أهل - الحديث - حديث شريف - محمد - صلى الله عليه وسلم - قرأن كريم


كلام لابن القيم جميل ماتع نافع عن أصل معنى المحبة !
قال ابن القيم-رحمه الله تعالى- :
[لا تحد المحبة بحد أوضح منها؛ فالحدود لا تزيدها إلا خفاء وجفاء! فحدها وجودها! ولا توصف المحبة بوصف أظهر من المحبة.
وإنما يتكلم الناس في أسبابها وموجباتها، وعلاماتها وشواهدها، وثمراتها وأحكامها، فحدودهم ورسومهم دارت على هذه الستة،وتنوعت بهم العبارات، وكثرت الإشارات، بحسب إدراك الشخص ومقامه وحاله، وملكه للعبارة.
وهذه المادة تدور في اللغة على خمسة أشياء:
أحدها: الصفاء والبياض؛ ومنه قولهم لصفاء بياض الأسنان ونضارتها:
حبب الأسنان.
الثاني: العلو والظهور؛ ومنه حبب الماء وحبابه، وهو: ما يعلوه عند المطر الشديد؛ وحبب الكأس منه.
الثالث: اللزوم والثبات؛ ومنه: حب البعير وأحب، إذا برك ولم يقم.
قال الشاعر:
حلت عليه بالفلاة ضربا ... ضرب بعير السوء إذ أحبا
الرابع: اللب؛ ومنه: حبة القلب، للبه وداخله.
ومنه الحبة لواحدة الحبوب، إذ هي أصل الشيء ومادته وقوامه.
الخامس: الحفظ والإمساك؛ ومنه حب الماء للوعاء الذي يحفظ فيه ويمسكه وفيه معنى الثبوت أيضا.
ولا ريب أن هذه الخمسة من لوازم المحبة!:
فإنها صفاء المودة، وهيجان إرادات القلب للمحبوب، وعلوها وظهورها منه لتعلقها بالمحبوب المراد، وثبوت إرادة القلب للمحبوب، ولزومها لزوما لا تفارقه، ولإعطاء المحب محبوبه لبه، وأشرف ما عنده، وهو قلبه، ولاجتماع عزماته وإراداته وهمومه على محبوبه.
فاجتمعت فيها المعاني الخمسة!]انتهى من المدارج.