[motfrk]إن الدعاءَ من أجلِّ الأعمالِ وأفضلِها لأنه يجتمعُ فيه من أنواعِ العبادة ما لا يجتمعُ في غيره ، فيستدعي حضورَ القلبِ والرجاءَ والتوكلَ والرغبةَ فيما عند الله والرهبةَ من عذابه . والدعاءُ أكرمُ شيءٍ على الله سبحانه وهو طريقٌ إلى الصبر في سبيل الله وتفويضُ الأمور إليه والتوكلُ عليه وبُعْدٍ عن العَجْزِ والكَسَلِ ، والله سبحانه يحب من عبده أن يسألَه كما ثبت عن أبي هريرة مرفوعًا : ( من لم يَدْعُ الله يغضبْ عليه ) . والدعاء هو سلاح المؤمن فما انتصر المسلمون في معاركهم بعُدَّةٍ ولا عتادٍ وإنما نصرهم الله بدعائهم . أسأل الله الكريم رب العرش العظيم ، بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى ، أن يُوفِِّقنا لهذه النعمةِ العظمى وأن يرزُقَنا حسنَ أدائها وشكرَها وأن يُلهمَنا صالحَ الدعاء ، وأن يمُنَّ علينا بالإجابة والأخذَ بأسبابها .
ويا سعادةَ من كان كذلك
أهمية الدعاء
يقول الله تعالى :(وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) ، وقال نبينـا محمد : ( ليـس شيء أكرم على الله من الدعاء ) ، وقــال : ( الدعاء هو العبادة ) .
فكم من بلاءٍ رُدَّ بسبب الدعاء وكم من مصيبةٍ كشفها الله بالدعاء ، وكـم من ذنبٍ ومعصيةٍ غفرها الله بالدعاء . وكم من رحمةٍ ونعمـةٍ ظاهـرةٍ وباطنـةٍ استُجلبت بسبب الدعاء من نصرٍ وعزٍ وتمكينٍ ورفـع درجـاتٍ فـي الدنيـا والآخرة ، فلله ما أعظم شأن الدعاء .
وفي الحديث الصحيح عن النبي أنه قال : ( الدعاء هو العبادة ) وهذا لعظم شأنـه وجلالـة أمره ، وقد تكاثـرت نصوص الشرع المطهر على الترغيب في الدعاء لأهميته .
شروط الدعاء وآدابه
إن للدعــاءِ شروطًا وآدابًا كثيرة منـها : أنْ يكونَ الداعي متوجهـًا إلى الله وحــده طيِّـبَ المطعـم والملبس والمسكن والمكسب غيرَ معتدٍ في دعائه بإثمٍ أو قطيعةِ رَحَمٍ غيـرَ مستعجـلٍ ولا مستبطـيءٍ الإجابة ولا قانط ، فإنَّ العبدَ يدعو ربًّا كريمًا . وأنْ يكـون الداعـي مُوقِنًا بالإجابة ، داعيــًا بصوتٍ منخفـضٍ خفي ، قـال تعـالى : (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (لأعراف:55) ويُستحبُّ رفعَ اليدين حالَ الدعـاءِ ضامًّا إحداهما للأخرى ، فإنَّ رَفْعَ اليدين من أسباب الاستجابة كما في قول النبي : ( إنَّ ربـَّكم حَيِيٌ ستيرٌ يستحي من عبده إذا رفع يديه أن يردَهُما صِفْرًا ) .
أسباب الإجابة
إن دعوة المؤمن لا ترد ، والخير فيما يختاره الله له من : تعجيل الإجابة ، أو يُعوّضه الله له بما هو أولى له عاجلاً أو آجلاً ، بأن يدفع عنه من السـوء مثلها ، أو يدخره الله له في الآخـرة خيرًا مما سأل .
إذًا فعلى الدّاعي الأخذُ بأسباب الإجابة الباطنة والظاهرة : أما الباطنة :
فبتقديم التوبة الخالصة من المـآثم ، ورد المظالم وإطابة المطعم والملبس والمسكن والمركب من الكسب الحلال واجتناب المحرمـات ، والثقة بالله ، وقوة الرجــاء ، وقوة اللجوء إليـه . والأسباب الظاهرة :
فبتقديم عمل صالـح مثل الصدقـة والصلاة واغتنام الأوقـات الفاضلـة والأحوال الصالحة والأماكن الشريفة
وقفة قرآنية :
يقول الله تعالى : (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) (البقرة:186) . انظر إلى هذه اللطيفة القرآنية ؛ إذ ورد في هذه الآية لفظ السـؤال ولـم يأت بعد لفظ : ( قل ) كما هو في آيـات السؤال الأخرى في القرآن الكريم وفي هذا إشارةٌ إلى رَفْعِ الواسطة بين العبد وربـه في مَقامِ التَعبُّدِ والدعاء .[/motfrk]