[grade="00BFFF 00BFFF 000000 000000 000000"]
تمتتمـات خاشعة انطلقت من بين شفتي الأم الجالسـة على سجادة الصلاة
انتقل صداها لمسامع طفلتها الصغيرة ، الجالسـة قربها مُتعلقـة بطرف ثوب الصلاة
تناغي عيني أمهـا ، ببراءة قد تقتلُ أرض ، وتثقبُ سماء !
ما إن ختمت الأم وردها من الأدعيـة ، حتـى أطبقت على طفلتها تضمها بحنان بالغ
تداعب يداها وتقبل عيناها ، فضحكت على الفور الطفلة الصغيرة ، فرحة من دلال
أمها لها ، الذي لا مثيل لـه
وما إن مرّت لحظات حتى غطت الطفلة في نومٍ عميق على إثر هدهدات أمها لها
وكانها كانت بانتظار أن تنتهي أمها من الصلاة ، لتمنحها حضنها الدافئ
مخدة وسريراً لا يشبهه أي سرير ، قرب قلبها الأبيض ، وروحها الشفافة
التي من خلالها تعبر إلى الأحلام
بسهولـة ، وبلا كوابيس مُخيفـة ، قد تشوه لحظات السلام ، الغارقـة بها الطفلة
لم تكتفي الأم من طفلتها
لكنها وضعت جسدها القطني اللين
في مهدها القشي ، المفروش بالقطن الأزرق
التي صنعته لطفلها بنفسها ، وحاكت مفارشه أيضا
بأناملها الجميلة الناصعة
وأطلقت الام على الفور ، كلمات تفيض سحراً
ما أجملكِ يا طفلتي
نامي بعيني يا طفلتي
( الأطفال هم الأجمل ، الأطفال هم الأصدق ، والأنقى ، الأطفال
هم براءة الكـون الحقيقية ، هم مصدر أي سعادة ، وأي ثقـة )
وحدهم الأطفال يمنحوك لحظة حب غامرة
ولحظة صدق لا يشوبها شك
ولحظة شعور ، تـذيقك طعم الطهر إن كنت تبحث عنه !
هذا ما دار من أفكار في رأس الأم
\
من الناحيـة الأخرى في البيت
في غرفـة الجلوس تحديداً
كان التلفاز مُداراً ، على محطة الأخبار العربيـة
كانت مشاهد النشرة الإخباريـة نفسها تماماً
مُكررة يعيدها التاريخ
أخبار عن الحروب والدمار
والقتل وسقوط الأطفال
في برك الدماء الممزوجـة بالغبار ، والدموع
وانهيار الأمهات على إثر ِ استشهاد أبنائها
قاسِ هو التاريخ
وقاسٍ هو الزمـن
كأنـه هوة عميقة سحيقــة
ليس له نقطة وصول بعد السقوط ، أو ليس له وجهـة محددة ، يجوب ويجوب
في شتى البقاع
ليـحرق بناره ، كُلّ بقعـة يعيش بها إنسان بريء ، أو ضحية لا ذنب لها !
ليلتهم كل أخضرٍ جميل ، ويترك اليابس الأسوود والرماد .
دلفت الأم إلى الغرفة
فوقع بصرها على التلفاز مباشرة
آلمها ما لاح لهامن مشاهد إخباريـة ، لم تستمـر ربع ساعة ، وحتى انتهت .
لامت في خاطرها كل من يدعي الإنسانيـة ، وكل من يدافع عن حق الإنسان بلسان الكذب
وهو يحمل بين أسنانه أنياباً ماضيـة ، يخبئها ليسلخ بها جلود الأطفال
في مجازر بشعـة
و مذابح نحر تُرتكب أمام أعيننا
رددت الأم : لطفك يا الله !
ربي أنزل الرحمـة على عباد ارتضوا لأنفسم أن يذبح إخوانهم ، بسكاكين النهم الكافرة .
سقطت من عيني الأم دمعة تفورُ غضباً
ربي كم من إنسان يبصر ، لكنـه ليس بعين البصيرة !
ربي كم من إنسان يحمل قلباً ، لكنه لم يعرف يوماً الشعور والضمير !
غريبــ جداً أن الإنسان اليوم مازال يسمى إنسان
نحن في غابـة معراك مُدشنـة بصراعاتنا
نسينا خلالها من أن نطلق لأنفسنا إسماً جديداً جميلاً يليق بمستوانا الإنساني
لا أعرف إن كان يجب أن يكون مستواه ( أعلى ) ، أو أدنـى .
أطفئت الأم تلفازها
وبقلبها حيرة وغصة
ولعنات تطلقها على اللصوص سارقي الأوطان
والقذريــن الذين ما عادت تحتمـل لوث جرائمهم
تمنت الأم أمنيـة
لو انها تملكُ بندقيـة واحدة فقط !
فتنسى إصبعها على الزناد
لتثقب قلوب كارهي الحريـة
فكما قيدونا في سجون رغباتهم
فقد أرادت أن تلفظ قلوبهم
آخر نفس حياة ، عاشوها بحريـة !
\
الطفلـة من الناحية الأخرى في منامها راودها حلماً
استفاقت على أثره
انطلقت مناديـة : ماما ماما حلمتُ حلماً!
الأم : تعالي نورَ أمك ، وماذا حلمتي حلوتي ؟
لم تُجب الطفلـة
وكأنها لم تعرف كيف تروي حُلماً صغيراً راودها
إلا أن ابتسامـة صغيرة استضائت على شفتيها
وعانقت على الفور أمها ، حينما خانتها الكلمات ،
حتى استكانت في النوم من جديد ،
لتستكمل حلمها مع أطفالٍ معها ...........يحلمون :)
نقطة انتهى .
\
هنا لجئت أضع نجواي ،..
ربما المكان هنا مُناسباً
أتمنى أن تكون القراءة مُناسبـة
وإن لم تكن مُناسبـة اعتبروها كذبـة
فالحياة بأكملها
كذبـة جميلة
نتحمل أشواكها...
،
،
،
لقلوبكم الناعمـة ألف شُكر :)[/grade]
رد مع اقتباس
icon_evil
