أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


إن أيّ توسعة للحرم المدني الشريف ينبغي أن تحافظ على ما يلي وأن تتجنب الإشكاليات الآتية:

1- المحافظة على موقع المحراب الحالي الذي وضعه أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه بمحضر من الصحابة وبقي كما هو لأكثر من أربعة عشر قرناً وهو في سمت واتجاه محراب النبي صلى الله عليه وسلم .
2- المحافظة على سمت واتجاه محراب النبي صلى الله عليه وسلم والذي حافظ عليه أيضا عمر وعثمان رضي الله عنهما وحافظ عليه الصحابة وأجمعت عليه الأمة وبقي كما هو منذ وضعه صلى الله عليه وسلم وحياً إلهيا لِحكَمٍ لا يحيط بها على الحقيقة إلا الله.
3- المحافظة على القرب الواضح الموجود بين محرابه صلى الله عليه وسلم والمحراب الذي وضعه عثمان رضي الله عنه مع كون محراب عثمان رضي الله عنه وضعه خليقة راشد بمحضر من الصحابة وهو كالمتصل بالمسجد العتيق من شدة القرب.
4- المحافظة على قرب الصفوف الأولى من الروضة الشريفة التي قال فيها صلى الله عليه وسلم ((مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي)). متفق عليه.
5- المحافظة على إبقاء المسجد العتيق الذي بناه صلى الله عليه وسلم في قبلة المسجد مع ما يحويه من المنبر الشريف والمحراب النبوي.
6- التناسق والتكامل مع جميع التوسعات السابقة والتي لم تقدم فيها قبلة المسجد ومحرابه المتوارث توارث يقينيا قطعياً منذ عصر الخلفاء الراشدين.
دفع الإشكالات الآتية:
- الاحتراز من أن يخلو في يوم من الأيام المسجد العتيق والروضة من اتصال الصفوف إليها بسبب قلة المصلين وكونهم في الصفوف الأولى، وهذا غير مأمون حدوثه في صلاة الفجر أو العصر مثلا في بعض الأوقات من العام أو في بعض العصور والأزمنة.
- الاحتراز من الإشكال الكبير الذي سيقع بسبب تردّد كثير من المصلين بين ترجيح الأخذ بفضيلة الصفوف الأولى أو بفضيلة الصلاة في الروضة وبقرب منبره صلى الله عليه وسلم.
- الاحتراز من الحاجة إلى نقل مكان الخطبة المتوارث من على المنبر الشريف إلى مكان مستحدث مع عدم وجود ضرورة لذلك فقد اجتمع في المنبر الشريف أمور جليلة منها: أنه موضع خطبته صلى الله عليه وسلم طيلة حياته ثم خطبة خلفاءه الراشدين والصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى أيامنا هذه ، هذا مع ما ورد من التنصيص الواضح على فضله من الأحاديث كقوله صلى الله عليه وسلم (( وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي)). متفق عليه كما تقدم.
وفي بعض الروايات في المسند للإمام أحمد وغيره ((مِنْبَرِي عَلَى تُرْعَةٍ مِنْ تُرَعِ الْجَنَّةِ)) وسندها على شرط مسلم .
- وقد استنبط الأئمة من قوله صلى الله عليه وسلم ((«لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِالجَاهِلِيَّةِ، لَهَدَمْتُ الكَعْبَةَ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ)) الخ متفق عليه. فوائد منها قول ابن بطال (ت: 449هـ) في شرح صحيح البخاري( 4/249): ( فى هذا من الفقه أنه يجب اجتناب ما يُسْرِعُ الناس إلى إنكاره وإن كان صوابًا)اهـ. وكلام الأئمة حوله كثير معلوم لمن طلبه.
- إن دفع سوء الظنون والتهم عن هذا البلد وعن ولاته حفظهم الله وسددهم وعن علماءه وفقهم الله ووفق الجميع لما يرضيه ليقتضي أن يحتاط فيما هو دون ذلك بكثير وبخاصة مما عنه مندوحة ويمكن وضع مقترحات وإيجاد بدائل عنه لأنه قد تستوحش منه قلوب كثير من المسلمين من علمائهم وعامتهم وبخاصة مع تربص المخالفين لأهل السنة كما هو معلوم.

وأسأل الله تعالى أن يثيب خادم الحرمين على جهوده الكبيرة في توسعة الحرمين الشريفين وعلى نيته ومقصده العظيم الحسن في التوسعة على المسلمين وأن يوفق نائبه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز لما فيه خير للإسلام والمسلمين وأن يوفق سائر ولاته .


د/ عبد الله علي الميموني
رئيس قسم الدراسات القرآنية بجامعة طيبة سابقا
إمام وخطيب جامع الخندق ( السبع المساجد ) بالمدينة المنورة