أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم



مازال الشيطان بابن ادم حتى يقلب له كيانه ويشتت حاله يخلط له المفاهيم فيأتيه بأقبح الخبائث ويجعلها له في زي أسمى الفضائل ..
ان حظوظ النفوس مرتعه الذي يجيد فيه فنون الغي، ففيها بذره الذي يستنبت به زقوم القلوب،
وفيها أدواته التي يستأصل بها بقايا الفضائل، وفيها اللبن الذي يبني بها حجب الكفر ..

فمن يتصدى للدعوة وتعليم الناس قد ينساق لمكايده فانه ليس فقط تزيين الرياء للناس، بل انه جعل الرياء قربة، والتسميع عبادة .. فمن ذلك ايحاءه انه في اظهار عمله اقتداء للناس به وتعليم للجاهل يقول الغزالي رحمه الله"والتفطن لذلك غامض ومحك ذلك أن يعرض على نفسه أنه لو قيل له أخف العمل حتى يقتدي الناس بعابد آخر من أقرانك ويكون لك في السر مثل أجر الإعلان فإن مال قلبه إلى أن يكون هو المقتدى به وهو المظهر للعمل فباعثه الرياء دون طلب الأجر واقتداء الناس به ورغبتهم في الخير فإنهم قد رغبوا في الخير بالنظر إلى غيره وأجره قد توفر عليه مع إسراره فما بال قلبه يميل إلى الإظهار لولا ملاحظته لأعين الخلق ومراءاتهم فليحذر العبد خدع النفس فإن النفس خدوع والشيطان مترصد وحب الجاه على القلب غالب وقلما تسلم الأعمال الظاهرة عن الآفات فلا ينبغي أن يعدل بالسلامة شيئا والسلامة في الإخفاء وفي الإظهار من الأخطار ما لا يقوى عليه أمثالنا فالحذر من الإظهار أولى بنا وبجميع الضعفاء" إحياء علوم الدين (3/ 318)
إحداهما أن يظهره حيث يعلم أنه يقتدي به أو يظن ذلك ظنا ورب رجل يقتدي به أهله دون جيرانه وربما يقتدي به جيرانه دون أهل السوق وربما يقتدي به أهل محلته وإنما العالم المعروف هو الذي يقتدي به الناس كافة
فغير العالم إذا أظهر بعض الطاعات ربما نسب إلى الرياء والنفاق وذموه ولم يقتدوا به فليس له الإظهار من غير فائدة وإنما يصح الإظهار بنية القدوة ممن هو في محل القدوة على من هو في محل الاقتداء به
والثانية أن يراقب قلبه فإنه ربما يكون فيه حب الرياء الخفي فيدعوه الإظهار بعذر الاقتداء وإنما شهوته التجمل بالعمل وبكونه يقتدي به وهذا حال كل من يظهر أعماله إلا الأقوياء المخلصين ... وقليل ما هم " إحياء علوم الدين (3/ 318)

فلا يظن العبد نفسه من هؤلاء وليلزم السلامة فانه لا يعدلها شئ (فلا ينبغي أن يخدع الضعيف نفسه بذلك فيهلك وهو لا يشعر فإن الضعيف مثاله مثال الغريق الذي يحسن سباحة ضعيفة فنظر إلى جماعة من الغرقى فرحمهم فأقبل عليهم حتى تشبثوا به فهلكوا وهلك والغرق بالماء في الدنيا ألمه ساعة وليت كان الهلاك بالرياء مثله لا بل عذابه دائم مدة مديدة وهذه مزلة أقدام العباد والعلماء فإنهم يتشبهون بالأقوياء في الإظهار ولا تقوى قلوبهم على الإخلاص فتحبط أجورهم بالرياء) إحياء علوم الدين (3/ 318)


فمخالطة الناس لا تسلم من مثل هذا يقول الفضيل: «من استوحش من الوحدة واستأنس بالناس لم يسلم من الرياء» حلية الأولياء (8/ 109)