أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


المبحث الثالث : معنى الإحصاء ومراتبه :

* ما معنى إحصاء الأسماء الحسنى حتى نظفر بهذا الأجر العظيم الوارد في الحديث وهو دخول الجنة؟


إحصاء اسماء الله الحسنى يكون على مراتب هي :


1- إحصاء ألفاظها وعددها :


ويثور التسأول من أين يكون الإحصاء ؟


هل يقوم كل واحد بإعمال عقله فيسمي الله كيف شاء ، فيأتي الصوفي فيقول إن قلوب العارفين لها عيون ويأتينا بأسماء ما أنزل الله بها من سلطان ، ويأتي الرافضي بأسماء يدعي أن المهدي قد جاء بها وأخبر بها المرجع الشعي لأن الوحي عندهم لم ينقطع ، فإذا كان تسمية الشخص بغير ما سمي به لا يجوز فهل يجوز أن نسمي الله بغير ما سمى به نفسه ؟

ولهذا لا يكون الإحصاء إلا من القرآن والسنة .


2- فهم معانيها ومدلولها والإيمان بها:


فيجب أن نفهم معاني أسماء الله وما دلت عليه هذه الأسماء لأنها أسماء عربية لها معنى ولها مدلول وكل إسم له معنى خاص به ويجب الإجتهاد في فهم معاني أسماء الله الحسنى ، و معرفة العبد بأسماء الله ومعرفته بمعانيها وإيمانه بها له ثمرات وفوائد كثيرة ، من أهمها ما يلي:

1- أعظم ثمرات الإيمان بالأسماء إثبات الأسماء الحسنى له جل وعلا.


2- أن مَنْ آمن بأن من أسماء الله تعالى العفو والغفور والرحيم دعاه ذلك إلى عدم اليأس من روح الله ، وإلى عدم القنوط من رحمته ، بل ينشرح صدره لما يرجو من رحمة ربه ومغفرته.


3- أن من عرف أن من أسماء الله تعالى أنه شديد العقاب ، وأنه ينتقم ممن عصاه حمله ذلك على الخوف من الله تعالى والبعد عن معصيته.


4- أن المؤمن إذا أيقن أن من أسماء الله تعالى: القوي ، والقادر، والعزيز، وأنه تعالى يتولى المؤمنين بالحفظ والنصر أكسبه ذلك عظمة التوكل على الله ، والوثوق بنصره ، وعدم الهلع من أعدائه ، فيعيش قرير العين ، واثقا بحفظ الله وتأييده ونصره.


5- أن من استقر في قلبه أن من أسماء الله تعالى البصير وأنه تعالى يرى دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة السوداء ، وكذلك إذا علم أن من أسماء الله تعالى الرقيب ، والعليم ، وأنه تعالى يعلم نيات العباد وخلجات نفوسهم ، حمله ذلك على البعد عن معصية الله ، وألا يراه الله حيث نهاه ، وعلى مراقبته سبحانه في كل ما يأتي وما يذر.


6- أن من علم أسماء الله وصفاته وتوسل إلى الله تعالى بها استجاب الله دعاءه ، فحصل له ما يرجوه من مرغوب ، واندفع عنه ما يخافه من مرهوب ، وهذا كله قطرة من بحر من ثمرات الإيمان بالأسماء.


3- تعبد لله بها والعمل بما تقتضيه:


فيجب تعبد لله بها كأن نسمي عبدالله وعبد الرحمن وعبد الرازق وعبد القدوس وغيرها ، والعمل بما تقتضية من الخوف والرجاء والمحبة والخشية والتوكل و تعظيم وإجلال الله تعالى وغير ذلك ، وكذلك الدعاء بها ، قال تعالى(وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف180.


ودعاء الله بها يكون على مرتبتان :


*الأولى : دعاء ثناء وعبادة:


فدعاء العبادة أو دعاء الثناء هو عبادة الله تعالى بأنواع العبادات ، من الصلاة والذبح والنذر والصيام وغيرها خوفاً وطمعاً رجاء رحمته وخوف عذابه وإن لم يكن في ذلك صيغة سؤال وطلب ، فمن عبد الله تعالى راغباً في جنته راهباً من ناره فهو داعٍ له جل وعلا ، وقد فُسِّر قول الله عز وجل( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ )غافر: 60، أي اعبدوني وامتثلوا أمري أستجب لكم ، ولهذا جاء بعدها: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ )غافر:60.

