بقلم: د. عزمي بشارة

عزمي بشارة
الطائرة القاذفة المقاتلة جوهر المدنية الحديثة وعلامتها الفارقة. إنها نتاج اجتماع كل العلوم سوية وتحييد كل الأخلاق والقيم. إنها اجتماع الليزر و"الميكرو أوبتكس" و"الميكرو إلكترونكس" و"الهاي تيك" و"الأيرو ديناميكس"، والدقة والضبط والتحليق والتوجيه والتصويب والتدمير.


الدماء ديانة الطائرات المقاتلة


وتحول الطائرة القاذفة المقاتلة الفعل غير الأخلاقي إلى فعل يحلق فيما وراء الخير والشر، فلا يرى الطيار الدم ولا يرى الرصاصة وهي تخترق جسد ضحيتها، ولا يتعفر بالتراب، ولا يتسخ بالدم، ولا يزحف، ولا يرى عيون الضحية، ولا يتجاوز وصية "لا تقتل"، فهو لا يقتل بل يضغط على زر من بعيد. يسمع الضحايا أزيزاً فقط، ولا يكاد دوي الانفجار يصل إلى مسامعهم حتى يرتجّ كل شيء ثم ينهار دفعة واحدة دون أن يترنح. كل الناس أطفال أمام الطائرة، لا يستطيع بالغ أن يحمي ابنه من قاذفة مقاتلة.. يحترق الأطفال، أو يدفنون تحت الأنقاض..
أما الفاعل في طائرته فيكون في هذه الأثناء قد رأى على شاشته بؤرة يتصاعد منها الدخان وسحابة الغبار، وأبلغ قاعدته كلاماً غير مفهوم عن مهمة نفذت، نظيفاً في قمرة القيادة، يهبط، ثم ينزل من الطائرة حاملاً خوذته كأنه سائق دراجة نارية، يحتسي القهوة في القاعدة ويتبادل النكات مع الطيارين والموظفات، ومع فنيي الصيانة الذين يجهزون الطائرة لطلعة موت أخرى.
ويعود إلى بيته مسترخياً، ويستمع في الطريق إلى الموسيقى ويتمتع برفقة الأطفال.
المقاتلات أصنام من آخر طراز
(بوينغ 15 i-F (ثندر، راعم، رعد):وهي طائرة حربية جديدة مزدوجة الوظيفة للهجوم والاعتراض، بعيد المدى، وهي الأفضل من نوعها في ميدان الشرق الأوسط القديم، ومن أدوات تحويله إلى شرق أوسط جديد. بدأ استخدامها في يناير 1998م، وتشكل رأس الحربة لسلاح الجو "الإسرائيلي"، وهي نسخة مطورة عن صنم )15 E-F سترايك إيغل)، والتي أنتجت خصيصاً ل "إسرائيل" من قبل العناية الأمريكية في "معابد مكدونال دوغلاس" الأمريكية، المسماة اليوم "بوينغ". وبفضل قدرتها الهائلة من جهة الحمولة، إلى جانب الأنظمة المتطورة، فإن ذلك يتيح لها تنفيذ هجمات في العمق، وهي تحمل كميات كبيرة من الذخيرة لمسافات بعيدة، على عمق منخفض، طوال ساعات اليوم وفي جميع الظروف الجوية.
(16 F i ستورم عاصفة): وهي طائرة حربية متعددة المهمات، تم إنتاجها من قبل شركة "لوكهيد مارتن"، وتحمل محرك "فراط أند وايتني"، ومنظومة متطورة، تم تطويرها في "إسرائيل" بما يتلاءم مع متطلبات سلاح الجو، من قبل الصناعات الأمنية في عام 2004م.
وتقوم بالتحليق على ارتفاعات عالية جداً بسرعة 2 ماخ (سرعة الصوت)، وعلى ارتفاعات منخفضة بسرعة 1440 كيلومتراً في الساعة. وتستطيع الطائرة حمل صواريخ جو جو حرارية من إنتاج "رفائيل" "الإسرائيلية" من نوع "بيتون4" و"بيتون 5"، وصواريخ جو جو توجه بالرادار من إنتاج العناية الأمريكية من نوع "أمرام"، "فود لايتيننغ"، وقنابل من نوع "JDAM و SPICE من إنتاج "رافائيل".
ونوع " JDAM مختصر Joint Di rect Attack Munition) وهي منظومة مثبتة في ذيل الطائرة، وظيفتها تحويل القنابل التي ألقيت من الجو بشكل حر إلى دقيقة وموجهة (قنابل ذكية)، ومن الممكن إطلاق هذه القنبلة في كل الأحوال الجوية وفي كل مجالات الرؤية، ليلاً ونهاراً. في حين أن القنبلة الموجهة بالليزر بحاجة إلى ظروف بيئية وأحوال جوية مريحة نسبياً (من دون غيوم أو دخان).
مما يتيح للطائرة إطلاق عدة قنابل بسرعة خاطفة، بحيث تتجه كل قنبلة بتوجيه ذاتي إلى هدف مختلف. أما قنابل الليزر، على سبيل المثال، فتتطلب التأشير على الهدف بشكل متواصل. وهذا التأشير يتم من قبل قوات برية أو من قبل طائرة تحلق في الجو. قنابل JDAM ليست متعلقة بطائرة أو بقوة برية، لأنها موجهة عن طريق الأقمار الصناعيةGPS . ويعد سلاح الطيران "الإسرائيلي" هو الجيش الأول بعد الأمريكي الذي امتلك هذه القنبلة.
أما القنبلة الأكثر تطوراً، فهي قنبلةSpice من إنتاج شركة "رفائيل" "الإسرائيلية" وتوجه هذه القنبلة بمساعدة الأقمار الصناعية وبطريقة "إلكترو ضوئية" (أي ملاءمة صورة الهدف للهدف الذي يبدو من "عين" القنبلة).