديد ومن تمسك بحبل الله فقد فاز فوزاً عظيماً وسعد في الدارين دار الدنيا ودار الآخرة يقول الله سبحانه وتعالى {وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ عَنْكُمْ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ".
عباد الله: إن رسولنا صلى الله عليه وسلم أمرنا بالإكثار من العبادة عندما تكثر الفتن ويزيد البلاء وتشتد المحن وأخبر صلى الله عليه وسلم بفضل العبادة في زمن الهرج والمرج فقال: " العبادة في الهرج كهجرة إلي ".
إننا مقبلون على شهر عظيم مبارك فلنحرص كل الحرص على التهيؤ له والاستعداد للقائه والإكثار من العبادة فيه ولنسأل الله سبحانه وتعالى دائماً وأبداً الهداية والتوفيق والرشاد.
ولنجعل من شهر رمضان شهراً للاستزادة من الخيرات والاكثار من الطاعات وكثرة القربات حتى يعصمنا الله من الفتن وينجينا من المحن ما ظهر منها وما بطن ويأخذ بأيدينا إلى ما فيه خيرنا وصلاحنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.


<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: ىàژفژة وـ ژاâإژحژدژاژث.doc&rlm;
: 41.5 كيلوبايت
: <font face="Tahoma"><b> doc