أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


اختلف العلماء المحدثون ومؤرخو العلوم في حد علم الحديث وموضوعه, وذلك لتشعب هذا العلم وكثرة فروعه, فاضطربت أقوالهم في هذا الشان. فلننظر هنا ما هو القول الراجح ولنلتفت أيضا إلى بعض الأقوال المخالفة مع الاعتراضات عليها.
فمن المعلوم أن علم الحديث على قسمين:
  1. علم رواية الحديث
  2. علم دراية الحديث
أولاً: علم رواية الحديث
حده: هو علم يبحث فيه عن كيفية اتصال الأحاديث بالرسول صلى الله عليه وسلم من حيث أحوال رواته ضبطا وعدالة ومن حيث كيفية السند اتصالا وانقطاعا وغير ذلك.
موضوعه: ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث صحة صدورها عنه
ثانيا: علم دراية الحديث
حده: هو علم يبحث فيه عن المعنى المفهوم من ألفاظ الحديث وعن المعنى المراد منها بناء على قواعد اللغة وضوابط الشريعة وأحوال النبي صلى الله عليه وسلم.
موضوعه: أحاديث الرسول من حيث دلالتها على المفهوم والمراد.

وإذا حذفنا القيد عن المعرّف وهو الرواية أو الدراية وأردنا أن نعرف علم الحديث المطلق فعلينا أن نحذف القيود عن التعريف والموضوع أيضا.
فيكون تعريف علم الحديث المطلق: هو علم يعرف به أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله. (من غير تعرض للكيفية, فيكون أعم من معرفة حال الرواية صحة وضعفا واتصالا وانقطاعا ومعرفة المعنى المراد)
ويكون موضوع علم الحديث المطلق: أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله (مطلقا)


الرد على تعريف ابن الأكفاني:
قال ابن الأكفاني في (إرشاد القاصد) معرفا لعلم الحديث الخاص بالرواية: (علم يشتمل على نقل أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها).
وجعل معرفة حال الرواية اتصالا وانقطاعا وصحة وضعفا وحال رواتها ضبطا وعدالة داخلة في علم دراية الحديث.
ويعترض على صنيع ابن الأكفاني بوجهين:
  1. هذا التعريف لم يكن تعريفا لعلم اصطلاحي, إذ العلم في اصطلاح أهل التدوين طائفة من المسائل المضبوطة بجهة واحدة. وعلم الحديث إن انحصر على نقل الحديث وإسناده إلى مصدره فحسب - كما يقتضيه تعريف ابن الأكفاني - فلا يسمح أن نسميه علما بمعناه المصطلح.
  2. إن لفظ (دراية الحديث) لا يدل على معرفة حال الرواية صحة وضعفا في متبادر الأمر.
قول الكرماني في موضوع علم الحديث:
عرّف الكرماني - في شرحه للبخاري - علم الحديث بما عرّفنا علم الحديث المطلق فلا إشكال عليه في هذا, ولكنه جعل موضوعه ذات الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث أنه رسول.
فإن كان مراده بهذا ذاته صلى الله عليه وسلم من حيث أقواله وأفعاله وأحواله فيؤول قوله إلى ما قدمنا في موضوع علم الحديث المطلق وهو أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأحواله.
وإن كان المراد غير هذا فلا يخلو من النظر. فإن علم الحديث يبجث فيه عن أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله, لا عن ذاته الشريفة, ولا تفيد ضوابط علم الحديث في البحث عنها, كما يظهر من التأمل اليسير. نعم, ذات النبي صلى الله عليه وسلم موضوع الأحاديث النبوية فإن الأحاديث أخبرت عن ذاته صلى الله عليه وسلم وأخبرت عن كل شأن من شؤون حياته.