فدعاء العبادة يكون بلسان الحال وهو تعبد لله يظهر التوحيد في كل اسم من أسمائه وكل وصف من أوصافه فهو دعاء سلوكي ومظهر أخلاقي وحال إيماني يبدو فيه المسلم موحدا لله في كل اسم من الأسماء الحسنى بحيث تنطق أفعاله أنه لا معبود بحق سواه وتسابق أقواله في شهادته ألا إله إلا الله وأنه سبحانه المتوحد في أسمائه وأوصافه لا سمي له في علاه .

فالمقصود بدعاء العبادة: هو أثر أسماء الله على اعتقاد العبد وأقواله وأفعاله بحيث يراعي في سلوكه توحيد العبودية في كل اسم أو وصف على حده ، والمقصود بتوحيد العبودية هو إفراد الله بالعبودية .

والعبودية اصطلاحا :هي الخضوع والانقياد للمولى سبحانه وتعالى وهي النسبة بين العبد وربه ، لأنه ليس بين العبد وربه نسبة إلا العبودية.

ومن مظاهر دعاء العبادة مايلي:

1- دعاء العبادة باسم الله الرحمن:

هو امتلاء القلب بالرحمة والحب والحرص على ما ينفع عموم الخلق.

2- دعاء العبادة باسم الله الرحيم:

هو امتلاء القلب برحمة الولاء ورقة الوفاء التي تدفع إلى حب المؤمنين وبعض الكافرين.

3- دعاء العبادة باسم الله الملك:

تعظيم الملك ومحبته ومولاته وطاعته وتوحيده في عبوديته والإستجابة لدعوته والغيرة على حرمته ومراقبته في السر والعلن ورد الأمر إليه وحسن التوكل عليه ودوام الإفتقار إليه ، وأعظم جرم في حق الملك الأوحد منازعته على ملكه أو نسبة شيء منه إلى غيره.

4- دعاءالعبادة باسم الله القوي:

الظهور بمظهر الضعف ولو كان الإنسان قويا وذلك توحيد لله في اسمه القوى فلا يبغي على أحد بقوته .

5- دعاء العبادة باسم الله الحسيب والجبار والقهار والمتعال:

الظهور بمظهر الذل والإفتقار والخضوع بجنانه وبنيانه وكيانه إلى الحسيب الجبار القهار المتعال لعلمه أن المتوحد في الحسب والكبرياء والقهر هو الله حتى ولو كان المرء شريفا حسيبا عليا نسيبا.

6- دعاء العبادة باسم الله العني:

الظهور بمظهر الفقر والتواضع رغم غناه لعلمه أن الله هو الغني المتوحد في غناه وأن المال ماله وهو مستخلف فيه مبتلى به في هذه الحياة الدنيا فتجده يلين لإخوانه ولايعرف بينهم بالغنى من شدة توحيده وإيمانه ، وهكذا في كل أسماء الله الحسنى .

*الثانية :دعاء طلب ومسألة :

دعاء المسألة هو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع أو كشف ضر.

ودعاء العبادة والمسألة متلازمان ، فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة ، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في بدائع الفوائد:

قوله عز وجل( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً )الأعراف:55.

وقوله( وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً)الأعراف:56.

هاتان الآيتان مشتملتان على آداب نوعي الدعاء: دعاء العبادة ودعاء المسألة ، فإن الدعاء من القرآن يرد بهذا تارة وهذا تارة ، ويراد به مجموعهما وهما متلازمان.

فإن دعاء المسألة هو طلب ما ينفع الداعي وطلب كشف ما يضره أو دفعه ، وكل من يملك الضر والنفع فإنه هو المعبود حقاً ، والمعبود لا بد أن يكون مالكاً للنفع والضر، ولهذا أنكر الله تعالى على من عبد من دونه ما لا يملك ضراً ولا نفعاً ، وذلك كثير في القرآن كقوله تعالى( وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ... )يونس:18.

وهذا في القرآن كثير بيّن ، أن المعبود لا بد أن يكون مالكاً للنفع والضر، فهو يدعو للنفع والضر دعاء المسألة ، ويدعو خوفاً ورجاء دعاء العبادة ، فعلم أن النوعين متلازمان ، فكل دعاء عبادة مستلزم لدعاء المسألة ، وكل دعاء مسألة متضمن لدعاء العبادة.


من كتاب المنة العظمى في أسماء الله الحسنى

حمل الكتاب مرفق بالاسفل


<div style="padding:6px"> الملفات المرفقة
: ژاâهèث ژاâـژظوî ژف ژأژسوةژء ژاâم ژاâدژسèî.pdf&rlm;
: 1.05 ميجابايت
: <font face="Tahoma"><b> pdf