أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


بسم الله الرحمن الرحيم

إن الأحكام التكليفية الخمسة هي: الواجب، المندوب، المحرم، المكروه والمباح وتفصيل شرحها هو الآتي:
1) الواجب: ويُسمى أو يُعبر عنه عند جمهور أهل العلم بالفرض، والحتم، واللازم، والمكتوب، قال الشنقيطي في المراقي ( والفرض والواجب قد توافقا ****كالحتم واللازم، مكتوب ). فالواجب هو ما أمر به الله عزوجل أو طلبه على وجه الحتم والإلزام، فيثاب فاعله ويستحق تاركه العقاب ومن الأمثلة عليه فريضة الصلاة والزكاة ونحوهما.

أما الركن فهو الدعيمة والأساس من الشيء، وعرفه بعض العلماء بأنه ما يتم به الشيء وهو داخل فيه أي من مكوناته، وأركان العبادة هي فرائضها كالفاتحة في الصلاة.

2) المندوب: ويُسمى المُستحب والفضيلة، قال الشنقيطي في المراقي ( فضيلة والندب والذي استحب ترادفت). والمندوب هو ما أمر به الله عزوجل لا على وجه الإلزام، فيستحق فاعله الثواب ولا يأثم تاركه، كنوافل الصلاة وغيرها .وبعض أهل العلم لا يفرق بين المندوب والسنة بينما جمع من أهل العلم يُفرق بين المندوب والسنة المؤكدة، فالسنة في اللغة: هي الطريقة خيرا كانت أو شرا، وتطلق السنة على الصميم من كل شي، وجمعها هو سنن. وفي اصطلاح أهل العلم يختلف إطلاق السنة باختلاف الفن الذي تذكر فيه، ففي علم العقائد تطلق على ما يقابل البدعة، وفي اصطلاح أهل الحديث تطلق السنة على ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلْقية أو خُلُقية سواء صلح دليلا لحكم شرعي أو لم يصلح، وعند الأصوليين تطلق السنة على ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير مما يصلح دليلا لحكم شرعي، وعند الفقهاء تطلق السنة على المأمور به أمراً غير جازم، وعند بعض الفقهاء الذين يفرقون بين المندوب والسنة المؤكدة، تطلق السنة المؤكدة على ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه أو أظهره في ملأ، ودل الدليل الشرعي على أنه ليس بواجب أما ما لم يواظب عليه الصلاة والسلام على فعله فهو السنة الغير مؤكدة، بينما المندوب يطلق على ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يواظب عليه ولم يظهره أمام الملأ. فحكم السنة المؤكدة أنه يثاب فاعلها، ولا يعاقب تاركها، ولكن يلام ويعاتب، وذهب بعض العلماء إلى سقوط عدالة المواظب على تركها.

ومن السنة، السنة الراتبة و هي السنة التابعة لغيرها، أو التي تتوقف على غيرها وضابطها هو أنها تابعة لغيرها بتوقيت معين وهي قد تكون مؤكدة أو غير مؤكدة، فمثال على السنة الراتبة المؤكدة هو السنن القبلية والبعدية للصلوات المفروضة فهي راتبة، لأنها تابعة لغيرها، وهي مؤكدة لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب عليها، ولم يتركها، وهي عشر ركعات، كما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر ركعات: ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح، كانت ساعة لا يُدخل على النبي صلى الله عليه وسلم فيها، حدثتني حفصة أنه كان إذا أذن المؤذن وطلع الفجر صلى ركعتين" متفق عليه. ومثال على السنة الراتبة الغير مؤكدة هو أربع ركعات قبل صلاة العصر، فهي راتبة لأنها تابعة لصلاة العصر، وغير مؤكدة لعدم مواظبة النبي صلى الله عليه وسلم عليها. ويطلق بعض العلماء السنة الراتبة على الصلوات المؤقتة بوقت معين غير الفريضة، كصلاة العيدين والضحى. وحكم السنة الراتبة عند جمهور الفقهاء أنها مستحبة، وقال الحنابلة: يكره تركها دون عذرٍ.

وما يقابل السنة البدعة وهي ـ كما عرفها الشاطبي -: طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعيّة أي تشبه الطريقة الشرعية ولكنها في الحقيقة مضادة لها، يقصد بسلوكها المبالغة في التعبد لله سبحانه. وقد ذكر الشاطبي أمثلة عليها، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيداً، وما أشبه ذلك. وضابط البدعة هو كل عمل لم يعمله النبي صلى الله عليه وسلم مع وجود المقتضي له، وعدم المانع من فعله، ففعله بعد ذلك بدعة. وهذا يخرج صلاة التراويح وجمع القرآن من البدعة، لأن صلاة التراويح لم يستمر النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها (جماعة) لوجود المانع، وهو الخوف من أن تفرض. وأما جمع القرآن فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعله، لعدم وجود المقتضي لذلك، فلما كثر الناس، واتسعت الفتوحات، وخاف الصحابة من دخول العجمة، جمعوا القرآن. وليعلم المسلم أن البدعة خطرها عظيم على صاحبها، وعلى الناس، وعلى الدين، وهي مردودة على صاحبها يوم القيامة، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" رواه البخاري ومسلم. وعند مسلم: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد" وقوله (في أمرنا) أي: في ديننا. وقوله: (رد) أي: مردود على صاحبه كائناً من كان. وأيضا: البدعة ضلالة لقوله صلى الله عليه وسلم: "وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" رواه النسائي. نعوذ بالله من البدع ومن النار. والله أعلم.

3) المحرم: ويُسمى المحظور والممنوع، وهو يُقابل الواجب، فهو ما نهى عنه الله عزوجل نهيا جازما فيثاب تاركه، ويعاقب فاعله أو يستحق ذلك، كالقتل والزنا والسرقة وغيرها.

4) المكروه: ويُسمى المبغض، وهو يُقابل المندوب، فهو ما نهي عنه الله عزوجل لا على وجه الإلزام فيثاب تاركه امتثالا ولا يأثم فاعله، كالصلاة بحضرة الطعام أو مدافعة الأخبثين (أي البول والغائط) : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يُدافعه الأخبثان). وربما عبر بعض العلماء عن المكروه بخلاف الأولى، أي ما هو ليس الأولى.

5) المُباح: ويُسمى الجائز، الحلال، الحل، والمطلق أي من قيد و ضابط الفعل أو الترك، قال الشنقيطي في المراقي: (والإباحة الخطاب **** فيه استوى الفعل والاجتناب)، وهو مستوي الطرفين الفعل والترك، أي المسلم مُخير بين فعله وتركه، فلا يترتب على فعله ثواب ولا إثم، كأكل طعام أهل الكتاب أو كالمشي والركوب ونحوهما.

أما الأحوط عند أهل العلم هو الأخذ بالحكم الشرعي الأورع والأبرأ للذمة والأبعد من الشبهة والأسلم للمكلف، عند وجود خلاف في الحكم الشرعي للمسألة إما بسبب إختلاف العلماء في فهم النص وإستنباط الحكم الشرعي منه أو إختلافهم في ثبوت النص إن كان حديثا، مع العلم بأن ليس كل خلاف مُعتبر حتى يكون له مستند مقبول عند أهل العلم ولله درالقائل: (وليس كل خلاف جاء معتبراً حتى يكون له حظ من النظر). أما عند الضرورة فيجوز للمكلف الأخذ بالحكم الشرعي الذي يشاء والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.