أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


المشاهد الحيّة لما يحدث في شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
متجدد في أربع جلسات فوائد من كتاب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وواقع المسلمين اليوم، لصالح بن عبد الله الدرويش قاضي القطيف سابقا والقاضي بالاستئناف بمكة المكرمة ، ط 1، 1412 هـ، دار الوطن للنشر، الرياض)

الجلسة الرابعة وما قبل الأخيرة :
ـ قال الغزالي: فإن قيل فالمكروه المتوقع ما حده فإن الإنسان قد يكره كلمة وقد يكره ضربة وقد يكره طول لسان المحتسب عليه في حقه بالغيبة وما من شخص يؤمر بالمعروف إلا يتوقع منه نوع من الأذى وقد يكون منه أن يسعى به إلى سلطان أو يقدح فيه في مجلس يتضرر بقدحه فيه فما حد المكروه الذي يسقط الوجوب به؟
قلنا هذا أيضا فيه نظر غامض وصورته منتشرة ومجاريه كثيرة..ا.هـ .
ـ والوارد في النص: أن مردّ ذلك إلى المباشر للأمر أو النهي ((فإن لم يستطع)).
ـ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ خَطِيبًا , فَكَانَ فِيمَا قَالَ : " أَلَا لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلًا هَيْبَةُ النَّاسِ أَنْ يَقُولَ بِحَقٍّ إِذَا عَلِمَهُ " , قَالَ : فَبَكَى أَبُو سَعِيدٍ , وَقَالَ : قَدْ وَاللَّهِ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ فَهِبْنَا .
ـ يلاقي القائمون بالنهي عن المنكر خاصة ما لا يحصى من السب والشتم ، لأنهم يباشرون منع صاحب الشهوة من تنفيذ شهوته ، ومنعه من الاقدام على تنفيذ مراده ، فيحصل لديه من الغضب ورد الفعل ما لا يخفى ، فيقوم بالسب والشتم ونحو ذلك ، فهل تُعتبر هذه إهانة للمحتسب وأذى ومشقة فيسقط عنه الوجوب لأجلها ؟
قال ابن الجوزي: فأما السب والشتم فليس بعذر في السكوت لأن الآمر بالمعروف يلقى ذلك في الغالب .
وقال الغزالي: (( ولو تركت الحسبة بلوم لائم ، أو باغتياب فاسق أو شتمه أو تعنيفه أو سقوط المنزلة عن قلبه وقلب أمثاله ؛ لم يكن للحسبة وجوب أصلاً إذ لا تنفك الحسبة عنه )).
وقال ابن تيمية : الصبر على أذى الخلق عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إن لم يستعمل لزم أحد أمرين ، إما تعطيل الأمر والنهي ، وإما حصول فتنة ومفسدة أعظم من مفسدة ترك الأمر والنهي أو مثلها أو قريبا منها ، وكلاهما معصية وفساد .
قال تعالى { وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور } فمن أمر ولم يصبر ، أو صبر ولم يأمر ، أو لم يأمر ولم يصبر ، حصل من هذه الأقسام الثلاثة مفسدة ، وإنما الصلاح في أن يأمر ويصبر .
ـ قال ابن تيمية: المؤمن عليه أن يتقي الله في عباده وليس عليه هداهم. ا. هـ.
ـ وليت من اشتغلوا بنوافل العبادة، وعطلوا فروض الكفايات بحجة التعارض وقلة الوقت، أدركوا تلك القاعدة (وهي أن تكون إحدى المصلحتين أرجح من الثانية فتترك الأقل نفعا وأثرا لأجل تحصيل مصلحة أنفع منها للمسلمين).
ـ من يريد أن يأمر وينهى إما بلسانه وإما بيده مطلقا من غير فقه ولا حلم ولا صبر ولا نظر فيما يصلح من ذلك وما لا يصلح وما يقدر عليه وما لا يقدر (فهذا النوع من الناس لا يقصده أي شخص يأمر بالصبر أو الحكمة أو الحلم، بل المراد النظر فيما يصلح من ذلك وما لا يصلح، وما يقدر عليه وما لا يقدر عليه، فما تقدر عليه تنكره، وما لا تقدر عليه تحيله إلى من يقدر عليه، فإن لم يقدر عليه أحد فالأمر لله.)وهؤلاء كالخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم ممن غلط فيما أتاه من الأمر والنهي والجهاد وغير ذلك ، فكان فساده أعظم من صلاحه...
ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر ، وفجور وطاعة ، ومعصية وسنة وبدعة استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير ، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر ، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام و الإهانة ، فيجتمع له من هذا وهذا ، كاللص فالفقير تقطع يده لسرقته ، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته ).
ـ قال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( العالم تارة يأمر، وتارة ينهي، وتارة يبيح، وتارة يسكت عن الأمر أو النهي أو الإباحة، كالأمر بالصلاح الخالص أو الراجح أو النهي عن الفساد الخالص أو الراجح، وعند التعارض يرجح الراجح بحسب الإمكان .
فأما إذا كان المأ مور والمنهي لا يتقيد بالممكن إما لجهله وإما لظلمه ولا يمكن إزالة جهله وظلمه فربما كان الأصلح الكف والإمساك عن أمره ونهيه ، كما قيل إن من المسائل مسائل جوابها السكوت..).
ـ ( لا بد من السعي في الإصلاح والنظر إلى بعيد وليس إلى تحت الأقدام ):
قال ابن تيمية: ومع أنه يجوز تولية غير الأهل للضرورة ، إذا كان أصلح الموجود ، فيجب مع ذلك السعي في إصلاح الأحوال ، حتى يكمل في الناس ما لا بد لهم منه ، من أمور الولايات والإمارات ونحوها .